الأربعاء، 27 أبريل 2022

مراحل الحياة

مراحل الحياة

 

 

(أن تعيش)

أن تعيش يعني أن تحاول.. أن تُجرب.. أن تغامر.. أن تحب.. أن تأكل.. أن تسافر.. أن تبحر.. أن تتأمل.. أن تقرأ.. أن تكتب.. أن تمسح.. أن تتحرك.. أن تُعلِّم و تتعلم.. أن تغير مكان عملك عندما تصادفك فرصة عمل جديدة و مثيرة. أن تحاول أن تسهم في هذه الحياة.. أن تعرف و أن تعيش حياتك على أنك لست مجرد رقم من ضمن المليارات التي تعيش على هذا الكوكب..

 

(أن تتأقلم)

في بعض الأحيان، أن تتأقلم يعني أن تنمو و أن تجد نفسك الحقيقية.. و في أحيان أخرى، أن تتأقلم يعني أن تحكم على نفسك بمحدودية المشاعر أو الظروف أو المكان أو أياً كان، دون أن تدري! كالفيل الصغير الذي كان يربط مدربه قدمه بحبل موصول بعمود ضعيف، لا يمكن للفيل الصغير التخلص منه رغم محاولاته، فكبر الفيل و تضاعف حجمه و زادت قوته وهو مربوط بالحبل نفسه الموصول بالعمود نفسه منذ صغره. و لا يزال الفيل المتعايش مع البيئة التي عرفها، غير قادر على التملص من قيده لأنه لا يزال يظن بأنه لا يمكنه تخليص نفسه من الحبل، فما نفع المحاولة؟

 

(أن تنمو)

البعض مثل الكمأة-أو الفقع كما نسميه نحن الخليجين-، ينمو في أي مكان و في أي بيئة، راضٍ بما هو فيه، متأقلم مع ما حوله. والبعض الآخر لا ينمو إلا بعد حراثة الأرض و جعل التربة جاهزة للزراعة.. تماماً مثل البطاطا.

يتشابه الاثنان، و لكن الأول ينمو رغم كل العواقب و الثاني ينمو على حسب المواقف!

 

(أن تتقبل)

أن تستسلم إلى الله و تُسلم أمرك و نفسك لله. أن تعرف بأنك ضيف في هذه الدنيا الزائلة، و أنك عابر سبيل لم يصل إلى وجهته النهائية. في هذه المرحلة، تجد سعادتك وراحتك. في هذه المرحلة، تسهل جميع المراحل السابقة و تصبح خفيفة على الروح، هينة على الجسد. في هذه المرحلة، تعود كما كنت قبل أن تحيا.. مُلكٌ لله لا لنفسك، و يستقر في نفسك، بأنك متجاوز جميع مراحل الحياة مهما حدث.. لأن الله معك! 

 

(أن تموت)

الموت هو جزء من الحياة، إن لم يكن الحياة جُلها. نحن لا نحيا كل يوم. نموت كل يوم.. يوم. نموت كل دقيقة.. دقيقة. تنقص أعمارنا، فنعرف ما مضيناه و لا نعرف كم تبقى لنا. الحياة هي استمرارية الموت.

إذا كان الموت هو الفقدان، فإن ما نفقده هو الوقت. كل يوم و ليلة. و تستمر الحياة مربوطة بالموت، منذ بدايتها و حتى نهايتها.

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر

 

الأربعاء، 20 أبريل 2022

هذا أنا

  

 

 

 

يُحكى بأنه كان هنالك عقرب يريد أن يعبر النهر، فطلب من الضفدع أن يحمله على ظهره إلىالضفة الأخرى، فرفض الضفدع و قالهل تظنني غبياً؟ إن حملتك على ظهري ستلدغني وأموتفرد عليه العقرب قائلاًهل أنا مجنون لأفعل ذلك؟ إن لدغتك ستموت و سأغرق معكأعدك بأني لن أفعل شيئاً. كل ما أريده هو عبور النهراقتنع الضفدع أخيراً و حمل العقربعلى ظهره و بدأ القفز فوق النهرو في منتصف المسافة، لدغ العقرب الضفدعسألالضفدع العقرب متألماًلماذا فعلت ذلكسنموت كلانا الآنجاوبه العقرب آسفاً و غيرآسفلأن هذه هي طبيعتيهذا أنا!

هذه القصة الجميلة تحمل في طياتها الكثير من العبر و الدررأهمها بأنه عندما يريك شخص ما هويته الحقيقيةمنذ بداية علاقتكما ببعضكما البعضصدق ما تراه عيناكآمن بما حدث أمامك و بأن هذه هي طبيعة الشخصالحقيقية التي قد يكون على استعداد لأن يموت بسببها!

احساسك الأول اتجاه شخص ما عادة ما يكون هو الإحساس الصحيح. انطباعك الأول عن شخص ما عادة ما يكون هو الانطباع الحقيقي و الأصيل. 

نادراً ما يتغير الناس في مدة زمنية قصيرة و لن يتغيرواالانسان لا يتغير في وقت قصير إلا إذا حدث لهموقف كبير يهز كيانه و يزلزل حياته و ما عدا ذلك خزعبلات و أساطير الأولين.

الانسان يتغير على دفعات.. على مراحل.. في غضون سنين.. و لا يتغير الانسان بين يوم و ليلة إلا إذا كانت ليلة سوداء و يوم أسود منها!

تغير الانسان بين يوم و ليلة دون أن يكون قد حظي بيوم أسود أو ليلة سوداء، معناه بأنه كان كذلك دائماً.. معناه بأن حاجته اكتملت و مصلحته انتهت، و الآن بان على حقيقته.

الجبال تتشكل مع مرور الوقت و حركة الرمال.. و الانسان يتشكل مع مرور الوقت و حركة الناس من حوله. كلاهما يحتاج الكثير من الوقت، و الكثير من الحركة أو عدم الحركة. كلاهما ذات التأثر نفسه. كلاهما يلبسان أثر التغيير نفسه. كلاهما بالثقل نفسه. نربط بين أنفسنا و الجبال عندما نقول لمن نحب: "نحن مستعدين لأن نحرك الجبال من أجلكم!". فهل نستطيع أن نقول لهم: "نحن على استعداد أن نغير من أنفسنا و طبيعتنا من أجلكم!؟" أم أنه سيأخذنا كبرياء العقرب و طبيعته!

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر



الثلاثاء، 12 أبريل 2022

لحظات رقائق الذرة

  

 

 

 

تذكر أوبرا وينفري في كتابها المشترك مع الدكتور بروس بيري (WHAT HAPPENED TO YOU?) موقفاً أثر فيها. و كانت مقابلة تليفزيونية مع طفلة فقدت أمها بسبب مرض السرطان. و قبل وفاة أمها، قرر والديها قضاء آخر أيام أمها في السفر عبر الولايات المتحدة الأمريكية. سألت أوبرا الطفلة عن أبرز لحظة قضتها في هذه الرحلة مع أمها. و توقعت أن يكون الجواب، مشاهدة معلم سياحي ما أو زيارة ولاية معينة أو غيرها من الأجوبة المتوقعة من الأطفال في سن يحبون فيه اكتشاف و ملامسة و مشاهدة الأشياء.. و لكن جوابها كان مغايراً تماماً. أخبرت الطفلة أوبرا بأن أفضل لحظات الرحلة بالنسبة إليها كانت ليلة ذهب فيها الجميع إلى النوم و قامت هي في الساعة الثانية صباحاً إلى المطبخ لتجد أمها غير قادرة على النوم، فسألت أمها إذا كان بمقدورها أكل رقائق الذرة مع الحليب (وهي الوجبة المسموح بها صباحاً فقط). فوافقت أمها على طلبها و جلستا معاً لتأكلان و تتحدثان و تضحكان طوال الوجبة.

أعطى الدكتور بيري و أوبرا اسماً لهذه اللحظة التي مرت بها الفتاة مع أمها، و سموها بلحظات رقائق الذرة (CEREAL MOMENTS). هذه اللحظات الحلوة التي يحظى بها الانسان في حياته عندما يخلق رابطة قوية مع شخص ما في وقت ما، فيتخلل وقتهما الحب و الثقة و الراحة و الاطمئنان. في هذه اللحظات يسمعك هذا الشخص و تسمعه.. يراك كانسان و تراه.. تشعر به و يشعر بك، و لا تشعر بأنك وحيد في هذه الدنيا. في هذه اللحظات تكون ممتن لوجود هذا الشخص في حياتك و سعيداً به. و هذه اللحظات قد تتشاركها مع شخص أو أكثر بحسب الموقف و الحدث.

لحظات رقائق الذرة التي نذكرها بالتفصيل في حياتنا، هي ما تبقى بعدما ننسى كل شيء.. ننسى ماذا أكلنا و شربنا عندما سافرنا في الصيف، و لكننا نذكر عندما فجأنا صديق لنا بزيارتنا في الفندق. نذكر هذه اللحظات عندما ننسى تعب الدراسة و ارهاقها، و لكننا نذكر نصيحة ابن العم الذي حثنا على اكمال الدراسة عند استلامنا لشهادة الماجستير. هذه اللحظات هي ما تبقى في الذاكرة، و ما غيرها يزول.

في دراسة علمية حديثة تم إعدادها في مستشفى فانكوفر العام، وجد الباحثين بأن الانسان يسترجع شريط ذكرياته قبل موته بعد فحصهم للنشاط الكهربائي لمخ رجل قبل توقف قلبه. أي أن ما شاهدناه في الأفلام و ما روته لنا الكتب لم يكن كله من وحي الخيال. الانسان فعلاً يسترجع ذكرياته قبيل وفاته بثواني أو حتى دقائق، و أجزم بأن معظمنا إن لم يكن جميعنا نريد لهذه الثواني و الدقائق أن تكون ذات معنى و أثر.. و أن تكون جُلها بطعم رقائق الذرة مع الحليب!

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


نعم للتدوين

  

عندما أفكر بالأسئلة التي نسألها أنفسنا و غيرنا.. يطرأ في بالي الفيديو الذي انتشر قبل عدة سنوات لطفلين يجلسان في حوض سيارة يتساءلان: "هل نحن لوحدنا؟ هل توجد كائنات غيرنا في هذا العالم؟" على الأرجح أن الأغلبية سألت نفسها هذه الأسئلة و أكثر، و لكن كم منا دون أسألته و أفكاره أو صورها أو سجلها ليحتفظ بها أو لينشرها لاحقاً؟ من منا يُسرع خارجاً من بعد الاستحمام ليُسجل أسألته التي فاجأته في دورة المياه؟ كم منا يكتب أفكاره التي داهمته قبل استعداده للنوم؟ كم منا يكتب أحلامه التي تراوده في نومه ويومه! القليل فقط!

قد يظن البعض بأن هذه الأسئلة و الأفكار بلا أهمية، و أنها أضغاث يوم لا تستحق التفاتة.. و قد تكون فعلاً كذلك، و لكن ماذا لو كانت أكثر من ذلك؟ ماذا لو كانت هذه الأسئلة بداية لطريق لم نظن أبداً بأننا سنخوضه؟ ماذا لو كانت هذه الأفكار لامعة و جيدة تستحق الخوض فيها؟ ماذا لو كان الحلم الذي حلمناه امتداداً لفكرة كنا نفكر فيها قبل النوم؟ ماذا لو كان لسؤالنا معنى، و لكننا تسرعنا باستبعاد ذلك في لحظتها و من ثم ندمنا بعد نسيانه!

لو لم تكن لأسئلتنا و أفكارنا معنى، ما كنا لنقول لأنفسنا سنكتب هذا السؤال أو تلك الفكرة، فننسى تدوينها مع ازدحام رأسنا و تتابع أحداث يومنا!

نواجه في الدول العربية صدوداً عن كتابة و تسجيل ما يدور في رأسنا من أفكار و أسالة و أحلام. الكثير منا يظن أن الكتابة للكتاب فقط. و هذه فكرة خاطئة، فالكتابة للجميع و يُفترض بها أن تكون "على" الجميع. يمكن للكتابة أن توسع آفاق الشخص فتدله على طرق و أساليب جديدة في حياته، لم يكن ليعرفها لولا أنه دوّن أفكاره و أسألته. و لذلك نجد الكثير من الناجحين سواء أكانوا فنانين أو مهندسين أو رجال أعمال، يحافظون لسنوات على كتابة يومياتهم و أحلامهم و أسألتهم في دفاتر قد يأتي يوم و ينشرونها فيه على أنها سيرة ذاتية! و هي فعلاً سيرة ذاتية (لتمرحُل العقول) أي انتقالها من مرحلة إلى أخرى!

الكتابة و تسجيل المشاعر و الأفكار و الأسالة طوال اليوم، نوع من التعبير عن الذات و السماح لأنفسنا بأن نتطور عبر أن نسأل و أن نفكر أكثر، فكل فكرة تجر أخرى.. و قد نفيد غيرنا أيضاً، عبر تدوين أفكارنا و أسألتنا، فالإنسان العادي يفكر بستة الألاف فكرة في اليوم.. ماذا لو كانت إحداها الفكرة التي ستغير حياتنا و حياة غيرنا إلى الأحسن؟ هل سيكون من الأفضل ائتمان ذاكرتنا عليها أم احتفاظنا بها في دفتر قريب من القلب؟

دونوا أجوبتكم..

 

 

 

 

جواهر آل ثاني


صحيفة الشرق

المصدر



الاثنين، 4 أبريل 2022

أن تكون عربياًً

  

 

أن تكون عربياً يعني أن تكون عطوفاً.. رحوماً.. مهتماً بالقضايا المعاصرة.. مشفقاً على غيرك.. قلق حول مصيرك.. فخوراً بما صبرت عليه و بما ستصبر عليه!

أن تكون عربياً يعني أن تشعر بإخوتك و انتمائك بشكل أو بآخر بأفراد الدول العربية جميعهم، و إن تخالفت حكومة دولتك مع دولة أحد منهم (و ما أكثر وقوع هذه الحالة!).

أن تكون عربياً معناه أن تشعر بذاك الحبل الخفي بينك و بين أبناء الدول العربية، فتقول للعراقي عندما تراه في لندن: (يؤسفني ما حصل في العراق). و تقول للسوري عندما تركب سيارته في برلين: ( لقد زرت سوريا و أنا صغير.. و أحببتها). و تقابل اليمني في السوق فتشد على يده محبة و تقديراً. و تعمل مع الليبي و تواسيه رغم أنك حتى الآن لا تفهم على وجه التأكيد ماذا حصل و يحصل في طرابلس!

أن تكون عربياً يعني أن تفهم الحرب و السلام حتى و إن لم تعش الحرب فعلاً! لأنك منذ وُلدت و في فمك ملعقة السلام و سكينة الحرب. تُصبح على أخبار الحرب و المقاومة، و تُمسي على أمنيات الهدنات و السلام.

أن تكون عربياً يعني ألا تُصدم من الحرب الروسية الأوكرانية و ألا تتعجب منها، و إن كانت أسباب قيامها و حيثياتها و وقت انتهائها من حكايات المجالس و المقاهي في الدول العربية، فكل عربي محلل سياسي نظراً للخبرات الطويلة في الحرب و السلام في هذه المنطقة من العالم!

أن تكون عربياً يعني ألا تستغرب من نفاق و ردة فعل العالم-خاصة الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية-اتجاه الحرب في أوكرانيا بالمقارنة بالحرب في سوريا أو العراق أو اليمن أو أفغانستان. فمن يُقتل في أوكرانيا أوروبيين.. بيض.. شقر.. مسيحين.. و من يُقتل في سوريا و العراق و اليمن و أفغانستان.. ليسوا كذلك! و هم في النهاية بعيدين عن العين و بعيدين عن القلب!

أن تكون عربياً يعني أن تعرف ماذا يعني أن تكون عربياً! أن تعرف بأن الرجل الأبيض مُقدر أكثر منك في بلدك و بلده! أن تعرف بأن العالم ينظر إلى الحروب في البلدان العربية "كنزاعات" لا حروب، و كفترات هدنات لا سلام دائم. أن تعرف بأن الإعلام المستقل و المحايد الذي تتشدق به الدول الغربية يُصبح "أقل" استقلالاً و أقل حياداً عندما يتعلق الأمر بالحرب في دولة أوروبية!

أن تكون عربياً يعني أن تعرف بأنك تعيش في منطقة صراعات داخلية و خارجية.. كل طرف فيها لا يهتم بالضحايا و الكوارث الناتجة عن هذه الصراعات بقدر اهتمامهم بالغنائم الناتجة منها!

أن تكون عربياً يعني أن تصبر و تصبر و تصبر حتى لا يتحمل الصبر صبرك! و بعد كل ذلك يتم مطالبتك أن تكون انساناً و أن تشعر "بغيرك" كما تشعر بنفسك!

 



جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر

 

 

تحت رحمة اللوغاريتمات

  

 

أصبحنا على زمن إلكتروني. كل ما نريده على مسافة ضغطة زر منا.

إن كنا نريد مصادقة أحد، فسنبعث له طلب صداقة على الفيسبوك. و إن كنا نريد أن نعبر عن آرائنا أو أن نشكو خدمة شركة ما، فسنغرد في تويتر. و إن كنا نريد شراء شيء، فسنطلبه من أمازون. و إن كنا نريد معرفة هوية رئيس موزمبيق، فسنسأل جوجل. و إن كنا نريد السفر، فسنبحث عن وجهتنا في صور انستجرام، من ثم سنسافر، و نحمّل صورنا في حساباتنا، و إلا.. هل سنكون قد سافرنا فعلاً؟!

يبدو جميع ما قلته بديهي و سهل، فنحن في وقت نستغرب فيه من كون شخص ما غير نشط في مواقع التواصل الاجتماعي، بل و نتعجب إن لم يمتلك حساب على هذه المواقع! غافلين لفكرة وضعنا لجميع معلوماتنا على الانترنت-و إن لم يكن في موقع واحد-مثل أسامينا و هوياتنا و أرقامنا و صورنا و بطاقاتنا الائتمانية و مزاجنا و غيرها من المعلومات الكثيرة التي تطلبها معظم المواقع الإلكترونية و من ضمنها جوجل! جوجل مثلاً، يعرف ما نرغب في شرائه و ما نبحث عنه، و يعرف ممثلينا المفضلين و قراءاتنا اليومية و المعلومات التي نريد معرفتها، و كله ليس وليد الصدفة بل بسبب تراكم تاريخ بحثنا لديه مما جعل لوغاريتمات جوجل تعرف ما نريد البحث عنه، فتبرزه عند قيامنا بأي بحث، و تجعل ما عداه في الصفحات الأخيرة التي كلنا نعرف بأنه ليست لدينا الطاقة للوصول إليها! قوة هذه اللوغاريتمات هي ما تجعل شركات التقنية الكبيرة المتسيدة لمواقع التواصل الاجتماعي و الانترنت أكبر و أغنى، بل و ذات تأثير كبير على المجتمعات و حتى الدول، ففي عام ٢٠١٦، كان لإعلانات الفيسبوك دور كبير في فوز دونالد ترامب في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد تصيد اللوغاريتمات للناخبين و تغذيتهم بالإعلانات التي كانت أغلبها كاذبة و مخادعة كما تم تصوير هذه العملية في الوثائقي (THE SOCIAL DELIMMA).

مازلنا اليوم تحت رحمة أهواء الشركات الكبرى مثل ميتا و ألفابيت و أمازون و تويتر و أبل و محاولتهم لتسييرنا و استمالتنا وفق رغباتهم. ففي ٢٠٢١، قامت فيسبوك بإزالة المنشورات حول فلسطين إبان الاعتداءات الإسرائيلية على غزة و الفلسطينيين. و الآن تقوم ميتا بالتركيز على المنشورات حول أوكرانيا بل و تعزز المنشورات التي تدعو إلى العنف ضد الجنود الروس!

نحن تحت رحمة من لا يرحم، و لا يكون له أن يرحم لأنه وُضع من قبل شركات عملاقة، هدفها الربح أولاً و أخيراً، لا سعادة الانسان و انتصاره في هذه الحياة. و قد لا يكون في استطاعتنا كبح هذه الشركات في المستقبل القريب، و لكننا نستطيع ألا نتبرع بكافة معلوماتنا لها. و نقدر على رفض الآراء الواحدة التي قد تحاول فرضها علينا، إن فقط، حاولنا أكثر!

 

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...