الخميس، 15 أغسطس 2013

هل انقلب الربيع العربي إلى خريف؟

(صحافة حقيقية وصحافة فارغة)
منذ أن ثارت الشعوب العربية في أواخر عام ٢٠١٠ وبدايات عام ٢٠١١، حتى تساقط أكثر حكام الدول الثائرة بعضهم وراء بعض كقطع الدومينو، وكنتيجة لتلك الأحداث التي أوجدتها أسبابها، سمت الصحافة الغربية هذه الثورات «الربيع العربي»، في نفس الوقت الذي كان الصحافيون والإعلاميون والمثقفون العرب يختارون معسكراتهم السياسية، ورغم أن كلا الفريقين -العربي والغربي- لم يشاهدا صور فخامة الرئيس على التلفاز مصحوبة بأغنية تدعو للدعاء له والحفاظ عليه وعلى نعمة الأمن والأمان، بل شاهدا صور الجماهير تكتسح الميادين والشوارع وتدعو إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية في دول لم يكن يُسمح لها بالتجمعات والتظاهرات في أكثر أيام السنة بسبب قوانين الطوارئ، إلا أن الصحافة الغربية كانت أكثر موضوعية.
اليوم وبعد مرور أكثر من سنتين ونصف السنة على أولى الثورات العربية، تخلى الكثير من الصحافيين والإعلاميين العرب عن تسمية الثورات العربية بالربيع العربي، بل واستهزأ البعض بهذا المسمى، ودعا إلى نسب الثورات إلى أي فصل من فصول السنة ما عدا الربيع، والحق أن موقفهم اليوم في ظل التناقضات المستمرة لمعسكراتهم السياسية حيال الثورات العربية، أفضل من حالهم عند قيامها، فهم الآن يستطيعون -على الأقل- الرجوع إلى تلك الفترة والنظر إليها بأوراق مرتبة وشرح مواقفهم.

(حيرة)
تشبه حيرة الأمس حيرة اليوم كثيراً، فكما ارتبك العرب في تسمية الثورات العربية ما بين ربيع وخريف ومؤامرة، يختلف المصريون اليوم في تسمية ٣٠ يونيو ما بين ثورة وانتفاضة وانقلاب عسكري، والفرق الواضح بين الحالين هو أن الثورات العربية مهما اختلفنا في تسميتها، تبقى ثورات على الفساد والفقر والممانعة الكاذبة، والأنظمة المتسلطة، وهذا برأيي سبب كاف لجعلها ربيعاً أزهر في فم كل متظاهر حرية الكلام، وزرع في قلب كل مظلوم الشجاعة الكافية للدفاع عن حقه.

(قبل الربيع العربي: زمن الغم الجميل)
في كتابه يوميات مواطن مصري قبل الثورة، كتب عمر طاهر عن اختلافات ما قبل وما بعد الثورة المصرية في حياة المواطن العادي، وكيف أنه في عهد مبارك، سَهُل على الشرطة إلقاء القبض على الناس، وصَعُب خروج الناس من تلك القبضة، أما بعد الثورة كما كتب طاهر، انعكست الآية، صعُب على الشرطة إلقاء القبض على الناس وسهل خروج الناس من تلك القبضة. سمى طاهر يومياته «زمن الغم الجميل» مسبباً فعله بهذه الكلمات: «هو زمن «الغم» لأن النظام القديم كاد أن يحولنا إلى شعب طموحاته أقل مما يلزم لأن يعيش الإنسان تجربة حياة تستحق الفخر. أما «الجميل» فذلك لأمرين: الأول لأنه كان مفتاح الثورة، والثاني ليقيني الخاص بأن أيام ربنا كلها جميلة».

(فلنصبر)
إذا كان الربيع العربي قد انتهى مع كل ما نواجهه اليوم من صعوبات في سوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن، فلأن دوام الحال من المحال، وإذا كان قد انقلب إلى خريف طويل، فلا بأس، حيث إن ربيع الثورات العربية سبقه سبات شتوي طويل وممل، ولا بد لدورة الفصول أن تدور مرة أخرى حتى يجيء ربيع آخر.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...