الأحد، 31 مايو 2020

معنى أن تكون كاتب


أن تكون أي شيء في أي وقت، هو أمر صعب. و لكني سأكتب عما أعرفه، و هو أن تكون كاتب على وجه الخصوص.. ذلك أمر صعب للغاية. أن تكون كاتب يعني أن تكتب و تنتج. هل يمكن أن نطلق وصف الكاتب على من لا يكتب؟ و هنا تطرأ المعضلة في وقتنا هذا، الذي يتحدى الجميع في أعمالهم و انتاجهم. كيف للكاتب أن ينتج في ظل كل ما يلهيه و من المفترض ألا يلهيه؟ كيف له أن يكتب في زمن الكورونا المستجد و خلال ثورة برامج التواصل الاجتماعي؟ كيف له أن يحافظ على تركيزه وسط معمعة أفكار نهاية العالم، و دعوات المحافظة على الرياضة و الصحة الجسدية و النفسية و العلاقات الاجتماعية؟ كيف له أن يكتب و هو يفكر بحال حياته و مستقبل عمله و مصير الاقتصاد؟ تساؤلاتي هذه لها أساسها قبل وجود فيروس كورونا المستجد، و لم يقم هذا الفيروس سوى بمفاقمة الوضع، فقد كتبت مثلاً أحلام مستغانمي في كتابها (شهياً كفراق)، عن مرور سنوات دون أن تشعر بها أو تكتب فيها. شغلتها الحياة.. و الفيس بوك. و الآن أمامنا فوضى الحياة، و كورونا، و مائة ألف شيء يلوح في الأفق!
لا يوجد أسهل من الصياح و النصاحة: اكتب! و حسب. بلا أعذار أو تخفي وراء المشاغل و المشاكل!”. و الحقيقة أن النصحاء معهم حق، إلا أننا في زمن المشاغل و المشاكل! و أن نتوارى وراء مشاغلنا و مشاكلنا هو كل ما بقي أن نفعله كيلا نكتئب أكثر من فكرة بأننا نقضي هذه الفترة بدون أن نخط حرفاً. و نزيد من جرعة المرارة الحالية عندما نتذكر بأن كل هذا كان يمكن تلافيه لو كتبنا كلمة واحدة، تحمل عنا بعض ألم و ضغط عيش الحياة اليومية. فالكتابة بالنسبة للكاتب، مضاد حيوي لالتهابات الحياة.. الكتابة رياضة بالنسبة للكاتب كرياضة المشي.. تخفف التوتر، تزيل الشكوك و الضغوط، تصفي الذهن، و تنظم ضربات القلب.
الكتابة هي أصعب و أسهل شيء يمكن للكاتب فعله، و لذلك، من السهل على الكاتب أن يكتب، و لكن من الصعب جداً أن يكون كاتباً. فما بالك أن يكون كاتباً جيداً؟

جواهر بنت محمد آل ثاني

الثلاثاء، 28 أبريل 2020

عالم جديد




نعيش أوقات صعبة حول العالم. الانسان اكتشف بأن أسوأ عدو له قد يكون فيروس لا يستطيع رؤيته بالعين المجردة. دول كثيرة عرفت أصدقائها الحقيقيين خلال محنة و رحلة التصدي لفايروس كورونا (كوفيدـ١٩). الأرض ارتاحت نوعاً ما من تلوث الانسان، فمن ناحية قلت نسبة الانبعاثات المسمومة في الجو، للانخفاض في استخدام المواصلات و بقاء الناس في منازلهم، و من ناحية أخرى، ازدادت النفايات المنزلية و الطبية.
علمتنا هذه الأزمة العالمية الكثير، و هذا الوقت قد لا يكون مناسب لمعاقبة النفس، بل الإكتفاء على أقل تقدير بتعلم الدرس. أفضل ما يمكننا فعله هو الإبطاء، و مراجعة حياتنا و عملنا و علاقاتنا و أفعالنا و ما يحفنا، و تأمل ما فاتنا و ما نستطيع تغييره منه، و ما نقدر على تقبله. يمكننا بعد ذلك، ترتيب أولوياتنا بعدما أصبحت رؤيتنا للأمور من حولنا أوضح مع التباعد الإجتماعي. و الأهم من كل ذلك، هو المحافظة على صحتنا الجسدية و النفسية في ظل كل هذا التوتر و القلق و الضغط العالمي.. التوتر و القلق من فايروس استولى على منصات الأخبار، و الضغط المتمثل في وجوب استغلال هذه الأوقات في الإنجاز و العمل المستمر. و الحقيقة أن الكثير مشغول في صحتهم النفسية في هذه الأجواء لا الحصول على الجسد المثالي أو قراءة كتاب أو تعلم شيء جديد كل يوم. و لا بأس في ذلك، نستطيع البقاء في أماكننا اليوم و غداً.. أياً كان الوقت الذي نحتاجه، لنعي حجم ما نمر به من ظروف نفسية و اقتصادية و سياسية و اجتماعية، تعصف بنا، و الشروع في العمل متى ما أسعفتنا إرادتنا. 
الإبطاء و التأني و التأمل، أفعال قد لا تتضمنها قواميس من يخاطر بصحته و سلامته من أجلنا كل يوم، مثل العاملين في مجال الصحة و الأمن و المطاعم و التوصيل، و غيرهم الكثير. و برأيي أجّل ما يمكننا فعله، نحن العاملين عن بعد أو الجالسين في منازلنا، هو المساعدة أو التبرع بوقتنا أو مالنا أو التطوع أو الاهتمام أو المبادرة، بكلمة، بفعل، بأي عمل يدل على التكاتف، و على الوحدة أمام ما نواجهه، خاصة و أننا نجهل مستقر خط النهاية، ولا عند أي مسافة ينتظرنا. كل ما نعرفه بأن علينا أن نصبر و ننتظر تغير الأوضاع، و خلال هذا الوقت، علينا أن نصبر و أن ننتظر معاً-و إن كان كلٌ في منزله-، فليس لنا سوى بعضنا البعض.. في الأخير.



جواهر بنت محمد آل ثاني

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...