السبت، 7 أبريل 2018

لا تقاوم

(ل)
عن التنفس عميقاً، عن الاستلقاء الأخير بعد الدوران طويلاً، عن أول لحظة بعد العثور على التوأم الروحي، عن ثواني الوفاء آخر العمر، عن الجلوس على كرسي الطائرة وسط غيوم الخوف، عن إعطاء ابتسامة طال انتظارها، عن تقبل الحزن و تقبل الفرح و تقبل الحب و تقبل الغضب و تقبل الانتظار و السعادة و الخوف و الحيرة.
عن الوقوع في حضن اللحظة الحالية دون تأوه أو صراخ... عن الاستسلام.

(ا)
نجاهد كل يوم حتى لا نستسلم. نعمل و نتعب حتى لا يقول أحدهم عنا بأننا استسلمنا أو سلمنا أمرنا للغير. و في أكثر الحالات، يكون الاستسلام هو الطريق الوحيد للنجاة في هذه الحياة.

(ت)
أقصد بالاستسلام، عدم مقاومة الحياة. أخذ فعل كل لحظة كما تجيء دون شغل التفكير بالماضي أو المستقبل. متابعة الحاضر، و حسب. إعطاء كل ثانية حقها دون اللهث لما ورائها أو الركض إلى ما يتبعها. كل ما نعيشه حقاً هي اللحظة الراهنة.. و ما غيرها، هو نتاج تفكيرنا و خيالنا. و هذا يجعل كل ما نفكر به كماضي و مستقبل، بلا فائدة حقيقية إن أعدمنا استثمارنا في الحاضر.

(ق)
لماذا الحاضر و حسب؟ لأننا نتذكر الماضي كما صنعناه نحن، لا كما حصل، و لأننا نبني المستقبل كما نراه، بعين واحدة أو بعينين على الأكثر، بينما قد توجد في الكون الآلاف الاحتمالات التي قد لا ندرك ربعها.

(ا)
ما العيب في الماضي و المستقبل؟ لا عيب و لا علة و لا خطأ. الخطأ في استرسالنا بالتفكير بالماضي، و شغله لحياتنا و أفكارنا دون تعلمنا منه و المضي قدماً.
لا عيب في التخطيط للمستقبل، الخطأ في أخذه مساحة منا في كل خطوة نخطيها، و إن لم تكن لها علاقة بالمستقبل الذي خططنا له! بناء المستقبل من المفترض أن يكون طريقاً نرسمه، ثم نتركه لنمشيه في اللحظة الحالية، لا لنفكر به في كل لحظة من حياتنا! و إن كنا سنفعل ذلك، هل يكون عندها طريق، أم سجن، خلقناه بأفكارنا؟ 

(و)
قرأت أكثر عن كيفية الاستفادة من اللحظة الراهنة، و العيش بهدوء في كتاب ايكهارت تولي قوة الحاضر “The Power Of Now”، و قد أخذ بعض التعاليم في كتابه من البوذية و المسيحية. و وجدت بأن الاسلام لا يختلف عن هذه التعاليم في الدعوة إلى ملازمة الحاضر، و عدم ترك الأمور لماضٍ كان أو مستقبل سيكون إن شاءالله. أولم ترتبط قراءة القرآن الكريم بالتدبر و الفهم العميق؟ ألا يكون ذلك من أقصى صور الاستسلام للحظة الراهنة و العيش في فعل يطرد التفكير في أي شيء آخر؟

(م)
استسلموا. لا تقاوموا حاضركم بإزعاج أنفسكم بماضٍ ولده تفكيركم أو مستقبل قد لا تدركونه. كونوا مؤمنين كمن قال: أفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد. فالله هو الوحيد الذي يعرف ماضيكم الحقيقي و مستقبلكم الآتي.



جواهر بنت محمد آل ثاني

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...