لكل مجتمع همومه و مشاغله، و لما تتكاثر هذه الهموم و الشواغل و تطفو على السطح، يُولد حديث المجتمع عن هذه القضية أو تلك، و عادة ما يُسلم الميكروفون أو يتسلمه أحد من "نخبة المجتمع" أو صناع الرأي العام للمشاركة في الحديث. و أحاديث المجتمع في قضاياه، مهمة جداً من نواحي كثيرة، مثل إيصال رغبة المجتمع لأصحاب القرار و نمو وعي المجتمع و التأكيد على حريته في رأيه و تعبيره.
و حالنا اليوم، كحال الكثير من المجتمعات من حولنا، سيما بعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح معظم-إن لم يكن كل-صناع الرأي العام، و متصدري المشهد العام هم مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين أشهرتهم الصدفة أو التفاهة! و هذا لوحده قضية يجب أن يبحثها المجتمع و يتحدث عنها خاصة و أننا لا يمكننا أن نقول عنهم بأنهم نخبة المجتمع! و رغم ذلك، نجد هؤلاء متصدرين أوقات الأزمات و المناسبات، و لهم صوت مسموع في المجتمع! و هذا ما لا يجب أن يكون. فمن المفترض أن يتصدر المشهد العام في أي مجتمع، نخبته، "la crème de la crème" أي أفضل ما فيه، حتى تُخرج هذه النخبة أفضل ما في المجتمع لا أسوأ ما فيه! و هذا يحدث عندما يتصدر المشهد الكُتاب و المثقفين و الفنانين و الرياضين و المتخصصين كلٌ في مجاله، كأن يتصدر الحديث عن حال الشوارع، المهندسين، و أن يتحدث عن شؤون المدارس، المعلمين، و أن يتكلم الأطباء عن أحوال المستشفيات، و هكذا حتى يصبح للمجتمع قدوته و عواميده.
يجب أن نختار بعناية متصدري المشهد العام في المجتمع، و صناع الرأي العام في القضايا التي تهمنا، فهم من سيحملون همومنا و يذودون عن حقوقنا، و هم صورتنا و واجهتنا خارج الدولة. و هم من يستطيعون خلق القضايا و رفع أهميتها أو إلغائها و التقليل من أهميتها.
رسائل المجتمع في قضاياه مهمة، بقدر رسولها، فإن كان شخصاً تافه، صَعُبَ الأخذ بالرأي على محمل الجد، و إن كان شخصاً محترم و مُقدر ستكون الرسالة متزنة و باعثة على التفكير. فلنختر إذاً الرسول المناسب القادر على إيصال صوت المجتمع باتزان و عقلانية! فلنختر أفضلنا و نصطفيه من نخبة المجتمع!
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق