الخميس، 14 نوفمبر 2013

لماذا أكتب؟

لماذا أكتب؟ البتة إنه أول وأهم سؤال يطرحه أي كاتب على نفسه. هل هو يكتب من أجل نفسه؟ من أجل غيره؟ من أجل أن يوثق ما بداخله كي يثبت لنفسه قبل الناس أنه موجود وأنه كان موجوداً في حياته وحتى قبلها وبعدها؟ أم أنه يكتب من أجل الشهرة والحشود والمجد؟ وهل يكتب الكاتب من أجل الحقيقة أو الوهم -إن كان بينهما فرق قاطع!- هذا السؤال الكبير، يحدد قيمة الكاتب لنفسه وغيره، ولهذا كثير من الكتاب لم يتطرقوا لجوابه، إلا أن هناك من كان شجاعاً بالشكل الكافي للإجابة عنه، فقال الكاتب أورهان باموك الفائز بجائزة نوبل في الآداب: "أكتب لأنني غاضب منكم جميعاً.. أكتب لأنني لا أستطيع تحمل الحقيقة إلا وأنا أغيّرها".
وقال واسيني الأعرج "نكتب لأننا نريدُ من الجرح أن يظل حياً ومفتوحاً. نكتبُ لأن الكائن الذي نحب ترك العتبة وخرج ونحن لم نقل له بعد ما كنّا نشتهي قوله. نكتبُ بكل بساطة لأننا لا نعرفُ كيفَ نكره الآخرين، ولربما لأننا لا نعرفُ أن نقولَ شيئاً آخر".
وقد حاولت الإجابة عن هذا السؤال مرات عديدة، وقد فشلت في كل مرة، إلا إنني تطرقت لهذا السؤال لأول مرة عندما بدأت الكتابة في مدونتي في عام ٢٠١٠ فسألت نفسي لم سأكتب في مدونة؟ ما السبب الذي يجعلني سأكتب في أي شيء أصلاً؟! ولم أجاوب على نفسي حينها، إلا أني لم أتوقف عن الكتابة، بل أقبلت عليها أكثر كالطعام من بعد جوع.
قال الفيلسوف الفرنسي ديكارت: أنا أفكر.. إذن أنا موجود، وأنا أقول: أنا أكتب، إذاً أنا موجودة! فالكتابة وجود وتاريخ، ونحن نكتب لنُشرح أعضاءنا الفكرية والإبداعية، لا لنُحييها.. نحن نكتب لأننا نحتاج للكتابة ونحتاج أن يكون محلها الورق لا ذاكرتنا وأحلامنا.. الكتابة جزء لا يتجزأ من كيان الكاتب، هي رئة ثالثة كما يقول الكاتب منصور الضبعان، أما بالنسبة للشخص العادي أو لمن لا يحترف الكتابة، فهي جزء قابل للانفصال عن كيانه، جزء يستطيع أن يعيش وبكل سرور بدونه لو تطلب الأمر!
لماذا نكتب؟ لأننا رغم شعورنا بوحدتنا، نؤمن بداخلنا بأن هنالك من يشاركنا الأفراح والأتراح والأماني والمآسي، ولذلك نكتب لنشاركه كل وأعز ما نملكه، كلماتنا!
لماذا نكتب؟ لأن هذا سؤال يتغير جوابه دائماً، ولا يوجد جواب واحد صحيح له ولا جواب خاطئ. نكتب لأننا لا نستطيع أن نكف عن الكتابة، ولن نكف عن الكتابة إلا عندما يقف الحاضر بجانب الماضي، ويترك المستقبل.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...