(1)
بالنسبة لبعض من يتابع المشهد المصري من المصريين وغيرهم مصر تنقسم إلى إخوان وثوار، وبالنسبة للبعض الآخر مصر تنقسم إلى فلول وعسكر وثوار.
جميعهم يرون الصورة بالأبيض والأسود، أنت على خطأ وأنا على صواب، أنت إرهابي وأنا ثائر، أنت انقلابي وأنا طالب للديمقراطية.
هذا الانقسام الخطير في المشهد المصري جعل الكثير يقبلون ويتغاضون عن القتل في سبيل الخلاص من خصومهم السياسيين، حتى تحولت مصر من أنا وأنت إلى يا أنا يا أنت!
(2)
مصر تحتاج قلوباً صادقة وأفعالاً جريئة، وحوارا وطنيا شاملا لجميع الأحزاب والأطياف، ليشفي الجروح وليعلن الهدنة على الفتنة.
كانت قد صرحت الخارجية القطرية بعد استقالة البرادعي بأنها كانت تعمل على الوساطة بجانبه، وأنها تفاجأت باستقالته، خاصة أنها كانت قريبة من إيجاد حل للأزمة المصرية.
جهود الوساطة التي بذلتها قطر قبل يوم الأربعاء ١٤ أغسطس كانت من ضمن جهود دولية حاولت قدر استطاعتها بطلب وقبول من السلطة الحاكمة في مصر.
بعد ١٤ أغسطس، لن تنفع الوساطات الدولية التي تحاول طرح الحلول؛ لأنها لن تكون الحل، ولن يكون الحل أيضاً في فض المزيد من التظاهرات ولا في تخوين وإلقاء كل طرف اللوم على الآخر، الحل هو -كما ذكرت سابقاً- حوار وطني لا يقصى منه أحد ولا يخون فيه أحد، يولد حلولاً لا انسحابات ومشاجرات هدفها مصالح شخصية لا مصلحة مصر، والأفضل أن تدير هذه الحوارات أحزاب أو جماعات وطنية لا من الإخوان المسلمين ولا من السلطة التي حكمت مصر بعد ٣٠ يونيو، كما يجب أن تكون هذه الجهة ذات مواقف واضحة مناهضة للعنف والقتل والفوضى من جمعة الغضب عام ٢٠١١ إلى يومنا هذا.
(3)
قبل أن يطلب وزير الدفاع المصري السيسي تفويضا من أجل محاربة الإرهاب، كان المتظاهرون في شوارع وميادين مصر متظاهرين، وبعد التفويض أصبحوا إرهابيين، ماذا حدث؟ هل للإعلام دور في ذلك أم أنه مفعول به لا فاعل؟ ثم ما دور الكاتب الذي يطل علينا كل صباح في زاويته فرحا بسحق وقتل متظاهر؛ لأنه ينتمي لحزب أو جماعة «لا يطيقها»؟
وما موقع المثقف الذي يحاضر في الأخلاق في تغريدة له في تويتر ليلحقها بتغريدة أخرى تحرض على القتل والعنف من أجل إقصاء حزب سياسي؟
أتساءل إن كان هؤلاء من أنصاف الكتاب وأشباه المثقفين يعرفون أن ميكافيللي تم انتقاده كثيراً بسبب عبارة «الغاية تبرر الوسيلة»؟
أتساءل إن كانوا يعرفون أن النقاد على مر التاريخ اعتبروا ميكافيللي شريراً بسبب تعليماته التي أهداها إلى دوق أوروبينو في كتابه الشهير الأمير من أجل أن يحافظ الأخير على ملكه بأي طريقة كانت؟
رسالة إلى كل كاتب ومثقف كتب عن القتل في مصر بدم بارد لدوافع سياسية وشخصية: الغاية لا تبرر الوسيلة، ورغبتكم في إقصاء -أو الخلاص من- أي طرف، لا يمكنها أبداً أن تبرر القتل، ولذلك كونوا أشباه كتاب أو أشباه مثقفين أو لا تكونوا شيئاً، ولكن لا تكونوا عديمي إنسانية وعديمي ضمير!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر
بالنسبة لبعض من يتابع المشهد المصري من المصريين وغيرهم مصر تنقسم إلى إخوان وثوار، وبالنسبة للبعض الآخر مصر تنقسم إلى فلول وعسكر وثوار.
جميعهم يرون الصورة بالأبيض والأسود، أنت على خطأ وأنا على صواب، أنت إرهابي وأنا ثائر، أنت انقلابي وأنا طالب للديمقراطية.
هذا الانقسام الخطير في المشهد المصري جعل الكثير يقبلون ويتغاضون عن القتل في سبيل الخلاص من خصومهم السياسيين، حتى تحولت مصر من أنا وأنت إلى يا أنا يا أنت!
(2)
مصر تحتاج قلوباً صادقة وأفعالاً جريئة، وحوارا وطنيا شاملا لجميع الأحزاب والأطياف، ليشفي الجروح وليعلن الهدنة على الفتنة.
كانت قد صرحت الخارجية القطرية بعد استقالة البرادعي بأنها كانت تعمل على الوساطة بجانبه، وأنها تفاجأت باستقالته، خاصة أنها كانت قريبة من إيجاد حل للأزمة المصرية.
جهود الوساطة التي بذلتها قطر قبل يوم الأربعاء ١٤ أغسطس كانت من ضمن جهود دولية حاولت قدر استطاعتها بطلب وقبول من السلطة الحاكمة في مصر.
بعد ١٤ أغسطس، لن تنفع الوساطات الدولية التي تحاول طرح الحلول؛ لأنها لن تكون الحل، ولن يكون الحل أيضاً في فض المزيد من التظاهرات ولا في تخوين وإلقاء كل طرف اللوم على الآخر، الحل هو -كما ذكرت سابقاً- حوار وطني لا يقصى منه أحد ولا يخون فيه أحد، يولد حلولاً لا انسحابات ومشاجرات هدفها مصالح شخصية لا مصلحة مصر، والأفضل أن تدير هذه الحوارات أحزاب أو جماعات وطنية لا من الإخوان المسلمين ولا من السلطة التي حكمت مصر بعد ٣٠ يونيو، كما يجب أن تكون هذه الجهة ذات مواقف واضحة مناهضة للعنف والقتل والفوضى من جمعة الغضب عام ٢٠١١ إلى يومنا هذا.
(3)
قبل أن يطلب وزير الدفاع المصري السيسي تفويضا من أجل محاربة الإرهاب، كان المتظاهرون في شوارع وميادين مصر متظاهرين، وبعد التفويض أصبحوا إرهابيين، ماذا حدث؟ هل للإعلام دور في ذلك أم أنه مفعول به لا فاعل؟ ثم ما دور الكاتب الذي يطل علينا كل صباح في زاويته فرحا بسحق وقتل متظاهر؛ لأنه ينتمي لحزب أو جماعة «لا يطيقها»؟
وما موقع المثقف الذي يحاضر في الأخلاق في تغريدة له في تويتر ليلحقها بتغريدة أخرى تحرض على القتل والعنف من أجل إقصاء حزب سياسي؟
أتساءل إن كان هؤلاء من أنصاف الكتاب وأشباه المثقفين يعرفون أن ميكافيللي تم انتقاده كثيراً بسبب عبارة «الغاية تبرر الوسيلة»؟
أتساءل إن كانوا يعرفون أن النقاد على مر التاريخ اعتبروا ميكافيللي شريراً بسبب تعليماته التي أهداها إلى دوق أوروبينو في كتابه الشهير الأمير من أجل أن يحافظ الأخير على ملكه بأي طريقة كانت؟
رسالة إلى كل كاتب ومثقف كتب عن القتل في مصر بدم بارد لدوافع سياسية وشخصية: الغاية لا تبرر الوسيلة، ورغبتكم في إقصاء -أو الخلاص من- أي طرف، لا يمكنها أبداً أن تبرر القتل، ولذلك كونوا أشباه كتاب أو أشباه مثقفين أو لا تكونوا شيئاً، ولكن لا تكونوا عديمي إنسانية وعديمي ضمير!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة #العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق