الجمعة، 6 مايو 2016

إما هوية أو هوة

(١)
- حدثني عنك.
أهم سؤال في مقابلات العمل. وأكثر سؤال قد يربك المسؤول في حال عدم استعداده جيداً. شخصياً، لا أستطيع أن أحصي عدد المرات التي طارت منها كل الأفكار من رأسي كسرب طيور مهاجرة، عند سماع هذا الطلب. وتبدأ لحظة تأمل أتمنى ألا تطول، أجاوب فيها على تعجبي: حقاً، من أنا؟!
المهم في جوابي أن يكون خاصا بي وبهويتي الحقيقية التي لا تشبه غيرها ولا أشابه فيها أحدا.
كيف أعرف بأنها هويتي الحقيقية؟
لا أعرف ولا يمكنني أن أعرف، ولكني أعلم بأن كل إنسان يولد وفيه باركود مميز لهويته الشخصية، وهو من يختار في أطوار نموه المختلفة ما بين اكتشاف حقيقتها أو طمسها أو تغييرها لتصبح مشابهة لغيره من الناس أو موائمة للبيئة التي يعيش منها وتعيش عليه.
وكل ما يمكن لأي إنسان فعله هو محاولة اكتشاف هويته الحقيقية عبر قراءة الكتب ومشاهدة الأفلام والتداخل مع البشر في الحياة اليومية وملاحقة ما يحب القيام به.

(٢)
الهوية ليست محصورة على الإنسان فقط، هي لكل ما يمكنه إبراز تفرده وكيانه مثل الحيوانات والنباتات والتجمعات والأوطان والمنظمات.. إلخ.
أزيد القول بأن لكل زمان هوية، ولكل مكان هوية. وهم أجزاء من هوية من يعاصرهم ويعيش فيهم، وهؤلاء أيضاً، جزء من المكان والزمان اللذين يحتلانه.
الهوية لا تقتصر على الاسم وتاريخ الميلاد وفصيلة الدم والعنوان. هوية الشخص هي في الأشياء التي يفعلها ولا يفعلها.. في الأشياء التي يحبها ويكرهها.. في الأمور التي يكتب عنها ويكبتها.. في الأمور التي ينظر إليها ويغض بصره عنها. هوية المرء لا تكتب ولا تقرأ أو تشاهد مثل شخصيات الروايات والأفلام. الهوية الحقيقية هي ما يعيشه المرء يومياً ولا يشعر به سواه، عندما يتوقف قليلاً، قائلاً: «مهلاً! ما الذي أفعله؟!».

(٣)
الإنسان يمضي حياته صانعاً ومكتشفاً لباركوده الشخصي، وإما أن يصل إلى هوية لا تنسى أو إلى هوة النسيان السحيقة.


صحيفة العرب القطرية
المصدر


الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...