الثلاثاء، 25 يناير 2022

سنوات الكورونا

  

 

في ٢٠٢٠، توقف العالم.. حرفياً.. بسبب مرض كورونا (كوفيدـ١٩). أُغلقت المطاعم و المقاهي و المدارس. حطت الطائرات. خلت الشوارع من الناس و السيارات المتحركة. أُلغيت البطولات و المسابقات. عُلق تصوير الأفلام و المسلسلات. ازدحمت المستشفيات. مرض البعض و توفي البعض الآخر. توقف الناس عن الحركة، و عُطلت الأعمال إلى درجة صدور تقارير بانخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون و استعادة الطبيعة لبعض عافيتها!

و لم تكن سنة ٢٠٢١، مختلفة كثيراً عن سابقتها سوى في تقليل عدد الإغلاقات العامة في المدن و توزيع لقاح كورونا. كانت الأيام سواء في ٢٠٢٠ و في ٢٠٢١، هذا ما أكدت عليه أفلام نيتفلكس الساخرة (DEATH TO 2020) و (DEATH TO 2021). و ما لا نستطيع الضحك عليه، هو تأثيرات هذه الأعوام علينا، و منها نشر دراسة في (JOURNAL OF CLINICAL MEDICINE) بسبتمبر ٢٠٢١، تُفيد بتراجع كبير في عمل ذاكرة الانسان خلال جائحة كورونا. و كان السبب هو تشابه الأيام بالنسبة لنا خلال السنتين الماضيتين مما أضعف الذاكرة. و ذاكرة الانسان وفق كتاب (خطايا الذاكرة السبع) للكاتب دانيال شاكتر، تحتاج إلى التفرقة بين الأيام كي تتم تقوية الذاكرة و تحفيزها.

ها نحن وصلنا بأعجوبة إلى عام ٢٠٢٢. مما يدعونا إلى الرجوع إلى ما قبلها، كي نحرص على أن يكون هذا العام مختلف عما سبقه. و يكون ذلك بفهم سنة ٢٠٢٠ أولاً. السنة التي خسر فيها البعض، أناس يبادلونهم الحب. و فقد فيها البعض عمله. و كان فيها من بدأ عملاً خاصاً به و نجح في ذلك. و كان فيها من اكتشف هوايات عجيبة، أو تعرف على أصدقاء جدد. سنة ٢٠٢٠، كانت سنة التعلم لنا جميعاً.

أتت بعدها سنة ٢٠٢١، سنة التطبيق. حاولنا فيها أن نطبق ما تعلمناه خلال ٢٠٢٠، من ممارسة أعمالنا أو اهتماماتنا الحديثة، و حتى المحافظة على سلامتنا النفسية و علاقاتنا الاجتماعية.

فلتكن ٢٠٢٢ إذاً، سنة التخطي و التأقلم. فلنستمر في تطبيق ما تعلمناه في ٢٠٢٠، و لنحاول التأقلم مع العالم الجديد من حولنا، بكل أوضاعه و قوانينه الجديدة، و تغييراتنا الشخصية. فالعالم الآن يتجه إلى محاولة التأقلم مع مرض كورونا و اعتباره كالانفلوانزا الموسمية مع الحفاظ على أخذ الاحتياطات و الإجراءات الاحترازية منه.

انتهت سنة ٢٠٢٠ و سنة ٢٠٢١، و سينتهي عام ٢٠٢٢ دون أن نشعر. كل ما علينا فعله هو ألا نجعل ٢٠٢٢ عاماً مشابهاً لما سبقه، و أن نطبق ما تعلمناه خلال محنتنا العالمية، و أن نحاول تخطي ما عشناه و التكيّف في العام الجديد!

و كل عام و أنتم بخير!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الجمعة، 21 يناير 2022

كما نحن

  

نحن، جيل التسعينات، ممن قضى طفولته متابعاً لأفلام هوليود، كنا، بناتاً و أولاداً، نشاهد سندريلا و باتمان، و شاهدنا في مراهقتنا (TWILIGHIT) و (DIE HARD)، و في شبابنا التصقنا بالشاشات، لنشاهد (TITANIC) و (THE NOTEBOOK) و (MISSION IMPOSSIBLE). شاهدنا كيف يكون أبطال الأفلام جميلين و بأبهى الصور و دائماً بيض البشرة. و كيف تفوز البطلة بقلب البطل بحسنها و فطنتها. و كيف يسلب البطل عقل البطلة بقوته و أمواله الكثيرة. و كيف يتغلبون على أقسى الظروف و إن تكالب الناس عليهم و وقف العالم في وجههم. شاهدنا كل ذلك و صدقناه، حتى عندما يبتلع جسد البطل عشرات الرصاصات و يحيا! و عندما تفقد البطلة ذاكرتها، و تسترجعها، فتعود لحضن حبيبها!

كبرنا على هذه الأفلام، و حلمنا أن نصبح مثل هؤلاء الأبطال.. جميلين.. رشيقين.. أغنياء.. ممتعين.. سعيدين.. خفيفي الظل.. مميزين و مختلفين! المضحك في الأمر هو أن معظم هؤلاء الممثلين و الممثلات، يتشابهن في الأشكال و الأفعال و الأقوال و الأفكار. كيف إذاً انخدعنا بتميزهم و تفردهم و جميع الممثلين و الممثلات سواء؟

أعود بذاكرتي إلى هذه الأفلام و حتى بعض المسلسلات و أتعجب كيف أنها رسمت لجيل كامل وجهاً واحداً و جسداً مثالياً و مستقبل باهر و واقع غني و عائلة مُحبة و أصدقاء لا محدودين، يجب على الانسان أن يملكهم ليسعد في حياته! و بالتالي يكون أي نقص في هذا الخيال-الواجب تحوله إلى واقع-يعني فشل الانسان و إخفاقه!

شهدنا في العشر سنوات الماضية تحولاً كبيراً في مسلسلات و أفلام هوليود. صعدت خلالها أسماء عظيمة مثل AVA DUVERNAY  و SHONDA RHIMES. وصلتنا عبرهن قصص الأميرات اللواتي لم يحتجن إلى إنقاذ. و قصص الرجال الباحثين عن هدف أسمى في الحياة غير المال و الصيت و القوة. رأينا على الشاشة أخيراً، أناساً يشبهوننا في الشخصية و الجمال و اللون و الوزن و الطول. بل و أحببناهم! و أكد ذلك تقريرUCLA  الذي وجد بأن الأفلام ذات طاقم الممثلين المنوعين بالعرق و اللون و غيره، يتابعونها مشاهدين أكثر من الأفلام ذات الطاقم غير المنوع!

الانسان يميل إلى ما يشبهه.. إلى ما يمثله.. إلى ما يدله على حقيقته، لا ما يحاول تغيير حقيقته، و إن كان بلا قصد!

في النهاية تُصنع الأفلام لتؤثر إيجابياً على الناس، لا لتوهمهم أو تزرع فكرة مثالية في رأسهم حول ما يجب أن تكون أشكالهم و ما يجب أن يصبحوا عليه. نحن خُلقنا لنكون كما نحن، لا لنكون الحسناء أو الوسيم الذي اختاره منتج هذا الفيلم أو ذاك!

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الأربعاء، 12 يناير 2022

كيف تعيش لعمر المائة؟

  

لطالما بحث العلماء و سُحر الأدباء بموضوع العمر السعيد المديد. و من منا لا يشتهي عمر أبدي يصيب و يخطئ فيه، حتى يُتاح له تصحيح أخطائه و الوصول إلى كامل إمكانياته؟ هذا كان موضوع بحث الكاتب الأمريكي دان بويتنر في كتابه (حل المناطق الزرقاء)، و الذي تحدث فيه عن خمسة مناطق في العالم تتركز فيها مجموعات كبيرة ممن تزيد أعمارهم عن التسعين عاماً، يعيشونها بهمة و رضا، و كأنهم شباب بلا أمراض مزمنة و منهكة. هذه المناطق هي آيكاريا في اليونان، و آوكيناوا في اليابان و أوقلياسترا في سردينيا و لوما لندا في كاليفورنيا و شبه جزيرة نيقويا في كوستا ريكا.

يعيش الناس في هذه المناطق عمراً سعيداً و طويلاً وفق ما رآه دان بويتنر و فريق البحث الذي صاحبه في رحلاته إلى هذه المناطق من العالم. و قد لاحظوا عواملاً مشتركة فيما بينهم، تزيد من عمرهم و عمر سعادتهم.

أولها هي الحركة. يشترك المعمرون فيما بينهم بأنهم يتحركون طوال الوقت. يتنقلون بالمشي لا السيارات و وسائل المواصلات العامة. يطبخون طعامهم. يصلحون ما يقدرون عليه بأيديهم. يزرعون حدائقهم.. و هكذا.. يقومون بكل شيء بأنفسهم دون أن يعتمدوا على غيرهم أو على الآلات!

ثانياً، لحياتهم معنى. أي ما يسميه اليابانيون بالإيكيغاي. يستيقظون الصباح لسبب معين، إما الاهتمام بعائلتهم أو أصدقائهم أو الذهاب لعمل يحبونه أو للقيام بهواية تسعدهم، و تضيف البهجة لحياتهم.

ثالثاً، تخفيف توتر و أعباء الحياة عبر الانفصال عن الواقع يومياً، إما عبر الصلاة أو الخروج مع الأصدقاء أو أخذ قيلولة بعد العمل.

رابعاً، الأكل الصحي. جميعهم يأكلون طعاماً من بيئتهم و يعتمدون على الخضروات و الفواكه في حميتهم الغذائية، تاركين اللحوم للمناسبات الاجتماعية. بالإضافة إلى تبنيهم لقاعدة الأكل حتى تمتلئ ٨٠٪ من مساحة المعدة، فقط، و تركهم لباقي ٢٠٪ من المعدة خالية.

أخيراً، جميع المعمرين غير وحيدين. إما لديهم عائلة تحبهم و تهتم بهم و يهتمون بها، أو لديهم أصدقاء يبادلونهم العناية و الاهتمام. و قد أثبتت الكثير من الدراسات العلمية بأن الانسان الذي يمتلك علاقات اجتماعية صحيّة-العبرة بنوعية العلاقات لا عددها-يعيش لمدة أطول من الانسان الذي يعيش لوحده و بوحده.

أسباب العمر الطويل و السعيد ليست مستحيلة، و نستطيع تبنيها على مستوى الدول و المدن كما تم النجاح في تبنيها في أماكن أخرى حول العالم مثل منطقة شمال كاريليا في فنلندا، و التي كانت فيما مضى مركزاً لأعلى نسبة أمراض قلب في العالم، و من بعد جهد و عمل خمس سنوات في محاولة تغيير حياة الناس هناك، نزلت نسبة الموت بالسكتة القلبية بين الرجال بمقدار ٢٥٪، و نسبة الموت بسرطان الرئة بقدر ١٠٪! و تشجع بقية الفنلنديين بهذه التغييرات، فارتفع متوسط عمر الفنلنديين بشكل عام بما يقارب عشر سنوات!

هذه التغييرات ليست عصيبة على مستوى الأفراد أيضاً. كل ما علينا فعله هو أن نولي حياتنا اهتماماً أكبر، و أن نهتم بتفاصيلها.. ابتداء بكم حركتنا و جودة غذائنا و نوعية علاقاتنا.. عندها سنعيش عمراً أسعد و أطول بكامل قوانا العقلية و الجسدية، و من يستطيع القول بأننا لا يمكننا الوصول لقمة المائة؟

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر


الخميس، 6 يناير 2022

دليل التعامل مع النفس

  

 

(الخطوة الأولى)

عامل نفسك كما تُحب أن يعاملك غيرك. ادعُ نفسك إلى القهوة. تناول قطعة شوكولاتة. اجلس مع نفسك. احتفِ بنفسك. اشكر نفسك. قوي علاقتك مع روحك و عقلك. و الأهم من كل ذلك، ترأف بحالك! لا تشد على نفسك و تقسو عليها بسبب و بدون سبب!

 

(الخطوة الثانية)

الكلمة الطيبة صدقة، فلا تنسى أن تقولها لنفسك أيضاً! أمطر نفسك بالمدح و الإطراء. خاطب نفسك و كأنك تخاطب أعز أصدقائك، كما تقول لأصحابك: أنت جميل! أنت رائع! قل لنفسك: أنت مميز! أنت قوي! أنت محظوظ!

 

(الخطوة الثالثة)

أنت مسؤول عن حياتك، عن أحلامك، عن تصرفاتك، عن واقعك، عن مبادئك و قيمك، و لكنك لست مسؤول عن بيئتك و عمن حولك. تذكر هذا لو أغرقك احساسك بالذنب و العار! فلا تزر وازرة وزر أخرى!

 

(الخطوة الرابعة)

ابحث فيمن حولك عن شخص يراك ملفتاً و بديعاً، و من ثم انظر لنفسك عبر عينيه. فأكثر الناس الجميلة و الرائعة لا ترى حالها كذلك إلا بعدما نلفت نظرها إلى الصفات الجيدة فيهم!

 

(الخطوة الخامسة)

نمٍ من وعيك! اهتم بعقلك! مارس هوايات جديدة و قديمة، و حفز نفسك على تعلم أمور جديدة. اهتمامك بعقلك سيفتح لك أبواب جديدة في الحياة لم تخطر ببالك وجودها من قبل. و سيجدد ذلك أملك في الحياة و عيشها.

 

(الخطوة السادسة)

صلِ. تأمل. تفكر. لا تستصغر احساسك بوجود كيان أكبر منك يرعاك و يهتم بك حتى عندما لا تفكر به و لا يخطر على بالك! فأنت أصغر ما في الكون، و في داخلك أكبر ما في الكون.. روحك التي نفخها الله عز وجل من روحه. فحافظ على روحك، و حافظ على نفسك، فهي ليست لك، هي لله أولاً و أخيراً!

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


أنت و عقلك

  

لطالما كان القلب هو العضو الأهم الذي نعتني به عندما يتعلق الأمر بأجسادناهو العضو المقدسالعضورقم واحدو لا  جدل في ذلك، فإذا توقف القلب، لا قيمة للأعضاء الأخرىو من المسلمات التي نأخذ بهاو يعرفها صغيرنا حتى أكبرنا، بأن الدماغ من الأعضاء المهمة أيضاً، فبدون الدماغ نكون كالبطاطا أوالطماطم كما يقولون في الغرب، أي جسد بلا عقل. بلا فائدة.

يتحدث الدكتور دانيال آيمن في كتابه (غير عقلك غير حياتك) عن أهمية المحافظة على الدماغ و تحفيزه. فالدماغ يشكل ٢٪ من وزن الجسد، و يستهلك ثلث السعرات الحرارية التي نتناولها يومياً! أي أنه أغلى عضو نملكه بعد القلب، إن لم يكن بأهمية القلب. فبدون العقل لا إدراك و لا فكر ولا وعي و لا مشاعر و لا ذاكرة. و بمحافظتنا على دماغنا و تحسينه وفق ما توصل إليه الدكتور آيمن، نُحسّن من جودة حياتنا و وظائف أجسادنا و نطيل من أعمارنا! و رغم اكتمال نمو الدماغ بسن ٢٥، إلا أننا نستطيع المحافظة على عقولنا و تحسين عمله طوال حياتنا بالطرق الآتية:

أولاً، ممارسة الرياضة. فكلما زاد وزنك، صغر حجم عقلك! و بالتالي يجب علينا ممارسة الرياضة لتحسين عمل الدماغ و المحافظة على حجمه!

ثانياً، اتباع حمية غذائية صحية. فما نأكله و نشربه يصل مباشرة إلى أدمغتنا، إن كان صحياً، سيساهم في عمل الدماغ بشكل سليم و متوازن، و إن كان غذاءاً سيئاً، سينعكس ذلك على عمل الدماغ و قدرته على الإدارك و التركيز، فالدماغ يرتبط مباشرة بالمعدة و الأمعاء وفق دراسة أجراها علماء بجامعة ديوك الأمريكية.

ثالثاً، النوم. العقل يحتاج الراحة كي يتجدد و يرفع من أدائه. و وفق الدراسات العلمية الكثيرة، فإن الانسان البالغ يحتاج سبع ساعات من النوم يومياً كي يحافظ على صحته و صحة عقله. 

رابعاً، إنشاء الروابط الاجتماعية. الانسان يحتاج العلاقات الاجتماعية لأنها تحفز عقله و تريح قلبه، و تبعد عنه الاكتئاب و القلق و التوتر الذي يؤثر سلباً على الدماغ و عمله.

خامساً، التأمل و الشكر. بالتأمل يومياً و الصلاة و التقرب إلى الله بالشكر و العرفان، يتعافىالدماغ بكل هذه الأفعال الإيجابية التي تحافظ عليه و تحسن من عمله.

سادساً، القضاء على الأفكار السلبية. فالأفكار السلبية، تبدأ كمشاعر ثم مع تكرارها و التمسك بها، تصبح حقائق لا مفر للدماغ منها، و بعد ذلك لا يكون للعقل سوى الانصياع لها و التدهور أمامها.

أخيراً، تعلم أشياء جديدة. سواء أكانت هذه الأشياء أفكار أو معلومات أو هوايات أو ألعاب أو لغات أو أياً كانت. المهم أن يكون أمراً جديداً لم يسبق للعقل أن تعرض له!

بهذه الطرق، نستطيع المحافظة على عقولنا و تحسين عملها. و هذه من وصايا ديننا الإسلامي في الكثير من آيات القرآن الكريم. و قال العقاد في هذا الشأن: " لا يذكر القرآن الكريم العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتي الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبة في سياق الآية، بل تأتي في كل موضع من مواضعها مؤكدة جازمة باللفظ والدلالة."

فيا أيها القارئ، تفقه و تفّكر و اعقل، و حافظ على عقلك، أغلى ما تملك!

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...