الخميس، 27 ديسمبر 2012

فليأكلوا وعودهم الكاذبة!

نُشر في السبت الماضي في صحيفة الأنباء، خبر عجيب عن صحافي روسي عاقب نفسه بتناول حساء من القشدة كان قد وضع فيه مقالة ورقية نشرها وتنبأ فيها بمعلومات لم تتحقق على أرض الواقع عن وزارة البنية التحتية الروسية! وقال الصحافي أمام كاميرات التصوير التي وثقت فعله بالصورة الجامدة والمتحركة: «فعلت ذلك ليعرف العالم أنني صحافي محترم، أحب مهنتي وأقدر قواعدها، وها أنا ذا آكل أمامكم مقالاتي الكاذبة وأنشر الفيديو على «يوتيوب» ليعرف الناس قيمة الكلمة الصادقة في الصحافة».
تساءلت بعد مشاهدتي للصحافي وهو يبتلع الحساء «المورق» بصعوبة: ماذا لو عاقبنا كل الصحافة العربية التي تنشر نبوءات ومعلومات خاطئة بهذه الطريقة؟ اعتقادي الخاص يشير علي أن معداتهم عندها ستتقرح وستُترك هذه الوظيفة «الشاقة» لأصحاب المعدات القوية! ثم تساءلت مجدداً: ماذا لو عاقبنا كل مسؤول عربي نشر وعوداً كاذبة بهذه الطريقة؟ الأكيد بأن المسؤولين سيتضررون عندها أكثر من الصحافيين!
«هذا المشروع سينتهي في اليوم…شهر…سنة…» وعندما يأتي ذاك اليوم يفاجأ الناس بلوحة أخرى -ذات وعد آخر كاذب في معظم الأحيان- تملي على الناس تاريخاً جديداً سينتهي فيه ذاك المشروع الذي تنشأ وتموت معه أجيال إلى أن ينتهي!
قال عبد الله القصيمي: «العرب ظاهرة صوتية»، أي إن كل ما يقومون به «كفعل» هو الكلام، ومعظم كلامهم وعود، ومعظم هذه الوعود كذب، وهذا ما نحتاج أن يتوقف، نريد أن يصبح العرب «قولاً وفعلاً» كما نقول نحن الخليجيين، ونريد ألا يمر وعد بلا تنفيذ، وإن لم يُنفذ يُحاسب «كائناً من كان» على تلفظه بوعد لم يقدر على تنفيذه! وبما أن معظم العرب يخافون على مسؤوليهم من فضائحية المحاكمات العلنية والجزاءات والعقوبات التي يمكن أن توقع عليهم ويطالبون بعدم نسيان أفعالهم الجيدة…إلخ، فإني أطرح عليهم هذا الاقتراح، بأن يُترك هؤلاء «المساكين» على أن يفعلوا مثلما فعل الصحافي الروسي الذي خاف على كلمته الصادقة، ومن ثم يقدمون استقالاتهم!
المسؤولية ليست كلمة أعجمية مأخوذة من قاموس غربي، المسؤولية هي فعل يبرهن لمن يعتمد على الشخص المسؤول بأنه جدير بها، وأنه قادر على حملها أينما وكيفما ووقتما تطلب الأمر! والمسؤولية لا تنحصر فقط في التفكير والتخطيط والتحضير والتنفيذ بل هي أيضاً تمتد إلى الخطأ والفشل وعدم القيام بالأمر الموعود به، أو القيام به بعد فترة طويلة أو بشكل مشوه، هذه هي المسؤولية!
كلماتي موجهة بشكل خاص للمسؤولين الإداريين الذين نسمع عنهم وتُخبئهم أبوابهم المغلقة وتحصنهم مكاتبهم المتينة، كونوا رجالاً ونساء بحجم المسؤولية، وإن فشلتم كونوا مسؤولين بقدر الخطأ، واعترفوا بخطئكم، فإن الاعتراف فضيلة وحق يطلبه الناس!


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 20 ديسمبر 2012

أمة اقرأ تقرأ ولكن!

كان للإعلام الجديد تأثير كبير على الشعب العربي خاصة في آخر ٣ سنوات، حيث كان له دور مهم بل وحيوي تجلى في الثورات العربية، فأصبح الاطلاع على المعلومة سهلاً، بالإضافة إلى سرعة انتشار الأخبار ووصولها لمن أراد. ومع الربيع العربي أصبح الجميع متعطشاً للمعلومة والصوت والصورة، وتواقاً لأي خبر يتصل بالأحداث المتجددة بالمنطقة، والتي تُوجد في دقائق معدودة بعد وقوعها على الإنترنت. وهكذا وبغمضة عين أصبحت أمة اقرأ تقرأ ولكن تقرأ التغريدات على «تويتر» وبوستات الـ «فيس بوك» والتدوينات المختصرة التي ينشرها بعض الكتاب لجذب أكبر عدد ممكن من القراء، بالإضافة إلى البرودكاسات في البلاك بيري ماسنجر والواتساب، مما جعل هذه الأمة أبعد عن الكتاب!
هذا النوع من القراءة الذي يظنه البعض كافياً هو أكثر أنواع القراءات سطحية، لأنه أولاً لا ينمي علماً ولا ثقافة ذات قواعد صلبة، فعلى الأرجح أن تغريدة تقرأ الآن ستُنسى اليوم التالي، وتدوينة قصيرة تقرأ اليوم ستنسى معلوماتها بعد أسبوع، فمن يتذكر ماذا قرأ من تغريدات بالأمس؟ ومن يعرف خرج بماذا من بوست في الفيس بوك قرأه قبل أسبوع؟! ثانياً، المواقع الإلكترونية والمصادر الرقمية لا تصلح معظمها -وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي- لأن تكون مصدراً للمعلومات، فالـ «فيس بوك» مثلاً لا يجوز أن يكون مرجعاً لتاريخ العصور الوسطى، وإن وُجدت فيه صفحة متخصصة في ذلك، لأن ما فيها سيبقى فتاتاً مقابل الذهب الحقيقي الموجود في المراجع الحقيقية في المكتبات، كما أنه لا يصلح أن تقول لشخص ما مصدر معلوماتي هو الـ «فيس بوك» أو غيره من المواقع التي تشابهه، خاصة إن كنت تحاججه بهذه المعلومة! فالقراءة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تدخل ضمن الإعلام الجديد لا تغني ولا تسمن من جوع، لأن الكتاب يبقى هو المصدر الأول والأخير للعلم والثقافة، أما المصدر الرئيسي لهما فهو الرغبة في التعلم والتثقف والرغبة في طرح السؤال الأهم «لماذا» دائماً. فإن كانت «لو» فاتحة لعمل الشيطان فإن «لماذا» فاتحة لعمل العلماء! فاسألوا «لماذا» دوماً، ولا تخجلوا، فإن الخجل في العلم، جهل! والجهل هو أسوأ مصير قد يواجهه الإنسان، فالإنسان قد يغفر لنفسه أية صفة من صفاته كالحسد والحقد، ولكن يستحيل لأي شخص أن يغفر لنفسه جهله، وإن غفر لنفسه هذه الخصلة فهو ظالم لنفسه!
قال الله تعالى: «اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ».


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 13 ديسمبر 2012

انتبه لساعتك!

مقدمة:
على مكتبي مقتنيات مختلفة، أحدثها ساعة على شكل اللوح الأسود الذي يُستخدم عند تصوير المشاهد في الأفلام، محمولاً بجملة: "ثلاثة! اثنان! واحد! أكشن!"، ويكتب على اللوح بالطبشور أعداد المشاهد التي صُورت وما اقتطع منها وما أُخذ، أما لوحي فعبارة عن ساعة مكتبية محسوبة بالثانية، بجانب التاريخ الميلادي.
منذ أن وضعت هذه الساعة الرقمية على مكتبي وأنا أتخيل أنني أمضي كل دقيقة في فيلم موضوعه حياتي، وإنني لم أنتبه لهذا الفيلم إلا الآن، فلا أنا أذكر البداية ولا أنا أعرف النهاية! أما كل ما أتمناه هو أن تكون النهاية غير متوقعة أو نهاية سعيدة كما يحدث في تلك الأفلام الرائعة التي ترسخ في ذاكرتنا قبل أن تخلد في شباك التذاكر!
‫نصيحة:‬
اختر أشياءك الصغيرة فهي ما ستلهمك!
اجعل حياتك فيلماً شائقاً، يتمنى الآخرون أن يشاركوا فيه!
لا تكن ممثلاً في حياتك بل كن لها مخرجاً ومنتجاً!
اشعر بقيمة وقتك ولا تضيع أي دقيقة، فمحل الدقائق الضائعة في صناعة الأفلام، مخازن النسيان!
ارتجل مرة بعد الأخرى ولا تقيد نفسك بنص الغير المفروض عليك!
لا تسرق حقوق حياة شخص آخر، لأنها سرقة بلا طعم، ولا تقلد شخصاً آخر في طريقة حياته، لأنك حينها ستكون قد عشت حياة ناقصة!
سؤال:
- ما نوع الأفلام التي يختارها الناس؟
- يختار الناس الأفلام التي تشبههم أو التي يتمنون أن يشبهوها، ولا يختارون تلك التي تأخذ من أعمارهم ساعات دون أن تضيف لهم دقيقة!
‫خاتمة:‬
الإنسان لا يملك شيئاً، ولم يملك في الحقيقة إلا الوقت الذي فقده!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 6 ديسمبر 2012

القضية الفلسطينية ومسلماتها

انحرفنا كثيراً عن قضيتنا الأولى فلسطين، وحدث ذلك عندما تنازلنا وتفاوضنا وانهزمنا وتم الضحك علينا حولها حتى امتلأت ذاكرتنا بمجموعة من الصور لوجوه مسودة وحطام تضيق به الأنفس، فأصبح بعضنا يعتقد ويسلم بأن الانتصار على الكيان الإسرائيلي المغتصب واسترجاع الأراضي المحتلة محض وهم أو خرافة، وأن العدو يملك من القوة ما لا نملك ربعها، ولذلك لا يمكننا أبداً الانتصار عليه، وأن على الفلسطينيين أن يستمروا بالعيش في غزة أو الضفة الغربية دون أن يقاوموا الدولة المحتلة؛ كي لا يتم الرد على فعلهم بردة فعل قوية مدمرة، تحصد أرواحاً كانت لتبقى على قيد الحياة لولا ذلك! وآخر هذه المسلمات هي وجوب القبول بحل إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية جنباً إلى جنب لتجنب الحرب! أما المثير للسخرية هو أن من يرفض هذا الحل هو الكيان الصهيوني لا «بعض» العرب!
هذه الأفكار أصبحت من المسلمات عند البعض نتيجة تاريخ مُلئ بالحرب والتهجير والفقر والظلم الذي لم يشمل بتأثيره فلسطين فقط، بل كل الدول العربية تقريباً في مرحلة من المراحل، بسبب غبن الكيان المحتل، إلا أن هذه المسلمات لا تستند على التاريخ فقط بل إلى المثقفين والكتاب أيضاً الذين يؤكدون عليها مستشهدين بالواقع والأحداث التي عايشوها من 48 إلى 67 مروراً بكامب ديفيد واتفاقية أوسلو. يمكن تفهم موقف كتاب ومثقفي القرن الماضي عند الرجوع إلى كل ما عايشوه من انهزامات وخسائر متتالية نتيجة الحرب مع الصهاينة، ومن ذلك يمكن الوقوف على منبع روح الانهزامية العربية التي ساعدوا على نشرها في كتاباتهم وأقوالهم، إلا أن يومنا ليس بمثل أمسهم، وظروفنا الحالية مختلفة عن ظروفهم، فاليوم، مثلاً، وفي حرب غزة الأخيرة مع إسرائيل المحتلة، انتصرت غزة فيها بسبب ردها على هجوم إسرائيل، رغم أن هجوم الأخيرة لم يتوقف للحظة واحدة! مما حملها -وكمرة أولى- إلى الإسراع لطاولة المفاوضات من أجل هدنة سريعة تحفظ ماء وجهها أمام العالم والإسرائيليين! هذا بالإضافة إلى تغير النظام في مصر، وفتح معبر رفح بشكل دائم، وزيارة القيادات السياسية لغزة حتى وهي تحت القصف!
معادلة اليوم تختلف عن معادلة الأمس، وإن كان أصحاب معادلة الأمس يستندون إلى الهزائم التي عاصرتها القضية الفلسطينية في وقتهم، فيجب على أصحاب اليوم أن يستندوا على الانتصارات المعنوية والمادية التي تعاصرها القضية حالياً، لتتغير بذلك مسلمات نقشها الدهر، بمساعدة كتاب ومثقفين رحل معظمهم اليوم، وهذا ما بدأنا رؤيته خاصة بعد مقاومة حماس للدولة المحتلة في الحرب الأخيرة، إلا أن هناك بعض الكتاب و»أشباه» المثقفين رفضوا ذلك ولم يستسيغوا سوى الاستناد على الهزائم، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تنكروا للانتصارات عندما قضوا -مثلاً- بفوز إسرائيل في الحرب الأخيرة! وهذا مما لا يمكن فهمه، خاصة عندما تعترف إسرائيل نفسها بخسارتها وتفاجئها بالرد الذي حصلت عليه من حماس. ونجد هؤلاء أيضاً يصفون حماس بالجماعة الإرهابية وأن مقاومتها استفزاز، بينما صد إسرائيل لحماس هو دفاع متوقع كي تحافظ على أمنها! كلمات هؤلاء لا تدل في –الحقيقة- إلا على جهلهم وخطئهم عندما اعتقدوا بأن القراء سيتركون مقالاتهم وكلماتهم تمر مرور الكرام دون تحليل أو رفض، وتجلى خطؤهم في وسم تويتري فعال هو «تفكيك الخطاب المتصهين».
على هؤلاء الكتاب إعادة النظر في حساباتهم، وتقييم القضية الفلسطينية مع كامل الظروف الحالية المحيطة بها في كتاباتهم المستقبلية، ليخرجوا بمسلمات عصر جديد لا بنفس مسلمات عصر الانهزام العربي، وليحموا أنفسهم –أيضاً- من إعادة نشر أسمائهم ومقالاتهم في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية، كي لا تثبت تهمة التصهين بحقهم أكثر وأكثر في أذهان الناس!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 29 نوفمبر 2012

الخبث و الخبائث!

( ١ )
«اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث». الجملة السابقة التي اشتق منها عنوان المقال هي دعاء دخول الحمام أو الخلاء، كما كانوا يسمونه في عصور سابقة. الخبث هو جمع خبيث، أي ذكر الشيطان، والخبائث هي جمع خبيثة أي أنثى الشيطان، كما جاء في تفسير ابن الأثير.
كم مرة دخلنا مكتب مسؤول أو مجلس قريب وأردنا أن نقول هذا الدعاء قبل الدخول؟ واحترنا في الدعاء، أهو للشياطين غير المرئية أم المرئية أيضاً؟ ونقوله -أكرمكم الله- في حضرة المرحاض فقط، أم في كل مكان نشعر فيه بحضرة الشياطين؟
( ٢ )
الشياطين الاجتماعية هم الذين يلبسون في حضرتنا ملابس الأصدقاء والأخلاء الأنيقة، ليتعروا منها وراء ظهورنا، ويأنسوا بأمتع هواياتهم: بيع غيرهم كـ «علوك» لأفواه الناس!
(٣)
أخبث الخبث والخبائث هم الذين يمزجون مزحهم الثقيل بجرعة خفية من اللمز أثناء حديثهم بشكل «ودي»!
(٤ )
أعتى الشياطين -كمثال- هو النظام الأسدي المدمر لسوريا والقاتل للسوريين، أما بقية أنظمة العالم العربية وغير العربية، شياطين خرساء، ولا أدري أيهما أسوأ من الآخر!
(٥ )
أظرف الشياطين هم الذين يتشقلبون على ظهورهم وبطونهم إلى أن يضحكوك، ثم يضروك، لتكتشف بعدها بأنهم لم يكونوا -أبداً- مضحكين!
(٦ )
أكثر الشياطين إبداعاً هي التي تدخل لعقل الإنسان عبر الفن، والتي تدخل للفنون عبر الإنسان، وليس بالضرورة أن تكون ضارة، لكن العرب يعطونها مرتبة «شيطان» بسبب ارتباطها بالفن، فيقولون: «شياطين الفن!».
(٧ )
أجمل الشياطين هو الحب، سواء أكان بريئاً كحب الطفولة أو محرماً كحب الشعراء للكذب! هو بكل صوره جميل!
خاتمة:
قد تُوجد نسبة بطالة «للشياطين» في أحد المجالات، ولكن ليس في مجال «السياسة»!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 22 نوفمبر 2012

كن شخصاً غير عادي!

لا تكن ذاك الشخص الذي يمشي بملل كل صباح إلى عمله كي يعود في المساء بنفس ثوب الملل الذي يلبسه، ليشرب الشاي مع رجال الحارة! لا تكن ذاك الشخص الذي يبتلع أثقل الأكلات على الغداء لينسحب بعدها إلى سبات «قيلولي»، وليصحو بعد ذلك من نومه ليأكل طعاماً أثقل! لا تكن ذاك الشخص الذي يحلم في الليل ليعود إلى واقعه الكئيب في الصباح! لا تكن ذاك الشخص الذي لا يهمه نوع الموسيقى التي يسمعها في سيارته، ولا تعنيه رؤية الأفلام مع ابنته، ولا قراءة قصص الأطفال لصغيره في الليل! لا تكن ذاك الشخص الذي يمر كل يوم بجانبنا وجانبك ليسلم علينا بابتسامة متكلفة! لا تكن شخصاً عادياً، يعمل بشكل عادي غير دقيق، ويرى الأشياء عادية بدل أن يراها رائعة، ويصلي بروتين بدل أن يصلي بخشوع! لا تكن شخصاً عادياً كملايين الأشخاص الموجودين على الأرض، بل كن أنت وأكثر وكن مختلفاً في ذلك! أبرز شخصيتك وحلمك وفكرك واتبعهم وطورهم ومن ثم تعلم من أخطائك!
سبق أن قلت إن الاختلاف نعمة ورحمة من الله، وإنه لون من ألوان الأرض، فالأرض تختلف كثيراً عن باقي الكواكب والأقمار والشمس، ففيها الإنسان يعيش بأكسجين، وفيها اختلاف جغرافي وجيولوجي لا يوجد مثله في غيرها، بل إنها تختلف مع نفسها من مكان إلى آخر، من الصين إلى أميركا! والله تعالى خلقنا ذوي أشكال مختلفة كي يعبر ذلك –ونعبر- عن اختلافنا الداخلي الناتج عن الوعي والتفكر لا الانقياد والانصياع الأعمى وراء الآخر، فهذا هو أكبر خطأ قد يقع فيه أي إنسان اختار أن ينسى نفسه من أجل آخر، أو أن ينصب نفسه كمرآة لشخص آخر.
والحياة في يومنا هذا تلح على الفرد أن يكون مختلفاً، ففي العمل مثلاً يُقبَل من كان يعرف لغة أو لغات إضافية أو مهارة أو مهارات إضافية قبل غيره، وبشكل عام وفي كل مجال يجب أن يكون هنالك حماس للاختلاف والتغيير، فبدون الحماس لا يوجد اختلاف -إيجابي على الأقل- وإن وُجد فهو طفيف لا يكاد يبين! فالاختلاف يتطلب الحماس، والنجاح يتطلب الاختلاف! فستيف جوبز لم يكمل تعليمه الجامعي، وكان فاشلاً بنظر أساتذته، إلا أنه أنشأ «أبل» التي نعرفها اليوم، رغم أنه في مرحلة من حياته طُرد منها، أي الشركة التي أسسها وكان رئيسها! لكنه أصر واختلف عن باقي الأشخاص العاديين الذين كانوا يستسلمون ويقولون: «إن هذا ليس مقدراً! سنجد مجال عمل آخر نعمل فيه»، لكنه لم يفعل ذلك، بل ثابر إلى أن رجع إلى شركته مرة أخرى، وأخرج لنا الروائع من «الآي بود» إلى «الآي فون» و»الآي باد»! وكذلك لدينا أمثلة كثيرة من المبدعين أمثال أديسون الذي انتقل من بيع الصحف والحلوى إلى الاختراع وإدارة الأعمال، وأينشتاين الذي انسحب من المدرسة، ويشاع أنه رسب في مادة الرياضيات، إلا أنه بعد ذلك أصبح أحد أهم ١٠٠ رجل في تاريخ البشرية في القرن العشرين! هذا هو الاختلاف في الأنفس والأشخاص، رغم سوء الأحوال!
قال الله تعالى: «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»، وهذه الآية كانت إشارة إلى القرآن الذي نزل في ٦ آلاف آية، وعلى مدى ٢٣ سنة متقطعة، وأنه كان ستوجد فيه اختلافات كثيرة ومتناقضات لو كان من عند غير الله -أي من عند البشر-، فالاختلاف إذن واجب على البشر، ويتجلى ذلك خاصة في مدى حياة الإنسان نفسه، الذي يتغير من طفولته إلى مراهقته، ومن شبابه إلى شيخوخته، والفطن هو من يختار كيفية التغيير والاختلاف إلى ماذا، فلا يسلم أمره للزمان ليشكله كيفما تشاء الحوادث!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 15 نوفمبر 2012

حال العرب اليوم!

يعلموننا منذ الصغر أننا أمة عربية واحدة، وأننا لسنا أمماً متعددة تجمعها لغة تختلف لهجتها من بقعة لأخرى! يعلموننا منذ الصغر أن قضيتنا الأولى هي فلسطين، وأن عدونا هو الكيان الصهيوني، مهما تقدمت أو تأخرت المواجهات معه! يعلموننا أن الإسلام هو أكثر الأديان سماحة وسعة، وأننا أمة وسط، بل وإننا خير أمة أخرجت للناس، وأنه يجب علينا أن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر!
علمونا الكثير، إلا أننا وجدنا أنفسنا أمماً ودولاً متفرقة لا أمة واحدة، تفرقنا الأمور الكبيرة ولا تجمعنا الأمور الصغيرة! وجدنا أنفسنا ننسى فلسطين ونركز على بقية المصائب التي لا يكل تواليها على رؤوس العرب، بل وإننا نجد عرباً يؤمّنون حدود المناطق التي احتلتها إسرائيل، ومع ذلك يهتفون بالممانعة والمقاومة! عرفنا بأن الإسلام هو من أكثر الأديان المفهومة بشكل خاطئ من قبل أتباعها أكثر من غيرهم! فنراهم يتشددون والدين يوسع لهم، ويضيقون والإسلام يرحب بهم! وجدنا الأمة الوسط، متطرفة في نظر العالم، وأنها لا تأمر بالمعروف، هي فقط تنهى عن المنكر وتصر على ذلك حتى يتململ الطرف الآخر وينزعج!
الفرق شاسع ومحبط بين ما نتعلمه نظرياً في المدارس والبيوت وبين ما نراه واقعاً في الشوارع والصحف عن أمتنا العربية والإسلامية، فأممنا العربية اليوم ممكن أن تهجم على بعضها البعض بسبب مباراة كرة قدم! وهو أمر عادي بأن نسمع اتهامات من دولة عربية تتهم دولة شقيقة بدعم الاحتجاجات فيها أو دعم جماعة تُوجد داخلها! وأصبح شيئاً طبيعياً أن تستثمر دولة عربية في أخرى -بدل استثمارها في الدول الأوروبية- فتثور ثائرة بعض أفرادها فيتهمون الدولة الأولى بمحاولة احتلالها! هذا بخلاف فلسطين التي انقسم أهلها أنفسهم عليها، فأصبح لكل طرف منهم جبهة يحاول تعزيزها وحده دون أن يهتم أو يلتفت للآخر!
حالنا اليوم يجعلني أتحسر على أوقات في القرن الماضي، عندما كان هنالك وجود فعلي -أو قريب من ذلك- لجامعة الدول العربية في بدايتها، عندما كانت تساند الدول العربية بعضها البعض في المواقف والأفعال، خاصة نحو فلسطين، قضيتنا العربية الإسلامية الأولى. حال العرب اليوم يجعلني أتذكر مقولة عبدالله القصيمي عن العرب عندما وصفهم بالظاهرة الصوتية، ولو كان حياً في يومنا هذا لاختصر ما قاله بعبارة: «العرب: كذبة صوتية!»
أتمنى أن نعيد إحياء الأمل في أمتنا مجدداً، كي نغير حالها من واقع اليوم إلى ما كانت عليه سابقاً، كي ترجع قوتها و»توسطها»، ولن يحدث ذلك إلا بتطبيق ما نتعلمه نظرياً على واقعنا، كأمة عربية مسلمة واحدة، تفكر بعقل واحد، وتتحرك وتعمل بجسد واحد، تتداعى أعضاؤه إلى مساعدة العضو المريض فور مرضه، لا بالرقى فقط بل بالدواء أيضاً!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 8 نوفمبر 2012

كارثتنا وكارثتهم!

ضرب إعصار ساندي أميركا وهزها لأيام مخلفاً القتلى والدمار في مدنها وشوارعها، وقد هز الإعصار أيضاً صدور بعض «المسلمين»، ولكن ليكشف عن خراب فيها لا ليدمرها، فشمت من شمت بالكارثة الطبيعية التي عصفت بأميركا، ودعا من دعا عليها بالهلاك بكل ما فيها، وأن يتلقف الإعصار كل ما يمكنه من مدنها وغيرها من دعوات تجلت في وسم «تويتري» حمل اسم «اللهم اجعل ساندي كريح قوم عاد»!
نعم لقد حلت بأميركا كارثة، ولكنها كارثة طبيعية بفعل الاحتباس الحراري والعوامل الأخرى الطبيعية. ونحن نرى أن كارثتهم غضب وعق(و)بة من الله لهم، وهم يرونها في شكل (عقبة ( ، يقدرون بسهولة بعدها وفي وقت قصير، أن يمروا فوقها ويبنوا عليها الشوارع والمدن والبيوت، كما هو الحال بعد كل كارثة مشابهة تصادفهم.
ولكن ماذا لو حدث إعصار ساندي في مدينة عربية؟ هل كانت لتبقى المدينة واقفة على رجليها في اليوم التالي من بعد مروره بها أو حتى بعد ذلك بأسابيع؟! كارثتنا وفاجعتنا الكبرى ليست في هذه الافتراضات التي يمكن أن تحصل أو حتى حصلت في الماضي، بل هي في ما أصابنا في إنسانيتنا، فهنا تكمن الفاجعة! فليس هو من الدين ولا من الإنسانية بأن يدعو إنسان على إنسان آخر بريء مثله بالموت، بل وبأبشع الطرق التي سطرها الله كعبرة وعظة لمن سيخلف الأرض، بدل الدعاء لهم بالهداية وتركهم لشأنهم! ليس هذا بالفهم الصحيح للدين، ولو فهمناه فهماً صحيحاً ما كنا لنخرج بهذه النتيجة المخزية والمعيبة لصورة الإسلام والمسلمين!
يمكننا أن نقيم على أنفسنا مأتماً وعويلاً إلى أن نُرجع لأجسادنا إنسانيتها التي فقدناها، أما هم، فصحيح أن إعصار ساندي أحصى عدداً منهم وخلف خسائر تقدر بـ 50 مليار دولار، إلا أنهم سيداوون أنفسهم بسرعة وسيرجعون إلى ما قبل ساندي في مدة قصيرة، لأنهم سيعاودون الإنتاج، وهم -بالتأكيد- قادرون على استعادة الـ 50 ملياراً التي خسروها وأكثر، أما نحن فسنبقى كما كنا، وسنرجع لعجزنا وكسلنا لنقوم مرة ثانية عندما تصيبهم مصيبة أخرى، نتضرع بدعوى تقول -مثلاً-: «زدهم يا رب من عذابك ولا تبق منهم أحداً!» لنرجع بعدها لسباتنا العميق ملتحفين بلحاف الجهل السميك!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 1 نوفمبر 2012

صورة العربي النمطية

المشهد الأول:
رجل متسخ وقذر الملابس والوجه، لم يحلق لحيته وشعره منذ سنوات، يتجول في عرض الصحراء وطولها مع كلبه، ينتظر أحد عابري السبيل كي ينقض عليه ويسلبه كل ما يملك.
المشهد الثاني:
إمام انتهى من صلاته في المسجد، ثم اجتمع مع ثلة من الذين صلوا معه ليتناقشوا في وضع خطة تفجير مبنى مليء بالبشر.
المشهد الثالث:
عائلة تتجول في منزلها التي تملك داخله جبالاً من النقود المكومة والذهب وفي حديقته بئر نفط.
تتعدد المشاهد وتبقى صورة الرجل العربي الجاهل والقذر والعصبي المتعصب الذي لا يزال يلتحف السماء ويتنقل فوق الجمل، واحدة! هل هذه صورة العربي الحقيقية؟ هل هي صورة أغلبية العرب أم أقليتهم؟ وإن كانت هذه الصورة مشوهة فلماذا يحرص الغرب على إبرازها بدل صورة العربي الحقيقية؟!
الحقيقة أن الكثير من ساكني الشرق والغرب لا يعرفون «العربي» الحقيقي الذي قد لا يكون أياً من الصور السابقة الذكر، فلا هو مجرم عاطل، ولا إرهابي يتغطى بكسوة الدين، ولا هو ثري لا يعرف أين يصرف أمواله اليوم! معظم العرب ليسوا كذلك، بل إن البيئة العربية الجغرافية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، تجعل كل عربي تقريباً يختلف عن سواه في أكثر مسالك الفكر، لتنوع بيئته التي يغرف منها ولثرائها، وإن كان الغرب والشرق يحرصان على إظهار العربي كالحمار الذي يحمل الأسفار، فهذا لأن هذه هي الصورة التي شاعت عن العربي مذ عقود طويلة، كما أن معظم العرب الذين يتم تتويجهم على قمة الشهرة وفي واجهتها هم «أسياد» المرأة والإرهابيون المتأسلمون والمبذرون المسرفون والأغبياء الجاهليون، ومن تضعهم حقوق الإنسان والحيوان في قائمتها السوداء! هم لا يعرفون المفكرين منا ولا المثقفين ولا الأدباء ولا العلماء الذين يختلسونهم منا في أحيان كثيرة، هم لا يعرفون سوى من نحرص ويحرصون على إلقاء الضوء عليه من أجل متعة القارئ والمشاهد. فلماذا يعرضون صور الفلسطيني الصامد في وجه الاحتلال في الضفة الغربية وغزة مثلاً، وصورة الرجل الجاهل الذي يرقص من أجل ريال، أكثر إمتاعاً؟!
يشوه الغرب والشرق صور العربي ويصرون على ذلك، ولكن رغم ما تنتجه السينما والأدب العالمي من صور نمطية له، إلا أننا نساهم أكثر في تشويهها عندما نجادل المتجادلين ونخلق متطرفين جدداً كل يوم عن طريق إهمال الشباب بدل التركيز عليهم وعلى طاقاتهم المبدعة والمتقدة التي يحملونها في داخلهم، فهم من يساهمون فعلاً في تغيير العالم العربي وهم القادرون على تغيير صور العرب النمطية، إن فقط، منحناهم الفرصة لذلك.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 18 أكتوبر 2012

قفزة تاريخية!

‫(1)
في نفس السنة التي توفي فيها نيل آرمسترونغ، سقط علينا فيليكس بومغارتنر بمظلة من على ارتفاع ١٢٠ ألف قدم، أي من المنطقة التي تلامس الغلاف الجوي! ما السر الذي تتوقعونه وراء إنتاج الغرب كل هؤلاء "المغيرين" في تاريخ الإنسان، في حين أن العرب يعجزون عن إنتاج ملعقة صغيرة؟
(2)

في مكان ما في العالم، هنالك شخص يشاهد ويعيد مشاهدة الفيديو الذي صور سقوط فيليكس، كي يكتب ملاحظاته عن تلك التجربة الشجاعة، وعلى نفس الأرض، ولكن في مكان آخر بعيد، هنالك شخص يشاهد الفيديو لأول مرة كي يتأكد من حياة فيليكس، ثم يشاهده عدة مرات كي يثبت أن الفيديو غير حقيقي، وأن الشيء الأبيض الذي ظهر ساقطاً مرتجفاً ليس إلا كتلة بيضاء خالية من الجسد الإنساني!
(‫3)‬

يمكن النظر لقفزة فيليكس على أنها تجربة وعدت! أو تجربة شعرنا بالإثارة خلالها وخلاص! وفي أسوأ الأحوال ستكون كابوساً عند تغيير مناهج الفيزياء التي تشبعت من نيوتن والنظريات الحجرية!
ويمكن النظر إليها على أنها قفزة وليست سقوطاً فقط، بل إنها سقوط قصد حفرة التغيير والتاريخ والإنسانية التي لا تريد إلا أن تتطور وتتغير، فتزداد علماً ووسعاً!
(‫4)‬

 - ما الذي أوصل فيليكس إلى الكبسولة الفضائية التي قفز منها؟
- أوصله إليها إرادته وشجاعته وتشجيع من حوله، وبمناسبة ذلك، انتشرت نكتة تقارن بين تشجيع أم فيليكس له وبين الأمهات العربيات اللاتي يغضبن على أبنائهن إن هم حاولوا ركوب لعبة مرتفعة في مدينة الملاهي!
(‫5)

 ساعد جون كيتغنير -حامل الرقم القياسي السابق في القفز بالمظلة- فيليكس بومغارتنر على تحطيم معظم أرقامه، فوقعوا سوية ومباشرة إلى كتب التاريخ، فمن يحفر حفرة لأخيه، يقع فيها!
لماذا لا نفسر نفس المثل بهذا الشكل في ثقافتنا العربية؟
(‫6)

‬ يمكن لأي واحد منا أن يكون فيليكس، يجب فقط أن نجد أحلامنا ونجمعها بالإرادة القوية والثبور غير المنقطع، وأن نتأكد أن كل شيء نحلم به قد يتحقق لو آمنا بأنفسنا وسعينا وراءه، فلا شيء مستحيل!
(‫7)‬

 أكثر ما أحببت في تجربة قفزة فيليكس التي عشناها معه -و لكن بطريقة مغايرة- هو اجتماع القلوب حوله عند قفزه، فرغم اختلاف الأديان والأعراق والجنسيات والألوان، صلى الجميع من أجل فيليكس في تلك اللحظة! فما أجمل الإنسانية التي تجمعنا!

جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 11 أكتوبر 2012

قطر كما هي اليوم

قطر -رغم كمالها في أعيننا- إلا أنها كسائر بلدان العالم، وككل الأشياء المخلوقة، ليست كاملة، وبها ما بها من سلبيات وإيجابيات، وعليها انتقادات وإشادات، والمواطن الصالح هو الذي يذكر سيئات وحسنات بلاده، يذكر الأولى كي يغير واقعها فيمحوها بالحسنة، ويذكر الثانية كي يفتخر ببلده ومكانه الذي ينتمي إليه.
إنجازات قطر لا يمكن تضييقها كي تُلبس في مقالة صحافية، ولكن يمكن العروج على بعضها هنا، فتميز قطر في شتى المجالات وإن تم ذكره في جميع أصقاع العالم إلا أن ذكره على لسان أحد أبنائها دائماً مختلف، ففيه صبغة الفخر الممزوجة بشيء من الطموح وأمنية التقدم بخطوات أوسع إلى الأمام، وبذلك أسرد موجز بعض إنجازات وطننا اليوم في نواحٍ مهمة:
من الناحية السياسية، تجتمع دول العالم لتتفق على تميز قطر في تعاطيها على الصعيد السياسي والدبلوماسي، الذي تجمع به أضداد العالم على أرضها لترضي بدبلوماسيتها الرفيعة جميع الأطراف، وخير شاهد على ذلك دور قطر في المصالحة اللبنانية والفلسطينية والسودانية في دارفور، بالإضافة إلى سباقها دول العالم في تسجيل مواقف مشرفة، أقربها كان العام الماضي عندما أوضحت موقفها من ثورات شعوب الربيع العربي.
من الناحية الاقتصادية، كان اقتصاد قطر من أقل الاقتصادات تأثراً بالأزمة العالمية، كما أنه اتخذ طريقاً مغايراً في عوالم الاقتصاد، فجعل الاستثمار مورداً أساسياً له. فقطر اليوم عززت اقتصادها بباقة استثماراتها المنوعة في كل بلد وفي كل مجال وشكل، ولذلك فإننا عندما نصادف مجالاً استثمارياً ضخماً في أي بقعة من بقاع العالم، نبحث فوراً عن قطر، فالأكيد أنها لن تفوت فرصة كهذه!
من الناحية التعليمية، برامج الابتعاث موجودة في قطر لكثير من جامعات العالم وللتخصصات المختلفة الخارجية والداخلية، كما يوجد لدينا داخلياً المدينة التعليمية التي تحتوي على ثمان من أفضل الجامعات العالمية مثل جورج تاون، وجامعة تكساس إي آند أم، بالإضافة إلى مراكز أبحاث عالمية.
من الناحية الثقافية، لدينا سوق واقف الذي «يقف» على التراث والثقافة في أزقته ومعارضه، و»كتارا» التي تجمع بين ثقافات مختلفة في مساحتها الكبيرة «داخل» و»خارج» قطر، بالإضافة إلى دار بلومزبري- قطر للنشر التي تترجم وتنشر أعمال مهمة لقطريين وغيرهم، ولا ننسى أيضاً دور هيئة متاحف قطر في توثيق الثقافة وعرض الآثار والتاريخ ودمجها مع الفن، وخير مثال على ذلك متحف الفن الإسلامي الذي يُزين كورنيش الدوحة.
من الناحية الإعلامية، لدينا قنوات كقناة قطر والريان وباقة الجزيرة التي تبث من وفي قطر. وكم أزعجت الجزيرة بعض الناس، وفي بعض الأحيان نفس الناس الذين يحرصون على متابعتها وتصديق كل ما تبثه رغم أنهم -أنفسهم- من يحاولون جرح «مصداقيتها» في الوقت نفسه! فكيف لا تنجح وتبقى على رأس الهرم الإخباري العربي بل والعالمي؟!
من يقرأ ويسمع عن قطر سيتعجب بالتأكيد، فكيف لدولة صغيرة لا يتعدى مواطنوها 400 ألف نسمة أن تحدث كل هذا التقدم في شتى المجالات وفي وقت قصير؟! وعندما يتعجب سيضطر للقراءة مجدداً والبحث كي يعرف السبب، وأنا سأوفر له السبب دون أن يلج بحور البحث الصعبة، وهو أن قطر لديها أبناء يسعون وراء التغيير والتنمية التي تحلق ببلادهم إلى مصاف الدول المتقدمة، كما أن لديها قيادة تدفع بهذا التغيير وتشجع عليه، فكيف لا تتقدم دولة بشعب وقيادة كهذه؟


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 4 أكتوبر 2012

البنية التحتية القطرية!

مع سقوط أول أمطار هذا العام بعد انقضاء فصل الصيف في قطر، اعتلت الابتسامات الممزوجة بالضحكات وجوه المواطنين والمقيمين، فرحاً واستبشاراً بالخير الذي زين سماء يوم الجمعة الماضي على نحو مفاجئ، ولكن سرعان ما تغيرت أسباب الضحك والابتسام -إلى أسباب أكثر قتماً- عندما «غرقت» منطقة الشحانية وطريق دخان السريع «الجديد»!
مع غرق الشحانية وطريق دخان وانتشار صور السيارات الغارقة في المياه، ارتفعت أسئلة كثيرة على السطح، وشابت الموضوع رائحة كريهة تشبه رائحة المجاري التي تفتقد أنابيبها الكثير من مناطق دولتنا الكريمة! هل توجد في قطر بنية تحتية؟! وإن كان الجواب نعم، فهل هي «فاسدة» بقدر طريق دخان والشوارع الأخرى التي فاضت مع أولى قطرات المطر؟! هل هي موجودة لأننا «نسمع» بوجودها ولكننا لا نراها عندما يتطلب الأمر ذلك؟! وإن كان الجواب لا، فأين تذهب المليارات التي تخصصها الدولة لـ «أشغال» كي تبني لدولتنا البنية التحتية التي تستحقها؟! ماذا سنستفيد من شوارع واسعة بلا بنية تحتية متكاملة «تفيض» كلما زارتها بضع قطرات من المطر! ثم ما هدف تحمل المواطنين والمقيمين للحفريات التي تقيمها «أشغال» في الطرق من أجل «البنية التحتية» على مدار السنة إن كانت هذه النتيجة النهائية؟ وهذه الأسئلة تحملنا للسؤال الأهم: هل أصبحت «البنية التحتية القطرية» نكتة؟ ومن جعلها كذلك؟!
بعد يوم من غرق طريق دخان عقدت «أشغال» اجتماعاً «عاجلاً» لمراجعة البنية التحتية للطريق، وصرح مسؤول فيها بعدة «أعذار» لدرء الحرج الذي تسببت به الأمطار للهيئة، ومن هذه الأعذار أقتبس هذه الكلمات: «أشغال قامت بدورها منذ ملاحظة تجمع السحب الممطرة صبيحة الجمعة، حيث أعطيت التعليمات لغرفة العمليات بالهيئة لخروج شاحنات الصهاريج وآليات ضخ المياه إلى الطرق الرئيسة في وقت مبكر، لكن الأمر كان أكبر من المتوقع»، ويشير نفس المسؤول إلى أن «أشغال» وفرت عشر شاحنات صهاريج، وأسهمت وزارة البلدية والتخطيط العمراني بحوالي 30 شاحنة لشفط المياه المتجمعة.
هل دور «أشغال» توفير صهاريج شفط المياه أم تأسيس البنية التحتية؟! ما هذه النكتة السمجة! ثم يزيد مسؤول «أشغال» قائلاً: إن ارتفاع المنطقة التي يتواجد بها جسر الشحانية وانخفاض المناطق المحيطة بها، أسهم في تجمع كميات كبيرة من الأمطار، عجزت قنوات التصريف عن تحملها، وهو ما سيتم تداركه في التدابير التي ستتخذ من قبل الهيئة!! هل لنا أن نسأل كيف سيتم ذلك؟ هل ستوفر «أشغال» المزيد من الصهاريج أم سترجع لتؤسس بنى تحتية يمكننا منحها الثقة؟! وهل تعيش «أشغال» في عام ٢٠١٢ أم إنها لا تزال قابعة في عقود سابقة مليئة بصهاريج شفط مياه الأمطار؟!
نستضيف في قطر عشرات المؤتمرات سنوياً، بالإضافة إلى البطولات والألعاب وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي نفخر بإقامتها على أرضنا كما أننا ننتظر عام ٢٠٢٢ بفارغ الصبر وبأيدينا العاملة وعقولنا المخططة، نفس الأيادي والعقول التي تعمل من أجل تحقيق الرؤية القطرية الوطنية الشاملة لعام ٢٠٣٠، ومن أجل بلدنا والرؤية التي وُضعت من أجله، نحتاج إلى بنية تحتية تعادل طموحنا، لنقل دولتنا إلى مصاف دول العالم الأول، ولا نريد بنية تحتية ورقية، تُبل ويُشرب ماؤها ما إن تتجمع الغيوم ويسقط المطر!
قطر تستحق الأفضل يا «سادة»!


جواهر بنت محمد آل ثاني

صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 27 سبتمبر 2012

المرأة ليست المشكلة!

نشر الزميل القدير فيصل المرزوقي في الأسبوع الماضي، مقالاً باسم «بسنا حريم» كتب فيه عن المرأة وكيف أنها «أُقحمت» لتعمل في كل مكان في قطر في السنوات الأخيرة، وكيف أنها أفسدت «بقيادتها» بعض المؤسسات. استفز المقال البعض وأيده البعض الآخر، مثل الكاتبة ابتسام آل سعد التي كتبت مقالاً بنفس الاسم تؤيد فيه فكرة المرزوقي، بل إنها تزيد وتقول بأن القوامة يجب أن تكون للرجال فقط، وأنه يجب على النساء أن يكففن عنها! وأنا أستغرب قولها هذا وهي التي تقول في نفس المقال بأنها قد تجد نفسها يوماً ما «كوزيرة» إن ابتسم لها القدر!
أختلف مع الكاتبين الفاضلين، وليس لأن الاتهام قد وُجه لأفراد جنسي، بل لأني لا أرى كيف يمكن «للجنس» أن يفسد وزارة أو جامعة أو مستشفى! لا أفهم كيف يمكن الحكم مسبقاً بصيغة الجمع، وقول إن جميع النساء لا يصلحن لقيادة المؤسسات، وإن جميع من قاد المؤسسات منهن كانوا «طامة» عليها! واستناداً إلى مقالات «بسنا حريم» نستنتج أن السبب الوحيد الذي يمنع النساء من أن يصبحن قائدات عظيمات هو أنهن من الجنس الناعم! أريد من القارئ أن يتوقف هنا قليلاً كي يفهم مقصدي الذي أرمي إليه، وهو أن الجنس لا يحمل أسرار القيادة وروعتها، وأن التميّز لا يُولد مع الرجل دون المرأة، والعظمة لا تتربى في جيناته دون المرأة!
ورغم ذلك، فأنا أرى في تفصيل ذكره المرزوقي في مقاله بعضاً من الصحة، وهو أن هنالك بضعاً من النساء وُضعن في مناصبهن القيادية بالمؤسسات القطرية كي تصبح الصورة «منوعة» وما زلن فيها رغم سوء أدائهن ومخرجاتهن الوظيفية! وأنا أعارض هذا، وفي الوقت نفسه لا أدعو إلى أن نبدلهن برجال -كما يدعو المرزوقي- بل أدعو إلى إبدالهن بكفاءة أعلى منهن أياً كان جنس تلك الكفاءة! فالكفاءة هي المهمة هنا، وليس ذاك التفصيل السطحي «الجنس»!
لا يجوز الحكم على تجربة المرأة وهي التي بدأت تزاحم الرجال في المناصب القيادية في آخر عشرين سنة فقط، فهي تجربة شابة مقارنة بتجربة الرجال الذين يجلسون على الكراسي المهمة مذ قيام الدولة، والكراسي التي كانت من نصيب المرأة محدودة ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، أما بالنسبة للرجال فيدان لا تكفي لعد تلك المناصب، ولا المحاولات القيادية الفاشلة في أشغال والتخطيط والسياحة -سابقاً- وغيرها من المؤسسات!
في مجتمعنا عندما نتكلم عن المرأة نحن نتكلم عن نصف المجتمع القطري، المجتمع الذي يعاني من قلة سكانه بالأساس، ويحتاج لكل مواطنيه للنهوض والعمل على بناء الوطن، وهو نفس المجتمع الذي تتفوق فيه الطالبات على الطلاب في نسب الحصول على الشهادات الجامعية وما يعلوها، فكيف يمكن لأي أحد منا أن يجزم بفشل المرأة لأنها «امرأة» ويقول «بسنا حريم»؟


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 20 سبتمبر 2012

في ذكرى 11 سبتمبر

(1)
في ذكرى ١١ من سبتمبر، نشر كارهون للإسلام مقاطع من فيلم مسيء للرسول-عليه أفضل الصلاة والسلام- على اليوتيوب كي يسيئوا لصورة الإسلام والمسلمين، فساعدهم المسلمون على ذلك!
-كيف ساعدوهم؟!
-ساعدوهم بردود أفعالهم العنيفة التي طالت الناس والسفارات والمحلات التجارية والمطاعم وحتى المواقع الإلكترونية مثل اليوتيوب، الذي أغلقته دول إسلامية لأجل غير مسمى كي تمنع مواطنيها من مشاهدة الفيلم!
وفي غمرة ردة الفعل، نسينا بأننا نثبت ما بثه الفيلم، وهو أن المسلمين يقاتلون بوحشية كل من وما «يختلف معهم»! وغاب عن البال أهم شيء، وهو أن الرسول الكريم رغم كل الإساءات التي وجهت له في حياته إلا أنه لم يسئ أبداً إلى أحد أخطأ في حقه!
(2)
في ذكرى ١١ من سبتمبر، انتفضت الشعوب العربية وأقامت الاحتجاجات مقابل السفارات الأميركية من أجل فيلم أساء للرسول الكريم، ولم تفعل الشيء نفسه من أجل فلسطين أو شعب سوريا الأعزل الذي يواجه نظامه المجرم المسلح يومياً! وأنا أقلل هنا من حجم الفيلم وليس من حجم إساءته، فالرسول عندي أفضل من كل الأمم مجتمعة، ولكن الاحتجاج من أجل أي فيلم يحقق له الدعاية والرواج، أي يؤثر عليه إيجابياً، خاصة إذا كان فيلماً ساذج الحوار والإخراج، وفاشلاً من ناحية الإنتاج والتمثيل، كهذا، فهذه الأفلام ينساها التاريخ ما لم يوجه الناس الضوء عليها، ونحن قد صببنا كل الضوء على هذا الفيلم! وكنت أتمنى لو أننا روجنا للقضية السورية بدلاً لفيلم لا يرقى حتى لمرتبة الأفلام، فهذا ما كان سيفعله الرسول الكريم في توقعي!
( 3)
في ذكرى ١١ من سبتمبر قُتل السفير الأميركي في ليبيا بعد استهداف سفارته بصاروخ بينما هي محاطة بالمتظاهرين!
( ٤ )
في ذكرى ١١ من سبتمبر تذكر العالم بأن المسلمين ما زالوا متطرفين!
(5)
نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي خبر إرسال الولايات المتحدة الأميركية لسفينتين حربيتين وطائرات بدون طيار إلى ليبيا للتعامل مع أي اعتداء يستهدف مصالحها مرة أخرى هناك. هذا الخبر جعلني أتذكر هجمات سبتمبر في ٢٠٠١ على مركز التجارة العالمي، التي ضغطت الزناد الأميركي ليطلق رصاصه باتجاه العراق، البلد الغني تحت الأرض وفوق الأرض، ثم جعلني أتساءل ببراءة: «هل يكون الهجوم على السفارة الأميركية في ليبيا بداية «تدخل» أميركي في ليبيا البلد «النفطي»؟».
وأخيراً:
كان من الممكن أن يمر ١١ سبتمبر ككل الأعوام السابقة الأخيرة، لولا هجومنا العنيف على الفيلم الهزيل والمسيء لأشرف الخلق، محمد بن عبدالله، فكان من الأجدر أن تكون ردة فعلنا على شكل احتجاج سلمي ضد الفيلم وإساءاته التي لا تُغطيها مظلة حرية التعبير، بالإضافة إلى اتخاذ موقف دولي، حازم وقانوني ضد الفيلم والمسؤولين عنه، فذلك كان ليكون رادعاً لهم ولمن سيتجرأ بعدهم على اتباع نفس الخطى!


جواهر بنت محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 13 سبتمبر 2012

متى يتحرك العرب؟!

كان لهجمات سبتمبر عام ٢٠٠١ على مركز التجارة العالمي ردة فعل قوية، حُسبت كلها ضد مصلحة العالم العربي والإسلامي خاصة، وكان أحد آثارها غزو أميركا للعراق في ٢٠٠٣.
الآن وبعد أكثر من عشر سنوات على تلك الهجمات، لا تزال الاعترافات والشهادات تتوالى من أميركيين عملوا في دوائر مختلفة وحساسة في جسد النظام الأميركي، يقول مجملها إن أميركا علمت عن عملية إرهابية ستجري على أرضها، وبالأخص عملية خطف طائرة وتفجير لمبنى مهم -أي مركز التجارة العالمي- لكنها تغافلت عن هذه المعلومات المهمة والتحذيرات التي جاءتها من أكثر من مصدر، فلم تحتط أو تهتم، كما إن بعض الشهادات تقر بأن أميركا تخطط لغزو العراق منذ عام ٢٠٠١!
كل المعلومات السابقة ليست مهمة لأنها جاءت متأخرة عن الحدث و»الطيور طارت بأرزاقها» كما يقولون، ولكن المهم هنا هو التشديد على أن الفعل -الهجمات- تم بإرادة إدارة بوش، وإن كان بأيد أجنبية، وردة الفعل -الخاضعة تحت مسمى محاربة الإرهاب- كانت بأيد أميركية، كما أن الغزو الأميركي للعراق كان معداً له منذ سنوات سابقة للعام ٢٠٠٣، بحسب ما تقوله نفس المعلومات، وبغض النظر عن جوهر «الفعل» و»ردة الفعل» اللذين أحاربهما ولا أدعو إليهما، إلا أنهما صبّا في مصلحة الإدارة الأميركية، ومن أجل ذلك خططت لهما الإدارة جيداً، مما يجعلني أتساءل: «متى يتحرك العرب؟! متى يبدؤون التخطيط والاستثمار اللذين يقودان إلى أفعال وردود أفعال، تفيدهم وتفيد العالم؟! متى يضعون مصالحهم -كشعب ودولة- أولاً قبل أن يفكروا في مصلحة دولة أخرى قد تتخلى عنهم في أول أزمة؟! متى نرى الأفعال في العالم العربي لا الردود فقط التي تكون عبارة عن اجتماعات ومباحثات لا تنتهي إلى شيء، في معظم الأحيان، وإن انتهت إلى شيء تكون متأخرة دائماً؟».
العالم العربي بلا خارطة سياسية واجتماعية واقتصادية واضحة، ترشد العرب عبر السنين القادمة، وهذا ما يجعلني أتخيل الوطن العربي كإنسان واقف بلا عمل، لا يصافح إلا إذا مد الرجل الآخر يده، ولا يُسلم إلا إذا بدأ غيره بالسلام، ولا يجلس إلا إذا دُعي للجلوس، حتى وإن كان ذلك في مجلسه! ولكي يصبح الوطن العربي فعّالاً، يجب أن نبدأ التخطيط لمستقبل بلداننا، وأن نستثمر في أبنائنا وأوطاننا كي يكون لنا في الأيام المقبلة فعل وردة فعل، وليس الأخيرة، فقط!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 6 سبتمبر 2012

سنة أولى صحافة!

في مثل هذا اليوم، السادس من سبتمبر من السنة الماضية، نُشر أول مقال لي في صحيفة «العرب» القطرية، أي إني في هذا اليوم أُكمل سنة كاملة من الكتابة الأسبوعية -غير المنقطعة- في أقدم صحيفة وُجدت في قطر، ولله الحمد! وهذا بلا شك إنجاز لي، كما أتمنى أن يكون إضافة -ولو صغيرة- لصحيفة عزيزة علي وعلى القطريين.
أكملت أول سنة لي في مدرسة الصحافة والصحف بعدما تبنتني أسرة «
العرب»، وائتمنني الأستاذ الكريم أحمد بن سعيد الرميحي -رئيس التحرير- على زاوية في الصحيفة، لتصبح أولى خطواتي الرسمية في صحيفة «العرب». وفي هذه السنة الطويلة والمحمومة بعد الثورات العربية، بدأ مشواري في الصحافة -لا الكتابة التي اعتدتها مذ سنوات- وأنا أواجه مواضيع كثيرة تمنيت الخوض في بعضها ونقاش بعضها الآخر، إلا أني لم أفعل، إما لحدوث موضوع أهم في نفس الأسبوع أو لكثرة تفاصيل وتشعب الموضوع الذي أريد طرحه، ورغم ذلك كان عاماً مثيراً على عقلي وقلمي، تعلمت منه أموراً كثيرة في أسابيعه الطويلة.
تعلمت أن أخطئ ثم أصيب، عندما لا أدافع عن خطئي بل عندما أدينه وأصححه، وأن خطئي مهما كان، هو محاولة في النهاية، إن نجحت، كنت لأسعد بها، وإن لم تصب، سأتعلم منها.
تعلمت أن المصدر هو سيف الصحافي، وبلا مصادر قوية يصبح الكاتب بلا حجة والناس بلا رحمة، ويحق لهم ذلك!
تعلمت أن رضا الناس عملة لا يمكن شراؤها، فحتى أطهر مقال عن السلام والحب قد يلقى معارضين ومستهزئين!
تعلمت أنه من واجب الكاتب متابعة الأخبار التي تحصل حوله وحول العالم، كي يكتب ما يخطر في باله وفي بال الكثير ممن لا يجيدون التعبير عما في داخلهم، فبعض الناس يتابعون كاتباً معيناً كي يسمعوا أصواتهم -لا صوته- من خلاله.
تعلمت أنه لا وجود لفرص من دون عمل، فالفرص تطرأ، فقط، بعد العمل والسعي وراءها.
علمت أن الكتابة إدمان منعش، وارتواء يجعل حامل القلم -بعد نفاده من وضع أفكاره- ينتشي.
علمتني الكتابة الكثير في عام كما أتمنى أن أتعلم أكثر في الأعوام المقبلة -بإذن الله- فمخاطبة الناس من أسبوع لأسبوع فرصة للكاتب كي يكون قلماً للمواطن الحر وعقلاً مفكراً يجري وراء العلم كما تجري عيونه باتجاه الضوء، وأهم شيء أن يستغل الكاتب قلمه من أجل الحق والناس ولا شيء دونهما، كي لا يسقط وتتساقط عليه أقلام الناس!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 30 أغسطس 2012

شأن داخلي

كل شعوب العالم تهتم بشؤون دولها، سواء أكانت الداخلية أو الخارجية، ولا يمنع ذلك من وجود طبقة منهم لا تهتم ولا تلتفت للأمور السياسية، التي يراها البعض منهم «مزعجة» و»ثقيلة دم»، ولكن حتى هذه الطبقة قد تلتفت إلى شؤون وعلاقات دولها السياسية إذا ما تلقفها العالم والناس، فعلقوا عليها وتحدثوا عنها. هذه ظاهرة طبيعية حيث إن الناس لن يتوقفوا عن الكلام، والكلام يجذب الانتباه، خاصة إن كان الحديث عن السياسة، التي يجذب الحديث عنها الناس، أكثر مما يجذبهم خبر عن أحد المشاهير، الذين يتصدر أيضاً قائمتهم الكثير من الساسة! لكن ما هو غير طبيعي، هو قيام بعض أفراد وحتى مسؤولي دول مختلفة -عربية- بمهاجمة شعوب ومسؤولي دول مجاورة، وتوجيه الخطاب لهم، بطريقة فوقية استهزائية، وفي بعض الأحيان على نحو تهديد، في حالة حدوث حدث سياسي أو غيره، كبيراً كان أو صغيراً في تلك الدول! ويقولون إن هذا هو من حقهم ومن حريتهم –ما لم يشب الأمر سب أو شتم أو عنصرية وطائفية-، والحقيقة أنهم لهم حق حرية التعبير والرأي ما لم يتعدوا بحرياتهم على حرية أحد. ومع ذلك، يقع نفس هؤلاء في تناقضات عندما يمجدون حرياتهم وحقوقهم، وهم يخاطبون الأحداث التي تحصل حولهم و»حولنا»، ويمنعون الآخرين من الحديث عما يجري «حولهم» فيقولون: ويحكم إن هذا إلا شأن داخلي يخصنا! وهنا يقع الخلل الذي يثقب جدار حرياتهم التي يصبغونها على أنفسهم ويمنعون الناس منها.
لكل دولة شؤونها الخاصة التي تستطيع أن تمنع دولة أخرى من التدخل فيها للتأكيد على سيادتها الداخلية والخارجية، ولكن لا تستطيع نفس الدولة منع الأفراد والأجانب من التعليق أو التحدث بشأنها، لأن هذا كله لا يُعد تدخلاً ما دام بعيداً عن الاتهام والتحريض والأفعال الأخرى التي تعد دولياً غير قانونية. وبعد الثورات العربية، انفتح العرب على شؤون بعضهم، الداخلية والسياسية خاصة، فقرؤوا وشاهدوا وسمعوا عنها ثم تحدثوا وكتبوا وعلقوا عليها في خطوة لتوسيع المدارك الفكرية السياسية، والثقافية، والاجتماعية، فترى العربي يتابع أحداث تونس، ويعرف تحركات الإخوان في مصر، ويكتب عن انتخابات ليبيا، ويهتم بزيارات ولقاءات مسؤولي الخليج، فُيعلق على أي حدث يشد لسانه، وهذا من حقه، كما هو من حق أي طرف آخر يريد الحديث في نفس القضية، وكما هو ليس بمقدور أي منهما منع الآخر من هذا الحق، وإن تسلح أحدهما بكلمتي «شأن داخلي»! فكيف يسمح لنفسه ويمنع غيره؟!
أفسحوا لغيركم المساحة التي تفسحونها لأنفسكم، استخدموا حرياتكم بحدودها، ولا تمنعوها الآخرين، فالناس تستسيغ المساواة، خاصة في حرية التعبير!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 23 أغسطس 2012

عيد المتنبي وعيدنا

من منا لا يعرف بيت المتنبي المشهور والقائل: «عيد بأية حال عدت يا عيد، بما مضى أم بأمر فيك تجديد»! من منا لم يمل سماعه أو حتى قوله في الأيام الماضية؟! هذا البيت الذي ينتشر في العيد خاصة، أصبح مستهلكاً لدرجة أنه فقد لمسة المتنبي الذي كتبها، فهذا البيت من الأبيات التي فقدت لذتها بسبب كثرة الاستعمال في مناسبة واحدة تتكرر سنوياً مرتين! فأصبح البعض لا يقول «كل عام وأنتم بخير» إلا ويلحقها ببيت المتنبي، الذي لو علم بهذا الأمر لما تحسر على نفسه وعيده فقط، بل تحسر على أعيادنا كلها!
العيد هو فرصة للفرح ولصلة الرحم والاستيقاظ المبكر والسلام على الأهل وتوزيع الابتسامات والحلوى. العيد- وخاصة عيد الفطر- هو كرم من الله علينا، ورفق بعد شهر كامل من التعب ومجاهدة النفس، فما فائدة استقباله بروح سلبية؟ لماذا لا نستقبل العيد كما نستقبل شهر رمضان الفضيل، فليس هو بأقل منه، وقد جعله الله بداية لما بعد الشهر الكريم، وكأنه صفحة بيضاء جديدة ننطلق منها إلى الحياة مرة أخرى!
الحقيقة هي أننا -العرب- شعب جُبل على الحزن والهم والتأكيد عليهما! لا بسبب غزو الآخرين لنا، بل بسبب معاركنا مع أنفسنا وما بيننا! فنحن الذين خلقنا هذا الحزن كما خلق المتنبي بيت «رثاء العيد»! نرثي العيد بدل أن نمتدحه بسبب أحوالنا التي حالت من سيئ إلى أسوأ! فكما كنا في هذا الوقت من السنة الماضية نحمد الله على التقدم في ليبيا، نبكي الآن، ونندب حظوظنا فيما يحصل ويتركه المجتمع الدولي ليحصل في سوريا! لم يتوقف إجرام النظام الأسدي في شهر رمضان ولا حتى في آخره، وبالطبع لن يتوقف في العيد فهو لا يفرق بين الأيام، ولا بين أفعال الشيطان وأفعال الإنسان، ولكن الأكيد أن الثورة السورية لن تتوقف ولن تقف أمام أي تهديد أو خوف باتجاه النظام ومجازره، بل ستكمل لأيام قد تقصر في صدور السوريين الشجعان وتطول في صدورنا مع الدعاء، ولكنه بصيص الأمل الذي لا يموت! فما كان لثورة أن تفشل ولشعب أن يسقط وهو يقاتل العالم كله من أجل الحرية! بل يسقط العالم الذي يتآمر على هذا الشعب الصامد لوحده! ويسقط الطاغية والعيد الذي يخرج صوره في التلفاز!
التجديد في هذا العيد يكمن في وحدة قلوب العرب باتجاه القضية السورية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في لبنان. نعم، مكان سوريا الحساس من جميع النواحي، صعب الأمر على الثورة السورية، لكن الانشقاقات الأخيرة والتقدمات التي ما إن تتباطأ حتى تتسارع، تؤكد أن نجاح الثورة السورية واقع، سواء أكان ذلك عاجلاً أم آجلاً، وتغنينا ببيت المتنبي ليس دليلاً إلا على الرضا بحالنا وحال العرب والقناعة بأننا عاجزون عن الحركة! وهذا غير صحيح، يمكننا البدء عن طريق الفرح بالعيد والابتسامة والدعاء لأنفسنا ولإخواننا المسلمين في كل مكان، كخطوة صغيرة ما إن نفعلها حتى تتلاحق بقية الخطوات!
وكل عيد وأنتم بخير!


جواهر بنت محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 16 أغسطس 2012

من الأرض إلى المريخ

في ٦ أغسطس ٢٠١٢، حط المسبار الفضائي كيوريوستي الأميركي على المريخ، كسابقة صفق لها الإنسان والتاريخ!
(1)
بدأ العمل على مسبار فضول في ٢٠٠٤، وانطلق إلى وجهته -المريخ- في نوفمبر ٢٠١١، فماذا فعل العرب في نفس هذه المدة؟ وهل حددوا وجهة أصلاً؟
(2)
تساءلت في الأسبوع الماضي: ماذا لو جئنا بفريق كيوريوستي المريخي وفريق المريخ السوداني، فمن سيشجع العرب؟ ثم تساءلت: وهل يعرف أحد منا أسماء ١١ باحثاً على الأقل من الفريق الأول، كما يحفظ البعض أسماء لاعبي الفريق الثاني؟ وهل يبالي أحد بأنه ضمن فريق عمل رحلة كيوريوستي باحث عربي اسمه نور الدين مليكشي، يقيم في الولايات المتحدة، وتعتمد عليه الدولة وناسا كما تعتمد على آلاف العقول العربية المهاجرة؟!
(3)
يستطيع الفضول أن يوصل الإنسان إلى أي مكان أو شيء يريده، ولأن الأمريكان آمنوا بأن هذا الشعور الغريزي قادر على إيصالهم إلى أعلى المراكز، استثمروا وقتهم وأموالهم في البحث العلمي، ليصل بعد ذلك خبر نزول «فضولهم» على المريخ!
(4)
كلفة المسبار الفضائي فضول 2.5 مليار دولار. بعد قراءة هذه المعلومة يجب أن نقر بأن هذا المبلغ أكبر من الميزانية التي تخصصها بعض الدول العربية لمجال البحث العلمي، ثم نرجع لنقر بأن هناك فعلاً مشاريع «أرضية» تقيمها بعض هذه الدول بميزانية تقارب المليارين ونصف، ولكن الفرق هو أن هذه المشاريع قد لا تصل إلى وجهتها النهائية، كما فعل المسبار الملياري!
(5) 
ما إن احتفلت أميركا بهبوط مسبارها على المريخ حتى تسابقت الدول على إعلان إرسالها رحلات إلى الكوكب الأحمر في المستقبل.
ملاحظة: الهند وروسيا من هذه الدول، ولا يوجد في السباق المريخي دولة عربية.
(6) 
قال بعض المسنين فكرياً: دعوهم يتمتعوا بالمريخ والقمر، فنحن لنا الجنة في النهاية! فرد عليه رجل آخر: وكيف سنصل إلى الجنة إن لم نستكشف السماء؟


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 9 أغسطس 2012

حتى تكون الرياضة ثقافة!

فازت قطر في أولمبياد لندن ببرونزيتين غاليتين في ألعاب مختلفة، رغم المشاركة الشابة والجديدة نسبياً لكل من اللاعبين والدولة. هذا الحدث العظيم، قابله الكثير بالفرحة العارمة والفخر الصادق بسبب هذا الإنجاز الذي يرفع اسمي الوطن والرياضة في المحافل الدولية، وقابله آخرون بعدم اهتمام وتبرم، فمن وجهة نظرهم الفوز في مسابقة رياضية ليس أكبر الطموحات ولا أعلى الجبال، ومن رأيهم أن هناك مجالات أولى بنا الخوض فيها والفوز بصدارتها. وجهة نظر ورأي الفريق الثاني لا تتعارض مع فرحة وطنية لفوز دولي، ولا تقزم الإنجاز الرياضي، فبالفعل هناك مجالات أولى بنا الفوز بصدارتها كالصحة والتعليم، ولكن يبقى المجال الرياضي أيضاً من أهم مجالات الدول المتقدمة، فالرياضة بشكل عام -بعيداً عن منافسات الأولمبياد- مهمة لحياة أي إنسان، بل إن الإنسان تعتمد حياته على الرياضة والحركة، وبدونهما قد يصيبه المرض ثم الموت! صحيح أنه يوجد أشخاص لم يعرفوا الرياضة يوماً ولم يمرضوا وعاشوا بصحة إلى حين وفاتهم، لكن هؤلاء هم الاستثناء بين بني البشر الضعفاء، الذين لا تفيدهم الرياضة في صحتهم الجسدية فقط، بل وحتى النفسية، فتعلم الإنسان المثابرة والعزيمة، والصبر، وتهذيب النفس وكبحها، وصفات شتى تلتصق بشخصية الإنسان، فتجعله شخصاً أفضل، جسدياً ونفسياً وعقلياً، وقد تساعده في عمله أيضاً، إن كان ذا عمل يتطلب مهارة جسدية معينة.
الرياضة أسلوب حياة، تجعل الإنسان في أفضل وضع يتعامل فيه مع باقي نواحي حياته، والأفضل من ذلك عندما تصبح الرياضة ثقافة يغرف منها الإنسان، لأن الثقافة تعني الوعي، والوعي يعني المعرفة التامة لفوائد الرياضة على الجسد، المفتاح الأسرع للروح.
الرياضة ليست ترفاً ولو كانت كذلك لما قال سيدنا عمر رضي الله عنه: «علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل»، في وقت كان معنى الترف فيه، الجلوس على فراش وثير، تحت ظل كبير، بل أصبحت الرياضة حاجة ماسة، لتلافي مرض السمنة والأمراض التي تلحق به، خاصة بعدما أشارت الإحصائيات الجديدة إلى ارتفاع هائل في معدلات السمنة في بلدنا!
أخيراً، يجب علينا أن نعلم أنفسنا ومن ثم أطفالنا، ثقافة الرياضة ورياضة الثقافة، فالأولى تمد أجسادهم بالصحة والثانية تمد عقولهم بالعافية!


جواهر بنت محمد ع. آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 2 أغسطس 2012

من لندن إلى قطر!

انتهى حفل افتتاح الأولمبياد لعام ٢٠١٢، الذي أقيم في لندن، وما إن انتهى حتى بدأ الناس بالمقارنة بينه وبين حفل افتتاح دورة ٢٠٠٨، الذي أُقيم في بكين، ورغم كل المقارنات إلا أنه كان بالتأكيد حفلاً لن ينساه أحد! منذ بداية الحفل وعبر تاريخ بريطانيا -التي حرصت على أن تكون عظيمة في أعين العالم- وإلى دخول الملكة بصحبة أشهر جاسوس في العالم، ومن ثم اللوحات الراقصة وتاريخ الدولة الموسيقي وتكريمها لراحليها وحاضريها من أبناء وبنات، لم تكن طريقة إشعال الشعلة أقل إبهاراً، ولكن الذي أبهرني أكثر من كل هذا، هو أنه تم بطريقة بريطانية مائة بالمائة، جعلتني أتوقف عند هذه النقاط:
- مخرج الحفل هو البريطاني داني بويل الذي أخرج من قبل الفيلم الأوسكاري «المليونير المتشرد»، وقد أخرج هذا الحفل بـ ٤٢ مليون دولار فقط لا غير!
- محطات الحفل كانت جلها بريطانية الأصل والمنشأ، من التاريخ البريطاني إلى بول ماكارتني الذي أشعل الحفل بموسيقاه!
-  الحفل مذ بدايته وإلى نهايته عبارة عن تكريم كبير، شمل الصغير والكبير من البريطانيين، ووجدت أقرب تكريم إلى قلبي هو تكريم مستشفى الأطفال قوش، الذي حصل على مرتبة أفضل مستشفى للأطفال في بريطانيا! وبالإضافة إلى ذلك، تم تكريم الموسيقا والأدب والمخترعين الأحياء والأموات والأفلام والتاريخ والرياضة في هذا الحفل التكريمي الكبير!
-  شارك الجميع في الحفل، ولكن من أنجحه كان المتطوعين الذين هبوا من جميع أرجاء بريطانيا كي يشاركوا في تجميل صورة بلادهم.
- ملابس الفريق البريطاني الأولمبي من تصميم البريطانية ستيلا ماكارتني ابنة السير بول ماكارتني المغني السابق في فريق البيتلز الذي غنى أيضاً في الحفل، وملابس الفريق الإيطالي الأولمبي من تصميم أرماني، العلامة الإيطالية الشهيرة، أما ملابس الفريق الأميركي الأولمبي، فكان من تصميم رالف لورن الأميركي الذي صمم أيضاً ملابس الدورة السابقة، ولكن هذه المرة أثار غضب الأميركان وجيشهم عليه عندما صُممت الملابس في مصانع في الصين بأيد صينية بدلاً من أيادي أبناء بلده!
مقتطفات كثيرة ستُحفر في أذهان الناس الذين شاهدوا هذا الحفل المميز من مشاركة مستر بين وقفز الملكة قبل جيمس بوند من الهليكوبتر، وغيره كثير! وأعرف أنه بجانب المقارنات التي حصلت بين حفل افتتاح أولمبياد بكين ولندن وسيدني، كان الكثير من أبناء العرب يفكرون بقطر! هل ستكون قطر مستعدة لحفل أكبر من هذا في عام ٢٠٢٢ عندما تستضيف كأس العالم؟! هل ستُخرج حفلاً بميزانية أكبر بقليل ولكن أفضل وبأيد قطرية مائة بالمائة؟! هل ستكون الملابس قطرية والمتطوعون قطريين والكل مشارك؟! هل ستُحل الأزمة المرورية بحلول ذلك العام وستجري الأمور بسلاسة تشابه سلاسة الماء؟! الطريق إلى ذلك الحفل القطري العالمي طويل، لكن السنين تجري بسرعة، وأدوات التطوير بطيئة، ولذلك يجب التفكير والعمل مذ هذه اللحظة!



جواهر بنت محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 26 يوليو 2012

امرأة من سيشيل

سيشيل عبارة عن دولة مكونة من أرخبيل، تقع في المحيط الهندي، وتعتبر من القارة الإفريقية جغرافياً، ومن القارة الآسيوية من حيث السكان. وأنا لم أزر أياً من جزر هذه الدولة، ولكني رأيت المناظر الحسنة منها عندما شاء الله أن أتبادل المقاعد في الطائرة البريطانية المتجهة من لندن إلى الرياض، ومن ثم إلى الدمام، مع امرأة أرادت الجلوس بجانب ابنها، وإن فصل بينهما ممر في الطائرة. جلست بينها وبين أمي أتمعن في سمارها، وعباءتها وحجابها المحكم، ثم حكمت على الفور بأنها خليجية، ولكنها كما علمت بعد كلامي معها لم تكن، بل كانت من سيشيل.
بادرتها أمي الحديث عن الطائرة وساعات التأجيل، وأجابتها تلك المرأة بابتسامة وبصوت خفيض اعتذرت عن خفضه ولم تخبرنا السبب الذي عرفناه بعد ذلك ألا وهو أنها صائمة. صامت هي وابنها طوال الرحلة التي تأخرت عن موعدها ساعتين، والتي بسببها كنا متواجدين في المطار مذ الصباح الباكر. رغم رخصة الإفطار التي منحها الله للمسافرين ورغم المشقة، صامت وضحكت معنا وطلبت من ولدها مساعدتي في حمل حقيبتي ومني أنا وعائلتي زيارتها في منزلها، ومع ذلك لم تترك قرآنها الذي قرأت منه في الرحلة.
تركت هذه المرأة في نفوسنا أثراً جميلاً بسبب ابتسامتها اللامعة وأخلاقها السمحة التي يجدر بنا محاولة التحلي بها، خاصة في رمضان، ورغم ذلك لا نجعلها أخلاقاً ذات طابع سنوي تلحق به فقط بل أخلاقاً خالدة، تستقر في نفس من يعطيها ومن يتلقاها.



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...