الخميس، 5 مارس 2015

حتى لا نغير العالم

حتى لا نغير العالم، لن نهتم بمن يُقتل بعيداً عنا في سوريا وفلسطين وليبيا والعراق، ولن نلقي بالاً باللاجئين السوريين والفلسطينيين والعراقيين ومهاجري البحر الأبيض المتوسط من كل حدب إلى أي صوب.
كي يبقى العالم كما هو من نفق مستعر حتى فوهة واد في الجحيم، سنغير قناة الأخبار عند إعلانها لمقتل عدد هنا وعدد هناك، وسنطلق عليها أخباراً يومية مكررة، بلا أي اعتبار لأسماء القتلى وأعمارهم وشخصياتهم وأحلامهم. 
حتى لا نغير العالم، سنرمي مخلفاتنا في الشوارع، ولن نكترث للماء الذي نتركه مفتوحاً عند وضوئنا، أو بالأشجار التي نقطعها يومياً، وسنترك صداع الاحتباس الحراري للكُتّاب والمؤتمرات المعادة.
حتى لا نغير العالم، سنقول للمرأة تزوجي قبل أن تتعلمي، وللرجل افعل ما تشته في هذا العالم، فهذا حقك.
حتى لا نغير العالم، لن نحترم أجسادنا ولا بيئتنا ولا أنفسنا.
حتى لا نغير العالم، سننمي أنفسنا ونترك لهم تنمية غيرنا لغيرنا، فإن كان العالم فعلاً قرية صغيرة، فدارنا هو الدار ودارهم هو الفناء الخلفي.
حتى لا نغير العالم، سنأكل حتى نشبع، ولن نفكر في بطون غيرنا من إخواننا في الصومال والهند وإثيوبيا.
حتى لا نغير العالم، سنمارس حقوقنا في التعبير عن أنفسنا وعن هويتنا وديانتنا، ولن نلقي بالاً بمن لا يمكنه ذلك في بورما وإيران والعراق.
حتى لا نغير العالم، سنكرر دائماً التاريخ يعيد نفسه، ولن نغير من هذه العبارة أيضاً.
حتى لا نغير العالم، سنحاول تحسين العالم بدءاً من الآخرين لا أنفسنا.
لا يوجد أسهل من ترك العالم كما هو عليه أما تغييره فهو الصعب، فالتغيير يبدأ من فكرة نتعلق بها ذهنياً ونفسياً لنطبقها على أنفسنا أولاً، وعدم تغييره روتين ننغمس فيه وننسى فيه أرواحنا ووجود غيرنا.
ألا نغير العالم معناه باختصار ألا نؤثر على حياة ولا على أي شيء.
هل ما زلت مصراً على عدم تغيير العالم؟


جواهر بنت محمد آل ثاني

صحيفة العرب القطرية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...