الخميس، 26 مارس 2015

مطافئ قطر

قرأت قبل شهر أو أكثر مقالاً لكاتب من دولة شقيقة، تحدث فيه عن دولة اشترت لوحة فنية بقيمة 300 مليون دولار، بدل أن تنفقها على من يموتون تجمداً، كي يقول العالم -بحسب تعبيره-: «يا لها من شعوب مثقفة محبة للفن!».
لا أعرف لِمَ لَم يذكر الكاتب قطر بالاسم رغم نشره مقاله بعد أسبوع تقريباً من شراء قطر لوحة الفنان الفرنسي بول غوغان بمبلغ 300 مليون دولار؟ لم أفكر وقتها بالرد على ما كتبه لأنني كنت قد كتبت سابقاً مقالاً في موضوع قريب من جوهر مقاله في تاريخ 23 فبراير 2012 في صحيفة «العرب» بعنوان «قطر وتهمة الفن»، بعدما اشترت قطر لوحة الفنان الفرنسي أيضاً بول سيزان بما يقارب 250 مليون دولار.
لكن واقع الحال وحال الواقع، والأفعال لا الكلام -كسياسة اتخذتها قطر- هي أبلغ رد على كلام أي مشكك في قيمة ما تقوم به قطر على المستوى المحلي أو العالمي، فقد افتتحت قطر هذا الشهر « مطافئ» محل إقامة الفنانين العالمي، الذي يحوي معرضه الحالي «555»، استيديوات مجهزة لتحوي عشرين فناناً صاعداً دفعة واحدة من مواطني ومقيمي قطر مجاناً ولتسعة أشهر. وفي نهاية مدة إقامة الفنان سيتمكن من عرض إحدى القطع التي أنتجها خلال تواجده في المعرض التابع له. 
يضاف «مطافئ» إلى جملة من الجامعات والمعارض والمتاحف الفنية الموزعة في قطر والمجملة لها.. جامعات ومعارض ومتاحف يقوم عليها ويشارك فيها بقيادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيسة مجلس أمناء متاحف قطر، فنانون وإداريون قطريون وقطريات، فكيف لا نكون إذاً شعباً محباً للثقافة والفن؟
وإن كنا ننفق على الفن وهو معلم الشعوب، مئات الملايين، فقطر شعب ودولة تنفق في الأعمال الخيرية المحلية والعالمية المليارات سنوياً، دون الحاجة إلى تذكيرنا بمن يعاني من الجوع والبرد والفقر، لأننا لم ننسهم أصلاً، ونوليهم العناية خوفاً من محاسبة الله وأنفسنا لنا لا محاسبة غيرنا لنا.
من لا يعلم الفن ولا يحافظ عليه أو يسعى لازدهاره، لن يتقدم، وحال الفن مرتبط بالعنصر الحضاري لأي دولة، حيث تنتفي الحضارة عندما تقتل الهمجية الفن، كما فعلت داعش في الموصل، وتهرم الحضارة عندما يُكسر ذقن توت عنخ آمون خطأً، وتضيع بشأنه المسؤولية القانونية. هذا هو الفن وأهميته، وفن قطر يكمن في أنها لا تحارب الغيرة والجهل والحقد بالنار، بل تطفئهم بالحب والجمال والسلام.. والفن!


جواهر بنت محمد آل ثاني

صحيفة العرب القطرية

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...