الخميس، 25 مايو 2017

وقفة التدشين

«تدشين»
تم تدشين استاد خليفة الدولي الأسبوع الماضي، ليكون أول ملاعب كأس العالم المقام في قطر بإذن الله عام 2022. الانتهاء من أول الملاعب، وعلى أكمل وجه قبل موعد مونديال كل العرب بخمس سنوات، لحظة تاريخية باعثة للقشعريرة.
استاد خليفة الدولي مشروع واحد من بين الكثير من المشاريع الطموحة المعمول عليها في قطر حالياً، لخدمة بنية تحتية متكاملة ليست لأهل قطر فقط بل للعالم أجمع. أمر نفخر به في قطر، ويقودني بالضرورة للحديث عن بعض هذه المشاريع، وتلك غير المتعلقة بتنظيم كأس العالم 2022.
عبر عيون المواطن العادي، نرى ارتكاب الكثير من الأخطاء في الشارع، هذا بخلاف التحقيقات المنشورة في الصحف اليومية. بعض الطرق تغلق وتُفتح أكثر من مرة في السنة الواحدة، مرة للتوسعة، ومرة للتصريف، ومرات أخرى لتعديلات لا يكون منها أي أثر واضح سوى الاختناقات المرورية! إلى جانب بعض المشاريع المفتوحة التي تُغلق، ليُفتتح ما يؤدي غرضها نفسه في مكان آخر بمليارات أكثر!


(وقفة)
تبقى على كأس العالم مونديال 2022 خمس سنوات تقريباً، وهذه فرصة لمراجعة الأخطاء وتصحيحها، يجب ألا يكون اقتراح مشروع وتنفيذه في يد شخص واحد، بل بيد فريق كبير.
يجب ألا يصل المشروع مرحلة التنفيذ إلا بعد الدراسة والتمحيص والمرور على مجموعة من الخبراء المختلفين في أكثر من مجال وتخصص، وبعد كل ذلك يبدأ التنفيذ تحت سياسة واضحة، تبين مجموعة العقوبات والغرامات الفورية حال التأخير أو الخطأ أو التقصير.
لا لاستنزاف المال العام والغفران عبر إقالة أو «استقالة» سريعة سببها أخطاء فادحة.
الوقت لا يزال كافياً لترتيب الملفات وتصحيح الأخطاء المنتشرة، التي وإن كان بعضها صغيراً، إلا أنه سيكبر مع الوقت حال تجمع الخطأ تلو الآخر ككرة ثلج ضخمة.
قطر تستحق الأفضل من أبنائها.. لأبنائها.


جواهر بنت محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


الخميس، 18 مايو 2017

ما أعرفه على وجه التأكيد

لأوبرا وينفري كتاب جميل اسمه «What I Know for Sure»، وبالعربي، «ما أعرفه على وجه التأكيد». 
الكتاب عبارة عن مقالات كتبتها على مر السنين في مجلتها، مجلة «O» تحت زاوية تحمل اسم الكتاب نفسه. وفيه تتحدث عن بعض ما اكتشفته وعرفته خلال رحلتها الدنيوية، بالإضافة إلى قناعات بُنيت وأكثر منها، تهدم مع «اختبار الوقت».
ذكرني كتابها بمقالة كتبتها في 2015 تحت عنوان «ما تغير ولم يتغير»، كتبت فيها عن التغييرات والمسّلمات في نفسي وكتاباتي منذ بدايتي في الصحافة وحتى تلك اللحظة. والسؤال الذي طُرح على أوبرا في تسعينيات القرن الماضي، والذي جعلها تشرع في كتابة زاويتها، أثر فيّ كثيراً وجعلني أفكر: ما الذي أعرفه أنا على وجه التأكيد؟
أعرف أن حب الله هو ما ينير الطرق المظلمة التي نضيع حياتنا في شوارعها. فنورنا جزء من نور أكبر هو الله. والتعاطف والحب الصادق النقي هو جزء من حب أكبر لله.
أعرف أن العائلة والأصدقاء أهم ما في الحياة، هم الوقود والشعلة إن كنا الآلة. والتغاضي من أهم الصفات الواجب التحلي بها في كثير من الأوقات. أعرف أن الوقت عبء على من يلتفت لغير اللحظة الراهنة.
أعرف أن الشغف، سواء أكان القراءة في مكان هادئ، أو السفر إلى بلد صاخب، أو الكتابة بجانب كوب من القهوة، هو كل شيء!
أعرف أن الصبر على تعب الوجود والمشاكل اليومية والتحديات العظيمة التي لا تطرأ إلا عند محاولة المرء الوصول إلى هدفه، هو ما يصنع الإنسان ويُشكله ويبنيه.
أعرف أن التأمل ضروري كضرورة الحلم، ولربما أكثر. تأمل الإنسان في داخله وخارجه. معرفته لكل ما آلمه في ماضيه وكل ما أسعده. ووعيه بكل ما يحيطه من نعم وفرص لن يستطيع اقتناصها إلا بالتأمل والتركيز.
أعرف أن سؤال الناقد السينمائي جين سيسكل لأوبرا، سؤال يجب على الكل سؤاله لنفسه. ما الذي أعرفه «أنا المتغير» على وجه التأكيد في هذه الحياة المتلونة؟ ولماذا أنا متأكد منه؟



جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر


الخميس، 11 مايو 2017

«تيك توك»

هل نفهم الوقت؟ هل نعرف ماهية الوقت؟ لماذا نقتنع بأكثر من نظرية عن الوقت، في الوقت نفسه؟ مرة نشعر بأنه وهم، ومرة أخرى حقيقة تلزمنا في نومنا وصحوتنا.
نراه في تغير ألوان السماء، ونشمه في تعفن الفواكه، نشعر به على وجوهنا، ونلمسه على جدران بيوتنا.
هل الوقت محصور في التغيير فقط؟ أي إنه إذا لم يتغير شيء ما في شراب أو مكان أو شخص ما، لن يُوجد الوقت في ذاك الحيز؟ ألذلك نقول: توقف الوقت! عندما نزور مكاناً قديماً لم يتغير؟
ما يهم أكثر من الوقت، هو التصالح مع الوقت. أليس الوقت أكثر ما نخافه بعد الموت؟ وبذلك فإننا عندما نتصالح مع الوقت، نسامح أنفسنا ونقودها خطوة إضافية نحو تقبل الموت.. التغيير الأخير في رحلة الوقت "السرمدية".. ربما.
نتصالح مع الوقت، عندما نسامح الماضي، ونعيش في الحاضر، ونفكر في المستقبل بعض الوقت، لا الوقت كله.
نتصالح مع الوقت، عندما لا ننتظر شيئاً، فالانتظار لا يكون جحيماً إلا وقت الانتظار.
نتصالح مع الوقت عندما نقنع بأن كل شيء له وقته، وإذا ما عملنا سيأتي مرادنا في النهاية.
نتصالح مع الوقت عندما لا نشغل بالنا به، ونعيش اللحظة الراهنة وحسب.
نتصالح مع الوقت كيلا نقارن أنفسنا بشخص آخر أكثر نجاحاً أو مالاً أو سلطة.
نتصالح مع الوقت عندما نحب أنفسنا أكثر من خوفنا من الموت.
نتصالح مع الوقت لنهزم الخوف فينا، ولنقهر ساعتنا الداخلية التي لا تنفك عن إسماعنا ضرباتها.. تيك توك.. تيك توك.. وكأنها ستنفجر بنا يوماً ما غضباً أو حزناً أو قهراً عندما لا نحقق هدفاً أو حلماً ما في ساعة معينة.
عندما نتصالح مع الوقت لا يفوز كل الأطراف، نحن من يفوز فقط. والوقت يمر عبر دقات القلب الحية، لا عبر إبرة ساعة غير مرئية تدق: تيك توك، لتعكر مزاجنا ليس إلا..



جواهر بنت محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر





الاثنين، 8 مايو 2017

أهم الدراسات العلمية

لا أستطيع أن أتذكر عدد المرات التي قرأت فيها دراسات تؤكد على أضرار أكل البيض يومياً، ودراسات أخرى تكذب هذه الأضرار، ودراسات ثانية تحذر، ودراسات تطمئن الناس حول الأشياء نفسها! وهكذا، حتى أصبح من المستحيل فتح الصحيفة صباحاً، وعدم إيجاد دراسة ما، في صفحاتها الأخيرة.
نستفيد كثيراً من الدراسات العلمية، لأننا نحصل على معلومات لم نكن لنحصل عليها بمفردنا، والمعرفة قوة، أليس كذلك؟ نعم، ولكن ليس دائماً. 
لتفهم عزيزي القارئ مقصدي، سأذكر لك مثالاً للعالم دانيال كاهنمان من كتابه الجميل «التفكير بسرعة وببطء»، يتكلم كاهنمان في كتابه عن مدينتين تم إجراء دراسات حولهما، حيث إنه في إحداهما ترتفع نسبة مرض السرطان بشكل هائل، أما الثانية فينخفض فيها معدل مرض السرطان بشكل كبير. 
حاول العلماء دراسة أسباب ارتفاع وانخفاض السرطان في كلتا المدينتين، والمثير في الأمر، أن الأسباب متعاكسة ومتقابلة في المدينتين، رغم تشابههما في الظروف! فكلتا المدينتين عادية وبعيدة عن صخب وتيرة الحياة، فتجد العلماء ينسبون ارتفاع معدل مرض السرطان في الأولى لقلة توافر الخدمات الطبية المناسبة، وفي الثانية يرجعون انخفاض نسبة المرض للهدوء وبعدها عن التلوث بجميع أنواعه!
يغفل العلماء بكل بساطة واقع المدينتين، وأن كلتيهما ذات نسبة سكانية قليلة، أي أن «ظهور» ارتفاع معدل مرض السرطان أو انخفاضه للعيان سيكون حقيقة لا مفر منها للعين المجردة الدخيلة على هذه المدينة أو تلك، لأن عدد سكانها في الأصل قليل جداً! ويكمل كاهنمان قوله، إن الدراسات حول هاتين المدينتين قد تتغير مع الوقت، خاصة مع تغير التعداد السكاني للمدن!
يشير كاهنمان في الكتاب نفسه إلى خطأ كثير من العلماء، ومن ضمنهم هو نفسه، وقت قيامهم بدراسات متعددة في مختلف المجالات، عبر استخدام عينات عشوائية من المتطوعين، والاكتفاء بها، وإن كان عدد الأفراد فيها قليلاً جداً! الحقيقة أن كثيراً مما يُنشر من الدراسات في المحافل والمواقع المختلفة يعتمد على هذه العينات العشوائية، وذلك لا يكفي لتحديد استنتاج أو خلاصة حول موضوع ما عن الجنس البشري، المعلومة التي ذكرها كاهنمان نعرفها، ولكنها غالباً ما تسقط من رؤوسنا عند قراءتنا لدراسة ما.
تذكرت وأنا أحضر لمقالتي هذه، حدثاً وقع بيني وبين طبيبتي الخاصة، كانت تحضني على ضرورة حصولي على الفيتامينات المختلفة، فأخبرتها عن دراسة قرأتها مؤخراً عن الفيتامينات، وكيف أنها تقصر من عدد سنوات حياة الإنسان، نظرت إلي بكل هدوء وقالت: «يا ابنتي، هذه دراسة، ستظهر بعدها دراسات كثيرة، لسنا متأكدين من أي منها، وما نعرفه أن الفيتامينات مهمة وضرورية ومفيدة للإنسان، وفي النهاية، الإكثار من أي شيء يضر الإنسان، وهذا ما لن تفعليه في هذه الحالة».
يمكنني أن أعطيك عزيزي القارئ 20 سبباً آخر لتكذيب الدراسات المنشورة، و20 سبباً آخر لتصديقها، ولكنني لا أطلب منك تكذيبها أو تصديقها، كل ما سأفعله هو إخبارك أنه ليس عليك أن تصدق أو تكذب أي شيء، ويجب عليك في المقابل قراءة الدراسات بدقة شديدة وعين ثاقبة، من أين وعبر من أُخرجت؟ وكيف؟ وعلى أي أسس علمية؟ وماذا عن ماهية وكمية العينات المدروسة؟ وهل هي عشوائية وكافية أم لا!
هذا هو رأيي المبني على دراسات خاصة بي.



جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر




الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...