الخميس، 18 أكتوبر 2012

قفزة تاريخية!

‫(1)
في نفس السنة التي توفي فيها نيل آرمسترونغ، سقط علينا فيليكس بومغارتنر بمظلة من على ارتفاع ١٢٠ ألف قدم، أي من المنطقة التي تلامس الغلاف الجوي! ما السر الذي تتوقعونه وراء إنتاج الغرب كل هؤلاء "المغيرين" في تاريخ الإنسان، في حين أن العرب يعجزون عن إنتاج ملعقة صغيرة؟
(2)

في مكان ما في العالم، هنالك شخص يشاهد ويعيد مشاهدة الفيديو الذي صور سقوط فيليكس، كي يكتب ملاحظاته عن تلك التجربة الشجاعة، وعلى نفس الأرض، ولكن في مكان آخر بعيد، هنالك شخص يشاهد الفيديو لأول مرة كي يتأكد من حياة فيليكس، ثم يشاهده عدة مرات كي يثبت أن الفيديو غير حقيقي، وأن الشيء الأبيض الذي ظهر ساقطاً مرتجفاً ليس إلا كتلة بيضاء خالية من الجسد الإنساني!
(‫3)‬

يمكن النظر لقفزة فيليكس على أنها تجربة وعدت! أو تجربة شعرنا بالإثارة خلالها وخلاص! وفي أسوأ الأحوال ستكون كابوساً عند تغيير مناهج الفيزياء التي تشبعت من نيوتن والنظريات الحجرية!
ويمكن النظر إليها على أنها قفزة وليست سقوطاً فقط، بل إنها سقوط قصد حفرة التغيير والتاريخ والإنسانية التي لا تريد إلا أن تتطور وتتغير، فتزداد علماً ووسعاً!
(‫4)‬

 - ما الذي أوصل فيليكس إلى الكبسولة الفضائية التي قفز منها؟
- أوصله إليها إرادته وشجاعته وتشجيع من حوله، وبمناسبة ذلك، انتشرت نكتة تقارن بين تشجيع أم فيليكس له وبين الأمهات العربيات اللاتي يغضبن على أبنائهن إن هم حاولوا ركوب لعبة مرتفعة في مدينة الملاهي!
(‫5)

 ساعد جون كيتغنير -حامل الرقم القياسي السابق في القفز بالمظلة- فيليكس بومغارتنر على تحطيم معظم أرقامه، فوقعوا سوية ومباشرة إلى كتب التاريخ، فمن يحفر حفرة لأخيه، يقع فيها!
لماذا لا نفسر نفس المثل بهذا الشكل في ثقافتنا العربية؟
(‫6)

‬ يمكن لأي واحد منا أن يكون فيليكس، يجب فقط أن نجد أحلامنا ونجمعها بالإرادة القوية والثبور غير المنقطع، وأن نتأكد أن كل شيء نحلم به قد يتحقق لو آمنا بأنفسنا وسعينا وراءه، فلا شيء مستحيل!
(‫7)‬

 أكثر ما أحببت في تجربة قفزة فيليكس التي عشناها معه -و لكن بطريقة مغايرة- هو اجتماع القلوب حوله عند قفزه، فرغم اختلاف الأديان والأعراق والجنسيات والألوان، صلى الجميع من أجل فيليكس في تلك اللحظة! فما أجمل الإنسانية التي تجمعنا!

جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 11 أكتوبر 2012

قطر كما هي اليوم

قطر -رغم كمالها في أعيننا- إلا أنها كسائر بلدان العالم، وككل الأشياء المخلوقة، ليست كاملة، وبها ما بها من سلبيات وإيجابيات، وعليها انتقادات وإشادات، والمواطن الصالح هو الذي يذكر سيئات وحسنات بلاده، يذكر الأولى كي يغير واقعها فيمحوها بالحسنة، ويذكر الثانية كي يفتخر ببلده ومكانه الذي ينتمي إليه.
إنجازات قطر لا يمكن تضييقها كي تُلبس في مقالة صحافية، ولكن يمكن العروج على بعضها هنا، فتميز قطر في شتى المجالات وإن تم ذكره في جميع أصقاع العالم إلا أن ذكره على لسان أحد أبنائها دائماً مختلف، ففيه صبغة الفخر الممزوجة بشيء من الطموح وأمنية التقدم بخطوات أوسع إلى الأمام، وبذلك أسرد موجز بعض إنجازات وطننا اليوم في نواحٍ مهمة:
من الناحية السياسية، تجتمع دول العالم لتتفق على تميز قطر في تعاطيها على الصعيد السياسي والدبلوماسي، الذي تجمع به أضداد العالم على أرضها لترضي بدبلوماسيتها الرفيعة جميع الأطراف، وخير شاهد على ذلك دور قطر في المصالحة اللبنانية والفلسطينية والسودانية في دارفور، بالإضافة إلى سباقها دول العالم في تسجيل مواقف مشرفة، أقربها كان العام الماضي عندما أوضحت موقفها من ثورات شعوب الربيع العربي.
من الناحية الاقتصادية، كان اقتصاد قطر من أقل الاقتصادات تأثراً بالأزمة العالمية، كما أنه اتخذ طريقاً مغايراً في عوالم الاقتصاد، فجعل الاستثمار مورداً أساسياً له. فقطر اليوم عززت اقتصادها بباقة استثماراتها المنوعة في كل بلد وفي كل مجال وشكل، ولذلك فإننا عندما نصادف مجالاً استثمارياً ضخماً في أي بقعة من بقاع العالم، نبحث فوراً عن قطر، فالأكيد أنها لن تفوت فرصة كهذه!
من الناحية التعليمية، برامج الابتعاث موجودة في قطر لكثير من جامعات العالم وللتخصصات المختلفة الخارجية والداخلية، كما يوجد لدينا داخلياً المدينة التعليمية التي تحتوي على ثمان من أفضل الجامعات العالمية مثل جورج تاون، وجامعة تكساس إي آند أم، بالإضافة إلى مراكز أبحاث عالمية.
من الناحية الثقافية، لدينا سوق واقف الذي «يقف» على التراث والثقافة في أزقته ومعارضه، و»كتارا» التي تجمع بين ثقافات مختلفة في مساحتها الكبيرة «داخل» و»خارج» قطر، بالإضافة إلى دار بلومزبري- قطر للنشر التي تترجم وتنشر أعمال مهمة لقطريين وغيرهم، ولا ننسى أيضاً دور هيئة متاحف قطر في توثيق الثقافة وعرض الآثار والتاريخ ودمجها مع الفن، وخير مثال على ذلك متحف الفن الإسلامي الذي يُزين كورنيش الدوحة.
من الناحية الإعلامية، لدينا قنوات كقناة قطر والريان وباقة الجزيرة التي تبث من وفي قطر. وكم أزعجت الجزيرة بعض الناس، وفي بعض الأحيان نفس الناس الذين يحرصون على متابعتها وتصديق كل ما تبثه رغم أنهم -أنفسهم- من يحاولون جرح «مصداقيتها» في الوقت نفسه! فكيف لا تنجح وتبقى على رأس الهرم الإخباري العربي بل والعالمي؟!
من يقرأ ويسمع عن قطر سيتعجب بالتأكيد، فكيف لدولة صغيرة لا يتعدى مواطنوها 400 ألف نسمة أن تحدث كل هذا التقدم في شتى المجالات وفي وقت قصير؟! وعندما يتعجب سيضطر للقراءة مجدداً والبحث كي يعرف السبب، وأنا سأوفر له السبب دون أن يلج بحور البحث الصعبة، وهو أن قطر لديها أبناء يسعون وراء التغيير والتنمية التي تحلق ببلادهم إلى مصاف الدول المتقدمة، كما أن لديها قيادة تدفع بهذا التغيير وتشجع عليه، فكيف لا تتقدم دولة بشعب وقيادة كهذه؟


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 4 أكتوبر 2012

البنية التحتية القطرية!

مع سقوط أول أمطار هذا العام بعد انقضاء فصل الصيف في قطر، اعتلت الابتسامات الممزوجة بالضحكات وجوه المواطنين والمقيمين، فرحاً واستبشاراً بالخير الذي زين سماء يوم الجمعة الماضي على نحو مفاجئ، ولكن سرعان ما تغيرت أسباب الضحك والابتسام -إلى أسباب أكثر قتماً- عندما «غرقت» منطقة الشحانية وطريق دخان السريع «الجديد»!
مع غرق الشحانية وطريق دخان وانتشار صور السيارات الغارقة في المياه، ارتفعت أسئلة كثيرة على السطح، وشابت الموضوع رائحة كريهة تشبه رائحة المجاري التي تفتقد أنابيبها الكثير من مناطق دولتنا الكريمة! هل توجد في قطر بنية تحتية؟! وإن كان الجواب نعم، فهل هي «فاسدة» بقدر طريق دخان والشوارع الأخرى التي فاضت مع أولى قطرات المطر؟! هل هي موجودة لأننا «نسمع» بوجودها ولكننا لا نراها عندما يتطلب الأمر ذلك؟! وإن كان الجواب لا، فأين تذهب المليارات التي تخصصها الدولة لـ «أشغال» كي تبني لدولتنا البنية التحتية التي تستحقها؟! ماذا سنستفيد من شوارع واسعة بلا بنية تحتية متكاملة «تفيض» كلما زارتها بضع قطرات من المطر! ثم ما هدف تحمل المواطنين والمقيمين للحفريات التي تقيمها «أشغال» في الطرق من أجل «البنية التحتية» على مدار السنة إن كانت هذه النتيجة النهائية؟ وهذه الأسئلة تحملنا للسؤال الأهم: هل أصبحت «البنية التحتية القطرية» نكتة؟ ومن جعلها كذلك؟!
بعد يوم من غرق طريق دخان عقدت «أشغال» اجتماعاً «عاجلاً» لمراجعة البنية التحتية للطريق، وصرح مسؤول فيها بعدة «أعذار» لدرء الحرج الذي تسببت به الأمطار للهيئة، ومن هذه الأعذار أقتبس هذه الكلمات: «أشغال قامت بدورها منذ ملاحظة تجمع السحب الممطرة صبيحة الجمعة، حيث أعطيت التعليمات لغرفة العمليات بالهيئة لخروج شاحنات الصهاريج وآليات ضخ المياه إلى الطرق الرئيسة في وقت مبكر، لكن الأمر كان أكبر من المتوقع»، ويشير نفس المسؤول إلى أن «أشغال» وفرت عشر شاحنات صهاريج، وأسهمت وزارة البلدية والتخطيط العمراني بحوالي 30 شاحنة لشفط المياه المتجمعة.
هل دور «أشغال» توفير صهاريج شفط المياه أم تأسيس البنية التحتية؟! ما هذه النكتة السمجة! ثم يزيد مسؤول «أشغال» قائلاً: إن ارتفاع المنطقة التي يتواجد بها جسر الشحانية وانخفاض المناطق المحيطة بها، أسهم في تجمع كميات كبيرة من الأمطار، عجزت قنوات التصريف عن تحملها، وهو ما سيتم تداركه في التدابير التي ستتخذ من قبل الهيئة!! هل لنا أن نسأل كيف سيتم ذلك؟ هل ستوفر «أشغال» المزيد من الصهاريج أم سترجع لتؤسس بنى تحتية يمكننا منحها الثقة؟! وهل تعيش «أشغال» في عام ٢٠١٢ أم إنها لا تزال قابعة في عقود سابقة مليئة بصهاريج شفط مياه الأمطار؟!
نستضيف في قطر عشرات المؤتمرات سنوياً، بالإضافة إلى البطولات والألعاب وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي نفخر بإقامتها على أرضنا كما أننا ننتظر عام ٢٠٢٢ بفارغ الصبر وبأيدينا العاملة وعقولنا المخططة، نفس الأيادي والعقول التي تعمل من أجل تحقيق الرؤية القطرية الوطنية الشاملة لعام ٢٠٣٠، ومن أجل بلدنا والرؤية التي وُضعت من أجله، نحتاج إلى بنية تحتية تعادل طموحنا، لنقل دولتنا إلى مصاف دول العالم الأول، ولا نريد بنية تحتية ورقية، تُبل ويُشرب ماؤها ما إن تتجمع الغيوم ويسقط المطر!
قطر تستحق الأفضل يا «سادة»!


جواهر بنت محمد آل ثاني

صحيفة العرب القطرية
المصدر

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...