الثلاثاء، 19 مارس 2019

الهروب الكبير

أين ذهب الوقت؟ في أي مدى تمددت الساعات و الدقائق، و تركتنا لوحدنا نعد الأيام و الأسابيع بل و السنين؟
الانسان يربط نفسه بنفسه بأفكار الفناء و الخلود. يعيش و كأنه لن يذوق الموت، ليموت دون أن يعرف الحياة. مسلسل الدمية الروسية “The Russain doll”، يكشف لنا هشاشة الانسان و حقيقة تربص الموت به، و بعده عنه، بُعد زاوية شارع أو مسافة أقصر. من يعرف على وجه الخصوص إن كان سيكون من ضمن ٥٤ شخص الذين تقتلهم لسعات النحل سنوياً؟ أو من بين الأشخاص التسعين الذين يقتلهم البرق كل عام؟ أو من بين العشرين ألف شخص الذين يفارقون الحياة بسبب الإنفلونزا كل سنة؟ هذه الإحصائيات تم إعدادها جميعاً في الولايات المتحدة الأمريكية، و رغم ذلك من يعرف على وجه اليقين بأنه لن يكون هناك و من ضمنهم هذه السنة أو بعدها بعشر سنوات؟
الكاتب لا تلاحقه أفكار الموت و الحياة فقط، لأنه يحاول إيجاد معانٍ لهما في كتاباته، فهو دائماً يفكر بالكتابة أيضاً، و أين هي كتابته من حياته و من موته. ألا يحاول هو في النهاية استباق الموت عبر الكتابة عن الحياة؟ أليس في كتابته تخليد لذكرى حياته قبل و بعد موته؟ أليس في كل كلمة يكتبها شهيق و زفير و تنهيدة و ابتسامة؟ أليس لحبره القدرة على إحياء و إماتة المشاعر و الشخوص في المهاجر و النصوص؟
تتعجب أحلام مستغانمي في كتابها شهياً كفراق من مضي خمس سنوات دون إصدارها لعمل روائي. أين هرب الوقت؟ و ما طريقته في الهروب التي استخدمها؟ لا يهم. الوقت مضى و انتهى، و أمامنا و أمامها وقت أيضاً سيمضي و ينتهي.
ما الذي أشغلها عن الكتابة؟ الحياة. ما الذي أرجعها للكتابة؟ الحياة.. و سأضيف، الموت أيضاً. كيف لا و هما مرتبطان، ارتباط الصباح بالمساء، و الخير بالشر، و الحب بالكره. جميعهم يربطهم خيط غير مرئي، لا نعرف بداية بدايته و لا نهاية نهايته، و كلٌ يراه من منظوره الخاص الذي يعبر عنه.
بقي القول، بأن الكاتب عندما ينشغل بالحياة عن الكتابة، ينشغل عن نفسه. و عندما يكتب، ينشغل عن الموت، بالحياة، لغيره. و المعادلة الأخيرة، أثرى و أبقى للكاتب، من الأولى. عندها لا سؤال عن الوقت و تسرب ثوانيه. و لا حديث إلا عن الحياة.. و الموت، و ما نجمعه منهما.



جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...