الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

نحن عشاق الساحرة المستديرة!

  

 

 

اُختتمت في قطر بطولة كأس العرب لكرة القدم يوم السبت الماضي في استاد البيت بالخورو كانت بطولةناجحة من جميع الأوجه، و أكبر العوامل الذي ساهم في نجاحها كان الحضور الجماهيري الكبير من جميعأنحاء الدول العربيةو أكبر هذه الجماهير كان الجمهور القطري الذي لم يحضر مباريات المنتخبوحسب، بل و كانت له بصمته في جميع المبارياتمما حيّر و فاجأ البعض الذين وصلوا إلى الاستنتاجبأن "شعب قطر شعب كرويّ، يعشق كرة القدم!". و الحقيقة بأننا كشعب لا نعشق كرة القدم فقط، بل نعشقالرياضة بكل أنواعها و أشكالها، و لهذا نجد لكل أنواع الرياضة حضور في قطر، و لهذا تزدحم جميعالبطولات الرياضية التي تستضيفها قطر بالمشجعين و الجماهير، و لهذا نحتفل باليوم الرياضي الذي يصادف الثلاثاء من الأسبوع الثاني من شهر فبراير كل عام.

لا ألوم من لا يعرف أو يتفاجأ بكون الشعب القطري شعب محب للرياضة و خاصة كرة القدم، فمن لايعرف الصقر، يشويه، و صقورنا غائبة عن مباريات الأندية المحلية لكرة القدم منذ سنين طويلة.

لدينا عزوف حقيقي عن حضور المباريات المحلية للأسف، رغم امتلاك الدوري القطري لمؤهلات هائلةتمكنه من أن يكون من أقوى الدوريات الآسيويةو الأسباب معروفة، فقد تم رصد بعضها في دراسةأعدتها وزارة التخطيط التنموي و الإحصاء بالتعاون مع الاتحاد القطري لكرة القدم و اللجنة الفنية المعنيةبإحصاءات الرياضة في الدولة، مثل قلة اللاعبين القطريين و التفاوت في دعم الأندية و عدم تواصلالأندية مع الجماهير و سوء إدارة و ضعف تسويق الأندية و الفوارق الفنية بين الأندية حتى أصبحتالمنافسة ضعيفة فيأتي الدوري بلا مفاجئات و بسيناريو نعرفه مسبقاً بدء بمن سيفوز و من سيخسر و انتهاءبمن سيهبط إلى الدرجة الثانية، و غيرها من الأسباب الكثيرة المعلومة.

الشعب القطري، شعب يحب الرياضةيحب كرة القدمجمهور حقيقي و ليس جمهور مجالس يختبأ وراءالشاشات، و لكننا أمام معضلة حقيقية تتمثل في عزوفه عن حضور مباريات الأندية المحلية، و الأسبابموجودة بل و بعضها معروض في دراسة وزارة التخطيط التنموي و الإحصاء، و لكنها تحتاج إلى حلولواقعية و مدروسة من قبل الجهات المعنية، لتعيد الجماهير المتعطشة لحضور مباريات الأندية إلى أماكنهافي الملاعبو هذا ما نتمناه، خاصة بعد تجهيز الملاعب المونديالية الرائعة و التي ستحتضن بعضمباريات الدوري في المستقبل.

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق 

المصدر


الثلاثاء، 14 ديسمبر 2021

العمل بمرونة

  

كم طريقة صحيحة توجد للحياة؟ هل يجب أن تكون الحياة كلها عمل و إنتاجية كي تكون حياة صحيحة؟ أم حياة جُلها لعب و راحة كي تكون الحياة سليمة؟ أم يجب أن تكون الحياة الصحيحة متوازنة بين العمل و الاستجمام كي تكون حياة مقبولة؟ ثم ما شكل هذه الحياة المتوازنة بين العمل والراحة، و كيف يتم تحقيقها؟ هل هي حياة مقسومة بالنصف بين العمل و الراحة؟ أم حياة ٦٠٪ منها عمل و ٤٠٪ منها راحة أو العكس أم أنها نسب أخرى موزعة بين الأثنين؟

نحن لم نُخلق لنجلس و نضع رجلاً فوق الأخرى، و لنُصيّف طوال السنة. الانسان خُلق ليعمر الأرض و ما عليها و ليُطوع ما فيها و ما بين يديه.. و لكنه أيضاً لم يُخلق ليعمل طوال الوقت، كما قال الرسول في حديثه مع أبي ربعي حنظلة بن الربيع الأسيدي، ساعة للذكر و ساعة للدنيا!

إذاً، يجب أن نحقق التوازن بين العمل و الحياة خارج العمل، و إذا أردنا فعل ذلك، يجب أولاً أن يتوازن العمل في حياتنا، فيأخذ حقه من وقتنا، فلا يطغى على يومنا، و لا ينقص منه. و بعد ما نوازن العمل في حياتنا، ستأخذ راحتنا و استجمامنا القدر الصحيح من وقتنا بشكل تلقائي. و هذا التوازن بين العمل و الحياة خارج العمل يعود بالفائدة علينا و على غيرنا.

هذا التوازن هو ما رمت إليه اليابان بعدما أعلنت بأنه سيكون الموظف مخيراً بين العمل لخمسة أيام أو أربعة أيام في الأسبوع. و قد اهتدوا لذلك بعد ارتفاع أعداد الموت بسبب الإجهاد من العمل و الانتحار بسبب ضغط العمل في الامبراطورية! و كانت ميكروسوفت اليابان قد جربت قبل ذلك إعطاء الموظفين عطلة مدفوعة الأجر في كل جمعة من شهر أغسطس في ٢٠١٩، مما رفع الإنتاجية بنسبة ٤٠٪! و قامت إمارة الشارقة مؤخراً أيضاً بجعل أيام عمل الأسبوع أربعة أيام بدل خمسة.

أما بالنسبة لنا في قطر، فقد تم إقرار العمل عن بعد خلال جائحة كورونا، و تم وضع نظام العمل الجزئي مؤخراً، و هو الذي يتيح للموظف العام العمل نصف ساعات العمل المقررة في الأسبوع مع حفاظه على راتبه الأساسي و بضع البدلات و العلاوات. و هذه كلها طرق عمل مرنة تهدف إلى الدفع بالإنتاجية و تحقيق التوازن بين العمل و الحياة الخاصة، و لكنها ليست الطرق الوحيدة لضمان استمرار العمل بمرونة و تحقيق التوازن بين العمل و الحياة الخاصة. فتستطيع مثلاً الجهات الحكومية أو الشركات الخاصة، جعل ساعات العمل في مؤسساتها ساعات مرنة أو اختيار يوم واحد في الأسبوع للعمل عن بعد أو إعطاء الموظف إمكانية الخروج باكراً من العمل في يوم واحد من الأسبوع مع تغطيته لهذه الساعات بقية الأسبوع.

توجد طرق كثيرة للعمل بمرونة حتى يعيش المرء حياته بمرونة، و في النهاية فائدة العمل بمرونة لن تعود على الفرد و حسب، بل على المؤسسة و الدولة التي ستنتج أكثر أيضاً، و لنا في التجارب عبرة، فمثلاً بعد تجربة العمل عن بعد خلال جائحة كورونا، تم استخدام هذه الطريقة مرة أخرى من قبل بعض المؤسسات خلال بطولة كأس العرب المقامة حالياً للتخفيف من الازدحام المروري و لإعطاء الحدث حقه.

يمكن للمرء أن يعمل بعقل و أن يرتاح باتزان، و لكن تنقصنا الليونة و المرونة اللازمة لذلك.

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر



 

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

القيم قبل المبادئ

  

 

 

عندما نفكر بالمبادئ و القيم، عادة ما يخطر على بالنا بأنهما الأمر نفسه، حيث أن لكل انسان مبادئه و قيمه، صحيح؟ هكذا نربطهما أوتوماتيكياً، حتى التصقا ببعض في أذهاننا. هما قريبان فعلاً في المعنى، و لكنهما يختلفان في تفاصيل المعنى. فالقيم من التقييم و تقدير الأمر. فنقول عمل أو كتاب قيّم أي ذو قيمة أو له ثقل. و لا تُقال إلا كوصف إيجابي كقوله تعالى في سورة الروم: *ذلك الدين القيّم(٣٠)* أي الدين المستقيم. و القيم هي الخصال العامة الإيجابية التي نتمسك بها أو نريد أن نتمسك بها في حياتنا مثل قيم: العائلة و الشجاعة و الدين و المساواة و الحب و المسؤولية و الإبداع و الأمان إلخ..

القيم، هي الخطوط العريضة في حياتنا أما المبادئ فهي تفاصيل هذه الخطوط العريضة أو الحبر الذي يتسرب منها، فمثلاً لو كانت إحدى قيم الانسان هي "العدالة"، ستكون أحد مبادئه في الحياة هي الوقوف في وجه الظلم في مجتمعه و عدم السكوت عنه مهما كانت العواقب. و تختلف القيم و المبادئ في كون القيم دائماً إيجابية و خيرة و جيدة، أما المبادئ فقد تكون إيجابية أو سلبية بحسب صاحبها.

و القيم أكثر ثباتاً من المبادئ. و قد تكون مبادئ المرء بلا قيم تسندها، فتسقط المبادئ مع أول اختبار لها. و لهذا يكون الشخص ذو القيم أكثر أخلاقاً من الانسان ذو المبادئ لأن القيم كاملة و المبادئ قد تشوبها العلل، كأن يكون مبدأ من مبادئ الانسان هو أن يتصرف بكرم فقط مع من يعامله بكرم. هذا الانسان لا نستطيع أن نقول عنه بأن قيمة من قيم حياته هي الكرم، لأن مبدئه شرطي في الكرم، و الكرم لا يكون شرطياً أبداً.

من المهم للإنسان أن يعرف قيمه في الحياة، سواء التي بنى عليها حياته، أو تلك التي يريد أن يرفع عليها حياته. و وفق الكاتبة الأمريكية برينيه براون في كتابها DARE TO LEAD، فإن للإنسان قيمتين حقيقيتين يبني عليهما حياته، على الانسان أن يعرفهما أو يختارهما، و من ثم يستطيع أن يُفعّل هذه القيم في حياته عن طريق سؤال نفسه بعض الأسئلة:

1-               ما السلوكيات الثلاث التي أستطيع أن أقوم بها كي أعزز هذه القيم في حياتي؟

2-               ما السلوكيات الثلاث التي تناقض هذه القيم و التي قد أفعلها في حياتي؟

3-               متى التزمت فعلاً بهذه القيم في حياتي؟

قيم الانسان و مبادئه هي خريطة طريقه. إن كانت قيمه و مبادئه واضحة، بان الطريق أمامه، و إن غمرها الضباب، تاه الانسان و تشتت أفعاله. و ما إن يتصرف الانسان وفق قيمه و مبادئه أصبح له قيمة، أمام نفسه قبل الآخرين. أما الانسان الذي لا يتصرف بقيمه و مبادئه، فلا يلقى قيمة و لا احتراماً.

كيف لانسان يتصرف بلا قيم أن يكون قيماً؟

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


الجمعة، 3 ديسمبر 2021

نخبة المجتمع

  

 

لكل مجتمع همومه و مشاغله، و لما تتكاثر هذه الهموم و الشواغل و تطفو على السطح، يُولد حديث المجتمع عن هذه القضية أو تلك، و عادة ما يُسلم الميكروفون أو يتسلمه أحد من "نخبة المجتمع" أو صناع الرأي العام للمشاركة في الحديث. و أحاديث المجتمع في قضاياه، مهمة جداً من نواحي كثيرة، مثل إيصال رغبة المجتمع لأصحاب القرار و نمو وعي المجتمع و التأكيد على حريته في رأيه و تعبيره.

و حالنا اليوم، كحال الكثير من المجتمعات من حولنا، سيما بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح معظم-إن لم يكن كل-صناع الرأي العام، و متصدري المشهد العام هم مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين أشهرتهم الصدفة أو التفاهة! و هذا لوحده قضية يجب أن يبحثها المجتمع و يتحدث عنها خاصة و أننا لا يمكننا أن نقول عنهم بأنهم نخبة المجتمع! و رغم ذلك، نجد هؤلاء متصدرين أوقات الأزمات و المناسبات، و لهم صوت مسموع في المجتمع! و هذا ما لا يجب أن يكون. فمن المفترض أن يتصدر المشهد العام في أي مجتمع، نخبته، "la crème de la crème" أي أفضل ما فيه، حتى تُخرج هذه النخبة أفضل ما في المجتمع لا أسوأ ما فيه! و هذا يحدث عندما يتصدر المشهد الكُتاب و المثقفين و الفنانين و الرياضين و المتخصصين كلٌ في مجاله، كأن يتصدر الحديث عن حال الشوارع، المهندسين، و أن يتحدث عن شؤون المدارس، المعلمين، و أن يتكلم الأطباء عن أحوال المستشفيات، و هكذا حتى يصبح للمجتمع قدوته و عواميده.

يجب أن نختار بعناية متصدري المشهد العام في المجتمع، و صناع الرأي العام في القضايا التي تهمنا، فهم من سيحملون همومنا و يذودون عن حقوقنا، و هم صورتنا و واجهتنا خارج الدولة. و هم من يستطيعون خلق القضايا و رفع أهميتها أو إلغائها و التقليل من أهميتها.

رسائل المجتمع في قضاياه مهمة، بقدر رسولها، فإن كان شخصاً تافه، صَعُبَ الأخذ بالرأي على محمل الجد، و إن كان شخصاً محترم و مُقدر ستكون الرسالة متزنة و باعثة على التفكير. فلنختر إذاً الرسول المناسب القادر على إيصال صوت المجتمع باتزان و عقلانية! فلنختر أفضلنا و نصطفيه من نخبة المجتمع!

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق 


المصدر



الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...