الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

ابدأ بقتل النمل!

  

 

 

من الجيد أن يعبر الانسان عن شعوره. و من الأفضل أن يلاحظه و يفهمه سواء أكان هذا الشعور "إحساس" أو "مشاعر"، فالمشاعر هي ما نشعر به في داخلنا مثل الوحدة و الحسد و الغيرة و السعادة و الأمل و غيرها.. أما الأحاسيس فهي ما نشعر بتأثيره المادي على أجسادنا مثل البرودة و الدفء و القشعريرة و الغثيان و الأدرينالين و غيرها من الأحاسيس.

و كلما ركزنا على شعورنا (من مشاعر و أحاسيس) كلما كبر الشعور و ارتفع في داخلنا إلى أن يصل إلى عقلنا. و ما إن يعتاد العقل هذا الشعور حتى يألفه و يصاحبه و يصبح محل تركيزه و اهتمامه، و كأنه لا شعور غيره. إن كنا نقلق كثيراً في السابق، سنصبح قلقين أكثر بسبب و بدون سبب في المستقبل. و إن كنا متفائلين معظم الوقت سيصبح التفاؤل شيمتنا و طبيعتنا السائدة.. و هكذا..

نحن حبيسي شعورنا الذي نفكر فيه و يشغل بالنا. قد يكون سبب هذا الشعور واقعنا أو أفكارنا. فقد يدفعنا واقعنا أو الناس من حولنا إلى الشعور بشعور معين مثل الفرح أو الكآبة، و قد تدفعنا أفكارنا أو خيالاتنا إلى ذلك سواء أكانت أفكار إيجابية أو سلبية تلك التي تمدنا بالسعادة أو الحزن أو غيره..

و ما إن ندمن شعور ما حتى تتغير حياتنا، إن كان شعوراً إيجابي، نصبح نشيطين مفعمين بالحب و الأمل، و إن كان شعوراً سلبي يغلبنا القلق و التوتر و يخيم السواد على عالمنا.

إذاً، فحياتنا تحركها أفكارنا و بالتالي شعورنا نحو أنفسنا و نحو غيرنا و العالم. الانسان المؤمن بالقضاء و القدر، سينهض بعد كل كبوة، و المكتئب القانع بحظه العاثر، سيلجأ إلى الحزن في كل مرة يحاول فيها الناس إسعاده. و من منا يرغب في أن يكون المكتئب العاثر؟ لا أحد يطمح إلى حياة تعيسة، و لكننا ندمن مشاعرنا كما يدمن الأطفال الحلويات و يدمن البالغين التدخين. و كما نستطيع التوقف عن شراء الحلويات للصغار و التوقف عن شرب السجائر، نستطيع أيضاً وقف الأفكار السلبية.

يشرح الدكتور الأمريكي دانيال آيمن في كتابه (غير عقلك.. غير حياتك) طريقة من الطرق التي يستخدمها لمساعدة الناس على وقف إدمان الأفكار السلبية، وهي طريقة ant therapy  أو (علاج الأفكار السلبية الأوتوماتيكية) (AUTOMATIC NEGATIVE THOUGHTS THERAPY) و التي فيها يشبه الأفكار السلبية التي تطرأ أوتوماتيكياً في عقولنا "بالنمل". و يجب علينا منع تجمعات النمل في عقولنا عن طريق ملاحظة كل "نملة" تدخل إلى عقولنا، فنعترف بوجودها و من ثم نكتبها-أي الفكرة السلبية-على ورقة. و من ثم نكتب ردنا أو دحضنا لهذه الفكرة السلبية، كأن تكون الفكرة السلبية: (أنا لست مصمم جيد)، و أن يكون الرد على هذه الفكرة: (و لكن جميع تصاميمي تُباع!). و هكذا.. حتى نقتل جميع النمل في رؤوسنا!

يمكننا استرداد مشاعرنا ما إن نسترد أفكارنا و نطوعها لمصلحتنا. الفكرة لا تكون أقوى من صاحبها إلا بإذنه، و الشعور لا يكبر إلا بيد الفكرة، و أنت عزيزي القارئ، سيد الفكرة و الشعور، فماذا ستفعل إذاً؟

تستطيع أن تبدأ بقتل النمل في رأسك!

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...