الأحد، 28 مارس 2021

ماذا حدث للصحف القطرية؟

نشرت منذ فترة، امرأة قصة التحرش بطفلتها على الانستجرام. روت فيها ماذا حدث لابنتها الصغيرة في الحضانة، و كيف أنها-أي الأم-حاولت أن توقف العاملة المتحرشة عن العمل دون جدوى. تفاعل المجتمع القطري في انستجرام مع القصة بالتعليقات الداعمة و بنشر القصة في كل مكان لتأخذ الأم حق طفلتها، حتى أنهم قاموا بإرسال القصة لعدد من الجهات في الدولة مثل مركز أمان و وزارة الداخلية لفتح تحقيق حول الموضوع. و تم ذلك و لله الحمد، و لكن أكثر ما لفت انتباهي، بأن الكثير من المهتمين بالقصة، أرسلوها لموقع Doha News  (أخبار الدوحة) الإخباري الناطق باللغة الإنجليزية لنشر الخبر و التحقيق فيه. و فعلاً، قام موقع أخبار الدوحة بنشر الخبر بعدها بأيام. و من ثم نشر بعد الخبر مقالة مطولة عن كيفية تحدث الآباء لأطفالهم عن التحرش الجنسي. مقالي هذا ليس دعاية لأخبار الدوحة، فأنا لا أتفق مع كل ما ينشرونه، و لكن يُحسب لهم أسبقيتهم و تميزهم في نقل الخبر و نشر التحقيقات في قطر. و من هنا يُطرح السؤال عن الصحافة القطرية الورقية. أين هم و ماذا حصل لهم؟

الحقيقة بأن لا أحد-وأنا منهم-فكر بإرسال خبر التحرش بالطفلة لصحيفة قطرية. ما السبب؟ ما العلة وراء تراجع الصحف القطرية في السنوات الماضية؟ الطرح لم يعد كما كان. الأخبار في الصحف القطرية أصبحت متشابهة، و الفرق بينهم في العناوين وحسب. التحقيقات المحلية قليلة و أغلبها بلا فائدة تذكر. و المقالات أصبحت ضعيفة، و لا تثير القارئ كما كان يحدث بالسابق. و فوق هذا كله، المواقع الإلكترونية للصحف باهتة و بطيئة، وغير مواكبة لوقتنا هذا!

أسباب تراجع حال الصحف القطرية متعددة، منها هجرة كتاب المقالات عالم الصحافة التقليدي إلى العالم الافتراضي الرحب غير المقيد بزمان أو مكان أو رقيب! و ضعف مؤهلات المسؤولين عن الأخبار و التحقيقات و الموقع الإلكتروني و عواميد الرأي. بل و قد تكون المشكلة إدارية بحتة! الأكيد بأن على المسؤولين في الصحف القطرية مراجعة أنفسهم و صحفهم لتحديد مواطن المشكلة و من ثم علاجها. فبعد أن كانت الصحف القطرية منافسة لبعضها البعض وفي محيطها، أصبحت نسخاً مكررة لا يميزها سوى رسوم الكاريكاتير لفنانين رائعين أمثال محمد عبداللطيف و عبدالله السبيعي!

واقع الصحافة القطرية بشكل عام، لا يسر، و لكن عندما نقارن الصحافة الورقية بالتلفزيونية، نجد بأن التلفزيونية أفضل بكثير من نظيرتها، ففيها على الأقل، محاولات للتغيير و للتطوير كما حدث على سبيل المثال في تلفزيون قطر عبر برنامج الحقيقة، و كما يحدث باستمرار في قنوات الكأس و الريان في محاولاتهم لاستقطاب الشباب القطريين و تشجيعهم. بقي لنا أن ننتظر ثورة الصحف القطرية. متى ستحدث هذه الثورة و كيف؟ متى ستلتفت الصحف إلى قضايا المجتمع و تنقل الواقع؟ هذا ما سيكشفه الوقت لنا. كل ما أتمناه هو حدوث ذلك قبل هجرة القراء التامة للصحف القطرية.

 

 

جواهر محمد آل ثاني

الاثنين، 22 مارس 2021

حان وقت التعافي!

 

٢٠٢٠ كانت سنة عصيبة على العالم أجمع. الجميع خسر شيئاً ما، إما عمله أو ماله أو صحته أو قريب له! كوفيدـ١٩، كان و لا يزال السبب وراء كل ذلك. ففي نفس هذا الوقت من العام المنصرم، المطارات و المقاهي و المحلات التجارية أُغلقت. العائلات و الأصدقاء تفرقوا. الاقتصاد العالمي تدهور. تملك الناس الرعب و الهلع، كل ذلك و غيره، كان له أثره الباقي في صحة الانسان النفسية و الجسدية. و علة الجسد، قد يكون تشخصيها و تطبيبها متاح و سهل، و لكن علة العقل و النفس و العاطفة هي المعضلة الحقيقية. و برأيي هذه العلل النفسية هي أبرز مخلفات كوفيدـ١٩ حول العالم.

في دراسة تم القيام بها في شهر يونيو من العام المنصرم، تم الإفصاح بأن ٤٠٪ من الأفراد البالغين يعانون من اضطراب نفسي أو مشكلة تعاطي مواد مخدرة. و أن شخص من بين كل ٦ أشخاص ما بين الأعمار ٦ و حتى ١٧ سنة سيعاني من اضطراب نفسي كل سنة. تم عمل هذه الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، فكيف لو أنها شملت الدول التي كابدت إغلاقات كورونا بالإضافة إلى الحرب و المجاعة و الفقر؟! الأكيد بأن الإحصائيات ستكون مختلفة و أكثر إزعاجاً. و من هنا أشدد على أهمية الصحة النفسية. فإن استقرت النفس، وجد الجسد توازنه و مركزه. و أخص بالذكر الاضطرابات النفسية مثل القلق و التوتر و الاكتئاب و الرهاب الاجتماعي و الوسواس القهري، الذي أظهره كوفيدـ١٩ على السطح بعد الاغلاقات العالمية و التباعد الاجتماعي و الإجراءات الاحترازية. فلا يجب التهاون أبداً مع هذه الاضطرابات التي تؤثر على سلوك الفرد و تفكيره بشكل سلبي، بل و قد تتطور إلى رغبة في الانتحار أو إيذاء النفس أو الغير أو أن تؤدي إلى أمراض عقلية لا سمح الله في حال تجاهلها أو التأخر في علاجها.

الصحة النفسية مهمة بقدر الصحة الجسدية أو ربما أكثر. و هذا ما يجب أن يتأصل في ذهن العقلية العربية التي لا تزال ترى أن سبب الاضطرابات النفسية (الرئيس) هو "البعد عن الله و التخلي عن العبادات". فكم من شخص مكتئب، قيل له: "صلْ، و اقرأ سورة أو سورتين من القرآن، لتبعد عنك الأفكار السوداء!". كم من شخص قلق قيل له:" تعوذ من ابليس و كل وجبة خفيفة تطفأ بها دوار رأسك و برودة أطرافك!". هذه العقلية الخائفة حتى الموت من الاضطرابات النفسية، هي ما تساهم في تكاثر الاضطرابات النفسية و نموها.

يجب علينا أن نتقبل وجود الأمراض النفسية في المجتمع العربي، و أن نجعلها أمرأً عادياً بتعاملنا معها كما نعامل الأمراض الجسدية، عبر الذهاب إلى الأطباء المختصين، و أن نتحدث عنها بشكل طبيعي في جلساتنا اليومية و الاجتماعية. لا عيب في المكتئب الذي يحاول التخلص من اكتئابه، العيب كل العيب في من يرى في الذهاب إلى الطبيب النفسي أمراً يدعو إلى السخرية و التنمر!

الحديث عن الصحة النفسية و خاصة في وقتنا الحاضر يطول، خاصة مع حالة التباعد الاجتماعي الذي أُجبرنا عليه، و لكن هنالك خطوات صغيرة يمكننا التمسك بها حفاظاً على صحتنا النفسية و العاطفية، أبرزها التمسك بعلاقاتنا الاجتماعية و إن كانت "عن بعد" في أيامنا هذه. فالعلاقات الاجتماعية الناجحة أو "المحبة" وفقاً لدراسة شهيرة أعدتها جامعة هارفرد هي أهم سر لسعادة الانسان. و في النهاية، علاقاتنا الاجتماعية هي ما قد يساعدنا للحفاظ على صحتنا النفسية و النجاة بها في زمن الكورونا و ما بعدها.

 

جواهر محمد آل ثاني

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...