الثلاثاء، 4 مايو 2021

أن تسأل.. أو لا تسأل!

  

ما قبيلتك؟ ما مذهبك؟ هل أنت متزوج؟ متى سنفرح فيك؟ كم وزنك؟ هل تملك سيارة؟ هذه أسئلة من الطبيعي سماعها من شخص تعرفه معرفة سطحية في عالمنا العربي. قد تكون في الشارع وقت السؤال أو في عرس ابن خالتك. قد تكون المرة الأولى التي يراك فيها السائل و قد يكون لا يعرف سوى اسمك. دوافع هذه الأسئلة تختلف، قد تكون فضول أو أذية أو انتقاد أو ببساطة، بدء محادثة، و لكن أياً كانت دوافع الأسئلة الشخصية من شخص بالكاد تعرفه، يجب أن يكون هناك احترام للحدود الاجتماعية. و هذه هي المشكلة الكبيرة هنا.. الحدود. البعض لا يعرف متى تبدأ و متى تنتهي، بل إن البعض لا يعي بأن هناك حدود في الأساس، فتجده يحادثك و كأنه صديق قديم مطالباً بتقديمك الإجابات!

مشكلة الحدود الاجتماعية العربية ليست جديدة، هي بعمر الحدود الجغرافية العربية، بل و قد تكون أقدم! و قد يرجع ذلك إلى طبع العربي في الترحال و التعارف على الناس من جميع الأعراق و الألوان المتحدثين بشتى أنواع اللغات. أضف إلى ذلك الزيارات الاجتماعية الكثيرة للقريب و البعيد و العوائل المتداخلة و حقوق الجار و الضيف. العربي كائن اجتماعي إلى أبعد حد، لكن البعض يذهب إلى السؤال عن كل شيء.. ما يعنيه و مالا يعنيه دون أي اعتبار لخصوصية الفرد! مثلما توجد مسافة جسدية يجب على الآخرين احترامها و عدم التعدي عليها دون موافقة الطرف المعني، توجد مسافة شخصية معنوية للناس، يجب احترامها و عدم التعدي عليها. كيف يمكن التعدي عليها؟ يتم التعدي عليها بالأسئلة و التعليقات الشخصية و المحرجة. قد يناقش أحدهم، بأن حل هذه المشكلة يكمن في عدم الرد على هذه التعليقات و الأسئلة الشخصية، و قد يكون هذا الحل ناجعاً في بعض المرات، و لكن ماذا لو كنت ستقابل هذا الشخص كثيراً في حياتك، هل ستتحمل توتر العلاقة و تبعات ذلك؟ ماذا لو أثر فيك السؤال أو التعليق الجارح، فهل ستقدر وقتها على كبح ردة فعلك؟ ماذا لو كنت تعرف بأن الهدف من السؤال هو الإيذاء، هل كنت لتقدم له صمتك الذهبي على طبق من ذهب؟ الحل لن يكون دائماً في عدم الرد. الحل يكمن في التفكير و مراجعة السائل لنفسه قبل السؤال.. ماذا سأستفيد لو قلت لأحدهم: كنتِ ضعيفة، ماذا حدث لك؟!

أخيراً، قبل أن تسأل: تدبر! أعد حساباتك! هل أنت متأكد بأنك تريد أن تسأل شخص لا تعرفه هذا "السؤال"-أياً كان-؟ تخيل ظهور زر تأكيد أمامك قبل أن تفتح فمك، و لكن لا تنقر عليه "موافقاً" فوراً بدون تفكير و بلا اهتمام كما نفعل مع شروط الخصوصية في برامج التواصل الاجتماعي.. فهذه هي حياة الناس و شروط خصوصيتهم!


جواهر محمد آل ثاني

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...