الخميس، 27 سبتمبر 2012

المرأة ليست المشكلة!

نشر الزميل القدير فيصل المرزوقي في الأسبوع الماضي، مقالاً باسم «بسنا حريم» كتب فيه عن المرأة وكيف أنها «أُقحمت» لتعمل في كل مكان في قطر في السنوات الأخيرة، وكيف أنها أفسدت «بقيادتها» بعض المؤسسات. استفز المقال البعض وأيده البعض الآخر، مثل الكاتبة ابتسام آل سعد التي كتبت مقالاً بنفس الاسم تؤيد فيه فكرة المرزوقي، بل إنها تزيد وتقول بأن القوامة يجب أن تكون للرجال فقط، وأنه يجب على النساء أن يكففن عنها! وأنا أستغرب قولها هذا وهي التي تقول في نفس المقال بأنها قد تجد نفسها يوماً ما «كوزيرة» إن ابتسم لها القدر!
أختلف مع الكاتبين الفاضلين، وليس لأن الاتهام قد وُجه لأفراد جنسي، بل لأني لا أرى كيف يمكن «للجنس» أن يفسد وزارة أو جامعة أو مستشفى! لا أفهم كيف يمكن الحكم مسبقاً بصيغة الجمع، وقول إن جميع النساء لا يصلحن لقيادة المؤسسات، وإن جميع من قاد المؤسسات منهن كانوا «طامة» عليها! واستناداً إلى مقالات «بسنا حريم» نستنتج أن السبب الوحيد الذي يمنع النساء من أن يصبحن قائدات عظيمات هو أنهن من الجنس الناعم! أريد من القارئ أن يتوقف هنا قليلاً كي يفهم مقصدي الذي أرمي إليه، وهو أن الجنس لا يحمل أسرار القيادة وروعتها، وأن التميّز لا يُولد مع الرجل دون المرأة، والعظمة لا تتربى في جيناته دون المرأة!
ورغم ذلك، فأنا أرى في تفصيل ذكره المرزوقي في مقاله بعضاً من الصحة، وهو أن هنالك بضعاً من النساء وُضعن في مناصبهن القيادية بالمؤسسات القطرية كي تصبح الصورة «منوعة» وما زلن فيها رغم سوء أدائهن ومخرجاتهن الوظيفية! وأنا أعارض هذا، وفي الوقت نفسه لا أدعو إلى أن نبدلهن برجال -كما يدعو المرزوقي- بل أدعو إلى إبدالهن بكفاءة أعلى منهن أياً كان جنس تلك الكفاءة! فالكفاءة هي المهمة هنا، وليس ذاك التفصيل السطحي «الجنس»!
لا يجوز الحكم على تجربة المرأة وهي التي بدأت تزاحم الرجال في المناصب القيادية في آخر عشرين سنة فقط، فهي تجربة شابة مقارنة بتجربة الرجال الذين يجلسون على الكراسي المهمة مذ قيام الدولة، والكراسي التي كانت من نصيب المرأة محدودة ويمكن عدها على أصابع اليد الواحدة، أما بالنسبة للرجال فيدان لا تكفي لعد تلك المناصب، ولا المحاولات القيادية الفاشلة في أشغال والتخطيط والسياحة -سابقاً- وغيرها من المؤسسات!
في مجتمعنا عندما نتكلم عن المرأة نحن نتكلم عن نصف المجتمع القطري، المجتمع الذي يعاني من قلة سكانه بالأساس، ويحتاج لكل مواطنيه للنهوض والعمل على بناء الوطن، وهو نفس المجتمع الذي تتفوق فيه الطالبات على الطلاب في نسب الحصول على الشهادات الجامعية وما يعلوها، فكيف يمكن لأي أحد منا أن يجزم بفشل المرأة لأنها «امرأة» ويقول «بسنا حريم»؟


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

الخميس، 20 سبتمبر 2012

في ذكرى 11 سبتمبر

(1)
في ذكرى ١١ من سبتمبر، نشر كارهون للإسلام مقاطع من فيلم مسيء للرسول-عليه أفضل الصلاة والسلام- على اليوتيوب كي يسيئوا لصورة الإسلام والمسلمين، فساعدهم المسلمون على ذلك!
-كيف ساعدوهم؟!
-ساعدوهم بردود أفعالهم العنيفة التي طالت الناس والسفارات والمحلات التجارية والمطاعم وحتى المواقع الإلكترونية مثل اليوتيوب، الذي أغلقته دول إسلامية لأجل غير مسمى كي تمنع مواطنيها من مشاهدة الفيلم!
وفي غمرة ردة الفعل، نسينا بأننا نثبت ما بثه الفيلم، وهو أن المسلمين يقاتلون بوحشية كل من وما «يختلف معهم»! وغاب عن البال أهم شيء، وهو أن الرسول الكريم رغم كل الإساءات التي وجهت له في حياته إلا أنه لم يسئ أبداً إلى أحد أخطأ في حقه!
(2)
في ذكرى ١١ من سبتمبر، انتفضت الشعوب العربية وأقامت الاحتجاجات مقابل السفارات الأميركية من أجل فيلم أساء للرسول الكريم، ولم تفعل الشيء نفسه من أجل فلسطين أو شعب سوريا الأعزل الذي يواجه نظامه المجرم المسلح يومياً! وأنا أقلل هنا من حجم الفيلم وليس من حجم إساءته، فالرسول عندي أفضل من كل الأمم مجتمعة، ولكن الاحتجاج من أجل أي فيلم يحقق له الدعاية والرواج، أي يؤثر عليه إيجابياً، خاصة إذا كان فيلماً ساذج الحوار والإخراج، وفاشلاً من ناحية الإنتاج والتمثيل، كهذا، فهذه الأفلام ينساها التاريخ ما لم يوجه الناس الضوء عليها، ونحن قد صببنا كل الضوء على هذا الفيلم! وكنت أتمنى لو أننا روجنا للقضية السورية بدلاً لفيلم لا يرقى حتى لمرتبة الأفلام، فهذا ما كان سيفعله الرسول الكريم في توقعي!
( 3)
في ذكرى ١١ من سبتمبر قُتل السفير الأميركي في ليبيا بعد استهداف سفارته بصاروخ بينما هي محاطة بالمتظاهرين!
( ٤ )
في ذكرى ١١ من سبتمبر تذكر العالم بأن المسلمين ما زالوا متطرفين!
(5)
نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي خبر إرسال الولايات المتحدة الأميركية لسفينتين حربيتين وطائرات بدون طيار إلى ليبيا للتعامل مع أي اعتداء يستهدف مصالحها مرة أخرى هناك. هذا الخبر جعلني أتذكر هجمات سبتمبر في ٢٠٠١ على مركز التجارة العالمي، التي ضغطت الزناد الأميركي ليطلق رصاصه باتجاه العراق، البلد الغني تحت الأرض وفوق الأرض، ثم جعلني أتساءل ببراءة: «هل يكون الهجوم على السفارة الأميركية في ليبيا بداية «تدخل» أميركي في ليبيا البلد «النفطي»؟».
وأخيراً:
كان من الممكن أن يمر ١١ سبتمبر ككل الأعوام السابقة الأخيرة، لولا هجومنا العنيف على الفيلم الهزيل والمسيء لأشرف الخلق، محمد بن عبدالله، فكان من الأجدر أن تكون ردة فعلنا على شكل احتجاج سلمي ضد الفيلم وإساءاته التي لا تُغطيها مظلة حرية التعبير، بالإضافة إلى اتخاذ موقف دولي، حازم وقانوني ضد الفيلم والمسؤولين عنه، فذلك كان ليكون رادعاً لهم ولمن سيتجرأ بعدهم على اتباع نفس الخطى!


جواهر بنت محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 13 سبتمبر 2012

متى يتحرك العرب؟!

كان لهجمات سبتمبر عام ٢٠٠١ على مركز التجارة العالمي ردة فعل قوية، حُسبت كلها ضد مصلحة العالم العربي والإسلامي خاصة، وكان أحد آثارها غزو أميركا للعراق في ٢٠٠٣.
الآن وبعد أكثر من عشر سنوات على تلك الهجمات، لا تزال الاعترافات والشهادات تتوالى من أميركيين عملوا في دوائر مختلفة وحساسة في جسد النظام الأميركي، يقول مجملها إن أميركا علمت عن عملية إرهابية ستجري على أرضها، وبالأخص عملية خطف طائرة وتفجير لمبنى مهم -أي مركز التجارة العالمي- لكنها تغافلت عن هذه المعلومات المهمة والتحذيرات التي جاءتها من أكثر من مصدر، فلم تحتط أو تهتم، كما إن بعض الشهادات تقر بأن أميركا تخطط لغزو العراق منذ عام ٢٠٠١!
كل المعلومات السابقة ليست مهمة لأنها جاءت متأخرة عن الحدث و»الطيور طارت بأرزاقها» كما يقولون، ولكن المهم هنا هو التشديد على أن الفعل -الهجمات- تم بإرادة إدارة بوش، وإن كان بأيد أجنبية، وردة الفعل -الخاضعة تحت مسمى محاربة الإرهاب- كانت بأيد أميركية، كما أن الغزو الأميركي للعراق كان معداً له منذ سنوات سابقة للعام ٢٠٠٣، بحسب ما تقوله نفس المعلومات، وبغض النظر عن جوهر «الفعل» و»ردة الفعل» اللذين أحاربهما ولا أدعو إليهما، إلا أنهما صبّا في مصلحة الإدارة الأميركية، ومن أجل ذلك خططت لهما الإدارة جيداً، مما يجعلني أتساءل: «متى يتحرك العرب؟! متى يبدؤون التخطيط والاستثمار اللذين يقودان إلى أفعال وردود أفعال، تفيدهم وتفيد العالم؟! متى يضعون مصالحهم -كشعب ودولة- أولاً قبل أن يفكروا في مصلحة دولة أخرى قد تتخلى عنهم في أول أزمة؟! متى نرى الأفعال في العالم العربي لا الردود فقط التي تكون عبارة عن اجتماعات ومباحثات لا تنتهي إلى شيء، في معظم الأحيان، وإن انتهت إلى شيء تكون متأخرة دائماً؟».
العالم العربي بلا خارطة سياسية واجتماعية واقتصادية واضحة، ترشد العرب عبر السنين القادمة، وهذا ما يجعلني أتخيل الوطن العربي كإنسان واقف بلا عمل، لا يصافح إلا إذا مد الرجل الآخر يده، ولا يُسلم إلا إذا بدأ غيره بالسلام، ولا يجلس إلا إذا دُعي للجلوس، حتى وإن كان ذلك في مجلسه! ولكي يصبح الوطن العربي فعّالاً، يجب أن نبدأ التخطيط لمستقبل بلداننا، وأن نستثمر في أبنائنا وأوطاننا كي يكون لنا في الأيام المقبلة فعل وردة فعل، وليس الأخيرة، فقط!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 6 سبتمبر 2012

سنة أولى صحافة!

في مثل هذا اليوم، السادس من سبتمبر من السنة الماضية، نُشر أول مقال لي في صحيفة «العرب» القطرية، أي إني في هذا اليوم أُكمل سنة كاملة من الكتابة الأسبوعية -غير المنقطعة- في أقدم صحيفة وُجدت في قطر، ولله الحمد! وهذا بلا شك إنجاز لي، كما أتمنى أن يكون إضافة -ولو صغيرة- لصحيفة عزيزة علي وعلى القطريين.
أكملت أول سنة لي في مدرسة الصحافة والصحف بعدما تبنتني أسرة «
العرب»، وائتمنني الأستاذ الكريم أحمد بن سعيد الرميحي -رئيس التحرير- على زاوية في الصحيفة، لتصبح أولى خطواتي الرسمية في صحيفة «العرب». وفي هذه السنة الطويلة والمحمومة بعد الثورات العربية، بدأ مشواري في الصحافة -لا الكتابة التي اعتدتها مذ سنوات- وأنا أواجه مواضيع كثيرة تمنيت الخوض في بعضها ونقاش بعضها الآخر، إلا أني لم أفعل، إما لحدوث موضوع أهم في نفس الأسبوع أو لكثرة تفاصيل وتشعب الموضوع الذي أريد طرحه، ورغم ذلك كان عاماً مثيراً على عقلي وقلمي، تعلمت منه أموراً كثيرة في أسابيعه الطويلة.
تعلمت أن أخطئ ثم أصيب، عندما لا أدافع عن خطئي بل عندما أدينه وأصححه، وأن خطئي مهما كان، هو محاولة في النهاية، إن نجحت، كنت لأسعد بها، وإن لم تصب، سأتعلم منها.
تعلمت أن المصدر هو سيف الصحافي، وبلا مصادر قوية يصبح الكاتب بلا حجة والناس بلا رحمة، ويحق لهم ذلك!
تعلمت أن رضا الناس عملة لا يمكن شراؤها، فحتى أطهر مقال عن السلام والحب قد يلقى معارضين ومستهزئين!
تعلمت أنه من واجب الكاتب متابعة الأخبار التي تحصل حوله وحول العالم، كي يكتب ما يخطر في باله وفي بال الكثير ممن لا يجيدون التعبير عما في داخلهم، فبعض الناس يتابعون كاتباً معيناً كي يسمعوا أصواتهم -لا صوته- من خلاله.
تعلمت أنه لا وجود لفرص من دون عمل، فالفرص تطرأ، فقط، بعد العمل والسعي وراءها.
علمت أن الكتابة إدمان منعش، وارتواء يجعل حامل القلم -بعد نفاده من وضع أفكاره- ينتشي.
علمتني الكتابة الكثير في عام كما أتمنى أن أتعلم أكثر في الأعوام المقبلة -بإذن الله- فمخاطبة الناس من أسبوع لأسبوع فرصة للكاتب كي يكون قلماً للمواطن الحر وعقلاً مفكراً يجري وراء العلم كما تجري عيونه باتجاه الضوء، وأهم شيء أن يستغل الكاتب قلمه من أجل الحق والناس ولا شيء دونهما، كي لا يسقط وتتساقط عليه أقلام الناس!


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...