الخميس، 28 أبريل 2016

حياة للاختباء

ما أول فكرة تطرأ على بالك عندما تفكر بالاختباء؟ طاقية أو عباءة الخفاء -بحسب الفيلم المفضل- الركض إلى غرفة النوم وإغلاق الباب؟ آخر مكان يمكن لأي شخص التفكير به؟ هذه الأفكار العادية الطارئة عندما يبحث عنك غريب أو عندما لا تريد لأحد -ببساطة- العثور عليك لأي سبب كان. ولكن ماذا لو كان هذا «الشخص» الذي تختبئ منه، هو أنت نفسك؟
يتناول فيلم «joy» قصة حياة جوي مانجانو، برتوش إضافية. فيه نشاهد جوي تربي أبناءها وتعتني بعائلتها، وفي الوقت نفسه تحاول تذكر ما كانت عليه في صغرها عندما كانت تخترع الأشياء على الدوام. يطرأ ذكر حشرة الزيز الدورية على لسان شخصية ابنتها، وهذه الحشرة الغامضة تقضي من ١٣ إلى ١٧ سنة مختبئة تحت الأرض، لتخرج بعدها فوق الأرض في الوقت الذي يناسبها! تفكر جوي في أوجه الشبه بينها وبين هذا المخلوق الصغير، وتسمع كلمات حكيمة قيلت لها بأن من يختبئ لا يختبئ عن العالم والناس فقط، بل عن نفسه أيضاً.
طبيعي أن نستتر وننزوي على أنفسنا لأسباب كالحب والخوف، فكل مخلوقات الأرض تختبئ، ولكن لا أحد يختبئ من نفسه سوى الإنسان. والسبب وراء ذلك الشعور بالأمان الزائف والخوف من التغيير والفشل والخروج عن المألوف أو عن توقعات الناس.. وكل الأسباب الوهمية وغير المثمرة الأخرى. وكل هذا الاختباء يخلق شخصاً آخر، يحب ويجامل ويرقص ويحيا باسم نفسه لحساب الغير. يخطئ الإنسان ويخطئ غيره بتوجيهاتهم العفوية والمقصودة.. بانتقاداتهم السلبية ونقدهم الحاد غير المفلتر. يساعد المرء الناس بخنوعه، على جعل نفسه نسخة مكررة أو مقلدة عن غيره من «المقبولين». ومن المثير للسخرية أن الكثير من المقبولين اليوم كانوا في بداياتهم مرفوضين لأنهم -بدون تكلف- مختلفون.
وهؤلاء المختلفون لم يختبئوا، ولم يسمحوا لغيرهم بإملاء ما يجب عليهم فعله وما يجب عليهم تركه. اختاروا الحرية، وأتاحوها لغيرهم. ومن هؤلاء أذكر السيناريست الأميركي دالتون ترامبو الحائز على جائزة الأوسكار عن فيلمي «العطلة الرومانية» و»الشجاع». دافع ترامبو عن آرائه السياسية في حقبة كانت الولايات المتحدة تكره وتخاف الشيوعية والاختلاف، وظل على مبادئه حتى بعد خروجه من السجن. لم يختبئ من نفسه ولم يخف منها واستمر في طريقه، في أوقات عرف لو أنه شابه غيره فيها لما كان قد وُضع في القائمة السوداء، ولما خسر فيها عمله وأُجبر على الكتابة بأسماء مستعارة.
أن يحيا المرء مختبئاً طوال حياته هو هدر للنفس والأنفاس، وفي كل مرة يخطر على بال أي منا ذلك لإرضاء شيء أو شخص غير نفسه، يجب علينا إعادة التفكير وتذكر بأن أمامنا حياة كاملة للاختباء تحت الأرض. الفرق الوحيد أنه -وقتها- سيكون الخيار الوحيد ولا رجعة.. ولا مفر.



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر

خطوط وهمية

تخيلوا طلب أحدهم منكم الدخول إلى مكان جديد لم تدخلوه من قبل والعثور على شيء معين، وعندما دخلتم هذا المكان وجدتم على الأرض شريط أبيض يمتد على مرأى أعينكم.
والآن تخيلوا لو دخلتم هذا المكان ووجدتم شريطين، الأول أخضر والثاني أحمر.
أو تخيلوا دخولكم المكان وعثوركم على لوحة كتب عليها: «اتبع الشريط المعلق».
رغم أني أعطيتكم خيط الخيال فقط، إلا أنني أستطيع أن أروي لكم ما ستفعلونه في الحالات الثلاث السابقة.
في الحالة الأولى، ستتبعون الشريط الأبيض، لا لشيء سوى الفضول.
في الحالة الثانية، ستلحقون الشريط الأخضر بلا تردد، وعندما يفضي إلى لا شيء قد تمشون وراء الأحمر لإشباع فضولكم لا غير.
في الحالة الأخيرة، ستحاولون العثور على «الشريط المعلق» في كل غرفة تدخلونها حتى لو كنتم متأكدين في داخلكم بأنه لا وجود لشريط معلق أو غير معلق.
لا تخافوا، لست منجمة ولا تلزمني قدرات خارقة حتى أعرف ماذا كنتم ستفعلون لو وجدتم أنفسكم في أحد الخيالات السالفة، ولكني أعرف بأني كنت لأفعل الشيء نفسه معكم، لأن هذه ببساطة هي الطبيعة البشرية.
القواعد والحدود والضوابط والقيود والشروط -أياً كان ما نعطيه من أسماء لتلك الخطوط الوهمية- كلها تحكم حياتنا منذ الصغر حتى نهاية الطريق. بعضها ضروري لإدارة حياتنا والمجتمعات، وبعضها زائد عن الحاجة كزائدة دودية. بعضها تكون أقرب إلى المعوقات، وبعضها لا نعرف الهدف منها. أياً كان شخص من وضع هذه القواعد أو الأوامر المبطنة في طريقنا، العائلة.. المجتمع.. المدرسة.. الدولة، الأغلبية ستتبع القواعد وستنصاع لها. من جهة، هذا يولد النظام والترتيب ويمدنا «بالأمان» والراحة النفسية، ومن جهة أخرى يصنع أفراد ومجتمعات روبوتية لا تخرج عن المألوف وتمشي بحسب قواعد الكتاب في كل شيء بلا إبداع أو خيال.
القواعد الكثيرة الوضعية، خصوصاً للأطفال، تقتل الإبداع والقدرة على التعبير. بالطبع هناك قدر ضروري منها للنظام وتنمية الحس الأخلاقي ولكن ليس لأكثر من ذلك. يجب أن تكون لدى صغار السن المساحة الجسدية والنفسية والعقلية للمشي والطيران والتفكير خارج الصندوق. الحلول المصنوعة لعالم اليوم من هواتف نقالة أصغر من كف اليد والطائرات بدون طيار والسيارات خارقة السرعة، ومشاريع وشركات الفضاء الخارجي، كلها لم تخلق على أيدي أناس يحترمون القواعد كثيراً أو أناس وضعت أمامهم عراقيل في صورة ضوابط وقيود.
هذا يأخذني إلى فيلم good will hunting حيث يكتب بروفيسور في الرياضيات معادلة على لوح خارج الصف حتى يحاول الطلاب حلها على الرغم بأنه أخبرهم بأنها «مستحيلة الحل». يقوم في الأخير will hunting عامل النظافة بحل المعادلة. رغم عبقرية will.. هل يمكننا شطب احتمال حله للمسألة لأنه لم يعرف بأنها مستحيلة الحل كما كانت في نظر البروفيسور؟ وربما استعصى على الطلاب حلها لاقتناعهم بأنها مستحيلة الحل؟
علينا أن نعي بأن بعض القواعد وضعت لمساعدتنا، وعلينا إزالتها ببساطة لو تحولت إلى عقبات. تقدمنا يرتبط بتحررنا من القيود الواضعة لحواجز نفسية تحمل عبارات: «لا يصح!».. «عيب!».. «خطأ».. «لا يناسبك!».. «فشل غيرك وستفشل أنت أيضاً!». كلها خطوط حمراء وهمية كما خط الاستواء وجرينتش.
أخيراً، الطيور لا تطير لأن ذلك يوافق قواعد الفيزياء، الطيور تطير وتهاجر في الزمان والمكان الصحيح، لأن ذلك ما يناسبها، وهذا ما يجب أن نكون عليه.
اسمحوا لي بأن أقول لكم: «اجعلوها قاعدة في حياتكم!».


الخميس، 21 أبريل



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية



عن الوحدة وتجلياتها

لو سألت أي شخص وقلت له بجانب التحدث علناً أمام الجمهور: ما هي أكبر مخاوفك؟ الفقر أم المرض أم الموت؟ سيجيب: الوحدة! فليس أسوأ من الفقر سوى العيش وحيداً وليس أسوأ من المرض سوى قهره أو الاستسلام له وحيداً، وليس أسوأ من الموت سوى ملاقاته وحيداً!
الوحدة كما نعرفها تعني وحدة الشيء أي أن يكون كياناً منفرِداً مستقلاً عن غيره، وقد يتكون هذا الشيء من عنصر أو عناصر مختلفة مُزجت مع بعضها البعض.
ولوحدة الإنسان أو الشخص الطبيعي أنواع تدور حول الوحدة النفسية الداخلية، هناك الوحدة البيولوجية أو الجسدية.. تلك التي يشعر فيها الإنسان بأنه في جسد ثانٍ لا يعرفه ولا يمت له بصلة، كفتاة تحمل وزناً زائداً وترى في نفسها وروحها إنسانة جميلة خفيفة الروح والظل، تملك جسداً مغايراً للحقيقة، تكمن المعاناة هنا في الخوف من العيش عمراً كاملاً في جسد إنسان آخر.
ثاني الأنواع هي الوحدة الروحية؛ حيث لا مكان لشبع الروح، وحيث الحاجة القوية إلى فكرة أو دين أو هدف يملأ ثغور الحياة إلى درجة الاستعانة بكافة الوسائل والطرق، لا تعرف هذه الوحدة النهاية حتى تتبين النهاية، وعندها إما تكون طيبة النتائج أو سيئة المآل.
أما الوحدة الاجتماعية، فصاحبها يخاف الموت وحيداً، بلا زوج أو عائلة أو أصدقاء يدفنونه ويذكرونه وربما يبكون عليه، وهذه من أكثر أشكال الوحدة أهمية، فالدراسات تشير إلى أن ذوي العلاقات الاجتماعية الجيدة يعيشون بسعادة، عمراً أطول! ولذلك وإن كان يعاني المرء من الوحدة الجسدية أو الروحية فإن امتلاكه لعائلة وأصدقاء سييسر عليه حياته بل ويحسنها!.
الغريب بأن جواب معظم الناس على سؤال: ما أكثر شيء تتمنى الحصول عليه؟ هو المال والمنصب والشهرة والجمال والخلود ولربما ستتسع الخانة الأخيرة للعائلة المحبة والأصدقاء الجيدين.
العائلة والأصدقاء بالإضافة إلى القناعة، هم أسرار السعادة، والمال والمنصب إلخ.. هم إعلانات المتعة، ولا أحد يفضل الإعلانات على الأسرار.
تعليق وحيد:
كل شيء لا يساوي أي شيء في ظل الوحدة، ومن يعرف.. قد أغير رأيي عندما تتحد الدول العربية يوماً من الأيام لتحقق ما نسمع عنه من وحدة المسير ووحدة المصير.


الخميس، 14 أبريل



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية



السبت، 9 أبريل 2016

هو و هي


(1)
هي تكسب ما يقارب المئة ألف دولار سنوياً إن لعبت 20 مباراة وفازت بها. وهو «يستحق» أكثر من ربع مليون دولار، بالإضافة إلى مئة ألف دولار لو لعب المباريات نفسها وخسرها كلها.
هي لن تحصل على أجر إضافي لو لعبت أكثر من 20 مباراة، وهو يأخذ من 5 آلاف إلى سبعة عشر ألف دولار عن كل مباراة بعد العشرين السابق ذكرها.
هذا حال عالم كرة القدم في الولايات المتحدة الأميركية، رغم أن فريق النساء فاز بكأس العالم ثلاث مرات، ولم يفز به فريق الرجال في أي مرة.


(2)
هو يرجع من سهرة إلى بيته دون مضايقات أو مشاكل.. هي ترجع من السهرة نفسها، وظلَّ رجلٌ يلاحقها حتى منزلها، لتضطر بعدها أن تبلغ الشرطة.
هذا ليس مشهداً من أحد مسلسلات الواقع العربية، ولكنه مشهد من مسلسل أميركي اسمه «master of none» أو سيد لا شيء.
هل ملاحقة ومضايقة الفتيات مسلسل عالمي؟


(3)
هي من يتم التحرش بها ومضايقتها، وهي من تلام على ذلك في بلدان كثيرة بدعوى «اللباس غير المحتشم». هو يفلت من العقاب سواء أكان غريباً أم قريباً.
تحية لكل دولة تطبق نظاماً صارماً مانعاً للتحرش أو الإفلات من العقاب، وأرفع القلم لجميع من يدعو لذلك، خاصة في الدول الحاملة لهذه المشكلة كالهند التي يكثر فيها التحرش والاغتصاب حتى أصبحت عقوبة الإعدام هي الحل الوحيد لمرتكبي هذه الجريمة في نظر الكثير من الهنود. 


(4)
هو مكانه الصحيح خارج البيت للعمل. هي مكانها الواجب في المنزل.
الفيلم الهندي» ki&ka «يقدم عكس النظرة التقليدية لأدوار الجنسين من البشر. ولو أن الفيلمَ قدَّم النظرة التقليدية لَمَا نجح، بل فشل فشلاً ذريعاً؛ لأن الناس يذهبون إلى السينما ليشاهدوا شيئاً مختلفاً عن الحقيقة.
المرأة تعيش حول العالم في عنصرية وعدم مساواة، وهذا ما جعل النساء الخارجات عن النمط الموضوع لهن منذ قرون محلَّ إعجاب. وكأن امتلاك المرأة لعائلة ومهنة مرموقة إعجاز يدعو للانبهار، وقيام الرجل بالأمر نفسه أمر عادي بالضرورة، يستطيع فعله دون أدنى جهد يُذكر. في هذه الفكرة النمطية أيضاً، انتقاص من المرأة وإجحاف للرجل.


(5)
هو مثل هي، وهي مثل هو، والحقيقة اللغوية الكامنة في تمركز الواو قبل الياء في ترتيب الحروف الأبجدية لا تغير من الواقع شيئاً.. الواقع لا يغير من الواقع شيئاً، وكل ما يمكنه أن يصنع كل الفرق هو تغيير، ثم تفعيل القوانين والأنظمة المعمول بها في الدول حول العالم، لا «لتمكين» المرأة، بل لمساواتها بالرجل وتحقيق العدالة، فتمكين المرأة يكون من المرأة لا من الرجال والأنظمة.



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية



أرقام


(صفر)
الصفْر هو رقم من الأرقام، وأهمها على الإطلاق فهو ما يعطي القيمة للعدد أو يسلبها منه إن توارى يساره، ويحمل الصفر الفراغ ومعنى اللا شيء، وقيل بأن الخوارزمي هو أول من وضع الصفر.


(واحد)
من منا لا يرغب في أن يكون الأول في عمله أو دراسته أو هوايته؟، من منا لا يريد أن يكون رقم 1 في كل شيء؟


(اثنان)
لا أحد يتمنى المركز الثاني، خاصة من جرب المركز الأول، وإن كان ذلك لدقائق. هل نسيتوا المشاركة الكولومبية أدريانا غوتييرير في مسابقة ملكة جمال الكون؟، لن تنسوا ولن تنسى لأننا تخيلنا أنفسنا مكانها وكرهنا ما حصل.


(ثلاثة)
الرقم 3 هو رقم من الأرقام العشرة" 0-1-2-3-4-5-6-7-8-9 "وليس عدد. الأرقام جزء من العدد، فهناك الرقم 3 وهناك العدد 23 مثل فيلم جيم كاري "العدد 23" ولكن انتبهوا! لا تصبحوا مهووسين مثله بالرقم 23 أو أي رقم آخر كي لا تروه في كل مكان.


(أربعة)
من ناحية هو رقم ممنوع في مصر، و من ناحية أخرى هو تذكير بالشاعرة الجميلة رابعة العدوية التي قالت في أبيات رقيقة: "وليت الذي بيني وبينك عامر.. وبيني وبين العالمين خراب".


(خمسة)
خمسة هي أصابع اليد الواحدة وأول وسيلة حساب بشرية.. نبدأ العد من الإبهام أو من الخنصر؟ الحيرة تمسنا من جهات عديدة كالحيرة تجاه الأرقام العربية-الهندية والأرقام الغربية-العربية.


(أخيراً)
الأرقام هي ما تبني وتضع الأساسات، والكلمات هي ما تعطي التصورات والروح للأشياء المبنية والمقامة.. مثل الفحم والألماس، يملكان المكون الرئيسي نفسه، ولكنهما بخصائص مختلفة، نحتاج الاثنين، كلٌ في مكانه ولعمله المحدد.

ملاحظة: لم أضع لفكرتي الأخيرة رقماً أو عدداً، لأن النهاية ترف غير موجود في عالم الأرقام والأعداد، وعلى المقالة الانتهاء اليوم.



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية



استراحة

(أسعد يوم)
يصادف يوم السعادة العالمي يوم الأحد هذه السنة، والحقيقة بأنه لا يمكن أن يكون الأحد في دول الخليج العربي، خاصة أن أسعد أيام الأسبوع هو الخميس، فبينما يتذمر الغرب بسبب الاثنين نفعل الشيء نفسه بشأن الأحد، ونغني للخميس يوم الخميس وقبله.
كالكثيرين غيري لم أشعر بقيمة الخميس إلا بعد تقلدي الوظيفة، وقبلها كان طعمه الخاص، بالنسبة لي، ينحصر في مقابلة قراء العرب، وإضافة شيء ما لا أعرف كنهه بعد ليومهم. وأعرف بأني أديت دوري على أكمل وجه إذا ما أحبوه أو كرهوه أو أثار استغرابهم أو سخطهم، أما حيادية القارئ فعبارة عن إشارة تحذيرية تنبهني إلى وجوب تحسين ما أقرأه وأكتبه وأشاهده.

(أسعد إنسان)
حلم أي شخص هو الوصول إلى السعادة، وإن اختار حلما آخر كالمال أو الجاه أو المنصب فلأنه يظن بأنها عوامل أو وسائل السعادة. ولو قُدمت كنوز الدنيا للإنسان لن يسعد بها لو كان غير قانع من الداخل، فمن الداخل تبدأ وتنتهي العوالم والأشياء.. حتى السعادة.

(أسعد دولة)
الدنمارك الدولة الأسعد عالمياً، والإمارات عربياً تليها السعودية وقطر.
في الدولة السعيدة لا يتمتع المواطن والمقيم بالرفاهية المادية فقط، بل والرفاهية الاجتماعية والنفسية والصحية والبيئية والسياسية.. في الدولة السعيدة لا ظلم ولا قهر ولا فساد والكل واحد أمام القانون.

(إحساس)
عندما تشاهد حلقة من برنامجك المفضل بعد الغداء.. عندما تقابل صديقا قديما في مكان جديد يحمل معه رائحة الذكرى الجديدة.. عندما تهدي من تحب هدية يتغير بها يومه كله إلى الأفضل.. عندما تساعد من هو أضعف منك.. عندما تشعر بالتقدير لقاء جهد كلفك وقتاً ومالاً وعرقاً.. عندما تؤثر في العالم من حولك.. عندما تنام وأنت مرتاح.. عندما تقرأ هذه المواقف وتشعر بأنك تعرف أو تكاد تعرف ما أتكلم عنه.. هل هذه هي «السعادة»؟




جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر



ضد المرأة

الحديث مع وضد المرأة حديث ذو شجون، أي متفرع الأغصان أو بطريقة أخرى، حديث قديم يجر حديثاً جديداً، فكيف لو كان الكلام عن يوم المرأة العالمي؟ في يوم كهذا الموافق للثامن من مارس من كل عام، يُذكر تاريخ المرأة، ويتم التطرق إلى حاضرها ومستقبلها.. وبما أن كلماتي ستجر معاني العنصرية والتفرقة والتعصب، سأذكر على سبيل المساواة بأن للرجل يوماً دولياً سنوياً أيضاً يصادف التاسع عشر من نوفمبر.
في يوم المرأة تسترجع الأذهان واقع عدم المساواة في الأجر والتعليم وأسلوب الحياة، والتفرقة بين الجنسين والعنف ضد المرأة والزواج القسري.. في هذا اليوم تُقص ذكريات الألم والعرق والتعب الذي يواجه المرأة في كل زاوية من زوايا العالم، ولا نقصد هنا الدول الفقيرة والنامية دون «المتقدمة»، فحتى تلك الدول يتهرب فيها الكثير من الذكور من مسؤولياتهم اتجاه المرأة، والأطفال الذين يرتبطون ارتباطاً وثيقاً بالمرأة ويومها أيضاً.. فنصفهم إناث من ناحية، ومشاكلهم كثيرة مثل الزواج في سن صغيرة ومن ناحية أخرى عدم حل مشاكل أمهاتهم يخلق لهم المشكلات بل وقد يضاعفها في المستقبل لأن تحسين مستوى معيشة الأم يعني، بالضرورة، تحسين مستوى الأبناء.
تحفظت على مصطلح الدول «المتقدمة» حيث من المفترض أن تُحفظ فيها الحقوق وتُصان الالتزامات، ومنها حق المساواة بين الجنسين، والتقارير تشير إلى أن تلك الدول تحصل فيها المرأة على أجر أقل من الرجل عند قيامهما بالعمل نفسه. وهذا هو الحاصل في كثير من دول العالم ومعهم قطر والدول العربية، رغم أن القانون في قطر لم يميز بين الرجل والمرأة في الأجر. وقد نصت المادة رقم 93 من قانون العمل القطري على الآتي: «تمنح المرأة العاملة أجراً مساوياً لأجر الرجل عند قيامها بذات العمل، وتتاح لها ذات فرص التدريب والترقي».
الواقع يدل على عدم تطبيق القانون، وقد يكون ذلك لاعتبارات منها مثلاً المجتمع أو تقدير صاحب العمل بأن الإجازات المقررة للمرأة من قبل القانون كثيرة أو غيرها من الأسباب الواهية. ومن القانون إلى المجالس التشريعية المصدرة له، المرأة بلا تمثيل سياسي في هذه المجالس وإن كان فهو ضئيل جداً وغير متكافئ مع الرجل كما هو حادث في المجلس البلدي القطري الذي تشغل كراسيه التاسعة والعشرين عضوتان فقط!.
التفرقة أياً كان أساسها جنس أو عرق أو لون أو مذهب أو دين ظالمة للمتعصب والمتعصب ضده. والتفرقة ضد المرأة خاصة وعدم المساواة بينها وبين الرجل معناه عدم احترامها والاعتراف بها ككيان قائم ومستقل مثلها مثل الرجل، وذلك وحده كفيل بخلق أجيال تحفظ الكره والقهر دون الحب والاحترام.



جواهر محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...