الخميس، 29 أغسطس 2013

طعم من الحياة الأخرى

كل الناس لديها تصوراتها الخاصة حول الجنة والنار، البعض يعتقد بعدم وجود حياة أخرى تتسع لهما والبعض الآخر يؤمن بوجود حياة أخرى وإن كانوا يختلفون فيما بينهم في تكييفها وتحديدها وتوقيتها.. فهل تبدأ الحياة الأخرى بعد الموت مباشرة أم في القبر أم بعد موت الناس أجمعين؟
كثير من المسلمين يخافون الخوض في نقاشات كهذه لئلا يقعوا في الحرام إن هم تجاوزوا المسموح من الكلام إلى علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ورغم ذلك أي مسلم قارئ للقرآن وسامع للحديث سيكون له تصور -و إن كان بسيطا- حول الجنة والحياة الأخرى. فنحن متأكدون مثلاً بأن المسلم تُزرع له نخلة في جنته إن ذكر الله قائلا: سبحان الله العظيم وبحمده، ولكننا لا نعرف شكل النخلة ولا لونها ولا طعم رطب تلك النخلة السماوية التي زرعتها كلمة.
ونحن متأكدون أن من يدخل الجنة من الصائمين سيدخل من باب عظيم اسمه باب الريان، وسيذوق ويستمتع بأنهار خمر ولبن وعسل، ولكننا لا نعرف حجم باب الريان ولا شكله، ولا طعم الأنهار أو لونها، نعرف بأن الفائزين بالجنة تنتظرهم كنوز وثمار وحور عين، ولكننا لا نعرف كنه الأشياء في الجنة ولا نستطيع تصورها، وإن تصورناها سيكون تصوراً ضيقاً لأن الفكرة أكبر منا جميعا.
وهذا يأخذني إلى القصة التي تنسب للشيخ الدكتور علي الطنطاوي، حيث قيل: إن شابا سأله عن الجنة قائلا بأنه مؤمن بها -كفكرة- لكنه لا يستطيع تصورها.
طلب منه الشيخ بعد الاستماع إليه أن يتخيل توأمان لا يزالان في رحم أمهما، ثم سأله: لو فرضنا وقلت لهم عن حياة أخرى تنتظرهم في عالم فسيح غير عالمهم، واسع، ومليء بالقصور والطعام اللذيذ والأسرة الواسعة، هل كانوا ليصدقونك؟ بل هل كانوا ليتركوا عالمهم «المريح» في نظرهم من أجل ذلك العالم؟
الجواب هو أنه برغم ظلمة وضيق عالمهم إلا أنهم سيختارونه في غمضة عين على عالم يرونه خياليا؛ لأنه لم يروه ولا يمكنهم تصوره. سيتشبثون بعالمهم، حتى يخرج التوأم الأول من الرحم، بعدها سيحمد ربه أنه خرج من ذاك العالم الضيق إلى هذا العالم الأفضل، وسيتأسف التوأم الباقي في الرحم على أخيه الذي خرج من عالمهم الآمن والدافئ الذي ألفاه.
يكتب ميتش ألبوم تصورا من تصورات الجنة في روايته «الأشخاص الخمسة الذين تقابلهم في الجنة»، والتي تدور حول رجل يموت ليجد نفسه في الجنة يقابل خمسة أشخاص ليتعلم خمسة دروس يفهم من خلالها حياته السابقة والتي أوصلته إلى الجنة.
حمى الكاتب نفسه من الوقوع في فخ عميق بعدما كتب في مقدمة الكتاب بأن للكل اعتقاداتهم وتصوراتهم الخاصة حول الجنة والحياة الأخرى والتي قد تنبع عن أديان أو مذاهب، وأن ما ذكر في الرواية هو تصور مثل باقي التصورات، ليس بالضروري أن تقنع المرء المهم أن يشعر بها وأن تلمسه الدروس التي تتدفق على لسان شخصيات الرواية، فمهما اختلفت التصورات حول الجنة، تبقى دروس هذه الحياة والتي تصل بنا إلى الحياة الأخرى، واحدة.
لماذا نحب؟ وبمن نضحي؟ ومتى نتشجع؟ ومتى نخاف؟ كلها أسئلة نجاوب عليها باختياراتنا في الحياة، والتي تصبح في النهاية دروس، قد نطالعها في نهاية الرحلة متمنين تغيير أمر أو حجب شيء أو إكمال طريق، ولكنها تبقى دروس أصغر من الدرس الأخير، وهو أننا عندما اخترنا حياتنا في الدنيا، اخترنا معها حياتنا في الآخرة.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية
المصدر

السبت، 24 أغسطس 2013

مصر: يا أنا يا أنت!

(1)‬
بالنسبة لبعض من يتابع المشهد المصري من المصريين وغيرهم مصر تنقسم إلى إخوان وثوار، وبالنسبة للبعض الآخر مصر تنقسم إلى فلول وعسكر وثوار.
جميعهم يرون الصورة بالأبيض والأسود، أنت على خطأ وأنا على صواب، أنت إرهابي وأنا ثائر، أنت انقلابي وأنا طالب للديمقراطية.
هذا الانقسام الخطير في المشهد المصري جعل الكثير يقبلون ويتغاضون عن القتل في سبيل الخلاص من خصومهم السياسيين، حتى تحولت مصر من أنا وأنت إلى يا أنا يا أنت!
(2)
مصر تحتاج قلوباً صادقة وأفعالاً جريئة، وحوارا وطنيا شاملا لجميع الأحزاب والأطياف، ليشفي الجروح وليعلن الهدنة على الفتنة.
كانت قد صرحت الخارجية القطرية بعد استقالة البرادعي بأنها كانت تعمل على الوساطة بجانبه، وأنها تفاجأت باستقالته، خاصة أنها كانت قريبة من إيجاد حل للأزمة المصرية.
جهود الوساطة التي بذلتها قطر قبل يوم الأربعاء ١٤ أغسطس كانت من ضمن جهود دولية حاولت قدر استطاعتها بطلب وقبول من السلطة الحاكمة في مصر.
بعد ١٤ أغسطس، لن تنفع الوساطات الدولية التي تحاول طرح الحلول؛ لأنها لن تكون الحل، ولن يكون الحل أيضاً في فض المزيد من التظاهرات ولا في تخوين وإلقاء كل طرف اللوم على الآخر، الحل هو -كما ذكرت سابقاً- حوار وطني لا يقصى منه أحد ولا يخون فيه أحد، يولد حلولاً لا انسحابات ومشاجرات هدفها مصالح شخصية لا مصلحة مصر، والأفضل أن تدير هذه الحوارات أحزاب أو جماعات وطنية لا من الإخوان المسلمين ولا من السلطة التي حكمت مصر بعد ٣٠ يونيو، كما يجب أن تكون هذه الجهة ذات مواقف واضحة مناهضة للعنف والقتل والفوضى من جمعة الغضب عام ٢٠١١ إلى يومنا هذا.
(3)
قبل أن يطلب وزير الدفاع المصري السيسي تفويضا من أجل محاربة الإرهاب، كان المتظاهرون في شوارع وميادين مصر متظاهرين، وبعد التفويض أصبحوا إرهابيين، ماذا حدث؟ هل للإعلام دور في ذلك أم أنه مفعول به لا فاعل؟ ثم ما دور الكاتب الذي يطل علينا كل صباح في زاويته فرحا بسحق وقتل متظاهر؛ لأنه ينتمي لحزب أو جماعة «لا يطيقها»؟
وما موقع المثقف الذي يحاضر في الأخلاق في تغريدة له في تويتر ليلحقها بتغريدة أخرى تحرض على القتل والعنف من أجل إقصاء حزب سياسي؟
أتساءل إن كان هؤلاء من أنصاف الكتاب وأشباه المثقفين يعرفون أن ميكافيللي تم انتقاده كثيراً بسبب عبارة «الغاية تبرر الوسيلة»؟
أتساءل إن كانوا يعرفون أن النقاد على مر التاريخ اعتبروا ميكافيللي شريراً بسبب تعليماته التي أهداها إلى دوق أوروبينو في كتابه الشهير الأمير من أجل أن يحافظ الأخير على ملكه بأي طريقة كانت؟
رسالة إلى كل كاتب ومثقف كتب عن القتل في مصر بدم بارد لدوافع سياسية وشخصية: الغاية لا تبرر الوسيلة، ورغبتكم في إقصاء -أو الخلاص من- أي طرف، لا يمكنها أبداً أن تبرر القتل، ولذلك كونوا أشباه كتاب أو أشباه مثقفين أو لا تكونوا شيئاً، ولكن لا تكونوا عديمي إنسانية وعديمي ضمير!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر



الخميس، 15 أغسطس 2013

هل انقلب الربيع العربي إلى خريف؟

(صحافة حقيقية وصحافة فارغة)
منذ أن ثارت الشعوب العربية في أواخر عام ٢٠١٠ وبدايات عام ٢٠١١، حتى تساقط أكثر حكام الدول الثائرة بعضهم وراء بعض كقطع الدومينو، وكنتيجة لتلك الأحداث التي أوجدتها أسبابها، سمت الصحافة الغربية هذه الثورات «الربيع العربي»، في نفس الوقت الذي كان الصحافيون والإعلاميون والمثقفون العرب يختارون معسكراتهم السياسية، ورغم أن كلا الفريقين -العربي والغربي- لم يشاهدا صور فخامة الرئيس على التلفاز مصحوبة بأغنية تدعو للدعاء له والحفاظ عليه وعلى نعمة الأمن والأمان، بل شاهدا صور الجماهير تكتسح الميادين والشوارع وتدعو إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في دول لم يكن يُسمح لها بالتجمعات والتظاهرات في أكثر أيام السنة بسبب قوانين الطوارئ، إلا أن الصحافة الغربية كانت أكثر موضوعية.
اليوم وبعد مرور أكثر من سنتين ونصف السنة على أولى الثورات العربية، تخلى الكثير من الصحافيين والإعلاميين العرب عن تسمية الثورات العربية بالربيع العربي، بل واستهزأ البعض بهذا المسمى، ودعا إلى نسب الثورات إلى أي فصل من فصول السنة ما عدا الربيع، والحق أن موقفهم اليوم في ظل التناقضات المستمرة لمعسكراتهم السياسية حيال الثورات العربية، أفضل من حالهم عند قيامها، فهم الآن يستطيعون -على الأقل- الرجوع إلى تلك الفترة والنظر إليها بأوراق مرتبة وشرح مواقفهم.

(حيرة)
تشبه حيرة الأمس حيرة اليوم كثيراً، فكما ارتبك العرب في تسمية الثورات العربية ما بين ربيع وخريف ومؤامرة، يختلف المصريون اليوم في تسمية ٣٠ يونيو ما بين ثورة وانتفاضة وانقلاب عسكري، والفرق الواضح بين الحالين هو أن الثورات العربية مهما اختلفنا في تسميتها، تبقى ثورات على الفساد والفقر والممانعة الكاذبة، والأنظمة المتسلطة، وهذا برأيي سبب كاف لجعلها ربيعاً أزهر في فم كل متظاهر حرية الكلام، وزرع في قلب كل مظلوم الشجاعة الكافية للدفاع عن حقه.

(قبل الربيع العربي: زمن الغم الجميل)
في كتابه يوميات مواطن مصري قبل الثورة، كتب عمر طاهر عن اختلافات ما قبل وما بعد الثورة المصرية في حياة المواطن العادي، وكيف أنه في عهد مبارك، سَهُل على الشرطة إلقاء القبض على الناس، وصَعُب خروج الناس من تلك القبضة، أما بعد الثورة كما كتب طاهر، انعكست الآية، صعُب على الشرطة إلقاء القبض على الناس وسهل خروج الناس من تلك القبضة. سمى طاهر يومياته «زمن الغم الجميل» مسبباً فعله بهذه الكلمات: «هو زمن «الغم» لأن النظام القديم كاد أن يحولنا إلى شعب طموحاته أقل مما يلزم لأن يعيش الإنسان تجربة حياة تستحق الفخر. أما «الجميل» فذلك لأمرين: الأول لأنه كان مفتاح الثورة، والثاني ليقيني الخاص بأن أيام ربنا كلها جميلة».

(فلنصبر)
إذا كان الربيع العربي قد انتهى مع كل ما نواجهه اليوم من صعوبات في سوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن، فلأن دوام الحال من المحال، وإذا كان قد انقلب إلى خريف طويل، فلا بأس، حيث إن ربيع الثورات العربية سبقه سبات شتوي طويل وممل، ولا بد لدورة الفصول أن تدور مرة أخرى حتى يجيء ربيع آخر.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر


الخميس، 8 أغسطس 2013

ماذا فعلت لبلدك؟

من الجميل أن تنشر الشركات التجارية -وخاصة العالمي منها- القيم الجميلة والأخلاق العالية بين الناس، أو أن تحاول ذلك على الأقل، في إعلاناتها وفي مبادراتها الاجتماعية. ومن الشركات التي لفتت انتباهي هذه السنة شركة الاتصالات المصرية «موبينيل» بدعاية احتوت على أغنية جميلة جداً كانت بعض كلماتها كالآتي:
«بحتاجلك وتحتاج لي، ما بينا ألف حلقة وصل، وبشبه لك وتشبه لي في حب الخير وطيبة الأصل، ما ليش غيرك أكيد لكن، محدش فينا مختار حد، أنا وأنت حكاية ناس متقاسمين الحياة مع بعض..
**
بتزرع لي رغيف عيشي وأنا بغزلك اتيابك.. تقف دلوقتي على بابي وأنا بكره على بابك.. تعلم ابني وتكبر ودائك يشفا بدوايا.. بتبني بيتي وتعمر وجيتك وأنت في حمايا»..
أبدعت شركات الاتصالات العربية بشكل خاص في هذا المجال، من زين الكويتية ومسرحيات الأطفال التي تدعمها إلى «أوريدو» القطرية التي تبرعت في رمضان بدرهم واحد عن كل دقيقة مكالمة، وبجانب هذه الشركات كانت شركة بيبسي الشرق الأوسط التي تبرعت أيضاً بآلاف الألعاب لأطفال محرومين، وشركة عبد اللطيف جميل السعودية التي توفر الفرص الوظيفية في أكثر من دولة عربية.
لم يكن الاهتمام بالنسبة للشركات السابقة الذكر، على سبيل المثال لا الحصر، بالأخذ فقط من المجتمع، بل رد الجميل أيضاً، فالمجتمعات وأفرادها هي الضامن الحقيقي لاستمرارية الشركات، ورغم أن قوانين الدول سبب من الأسباب التي توجب الشركات على العطاء إلا أنه لم يكن السبب الذي جعلهم يتقنونه، أفليس بالأحرى إذاً أن يحتوي كل فرد على سبب مماثل في نفسه؟ يجعله ينمي ويعطي المجتمع الذي درسه ورباه وشفاه من بعد الله؟ أم إن القانون هو السبب الوحيد القادر على إجبار أي شخص على العطاء بعد الأخذ كنوع من التكافل والتعاون ورد الجميل؟ تستطيع المجتمعات تطوير نفسها بجهود فردية، سواء أكانت من الحكومة أو بعض المؤسسات، ولكنه سيكون تطوراً بطيء الوتيرة قد يغلفه عدم الإتقان وينخره الفساد، ولهذا السبب المجتمعات التي يشارك في تنميتها أبناؤها تتقدم بسرعة في طريقها، وعندما توشك على التراجع تقاوم، لأنها تستند إلى الناس ورقابتهم واستمراريتهم.
ما يجب معرفته هو أن أول أميال ذاك الطريق ليس معبداً بالقانون فقط، بل بثقافة العطاء أيضاً، تلك التي يمكن زرعها عن طريق الأعمال التطوعية والمشاركات الصفية الجماعية في المدارس، وعن طريق إيصال كلمة الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي إلى كل طالب في سن صغيرة: «لا تسأل ماذا فعلت بلدك لك بل اسأل ماذا فعلت أنت لبلدك».


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.



الخميس، 1 أغسطس 2013

مشكلة خواطر

جاء رمضان، وانتصف السباق السنوي بين القنوات الفضائية العربية، وما زال المشاهد واقفاً وملقياً برهاناته على أمتع المسلسلات وأقوى البرامج. وبالنسبة لي وللكثير من المشاهدين، يتبوأ قائمة أفضل البرامج -حتى قبل بدء رمضان- برنامج أحمد الشقيري، خواطر.
من أول موسم للبرنامج في ٢٠٠٥ إلى النسخة الحالية والتاسعة منه في ٢٠١٣، لم يقم معدوه ولا منتجه ومقدمه أحمد الشقيري باستهلاك أي فكرة أو -على الأقل- إعادتها بشكل لا يحتمله المشاهد، بل على العكس، تنوعت مواضيع المواسم من مقارنة بين المسلمين وغير المسلمين إلى المقارنة بين مسلمي الماضي ومسلمي الحاضر إلى تقديم حلول عملية والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة، وغيرها من المواضيع ذات الطابع الاجتماعي الإصلاحي المزين بالدين والثقافة.
لتنوع المواضيع وأساليب الطرح والمقاربة ولقصر وقت البرنامج، أصبح «خواطر» من أكثر البرامج الرمضانية نجاحاً ومتابعة، والدليل على ذلك ما قدمته mbc إحدى أكبر القنوات الفضائية العربية وأشهرها والتي خصصت لخواطر وقت الإفطار الذي تتحلق فيه العوائل حول أجهزة التلفزيون في مختلف البلدان العربية. كما لم يكن من الغريب أن يتم اختيار أحمد الشقيري كأحد أكثر الشخصيات العربية تأثيراً في الوطن العربي لأكثر من مرة بسبب خواطر.
النقد البناء يبني، ويُبنى عليه ولكن يدا واحدة لا تصفق كما يُقال، فرغم وصول خواطر إلى موسمه التاسع لا تزال الاستجابات له من أعمال تطوعية وخيرية ومبادرات وغيرها، خجولة جداً بالنسبة لبرنامج تتابعه الآلاف المؤلفة كل عام. وأنا لا أتحدث هنا عن الأعمال الكبيرة فقط، بل حتى الصغير الحسن منها مثل إماطة الأذى واقتصاد الماء والكهرباء والكلمة الطيبة والقلب الممدود واليد العاملة.
نعم قد يصعب الحال أمام مشاهد عادي يريد أن يقوم بشيء ما لإصلاح نظام الصرف الصحي في بلده، وقد يستحيل أمام آخر يريد أن يقلب وطنه إلى يابان أخرى، لعدم وفرة المادة، وهذا كله مقبول حيث إن ما سبق لم يكن يوماً ما النتيجة التي يطلبها البرنامج من كل فرد على حدة، بل المطلوب هو التحلي بالمبادئ العالية والأخلاق الإسلامية السمحة، التي ستؤدي في حال اتباعها من قبل كل مشاهد -على الأكثر- إلى تغير كبير في الدول الإسلامية والعربية.
خواطر برنامج لا يحتاج إلى مشاهدين فقط يؤكدون على ضرورة استمرار عرضه، بل يحتاج إلى مبادرين أيضاً، يمدون أيديهم إلى البرنامج كما يمد فريق عمل البرنامج أيديهم إلى المشاهدين، فهذه هي روح البرنامج الذي خصص من أجل المبادرات والمشاريع الخيرية والتطوعية الكثير من الإعداد والكثير من الحلقات، ولكن هنا أيضاً تكمن مشكلة البرنامج، في قلة المشاهدين المبادرين الذين قد يضخمون الكبير ويصغرون الصغير، فلا يعتقدون بأهمية البسمة ولا المساعدة ولا كف الأذى، لأنها ما دون كبار المشاريع الخيرية والتطوعية، وهذا فهم ضيق لمعاني المبادرة والمساعدة وتم توضيح ذلك لأكثر من مرة في خواطر، فبناء سد عال ليس مطلوباً من المشاهد، والحلول الصعبة أو تلك التي لا يمكن توفيرها ليست مطلوبة أيضاً، المطلوب هو مبادرة حسنة تدل على أن خواطر لا ينفخ في قربة مخروقة، ولا يهم بعد ذلك إن كانت مبادرة صغيرة أم كبيرة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وكلٌ خلق الله لمغزى معين، فلنبادر إذاً بما يرضي ضمائرنا.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...