عندما أفكر بالأسئلة التي نسألها أنفسنا و غيرنا.. يطرأ في بالي الفيديو الذي انتشر قبل عدة سنوات لطفلين يجلسان في حوض سيارة يتساءلان: "هل نحن لوحدنا؟ هل توجد كائنات غيرنا في هذا العالم؟" على الأرجح أن الأغلبية سألت نفسها هذه الأسئلة و أكثر، و لكن كم منا دون أسألته و أفكاره أو صورها أو سجلها ليحتفظ بها أو لينشرها لاحقاً؟ من منا يُسرع خارجاً من بعد الاستحمام ليُسجل أسألته التي فاجأته في دورة المياه؟ كم منا يكتب أفكاره التي داهمته قبل استعداده للنوم؟ كم منا يكتب أحلامه التي تراوده في نومه ويومه! القليل فقط!
قد يظن البعض بأن هذه الأسئلة و الأفكار بلا أهمية، و أنها أضغاث يوم لا تستحق التفاتة.. و قد تكون فعلاً كذلك، و لكن ماذا لو كانت أكثر من ذلك؟ ماذا لو كانت هذه الأسئلة بداية لطريق لم نظن أبداً بأننا سنخوضه؟ ماذا لو كانت هذه الأفكار لامعة و جيدة تستحق الخوض فيها؟ ماذا لو كان الحلم الذي حلمناه امتداداً لفكرة كنا نفكر فيها قبل النوم؟ ماذا لو كان لسؤالنا معنى، و لكننا تسرعنا باستبعاد ذلك في لحظتها و من ثم ندمنا بعد نسيانه!
لو لم تكن لأسئلتنا و أفكارنا معنى، ما كنا لنقول لأنفسنا سنكتب هذا السؤال أو تلك الفكرة، فننسى تدوينها مع ازدحام رأسنا و تتابع أحداث يومنا!
نواجه في الدول العربية صدوداً عن كتابة و تسجيل ما يدور في رأسنا من أفكار و أسالة و أحلام. الكثير منا يظن أن الكتابة للكتاب فقط. و هذه فكرة خاطئة، فالكتابة للجميع و يُفترض بها أن تكون "على" الجميع. يمكن للكتابة أن توسع آفاق الشخص فتدله على طرق و أساليب جديدة في حياته، لم يكن ليعرفها لولا أنه دوّن أفكاره و أسألته. و لذلك نجد الكثير من الناجحين سواء أكانوا فنانين أو مهندسين أو رجال أعمال، يحافظون لسنوات على كتابة يومياتهم و أحلامهم و أسألتهم في دفاتر قد يأتي يوم و ينشرونها فيه على أنها سيرة ذاتية! و هي فعلاً سيرة ذاتية (لتمرحُل العقول) أي انتقالها من مرحلة إلى أخرى!
الكتابة و تسجيل المشاعر و الأفكار و الأسالة طوال اليوم، نوع من التعبير عن الذات و السماح لأنفسنا بأن نتطور عبر أن نسأل و أن نفكر أكثر، فكل فكرة تجر أخرى.. و قد نفيد غيرنا أيضاً، عبر تدوين أفكارنا و أسألتنا، فالإنسان العادي يفكر بستة الألاف فكرة في اليوم.. ماذا لو كانت إحداها الفكرة التي ستغير حياتنا و حياة غيرنا إلى الأحسن؟ هل سيكون من الأفضل ائتمان ذاكرتنا عليها أم احتفاظنا بها في دفتر قريب من القلب؟
دونوا أجوبتكم..
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق