الثلاثاء، 27 ديسمبر 2022

تعلموا من قطر!

 

 

يمكننا القول و بكل فخر و تأكيد بأن قطر كانت هي المفاجأة الأكبر في عام ٢٠٢٢. كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر ٢٠٢٢، سيُسطر كأفضل حدث رياضي في التاريخ! و ذلك كله حصل بعدما شكك المتشككون و كذّب الحاسدون و ارتاب الحاقدون من إمكانية نجاح بل و إقامة المونديال في قطر! و الآن بعد أن أقيم المونديال و نجح نجاحاً باهراً في قطر بشهادة الجميع، لا يسعنا القول إلا بأننا نتمنى بأن تكون جميع البطولات الرياضية و الأحداث الكبيرة التي يتم إقامتها في المستقبل حول العالم، على مستوى التنظيم نفسه الذي كان في قطر! و خاصة من تلك الدول التي كانت تنتقد استضافة قطر للمونديال و تشكك من قدرتها على الاستضافة في الوقت نفسه الذي فشلت فيه هذه الدول في تنظيم بطولات رياضية منظمة و آمنة للجماهير! و أذكر من هذه الدول فرنسا التي نظمت بطولة أمم أوروبا لكرة القدم في ٢٠١٦، و حدثت خلالها عدد من الاشتباكات العنيفة بين مثيري الشغب قبل و بعد مباراة إنجلترا و روسيا في مارسيليا و بين أنصار ايرلندا الشمالية و بولندا في نيس. و مؤخراً بريطانيا التي نظمت نهائي يورو ٢٠٢٠، و أعمال الشغب التي حصلت فيها قبل و بعد مباراة بريطانيا و إيطاليا!

السؤال الذي على العالم أن يسأله هو ليس ماذا تعلمنا نحن-القطريين-من مونديال قطر، و لكن ماذا يجب على العالم أن يتعلم من قطر! قطر التي قالوا عنها بأنها صغيرة و غير آمنة و لا يمكن استضافة البطولات الكبيرة فيها! قطر اليوم احتضنت أكبر حدث في العالم، و نجحت في ذلك! لم تحدث أي أعمال شغب، و لم يُصاب أحد و لم يُعتقل-للمرة الأولى-أي مشجع بريطاني خلال المونديال! لم نشاهد "HOOLIGANS " مثيري الشغب في الشوارع أو الملاعب، و لم تحدث أي أعمال شغب بسبب فوز أو خسارة منتخب ما! قطر كانت آمنة قبل المونديال كما كانت آمنة خلاله و كما لا تزال آمنة بعد انتهائه! هذه الدروس التي على الدول التي انتقدت قطر سابقاً و شككت فيها أن تتعلمها حتى يكون باستطاعة الجميع الحضور و الاستمتاع بالبطولات الرياضية و الأحداث الكبيرة بلا خوف أو توتر! و لا مانع لدينا في قطر بتبادل خبراتنا في هذا المجال، فكما تعلمنا من غيرنا في السابق، يسرنا أن نُداول هذه الخبرة و العلوم لفائدة العالم.

 

جواهر آل ثاني 

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022

حقيقة مونديال قطر

 حقيقة مونديال قطر

 

 

 

(الواقع)

اُختتمت يوم الأحد الماضي في قطر أفضل نسخة مرت على التاريخ من بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا. و بعد هذا النجاح الكبير لهذه البطولة، سيكون مونديال قطر هو المعيار الفاصل في بطولات كأس العالم لكرة القدم، فيُوجد كأس عالم قبل كأس عالم قطر، و يوجد كأس عالم بعد كأس عالم قطر! و اتضح بعد كل هذه السنوات أن الاختبار الحقيقي لم يكن لقطر، بل سيكون للدول التي ستنظم كأس العالم بعد قطر! هل سيستطيعون اللحاق بما فعلناه هنا؟ أم سينصدم المشجعين بما سيأتيهم لاحقاً! هل ستُوجد دولة تحقق ما حققته قطر في هذا الشهر الماضي؟ هل ستأتي دولة لتوحد الشعوب كما فعلت قطر؟ هل سيكون هناك دولة تجعل المترو و الحافلات مجانية لجماهير المشجعين؟ هل ستأتي دولة تبني ملعب بملايين الدولارات ومن ثم تتبرع فيه بعد انتهاء البطولة لدول أخرى نامية؟ هل ستأتي دولة تخترع تقنية تُقدر قيمتها بملايين الدولارات ألا و هي "تبريد الملاعب" و من ثم لا تسجلها كبراءة اختراع كي لا تحتكر تقنية قد تخدم العالم بأجمعه؟! لا أظن ذلك!

 

(الإعلام الغربي)

و رغم جميع ما قلته، الإعلام الغربي الذي يُسمي نفسه "بالحر الديموقراطي" لم ينصف قطر لا قبل المونديال و لا خلاله! حتى أن قناة BBC  لم تنقل كامل حفل افتتاح المونديال و أصبحت عرضة لشكاوي الآلاف البريطانيين الذين كانوا يريدون مشاهدة الافتتاح! كأس العالم فضح الإعلام الغربي، الذي قال عن قطر بأنها صحراء صغيرة جوها حار و لا يملك المرء فعل أي شيء فيها! و الواقع أن خيارات قطر الكثيرة ستمكن أي زائر لها بالاستمتاع صيفاً أو شتاءً!

و استمر الإعلام الغربي بكذبه قائلاً بأن قطر غير آمنة للأجانب و النساء، و الحقيقة أن هذه النسخة من كأس العالم كانت أكثر نسخة آمنة للأجانب و النساء بشهادة الجميع! مما جعل الكثير من المشجعين القادمين من خارج قطر يصحبون أطفالهم الصغار إلى الملعب و كل مكان! و استمتع جميع المشجعين الأجانب بالبطولة و عاشوا مع الشعب القطري أجمل نسخة من بطولة كأس العالم، و لم يحصل أياً مما كذب حوله الإعلام الغربي!

و من الأكاذيب التي ركز عليها الإعلام الغربي هي كيف أن المشجعين الغربين لن يستمتعوا بالمونديال بلا كحول داخل الملعب و حوله! و لم يصوروا أو يتكلموا بعد ذلك كيف استمتع المشجعين بلا كحول أو شغب أو مشاجرات! بل و كان ملتقى المشجعين و محطتهم الأولى و الدائمة سوق واقف الذي لا تُباع فيه الكحول!

انتهينا الآن من مونديال قطر، و لكن ذكراه لن تنتهي و إن لم ينصفه الإعلام حتى الحفل النهائي للبطولة! و تبقى بعض الأمور أكيدة.. كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر ٢٠٢٢، أفضل و أنجح كأس عالم مر في التاريخ، و لا يمكن للقطريين أن يفخروا أكثر بأنفسهم و ببلادهم و حاكمهم!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 13 ديسمبر 2022

نحن الحالمون

نحن الحالمون

 

 

 

"انظروا إلينا.. نحن الحالمون! نحن من نصنع أحلامنا لأننا نؤمن بها! انظروا إلينا! نحن الحالمون! نحن من نصنع أحلامنا لأننا نراها!" هذه جزء من الأغنية التي غناها الفنان القطري فهد الكبيسي و الكوري جونغكوك من فرقة BTS  العالمية في ليلة افتتاح كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر ٢٠٢٢. و قد سبق الأغنية، فيديو لسمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله و هو يلعب كرة القدم في شبابه مع أصدقائه في بر قطر. هذه الأغنية التي صدرت مع مجموعة أغاني من الفيفا بمناسبة كأس العالم لكرة القدم، هي الأحب و الأقرب إلى قلبي، لأنها في نظري الأغنية التي تعبر فعلاً عن سمو الأمير الوالد و سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني و كل قطري و مقيم في قطر!

نحن الشعب القطري! نحن الحالمون! نحن من حلمنا باستضافة العالم في كأس العالم، وحققنا ذلك! نحن من حلمنا بدعوة الناس من كل بقاع الكرة الأرضية إلى قطر الأبية، و لبت الناس النداء! نحن من حلمنا بالتعريف عن ديننا و ثقافتنا و عاداتنا و تقاليدنا للعالم و فعلنا ذلك! نحن من حلمنا ببناء قطر قوية منيعة شامخة متسامحة و معطاءة و فعلنا ذلك! نحن من أراد تغيير الصورة النمطية السلبية عن العرب و المسلمين، و فعلنا ذلك! نحن من حلم و حقق! نحن من آمن و فعل! نحن الحالمون!

نحن الشعب القطري.. الحالمون الذين لم نستسلم رغم كل الأذى و الانتقادات و التنمر و العنصرية و الهجوم الذي قُذف و لا يزال يُقذف علينا من قبل بعض الدول و الأفراد و المنظمات بسبب استضافتنا لبطولة كأس العالم! نحن الحالمون، و الحالمون لا يستسلمون!

أنا فخورة جداً بقطر و بالشعب القطري من قبل بدء هذه البطولة و حتى الآن، و إلى انتهاء البطولة و ما بعدها! و قلبي مليء بكل هذا الفخر و الحب لوطني و للشعب القطري الذي أنجز في سنين قصيرة شيء لا يمكن لنا إلا أن نسميه "بالحلم"! فمن يرى قطر اليوم بكل إنجازاتها في الرياضة و الفن و الثقافة و الاقتصاد و السياسة، لن يمكنه أن يصدق أن هذا التطور حصل خلال عشرين سنة فقط! و لهذا كله.. نحن الحالمون.. نحن من حلم و آمن في حصول قطر على استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر لعام ٢٠٢٢، عندما ظن الجميع بأن الاستضافة ستذهب بالتأكيد إلى الولايات المتحدة الأمريكية، و أننا في قطر "نحلم بذلك"! نعم، نحن كنا فعلاً "نحلم بذلك"، و نحن نعلم ذلك.. و لكن ما لم يعرفه العالم في وقتها، بأننا في قطر، لا نحلم فقط، نحن نحقق أحلامنا أيضاً!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


 

  

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2022

خواطر مونديال قطر

  

 

الشعور الذي نعيشه الآن في قطر مع بطولة فيفا كأس العالم لكرة القدم، لا يمكن وصفه بالكلمات و لا حتى بالصوت و الصورةالشعور الذيأعنيه يجب أن يُعاش بشكل مباشر كي يشعر الانسان بهشعور بهجة و وحدة و اتحاد يجمعنا حول كرة القدمالجماهير من جميع الجنسيات والدول و الخلفيات، يتحدون مع بعض ببهجة و تشجيع لمنتخباتهم بدون خوف أو غضب أو أي مشاعر سلبية تعكر صفو هذه التجربة الرائعةالجميع سعيد و آمن، السعودي يضحك مع الأرجنتيني.. المكسيكي يودع التونسي.. السنغالي يهنأ البرازيلي.. المغربي يحمل العلم الفلسطيني.. الأمريكي يواسي الإيراني.. الياباني يبارك للإسباني.. و الكرواتي يرقص مع البولندي ..و القطري يستضيف و يجمع العالم!

الكل سعيد، الكل راضي.. الجميع مع عائلته و أصدقائهو هذا ما أحببته و أحبه الكثير في هذا المونديال، و أقصد أن الجميع مع عائلته وأصدقائه، فقد أعطى هذا المونديال الفرصة للناس لاصطحاب عائلاتهم و أبنائهم في الملاعب و الاستمتاع بأجواء المونديال بكل يسر وسهولة و آمن و أمانفلا كحول في الملاعب و لا حالات شغب حول الملاعب أو الشوارع، بل حالة مستمرة من التشجيع و البهجة داخلالملاعب و خارجها!

و من أجمل المشاعر التي اجتاحتنا أيضاً هي شعورنا بحب العرب و دعمهم لبعضهم البعضفكل العرب في قطر كانوا يشجعون خمسةدولنعم خمسة دولقطر و السعودية و المغرب و تونس و فلسطينكل العرب فرحوا عند فوز المنتخبات العربية في مبارياتها و كلهمحزنوا عندما خرجت المنتخبات العربية من المونديالالشعوب العربية توحدت في قطر رغم توترات بل و عداوات الحكومات العربية فيبعض الحالاتفي قطر حمل حاكمنا و أميرنا الشيخ تميم بن حمد آل ثاني حفظه الله علم السعودية و المغرب و تونس و شجعت الشعوبالعربية معه المنتخبات العربية بكل قوتها و همتهافي قطر، نسي الجميع خلافاته و استذكروا دروس الأخوة في العروبة و الاسلام والانسانية و لا أجمل من هذه المشاعر!

الجميع يتمنى لو يستمر المونديال لأكثر من شهرالكل مستمتع بهذه الأجواء حتى الجماهير التي خسرت منتخباتها لا تزال موجودة في قطرلحضور المباريات الأخرى و الاستمتاع بأجواء هذه البطولة التي ستخلد في التاريخ كأفضل مونديال يحدث في تاريخ كأس العالم فيفا لكرةالقدم، و نحن الجماهير التي حضرت هذا المونديال، لن ننساه و لن نتجاوز هذه المشاعر التي نشعر بها الآن أبداً!

 

جواهر آل ثاني 

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022

مونديال قطر الكبير

 

 

نحن نشاهد في عام ٢٠٢٢ نسخة استثنائية من بطولة كأس العالم فيفا لكرة القدم. فهذا أول مونديال يتم تنظيمه في فصل الشتاء، و آخر مونديال يتم بمشاركة ٣٢ منتخب!

هذا المونديال مميز حقاً، حاملاً الكثير من الاحصائيات المثيرة، فهو المونديال الأكثر حضوراً جماهيرياً بعكس رغبات و آمال الحاقدين و الحاسدين، فقد كان حضور مباراة الأرجنتين و المكسيك يوم السبت الماضي ٨٨٩٦٦ متفرج، و لم يفوقه سوى حضور كأس العالم في ١٩٩٤ الذي بلغ ٩٤١٩٤ متفرج! و قد كان ذلك في مباراة النهائي!

و من الأمور الفارقة في مونديال قطر، فوز منتخبات  UNDERDOGS -غير متوقعة- في بعض مبارياتها، مثل السعودية التي فازت على الأرجنتين بهدفين مقابل هدف، و ايران التي فازت على ويلز بثنائية، و المغرب التي فازت على بلجيكا بهدفين و أبقت شباكها نظيفة! و اليابان التي فازت على ألمانيا بهدفين أيضاً مقابل هدف، و بعد ذلك فوز كوستاريكا على اليابان لهدف مقابل لا شيء! هذا المونديال أعطى الأمل للدول و الشعوب، مثلما أعطت قطر الأمل للعالم عبر استضافتها لهذا المونديال، بعدما ظن الجميع بأن حدوث ذلك مستحيل و غير واقعي، بل و راهنوا على أن قطر ستفشل في تنظيمه حتى آخر دقيقة قبل انطلاق صافرة البداية!

هذا هو مونديال قطر، مونديال المفاجآت و الفرص و الأمور الجميلة! الأجواء العامة رائعة، جميع زوار قطر و عشاق كرة القدم يعيشون تجربة لا مثيل لها، الزائر لسوق واقف الساعة الثانية عشر ظهراً سيجد جماهير الكرة حاضرة بكل طاقتها لمؤازرة منتخباتها، و الزائر لبوليفارد لوسيل في الساعة الواحدة صباحاً، سيواجه الجماهير حاضرة بكل قوتها لتشجيع فرقها. من حضر مونديال روسيا، و جرب أجواء مونديال قطر، سيعرف ما أتحدث عنه و الفرق بين أجواء روسيا و أجواء قطر! فالاحتفالات و التجربة الكروية في قطر مستمرة طوال الوقت على غير ما كان عليه الوضع في روسيا الذي تشعر فيه بالأجواء قبل و بعد المباراة فقط! و ما يزيد على جمال المونديال القطري، هي إقامة جميع المباريات بمدن قريبة من بعضها البعض، مما يسمح للمشجعين بحضور أكثر من مباراة في اليوم نفسه! و هذا مالم يتم من قبل!

مونديال قطر هو المونديال الأكثر آمنا و جمالاً و تنظيماً و استثنائية في تاريخ بطولات كأس العالم حتى الآن! و في هذا المونديال نتوقع الكثير من المفاجآت القادمة من قطر و من جميع المنتخبات لا المنتخبات العريقة في كأس العالم فقط!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 22 نوفمبر 2022

أفضل مونديال على مر التاريخ!

 

 

يوم الأحد الماضي الموافق ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٢، لن يكون يوم تاريخي لقطر و الشعب القطري و حسب، بل سيكون يوماً لن ينساه العالم الكروي و الرياضي أبداً! المستحيل حدث، و الحلم تحقق على يد قيادة و شعب قطر. كأس العالم لكرة القدم لعام ٢٠٢٢ في قطر.. أكبر حدث رياضي عالمي بقطر، رغم أنف الحاسد و الحاقد و الجاحد!

كأس العالم يُقام لأول مرة في تاريخه بدولة عربية مسلمة في الشرق الأوسط! لأول مرة في تاريخ كرة القدم العالمية، يتم التعريف بالثقافة العربية الإسلامية و خاصة الثقافة القطرية بهذا القرب!

باستضافتنا لهذا الحدث الكبير، أعلمنا العالم و أكدنا له، أن كرة القدم للجميع! كرة القدم ليست فقط "للبيض" و لا هي ملك لأوروبا و أمريكا الجنوبية تحديداً! محبي كرة القدم في كل مكان، و هم من آسيا و أفريقيا أيضاً! منذ إقامة أول نسخة لبطولة كأس العالم لكرة القدم في عام ١٩٣٠ في الأوروغواي، لم تستضف قارة آسيا كأس العالم سوى مرة واحدة في عام ٢٠٠٢ و كانت بالمشاركة بين اليابان و كوريا الجنوبية! و الأمر نفسه بالنسبة لقارة أفريقيا التي استضافت البطولة لمرة واحدة في جنوب أفريقيا في عام ٢٠١٠ بعد الكثير من المقاومة من قبل بعض الدول التي رفضت أيضاً حصول قطر على هذه الاستضافة! و هذه ثاني مرة تستضيف قارة آسيا كأس العالم في قطر، و ستكون هذه المرة، أفضل نسخة لكأس العالم على الإطلاق! الأمر الذي يبعث الغيرة و الحسد و الحقد في نفوس البعض، الذي تمنوا فشل بل و عدم إقامة هذه البطولة في قطر من أول يوم تم الإعلان فيه عن حصول قطر على هذه الاستضافة! و اليوم نقول لهؤلاء.. متعوا أعينكم.. انظروا جيداً لقطر و لملاعبها و لتنظيمها و لاستضافتها لهذه البطولة.. انظروا جيداً إلى هذا الكم من الجمال و الروعة و الكمال.. تمعنوا في دروس الثقافة و الفن و الرياضة بل و السياسة و الدبلوماسية! تعالوا إلى قطر و المسوا هذه العظمة في شوارعها و شعبها الأبي العظيم المضياف الكريم! تعالوا إلى قطر و اقضوا أجمل و أروع شهر من حياتكم! تعالوا إلى قطر أكثر بقاع الأرض تميزاً، و اشهدوا على أفضل مونديال على مر التاريخ!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 15 نوفمبر 2022

تحرروا من مشاعركم!

 

 

 

الانسان، كتلة مشاعر و أحاسيس و أفكار و وعي و لا وعي، و الكثير من الأشياء و الأمور التي نعرفها و لا نعرفها عن الانسان! و كي نحاول أن نحصل على حياة سعيدة صحية رائعة، يجب علينا أولاً أن نتعامل مع ما في داخلنا قبل أن نتعامل مع العالم الخارجي من حولنا. و من أهم الأمور التي علينا التركيز و العمل عليها هي مشاعرنا. لماذا؟ لأن ما نشعر به في دواخلنا، سنرى انعكاسه في العالم الخارجي من حولنا! إن كنا أشخاصاً خائفين.. سنرى العالم، مظلم و مخيف! و إن كنا أشخاصاً مرتاحين.. سنرى العالم، هادئ و مليء بالخير! و إن كنا أشخاصاً يأكلها الإحساس بالذنب، سنرى العالم، بلا أمان! و هكذا! ما نشعر به في داخلنا، سنراه في العالم و الناس! إن كنا نشعر بأننا في داخلنا ناس خيرين حقاً، سنرى بأن الناس خيرين و طيبين! إلخ..

و لأن المشاعر، بهذه الأهمية، فإن طريقة تعاملنا معها، ستحدد الحياة التي سنعيشها. إن كنا من النوع الذي يتمسك بمشاعره السلبية مثل الغضب، و الشعور بالذنب، فإننا سنحيا حياة أقل سعادة من أولئك الذين يختارون عدم التمسك بهذه المشاعر السلبية. و في كتابه (السماح بالرحيل)، يتناول ديفيد هاوكينز طريقة للتحرر من المشاعر السلبية و عدم التمسك بها، ألا و هي أن يشعر الانسان (بالشعور السلبي أياً كان) غضب.. خوف.. لوم.. حزن.. و أن يستسلم له في لحظة احساسه بهذا الشعور، دون أن يحكم على هذا الشعور أو أن ينتقده.. فلا يسمع أفكاره حول هذا الشعور، بل و يتجاهل أفكاره، و يعطي الاهتمام كاملاً لمشاعره. فإن أتت الانسان، مثلاً فكرة تقول له أن: "هذا الموضوع صغير و لا يستحق الحزن". على الانسان أن يتجاهل هذه الفكرة، و يُكمل شعوره حتى ينتهي الشعور. حتى لا تقطع أفكاره شعوره، مدعياً بأنه غير حزين على هذا الموضوع، و أنه فعلاً لا يستحق الحزن، ثم يجد الانسان نفسه غداً حزين على الموضوع نفسه، دون أن يكون قد تجاوزه بالأمس!

حل التعامل مع المشاعر، و بالتالي العيش حياة رغيدة، هي أن يدع الانسان مشاعره تأخذ مجراها، إن كان يشعر بمشاعر السعادة فليسعد، و إن كان يشعر بالحزن، فليحزن. المهم أن تأخذ مشاعره حقها بلا نقصان. فالمشاعر لا بد لها أن تنفد في النهاية، بعكس الأفكار، التي ما إن تبدأ حتى يصعب إيقافها، و لذلك فرقوا بين مشاعركم و أفكاركم! اشعروا بمشاعركم كاملة، دون أن تقعوا في فخ أفكاركم! فالأفكار تُغذي المشاعر، و من ثم المشاعر بدورها ستغذي الأفكار، و سيصبح الانسان بعد ذلك في دوامة يصعب إخراجها منه! الشخص الغاضب، إن استمع إلى أفكاره السلبية، سيزيد غضبه أكثر! بعكس الشخص الغاضب الذي شعر بغضبه ثم اختار التحرر منه شيئاً فشيئاً دون أن يعطي لأفكاره مجال! هذا الشخص سيصبح هادئاً بعد عدة دقائق، بعكس الشخص الأول الذي تمسك بمشاعره، و من ثم وقع في فخ أفكاره!

تجردوا من مشاعركم، و تحرروا منها! و لا تجعلوها ضحية لأفكاركم! كونوا أنتم قبطان السفينة، و تحرروا من الحمولة الزائدة ما إن تشعروا بها، حتى لا تغرق السفينة، و تغرقوا معها!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر


الثلاثاء، 8 نوفمبر 2022

كأس العالم: الحلم يتحقق!

 

 

 

تبقّى على بطولة فيفا لكأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢، المقامة في قطر ما يقارب الأسبوعين تقريباً، و بدأ المشجعون التوافد إلى قطر منذ نهاية شهر أكتوبر لحضور هذا الحدث الكبير.. هذا الحدث الذي لا يخص فقط القطريين بل العالم أجمع و الدول العربية خاصة، لكون قطر أول دولة مسلمة عربية تستضيف هذه البطولة العملاقة التي يعشق لعبها كل العرب! و من هذا المنطلق، نفخر نحن كقطريين و كعرب، لفتح هذا المجال لكافة الدول العربية، لاستضافة بطولات كبيرة ومهمة في المنطقة العربية مستقبلاً! و أكثر ما نفخر به كشعب قطري-مواطنين و مقيمين-هو التغيير الذي أحدثناه في قطر خلال الاثنا عشر سنة الماضية في البنية التحتية و الاقتصادية و التجارية و الاجتماعية من بعد الإعلان عن قطر كدولة مستضيفة لبطولة فيفا لكأس العالم لكرة القدم! هذه التغييرات التي أحدثناها هي إرثنا و هديتنا لأرضنا قطر و لأبنائنا و أحفادنا! و هي ما سيبقى بعد الانتهاء من بطولة كأس العالم!

هذه السنوات الماضية التي قضيناها في التحضير للبطولة، كانت سنوات فخر و عمل و جد و اجتهاد، تعلمنا فيها الكثير من الدروس عن قطر و حتى العالم. و من أهم الدروس التي تعلمناها كشعب قطري، هي أننا نستطيع فعل أي شيء نعزم على تحقيقه! نستطيع التجهيز و استضافة أي بطولة و أي حدث كبير و إقامته على أكمل وجه! كما فعلنا عندما استضفنا بطولة العالم لألعاب القوى في عام ٢٠١٩ و كأس العرب فيفا في عام ٢٠٢١!

و من الدروس المهمة التي تعلمناها بسبب حصول قطر على حق استضافة بطولة فيفا لكأس العالم لكرة القدم لعام ٢٠٢٢، هي أن الكثير حاربونا-لأسبابهم المختلفة-و رغم ذلك، بعزيمتنا و اصرارنا-حكومة و شعب-انتصرنا عليهم و على مزاعمهم و ادعاءاتهم و أكملنا طريقنا متمسكين براية الحق و الحقيقة في مواجهة الظلم و الباطل!

عرفنا خلال السنوات الماضية، من عدونا و من صديقنا، و من يرغب في رفعتنا و من يرغب في إزالتنا.. أكدنا في السنوات الماضية، قيمتنا و مكانتنا، كدولة كبيرة في عالم الرياضة و الدبلوماسية و الحوار و التسامح و الجمع بين جميع الأطياف!

في السنوات الماضية تطورت قطر بشكل كبير، و ما هذه البطولة إلا نقطة البداية، التي ستبحر منها قطر إلى ما هو أبعد و أفضل و أجمل.. فهي الآن عاصمة الرياضة العالمية، و لا أتخيل إلا أن تكون هي العاصمة العالمية للرياضة و الأعمال و الفن و الثقافة، مستقبلاً!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 1 نوفمبر 2022

إلى شباب العشرين

  

 

العشرينات.. و ما أدراك ما العشرينات! كعادة الانسان.. لا يبدأ في التأمل و مراجعة الحسابات إلا عند الاقتراب من نهاية الشيء أو الأمر. و لأني في سن أقترب فيه من نهاية العشرينات و إلى بداية الثلاثينات، بدأت أراجع حساباتي و ما آلت إليه حياتي.

لو أردنا أن نتكلم عن الحقب العمرية، لرأينا بأن العشرينات هي أهم حقبة عمرية يمر بها الانسان (بوعيه و اختياره). سن العشرين و حتى التاسعة و العشرين، هي أهم سنوات تمر في حياة الانسان. فقبل العشرين-منذ الولادة و حتى التاسعة عشر-يمر الانسان بمراحل الطفولة و المراهقة حتى بداية عمر الشباب، و في هذه السنوات، تُفرض عليه بيئة و محيط و دراسة معينة، لا يختار أياً منها في معظم الأوقات.. حتى يدخل سن العشرين. عندما يدخل الانسان سن العشرين، يُصبح راشداً في نظر القانون. يُصبح قادراً على اختيار ما يريد و ما لا يريد في حياته. يستطيع أن يختار ماذا سيعمل و أين سيعيش و من سيصاحب و مع من سيتعامل.. إلخ.

في العشرين تصبح حياة الانسان و خياراته في يده، لا في يد عائلته ولا في يد الدولة. و لهذا العشرينات هي أهم وقت في حياة الانسان.. هي الفترة العمرية التي تحدد الانسان و كيف سيكون شكله في المستقبل، كما تتناول ذلك الكاتبة ميغ جاي في كتابها (THE DEFINING DECADE: WHY YOUR TWENTIES MATTER AND HOW TO MAKE THE MOST OF THEM NOW).

و ها أنا شخصياً و أنا على عتبة الثلاثينات، أتمعن في كل ذلك، و أفكر فيما كان يجب علي فعله أو عدم فعله في سن العشرين. و أخلص إلى أهم نصيحتين يمكن إسدائها لأي شاب أو شابة في سن العشرين، أو يقتربون إلى سن العشرين.

نصيحتي الأولى هي استغلوا هذه السنوات في معرفة أنفسكم.. ماذا تحبون.. ماذا تكرهون.. ما هي خططكم في المستقبل.. ما هي اهتماماتكم.. ما هي قيمكم.. ما هو شكل و أطباع الأشخاص الذين تريدون أن يكونوا في حياتكم.. و ما هي طبيعة و قيم الشخص الذي تريدون أن تقضوا باقي عمركم معه!

نصيحتي الثانية هي اعملوا في هذه السنوات على أنفسكم.. طوروا مهاراتكم و ابحثوا عن عمل أو أكثر يدر لكم دخلاً أو اثنين! و في الوقت نفسه، لا تقضوا هذه السنوات في العمل فقط.. حتى لا تدخلوا سن الثلاثين و أنتم محترقين (burnout) أو و أنتم بجدية الثلاثين قبل أن تدخلوها! عندها سيصعب عليكم الاستمتاع بوقتكم خاصة و إن أدمنتم العمل! بل عليكم أن تلعبوا أيضاً و أن تمرحوا و تسافروا و تتعرفوا على الناس و توسعوا دائرتكم الاجتماعية.. و لكن احذروا أن تقضوا سن العشرينات في اللعب فقط، حتى لا تباغتكم الثلاثينات دون أن تكونوا قد أسستم أنفسكم! فتكونون بلا عمل و لا مهارة و لا مهنة ولا عائلة! يجب عليكم أن توازنوا بين العمل و اللعب في سن العشرينات، حتى لا يضيع منكم جوهر العشرينات!

أخيراً، أقول لك عزيزي العشريني، لا تأخذ الأمور بجدية و بشكل شخصي، فكلنا في هذا العمر، لم نعرف ما نفعل أو صحة ما نفعله.. و لذلك، استمتع بكل لحظة من عملك و لعبك.. و الأهم من كل ذلك.. عش، و لا تنسى أن تعيش!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

المؤمن الحقيقي و المؤمن المزيف!

  

 

الحرب الروسية على أوكرانيا لها أوجه عديدة معظمها سوداوي و مشؤوم، و لكن ما برز منها في نظري هو فولودمير زيلانسكي، الرئيس الأوكراني، الذي يجعلنا-و إن اختلفنا معه حول بعض السياسات و الآراء و المواقف-ننظر إليه بنظرة إعجاب صادقة، نادر أن نجد من يستحقها من القادة، هذه الأيام!

فولودمير زيلانسكي، هو رئيس استحق صفة القائد لأوكرانيا بعد حربها و محنتها الحالية.. حيث أنه ما إن بدأت الحرب، استبدل ضحكاته و مزحاته التي كان قد ورثها من عمله السابق ككوميدي، بجدية الحرب و لحية الزعامة و التي شيرت و البنطال الكاكي العملي! انتهى وقت اللعب بالنسبة إليه و بدأ وقت الجد! بدأ وقت تشمير الأكمام و الدفاع عن الوطن! منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا و زيلانسكي لا يفوت فرصة للظهور الإعلامي و الحديث عن الحرب و أثرها على بلده! خرج زيلانسكي في مقابلات مع جميع الجهات الإعلامية، و ظهر في كل المؤتمرات و الندوات! و حتى مهرجانات السينما لم تخلو من وجوده و حديثه عن الحرب! استغل كل ظهور إعلامي و دعوة إلى الظهور الإعلامي لحشد دعم الناس وراء القضية التي يؤمن بها.. وطنه! بالطبع لم يكن زيلانسكي، الأوكراني الوحيد المدافع عن وطنه بشراسة، فهناك من فعل مثله من الفنانين و المؤثرين و حتى المواطنين العاديين الذي جمعوا التبرعات و حشدوا العالم ضد روسيا!

ما حدث مع الأوكرانيين ذكرني-مع فارق التشبيه-بما فعلناه في قطر و كقطريين وقت الحصار في ٢٠١٧. فنحن أيضاً، يداً بيد مع قيادتنا، وقفنا صفاً واحداً للدفاع عن قطر أمام العالم أجمع، لا دول الحصار وحسب! و لا ننسى سفر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى و خطاباته خلال تلك الفترة، و خاصة خطابه في الدورة ٧٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة! و لا ننسى السفرات المكوكية و لقاءات وزير الخارجية سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني حول العالم! بالإضافة إلى جميع المواطنين و المقيمين في قطر الذين حاولوا بكل قوتهم حماية قطر من كل الهجمات الخارجية في جميع المجالات! لأن الأمر لم يكن مجرد لعبة سياسية.. الأمر كان يتعلق حول دولة و شعب و أمن و أمان! و لأن هذا ما يحدث عندما يؤمن الانسان بفكرة.. بمعتقد.. بشعب.. بوطن! عندما يؤمن الانسان بفكرة، قد يضحي بكل شيء من أجلها! و لهذا نقول بأن الفكرة أقوى من الرصاصة و الإيمان أقوى من الحصار و العقيدة أقوى من السيف! لهذا يستشهد الشهداء.. و يموت الأسرى دون أن يكشفوا الأسرار.. و يموت صاحب الأرض قبل أن يعطي المفتاح للمحتل! لأن المؤمن الحقيقي هو من يؤمن بوطنه و بمعتقداته و أفكاره، و هو من سيفعل كل شيء من أجل إعلائها! أما المؤمن المزيف، فسيفر ما إن تبدأ الحرب.. سيبيع القضية ما إن تشتد المعركة.. سيجبن ما إن يحمى الوطيس!

و أنت عزيزي القارئ، ماذا ستفعل لو تم اختبار إيمانك و أفكارك و معتقداتك؟ هل ستدافع عنها أم ستهرب؟ هل ستحارب و تجازف أم ستفر؟! هل أنت مؤمن حقيقي أم مؤمن مزيف؟!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022

من "الفومو" إلى "الجومو"!

  

في غضون العقد الماضي، اُشتهر مصطلح (الخوف من فوات الأمر) (FEAR OF MISSING OUT) أو اختصاره (FOMO) "فومو". و معناه، هو خوف الانسان من أن يفوته شيء أو أمر أو معلومة، كأن يعرف غيره المعلومة قبله، أو أن يذهب غيره إلى مطعم جديد أو قهوة مشهورة قبله أو بدونه أو أن يفوت الانسان على نفسه الذهاب إلى حفل أو مؤتمر، فيفوته ما يحدث خلال هذه المناسبات..  و هكذا. هذا الخوف أصبح خوف حقيقي عند الكثير من الناس في يومنا هذا. و قد شرح بحث في مجلة (COMPUTERS IN HUMAN BEHAVIOR)، نُشر في يوليو ٢٠١٣، أسباب "الفومو"، و ذكر منها عدم رضا الانسان عن حياته، و أن يكون الانسان ذا مزاج متدني و متذبذب، و أن يشعر الانسان بأن حاجاته لا تُلبى، و أخيراً و ليس آخراً، برامج التواصل الاجتماعي.

مفهوم الفومو موجود منذ بداية الألفية الثالثة، و لكنه اُشتهر و انتشر مع نشأة و رواج برامج التواصل الاجتماعي. هذه البرامج التي جعلت الكثير من الناس مرتبطين بهواتفهم ارتباط الأم بابنها. و هذا الارتباط جعل من الفومو خوف لا مرد منه، و قد لا يكون هو بنفسه أمراً سيئاً و لكن الأكيد أن تبعاته سيئة. فالفومو يأخذ الكثير من وقت الانسان. الفومو قد يجعل الانسان في مقارنة دائمة بينه و بين غيره لا من أقرانه و حسب بل من أناس قد لا يمتون له بأي صلة! كأن يقارن انسان بينه و بين لاعب كرة قدم مشهور و غني، و هو دكتور اسنان لا يعرف أصلاً كيف يضرب الكرة! هذه المقارنات بدورها قد تزيد من حنق و حسد و حقد الانسان على غيره و واقعه مما سيجعله غير سعيد في حياته. و هذه هي أكبر مساؤئ الفومو!

الأمر الجيد بأن هنالك الكثير من الحلول لمشكلة الفومو، حتى نصل من الخوف إلى الفرح.. و تحديداً "الجومو" (JOY OF MISSING OUT)، و يُقصد به الفرح مع فوات الأمر. فيفرح الانسان، حتى و إن لم يخرج مع أصحابه في ليلة ما، و لا يقلق لأنه لم يعرف عن موت الملكة إليزابيث من أول يوم لوفاتها، ولا يتوتر لأنه لم يسافر في الصيف كما سافر قريبه! يكون الانسان في حالة الجومو، فرح و قنوع بنفسه و حاله و حياته. و يصل الانسان إلى هذا الحال، عندما يُخفف من تعلقه ببرامج التواصل الاجتماعي و بهاتفه الذكي، و يقلل من الوقت الذي يقضيه على هاتفه. بالإضافة إلى تركيزه على أهدافه و عمله و حياته دون أن يقارن نفسه بغيره حيث أن لكل انسان رحلته و طريقه الخاص.

الرحلة من الفومو إلى الجومو، ليست سهلة، و قد تكون طويلة بالنسبة للبعض، و لكنه طريق يستحق المشي، بل و الحبي إليه! لأنه طريق ينتظر في آخره تاج الرضا و كنز القناعة!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الأحد، 16 أكتوبر 2022

عن الموهبة الحقيقية.. كتلك التي نشاهدها في الأفلام!

  

 

 

هنالك حمل كبير على و داخل الانسان الموهوب أي الانسان ذو الموهبة.. أياً كانت تلك الموهبة.. الرسم.. الكتابة.. النحت.. الغناء.. التمثيل.. التحدث أمام الجمهور.. رياضة من الرياضات.. مساعدة الناس.. البرمجة.. تداول الأسهم و العملات.. إلخ..

الانسان الموهوب يعيش مع موهبته.. إما يعيش معها في داخله.. داخل جسده و عقله و روحه فقط، أو يعيش معها في العالم الخارجي، يحتضنها و تحتضنه، يراها و تراه، يسمعها و تسمعه، يحبها و تحبه، يهتم بها و تهتم به..

على الموهوب إفراغ الموهبة من داخله و إخراجها إلى العالم.. هكذا سيعيش فعلاً، عندما تخرج موهبته من داخله إلى الخارج. و عندما تخرج، على الانسان الموهوب إدارة موهبته و تنظيمها و الاهتمام بها. لا يجب عليه أن يهملها أبداً. و عليه ألا يخاف من إخراجها من داخله أو التقسيط في إخراجها خوفاً من نضوبها! فالموهبة الحقيقية متجددة دائماً و لا تنضب أبداً مثل الشمس و الرياح! الكاتب الحقيقي لن تنقصه الافكار للكتابة، و الرسام لن تنقصه الألوان، و مبرمج الالعاب لن يتكأ منتظراً أفكاراً لشخصياته، و لن يخافوا من نفاد الأفكار أو انتهائها!

الشخص الموهوب عليه ألا يخاف أو يُحرج من إخراج موهبته إلى العالم بل أن يخاف من حبس موهبته في داخله! حمل الموهبة، و الأمانة التي أُعطيت له، سيثقله و يثقل حياته، و قد يكسره في نهاية المطاف! على الانسان الذي يريد أن يعيش حياة ذات معنى و أثر أن يهدي حياته لموهبته، فيفيد نفسه و غيره.. و الانسان الموهوب حقاً، لن يرغب في عيش حياة بعيدة عن موهبته! في (The Unbearable Weight Of Massive Talent) يحكي الفيلم قصة الممثل البطل نيكولاس كيج، الذي يعيش حياته مؤدياً لأدوار الأفلام التي أحببناها جميعاً حتى وصل إلى هذا العمر، فوجد نفسه في وضع مادي صعب غير قادر على الحصول على أدوار التمثيل التي يرغب في الحصول عليها مما جعله يقرر التقاعد عن التمثيل و حضور حفلة عيد ميلاد معجب لتسوية حاجاته المادية! لن أحرق عليكم الفيلم، و لكني سأقول لكم بأن من سيشاهده سيفهم بأن موهبة نيكولاس كيج الحقيقية التي لا يمكنه التخلي عنها هي التمثيل.. و أي موهوب حقيقي سيفعل مثل نيكولاس كيج و لن يتخلى عن موهبته أبداً، مهما حدث!

الموهبة الحقيقية مخيفة، لأنها تجعل الشخص متمحور حولها. إن لم ينصع لها، يتوه و يغضب و يحزن.. و إن أطاعها يتفتح و يثمر و يُشرق! و هي مخيفة لأنها تجعل الانسان خائفاً من الفشل.. من الخذلان.. من عدم التفوق و الكمال، فيذهب الانسان بعيداً عن موهبته كيلا يخذل نفسه أو يفشل!

الموهبة الحقيقية مخيفة بالفعل، لكنها محررة أيضاً، تحرر الانسان من نفسه، و تهدئه و تُرغبه بالحياة! فابحثوا عن مواهبكم أو اصنعوها.. و من ثم كرسوا أنفسكم لها، و اصنعوا واقعكم! 

 

جواهر آل ثاني

منصة مُلهم

المصدر


الأربعاء، 12 أكتوبر 2022

أزمة "حكم" الرضاعة

  

 

في الأسابيع الماضية، انتفض الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ضد المحامية نهاد أبو القمصان عضو المجلس القومي لحقوق الانسان في مصر، بعد نشر فيديو لها على الفيسبوك، تقول فيه بأن الإسلام لم يُجبر المرأة على إرضاع أولادهن. و استدلت المحامية بقوله تعالى في سورة البقرة: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(٢٣٣). و قوله تعالى في سورة الطلاق: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ) (٦). و هذا الحكم عام في حق الزوجة و المطلقة، و هو مذهب الشافعية و الحنابلة، و هو الراجح لعموم الآية.

الحلال بين و الحرام بين، و الأوضح منه بياناً، هو الجواز و الوجوب في العبادات و المعاملات، ففي هذه لدينا القرآن الكريم و السنة النبوية، للاستيضاح و التأكد. و موضوع الرضاعة و أجر الرضاعة ظاهر حكمه في القرآن الكريم، و منذ أيام الرسول عليه الصلاة و السلام و حتى وقت قريب، كن بعض النساء لا يرضعن أولادهن لأسباب صحية أو نفسية أو طلاق أو غيره من الأسباب، فكان الأطفال يرضعن من امرأة أخرى بأجر أو بدون أجر على حسب الاتفاق! و لم يكن ذلك مستنكر أبداً. أما اليوم، فالعرف الاجتماعي يقضي في الكثير من البلدان، قيام المرأة بإرضاع ولدها بنفسها و بدون أجر.. فلمَ نستنكر إن لم تقدر المرأة على الرضاعة أو أرادت أجراً على ذلك مستدلة بحكم سنده القرآن الكريم؟! العرف الاجتماعي فقط، هو ما جعل تصريحات نهاد أبو القمصان مضحكة للبعض، جاهلين بأن هذا هو الشرع، و أنهم بعيدين كل البعد عن الحقيقة و أنهم يختارون فقط من الشرع ما يعجبهم و يريدونه!

يجوز للأعراف الاجتماعية أن تحكم في حال كانت المعاملة جوازية بين الأفراد، ما دام تم الاتفاق على حكم العرف بدلاً عن الشرع. كما هو الحال في تأثيث بيت الزوجية أو إقامة حفل العرس أو الصرف على الأولاد، ففي الشرع، يكون كل ذلك على عاتق الزوج لا الزوجة، و لكن جرى العرف الاجتماعي على إمكانية الاتفاق بين الزوجين على هذه الأمور، فقد تقوم الزوجة بالمساعدة في تأثيث المنزل أو الصرف على الأولاد أو إقامة حفل العرس و هكذا.. هذا جوازي لأن الشرع أجازه، و لكن إن أرادت الزوجة التمسك بحقوقها الشرعية فيجوز لها ذلك أيضاً، مهما استنكر من استنكر في برامج التواصل الاجتماعي!

يقول الله تعالى في سورة البقرة: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ) (٨٥). يجب أن يضع الجميع هذه الآية نصب أعينهم، عند الحديث عن أحكام القرآن الكريم، و عدم أخذ جزء منه و ترك جزء آخر لمصلحة شخصية أو لمصلحة الغير. باختصار، لا يجب على أحد أن يأخذ الأمور بشخصية عند الحديث عن أحكام القرآن الكريم أو السنة النبوية، وعدم إنكار الحلال و الجائز لتبرير مآرب شخصية و خاصة، و كل من يفعل ذلك، يجب أن يأخذ نظرة طويلة في نفسه، و يسأل نفسه: ما سبب هذه العصبية في طرح الرأي و في الحديث عن الشرع و الحرام و الحلال؟ هل هي من الشرع أم من نفسي؟

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الثلاثاء، 4 أكتوبر 2022

كل شيء مُعار

  

 

 

 

 

(إعارة)

وقت الانسان في هذه الدنيا مُعار له.. عائلته ،مثلاً، مُعارة له في هذه الدنيا، فهو لا يملكها في الحقيقة، و لا يملك أي شيء سوى خياراته التي ستلاحقه في الحياة الأخيرة، أما عائلته، فقد يلقاها في الحياة الأخيرة و قد لا يلقاها، و لكن الأكيد بأن الانسان سيلقى خياراته جميعها في انتظاره.

 

(مؤقت)

من أكثر الأمور المريحة للإنسان، معرفة أن كل شيء في الدنيا مؤقت، الألم.. السعادة.. الحب.. العائلة.. العمل.. الأصدقاء.. الغنى.. الفقر.. المواقف.. المرض.. الفراق.. الموت.. التعب.. السفر.. الاستقرار.. الحزن.. كل شيء! كل الأشياء الجميلة و القبيحة.. كلها مؤقتة! بمعنى آخر.. كل شيء مؤقت لأنه مُعار للإنسان.. و لا يكون للإنسان أن يملك بشكل دائم أي شيء سوى اللحظة الراهنة في يده، و حريته في الاختيار في هذه اللحظة فقط.. و ما إن يختار الانسان ما يريد فعله في هذه اللحظة، حتى يتبخر خياره و إرادته مع اللحظة التي تليها.. و هكذا..

 

(راحة)

معرفة بأن كل شيء مؤقت و مُعار، يطمئن الانسان.. فلا داعي إلى الخوف، و لا داعي إلى القلق و التوتر، لأن الانسان لم يحوز شيئاً من البداية! فلا داعي إلى الخوف مثلاً من فقدان فرد من العائلة، لأنهم لم يكونوا ملكه من البداية! هم ملك لله و علاقة الانسان بهم مؤقتة في هذه الدنيا، و بالتالي عليه الاستفادة قدر الإمكان من هذا الوقت معهم حتى ينقضي هذا الوقت بأمر من الله!

 

(الدنيا)

لائحة مهامنا مُثقلة بالأمور التي يستلزم علينا فعلها و متابعتها. و في غضون أيامنا، نتعامل مع الدنيا و العالم و كأنه سيستمر إلى الأبد، و كأننا سنعيش إلى الأبد. و الواقع بأن الكثير قد لا يتعدى السبعين عاماً-هذا وأنا متفائلة-! و سيركض الكثير و سيعملون و سيحاولون فعل الكثير في هذه السبعين عاماً.. و سينشغلون بهذا العمر للعمل من أجل هذه الدنيا، التي ستأخذ الانسان بمشاغلها و مشاكلها و أحلامها و أفلامها حتى تشغله عن الحياة الحقيقية التي تليها.. الحياة الأخيرة.. الحياة التي سنعيش بها إلى الأبد! لا سبعين عاماً و لا ثمانين عاماً و لا حتى مائة عام! سنعيش فيها حتى ننسى معنى العيد ميلاد و متابعة عدد السنوات لأن كل ذلك سيكون بلا معنى!

 

(في الأخير)

كل أمر معنوي مؤقت، و كل شيء مادي مُعار و كل حاجة تحت أمر الله. و هذا ما على الانسان أن يتذكره دائماً لكي يريح باله، و يطمئن قلبه. فمن رحمة الله على الانسان أنه جعل للحياة الدنيا وقت.. بداية و نهاية.. فلا عذاب إلى الأبد، و لا سعادة إلى الأبد في الحياة الدنيا.. و كل شيء بحسابه في الحياة الأخيرة.. من أحسن عملاً في الدنيا فسيُلاقى السعادة الأبدية في الحياة الأخيرة، و من ساء عمله في الحياة الدنيا، فسيلقى العذاب الذي يستحقه في الحياة الأخيرة.. والله هو الرحمن الرحيم، فلا يُظلم أحد، و لا يُغبن أحد في نهاية المطاف.

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


 

 

 

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...