الخميس، 28 نوفمبر 2013

نفس المشكلة كل سنة!

من رحمة الله علينا إمهاله في تحذيرنا وفي تبشيرنا، ومن عدالته أيضاً أن إشاراته لا يفهمها جميع من يصادفها، وإن توقفوا لبرهة عندها قسراً.
المشكلة هي أن الأمطار التي نفرح بها كل عام تتوقف فرحتنا بها عند حدود معينة، لنتمنى بعدها إما توقف الأمطار أو تغير الأحوال، وفرحتنا لا تكتمل لأمرين: كثرة الحوادث والوفيات، وغرق الشوارع والبيوت! أما الأولى فالأمطار لم توجدها كمشكلة، ولكنها زادت من كمها نظراً لأن السبب الرئيسي لحوادث السير هو السرعة وإرسال الرسائل النصية حال القيادة، وأما الثانية فهي مشكلة مزمنة نعاني منها كل سنة في الوقت نفسه في نفس الأماكن، ورغم سرعة استجابة السلطات من مطافئ وفزعة ورجال مرور وطوارئ وغيرهم هذه السنة، إلا أن مدة الاستجابة وإن كانت مهمة لم تكن أبداً الحل الدائم.
حلول هاتين المشكلتين اللتين تثير الأمطار أشجانهما تعود بشكل أو بآخر بجذورهما إلى التربية، فحوادث السير معظم ضحاياها من الشباب الذين يقودون بسرعة جنونية لا يرون فيها أي مخالفة للقانون ولا يعترفون بخطرها على غيرهم من سائقي المركبات في الشوارع، كما أنه ظهرت على إثر هذه التصرفات الشاذة من الشباب فئة من طلاب المدارس الإعدادية والثانوية التي أخذت تقود السيارات بدلاً عن السائق عند المدارس وحولها! وإذا لم تعد جذور هذه المشكلة إلى التربية والرقابة والتوجيه، فلا أعرف إلى ماذا يمكن أن تعود!
وأما غرق الشوارع والبيوت، فمسؤولية هذه الأخطاء يقع عبئها على أكتاف من يعد بمعالجة هذه المشكلة كل سنة ويفشل في ذلك كل مرة. هؤلاء لم يتربوا على أحد أهم قيم الحياة، ألا وهو الإخلاص في العمل، والوفاء له لكي يرضوا ضميرهم قبل إرضاء الناس.
الحلول الجذرية مطلوبة، فالشاحنات الكبيرة التي تشفط مياه الأمطار عند سقوطها سترهق الدولة إن تم الاعتماد عليها كنهج لمعالجة هذه المشكلة، كما أن الحلول الأخرى من إرساء بنية تحتية ومن وضع قوانين أكثر صرامة في المنزل والمدرسة والشارع، أكثر فائدة وأدوم عمراً عن حل يستمر لليلة أو لأسبوع. الدولة تخسر الأرواح والأموال بسبب سياسات بعض المسؤولين الفاشلة ذات الوسائل الحجرية العصر، ولا مفر في السنوات المقبلة من استبعاد هذه السياسات مع واضعيها ومحاسبتهم على ما بدر منهم من أخطاء جسيمة.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.


الخميس، 21 نوفمبر 2013

الشباب قادم!

لا يمكن لأي عين تقطن الدول العربية -خاصة دول الربيع العربي- أو تزورها أو حتى تشاهدها من بعيد، إلا وتلاحظ حالة الإحباط والوجوم السائد فيها وخصوصاً بين شبابها. الثورات التي حُملت على رقاب الشباب واقتاتت من دمه بين هتافات الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية، تمت سرقتها في دول وتأخيرها في دول أخرى من قبل أشخاص يرفضون التغيير.
أقول لرافضي التغيير: أعطوا الشباب فرصة، فهَمُّهم هو التنمية لا السلطة، ويشعل هواهم التغيير لا ريح الماضي.
أقول لرافضي التغيير: اتركوا للشباب إمساك زمام الأمور، حيث إنهم وإن لم يملكوا اليوم، سيملكون الغد بالتأكيد، فكل المعطيات تشير إلى أن الشباب الذي تمت تنحيته من المشهد العربي، يتطلع اليوم إلى سيادته بعد أن تشبع من سياسات لا تقدم الدولة ولا تؤخرها، وتملل من بطالة تزيده إحباطاً وكرهاً للحالة العربية اليوم.
أقول لرافضي التغيير: أعطوا الشباب مقاليد الحكم، حتى وإن أخطؤوا فالخبرة لا تكتسب بالمشاهدة، ولا خبرة دون خطأ، كما أن من يتمسكون بالحكم اليوم ليسوا بالملائكة التي لا تخطئ!
أقول لهم: أنتم غير مناسبين للحكم اليوم، أو كما قالها الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح ببلاغة أكثر: «فاتكم القطار!». يختلف اليوم عن الأمس كثيراً، فلا أنتم أولاد اليوم ولا أنتم أولاد المستقبل، وكل ما في المجتمع من عوامل اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية وثقافية تغير عليكم وتطور وبسرعة هائلة، فجيلكم الذي بالكاد استوعب رحلة رجل إلى القمر -والبعض منكم لا يزال غير مصدق بها- يختلف عن جيل يستطيع اليوم أن يشتري تذكرة إلى الفضاء بمائة ألف دولار للسياحة والمغامرة ويكتسب بعدها صفة رائد فضاء!
الشباب قادم! أقولها لكم وبكل ثقة على أمل أن تصدقوا حروفي كما أنا متأكدة منها، فمن ترك ماضيه رغماً عنه في أيدٍ غير أمينة لا يمكنه أن يتركها في أيد تشابهها في الصفة مستقبلاً، والأولى بعتيقي الطراز محتكري السلطة أن يبدؤوا بتسليمها أو على الأقل بتعيين من هم أكفاء من الشباب تحت إشرافهم لتهدئة النار التي تأكل الكثير من الدول العربية بسبب إقصاء الشباب، وبسبب ما أصاب الاقتصاد من تعرية، وما شاب السياسة من عجز.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 14 نوفمبر 2013

لماذا أكتب؟

لماذا أكتب؟ البتة إنه أول وأهم سؤال يطرحه أي كاتب على نفسه. هل هو يكتب من أجل نفسه؟ من أجل غيره؟ من أجل أن يوثق ما بداخله كي يثبت لنفسه قبل الناس أنه موجود وأنه كان موجوداً في حياته وحتى قبلها وبعدها؟ أم أنه يكتب من أجل الشهرة والحشود والمجد؟ وهل يكتب الكاتب من أجل الحقيقة أو الوهم -إن كان بينهما فرق قاطع!- هذا السؤال الكبير، يحدد قيمة الكاتب لنفسه وغيره، ولهذا كثير من الكتاب لم يتطرقوا لجوابه، إلا أن هناك من كان شجاعاً بالشكل الكافي للإجابة عنه، فقال الكاتب أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل في الآداب: "أكتب لأنني غاضب منكم جميعاً.. أكتب لأنني لا أستطيع تحمل الحقيقة إلا وأنا أغيّرها".
وقال واسيني الأعرج "نكتب لأننا نريدُ من الجرح أن يظل حياً ومفتوحاً. نكتبُ لأن الكائن الذي نحب ترك العتبة وخرج ونحن لم نقل له بعد ما كنّا نشتهي قوله. نكتبُ بكل بساطة لأننا لا نعرفُ كيفَ نكره الآخرين، ولربما لأننا لا نعرفُ أن نقولَ شيئاً آخر".
وقد حاولت الإجابة عن هذا السؤال مرات عديدة، وقد فشلت في كل مرة، إلا إنني تطرقت لهذا السؤال لأول مرة عندما بدأت الكتابة في مدونتي في عام ٢٠١٠ فسألت نفسي لم سأكتب في مدونة؟ ما السبب الذي يجعلني سأكتب في أي شيء أصلاً؟! ولم أجاوب على نفسي حينها، إلا أني لم أتوقف عن الكتابة، بل أقبلت عليها أكثر كالطعام من بعد جوع.
قال الفيلسوف الفرنسي ديكارت: أنا أفكر.. إذن أنا موجود، وأنا أقول: أنا أكتب، إذاً أنا موجودة! فالكتابة وجود وتاريخ، ونحن نكتب لنُشرح أعضاءنا الفكرية والإبداعية، لا لنُحييها.. نحن نكتب لأننا نحتاج للكتابة ونحتاج أن يكون محلها الورق لا ذاكرتنا وأحلامنا.. الكتابة جزء لا يتجزأ من كيان الكاتب، هي رئة ثالثة كما يقول الكاتب منصور الضبعان، أما بالنسبة للشخص العادي أو لمن لا يحترف الكتابة، فهي جزء قابل للانفصال عن كيانه، جزء يستطيع أن يعيش وبكل سرور بدونه لو تطلب الأمر!
لماذا نكتب؟ لأننا رغم شعورنا بوحدتنا، نؤمن بداخلنا بأن هنالك من يشاركنا الأفراح والأتراح والأماني والمآسي، ولذلك نكتب لنشاركه كل وأعز ما نملكه، كلماتنا!
لماذا نكتب؟ لأن هذا سؤال يتغير جوابه دائماً، ولا يوجد جواب واحد صحيح له ولا جواب خاطئ. نكتب لأننا لا نستطيع أن نكف عن الكتابة، ولن نكف عن الكتابة إلا عندما يقف الحاضر بجانب الماضي، ويترك المستقبل.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.

الجمعة، 8 نوفمبر 2013

اختر مبادئك

الحياة التي لا تحكمها مبادئ وقيم، هي حياة عابر، بائسة، لن تستطيع التكيف مع أي مجتمع منظم وخاصة الحاضر منها والذي بدأ يميل إلى حفظ الحقوق والحريات. وبجانب المجتمعات التي ترسي بعض المبادئ الواجبة الاتباع من قبل الأشخاص، هناك من يلزم نفسه ببعض المبادئ التي يضعها هو أو يلزم أبناءه بها، وبالنسبة لي هناك مبادئ وقيم ألزم نفسي بها، لأنني أشعر من دونها بأني بلا توازن، ولهذا أقول لنفسي قبل أن أقول لغيري: صل بروحك لا بجسدك.
تذوق كل ما تأكله، وكأنك تأكل قطعة شوكولاتة.
اسمع من الأغاني ما يجعلك تدندن وأنت تمضي إلى عملك.
لا تفكر كثيراً، فيما سترتديه أمام الناس، ولكن فكر كثيراً فيما ستتكلم عنه أمامهم.
أكثر ما يشي بالإنسان ابتسامته، فابتسم كثيراً، لكن الأهم هو أن تبتسم بصدق والأجمل هو أن تبتسم بعينيك.
اعتبر كل مكان تحط فيه، بيتك، ثم اسأل نفسك، هل كنت لترمي القاذورات في غرفتك؟
من يقول لك:.. لا أستطيع أن أكمل أي شيء أبدأه!
اسأله:.. كيف استطعت إذن إكمال جملتك؟..
اللذة الحقيقية هي في السعي وراء الفوز لا الفوز نفسه، فاستمتع بكل خطوة تخطوها اتجاهه وإن كانت متعبة.
لا تخجل من معانقة الزهور، ولا الجري تحت الشمس، فإن كان الطعام غذاء الجسد، فإن الطبيعة غذاء الروح.
اترك سعة في روحك للجوع والفضول، واقتنع بأنه لا يمكنك أبداً سد هذا المحل، ولكن يمكنك أن تصغر حجمه قليلاً فتكون أفضل من غيرك.
احرص على اللحظات الصغيرة، كلحظات انتظار محبوب، أو لحظات استقلال القطار، أو اللحظات التي تقضيها بصحبة الطبيعة.
عبر عن مشاعرك وكأنك تلقي قصيدة، أو عبر عنها بفعل يشبه رقصة لا يمكن نسيانها.
تواضع مع الناس، وتكبر على نفسك.
وأول وآخر ما أشدد عليه، كن أنت، ولا تكن أي شخص غيرك، فأنت لن تتكرر مرة أخرى، وحياتك غيرك لن تضيف لك أي جديد بل على العكس، ستأخذ منك كل جديد.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.


الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...