الخميس، 28 يونيو 2012

نصائح للمسافرين

عند السفر للخارج وزيارة بلد غريب، تنقلب موازين بعض الأشخاص، فيفعل أشياء لم يكن يفعلها في بلده، أو يفعل أفعالاً غير مقبولة في تلك البلد أو الأخرى، وهذه الأمور تتضح في الصيف خاصة، عند ضيق أو سعادة أهالي البلد المضيفين، وتعتمد كلها إما على الالتزام بالقانون أو عدمه، وعلى بعض الأخلاقيات التي إما يحبها أو يكرهها السائحون وسكان البلد المستقبلون لهم.
ومن أجل المسافرين، خاصة أولئك الذين يتكبدون من أجل السفر الكثير حتى يصل الحال ببعضهم إلى الاقتراض، سأسدي بعض النصائح للتذكير وللإفادة، لي ولغيري من المرتحلين إلى بلدان غريبة في هذه العطلة الصيفية، التي تكاد ترتحل عنا قبل استمتاعنا بها!
أولاً: احفظ ربك ودينك أينما كنت، ليحفظك في بلاد، قد لا ينفعك فيها لا أهل ولا سفارة، من بعده.
ثانياً: أخلاقكم هي تحيتكم للدولة التي تمنون أنفسكم بالاستمتاع بها، فأحسنوها تحسن في عيونكم البلد وأهل البلد!
ثالثاً: لا يُقاس الاستمتاع بالسفر بمقدار المال الذي يُصرف أثناءه، وهذا يعني بأنه لا يُشترط على المرء تبذير ماله كي يستمتع بإجازته!
رابعاً: لا تنافق غيرك! لا تقم بفعل لم تفعله في بلادك إلا إن كان خاضعاً لإرادتك أو لقانون!
خامساً: فصل الصيف ليس موسم السياحة، فقط، بل موسم السرقة أيضاً! ولذلك حصنوا بيوتكم أيها المسافرون قبل سفركم، وانتبهوا لأنفسكم أثناءه.
سادساً: اعرفوا أماكن وأرقام سفارتكم، حيطة لاستحضار هذه المعلومات عند الحاجة إليها.
سابعاً: اقرؤوا عن تاريخ البلد التي ترحلون لها، وعن أسواقها، ومطاعمها، ومسارحها، وكل الأماكن السياحية، كي تعصف بكم رغبة ملاحقة كل هذه الأماكن!
ثامناً: لا تضيعوا رحلتكم في نوم النهار، وسهر الليل، ولا في قضائه كله في شارع معين أو في مقهى مشهور، فالسفر والبلدان أعظم وأقدر من ذلك!
وأخيراً، قد يجد المرء نفسه في السفر يرهف سمعه لكل همسة ضجيج في الشارع المقابل للفندق الذي يقيم فيه، أو يعطي يديه لكل وردة زرعتها مفترقات الطرق، أو يتتبع بعينيه كل حركة تنشب أمامه، فينفعل -أياً كان انفعاله-، ويقرأ، ويفكر، ويكتب، ويناقش، وهذا أجمل ما في السفر، أنه يحثك على إخراج أفضل ما لديك، لتنافس به ما رأيته وما يحصل أمامك، فتستفيد من هذه التجربة الروحانية الجسدية حتى آخر لحظة.



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 21 يونيو 2012

قراءة في النتائج

هزت فاجعة فيلاجيو المجتمع القطري، مقيمين ومواطنين، فالحريق الذي صاحبت أدخنته، أرواح أطفال ومدرسات وإطفائيين إلى السماء، حدث بشكل مباغت في الدولة التي تعد الأكثر أمناً وسلاماً عربياً، ولذلك كانت ردة الفعل قوية من المسؤولين ومن المسؤول عليهم، فقد أمر ولي العهد الأمين تميم بن حمد آل ثاني، بتشكيل لجنة للتحقيق بوقائع الحريق برئاسة عبدالله بن حمد العطية، في مدة حُددت لهم لكي يستخرجوا بها خلاصة أسباب وظروف الحريق، وبحسب البيان التي أصدرته اللجنة، تم كل شيء على قدر الأوامر.
نشكر لجنة التحقيق على إيجاد سبب حريق فيلاجيو في أسبوع واحد فقط من الحريق، وعلى الظروف والملابسات الدقيقة التي توصلت لها، بالإضافة إلى توصياتها. ومن تفاصيل الحريق الذي اتضح بأنه كان بسبب خلل كهربائي في موصلات وتجهيزات مصباح الإضاءة «فلوريسنت»، والذي أدى إلى اشتعال مكوناته البلاستيكية، ومن ثم سقوطه على بضائع مصنوعة من مواد قابلة للاشتعال في محل نايكي للملابس الرياضية، نعي بأن الحريق بدأ في أقل مكان توقعنا نشوبه فيه، فهو لم يحدث في مطبخ مطعم من مطاعم فيلاجيو، ولا في صالون الحلاقة، بل حدث في محل لبيع الملابس! والذي كما قيل أسهم في انتشاره البضائع المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال. وفي كل محل من محلات فيلاجيو مواد قابلة للاشتعال وبضائع قابلة للاشتعال، وبذلك يكون نشوب حريق في أي ركن من أركان فيلاجيو ذا نسبة مقبولة! ألم يع ذلك المسؤولون والجهات التي أعطت التراخيص اللازمة لفتح محلات لا تصل حتى إلى حد أدنى من معايير السلامة والأمن؟ أم كانت هنالك أمور جعلت النظر إلى المحلات وتصاريحها بعدسة غير واضحة؟!
ثم نجد أن فشل أحد موظفي نايكي وأحد رجال الأمن في فيلاجيو في إطفاء الحريق -كما يقول التقرير- هو ما ساعد على انتشار الحريق بشكل سريع، وفشل الموظفين هنا ليس بسبب عدم إخمادهم للحريق، ولكن بسبب عدم اتباعهم إجراءات محددة أو بروتوكول معين في مثل هذه الحالات، فهم لم يتصلوا حتى بالدفاع المدني، الذي تلقى نداء استغاثة من أحد رجاله الذي كان موجوداً بالصدفة بالقرب من المجمع التجاري، وليس مثلاً من جهاز إنذار الحريق المبكر، والذي ليس مركباً أصلاً في فيلاجيو!
وقد ذكر البيان الصحافي الذي أصدرته اللجنة المكلفة بمتابعة حريق مجمع فيلاجيو أسباباً مهدت الطريق للحريق، مثل عدم وجود خطط محكمة في فيلاجيو للتعامل مع مثل هذه الكوارث، وضعف في التنسيق بين الأجهزة الحكومية المسؤولة لضمان السلامة العامة، إضافة إلى وجود فجوات في متطلبات الأمان ومكافحة الحرائق. وأهم ما أحدثه حريق فيلاجيو هو شد النظر نحو قضية عدم الالتزام بالقوانين المعتمدة للسلامة ومكافحة الحرائق في كثير من المباني والأماكن العامة في الدولة، مما زاد من قلق المواطن والمقيم، فبدأنا نشك أي الأماكن محمية وأيها محمية بشكل مزيف؟ وهدأ من روعنا قليلاً أننا بدأنا نرى تطبيق بعض توصيات لجنة تحقيق حريق فيلاجيو، حيث أُغلق في الأسبوع الماضي مجمع من أكبر المجمعات التجارية في الدوحة، إلى حين استيفائه معايير الأمن والسلامة، وبهذا نستطيع أن نطمئن إلى أرضنا وإلى قيادتنا التي احتوت الموقف من كل النواحي، وبشكل كامل. حفظ الله قطر، أرضاً وشعباً!



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 14 يونيو 2012

في هذا الصيف

مع انتهاء يوم الخميس ستبدأ عطلة الجامعيين، وقبلها كانت قد بدأت عطلة الطلاب وبعض العاملين في شتى المجالات المختلفة في الدولة، بدأ الصيف وانتهى عمل سنة كاملة، كد واجتهد بها الكثير، لتأتي بعدها هذه الفسحة، ليتنفسوا بها الصعداء، وليعطوا أنفسهم قسطاً من الراحة، يبدؤون بعده عاماً آخر جديداً بنفس منتعش.
العطلة الصيفية يختلف طول مدتها من شخص لآخر بحسب مهنته أو دراسته، وفي الخليج يستهلكها الكثيرون بنفس الطريقة، ويكون ذلك بنوم النهار وسهر الليل، وبالجلوس لساعات أمام مواقع التواصل الاجتماعي، والتحدث بوسائل الاتصال المختلفة كالهاتف والسكايب والبلاك بيري ماسنجر لفترات طويلة. بالإضافة إلى التسكع في الشوارع والمقاهي والمطاعم، وهذه الأمور كلها مقبولة لولا استحواذ بعضها على عطل البعض، مما يجعل المرء يخسر عطلته التي انتظرها طويلاً.
في الجهة الأخرى ،  وبالأخص الغربية، يحدث العكس تماماً. ينتظر الناس الصيف بفارغ الصبر لكي يعمل به الطلاب أو لكي يزوروا به متحفاً، ولتسافر به العوائل، فيضعوا أرجلهم في أماكن لم يروها من قبل، لكي يجربوا، ويختبروا، ويخرجوا، ويروحوا عن أنفسهم مشقة العام القديم والعام القادم. نريد أن نفعل وأن نرى هذه الأفعال عندنا، فلسنا أقل من غيرنا، ولا صيفهم أهمّ من صيفنا.
في هذا الصيف فلنقرأ، وليقرأ من ترك القراءة كتاباً. فلنحضر، وليحضر من لم يدخل مسرحاً في حياته، مسرحية. فلنسافر من أجل متحف، ولنعد من أجل حنين، فلنعترض ونجزم، ونفعل كل الأمور التي كبتناها وقت العمل، فإن كانت أيام العمل والدراسة تمر ببطء فأيام الصيف تركض كخيل مصنوع من الريح، ولذلك يجب استثمار الوقت، واستغلال كل دقيقة صيف إلى أعلى درجة. فإن ذهبت فإنها لن تعود، وإن تم استغلالها فستعود على صاحبها أضعافاً إما بنفع أو بضرر، بحسب نوعية الاستغلال.

جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 7 يونيو 2012

دفاعاً عن الأدب

أُلغيت محاضرة بدرية البشر التي كان مقرراً انعقادها في جامعة قطر قبيل ساعات من انعقادها، تحقيقاً لرغبة الكثير من الطلاب والمثقفين والصحافيين وغيرهم من المهتمين. ويُحسب لجامعة قطر إلغاؤها لمحاضرة غير مرغوب بها من قبل الأغلبية، والتي لو كانت ستعقد لم يكن ليحضرها الكثير. وأنا مع إلغاء أي محاضرة غير مرغوب بها من قبل معظم من تحدثوا بهذا الشأن، ولكني لست مع سبب الإلغاء، والذي كان كما قيل: بسبب تطاول الكاتبة على الذات الإلهية بشهادة جزئية في روايتها «هند والعسكر».



قبل الخوض في الأسباب يجب التوضيح بأني أحترم كل رأي، وأن ما سأطرحه هو ما أراه منطقاً يخاطب العقل، كما أنني قبل كل شيء لا أرضى بأي تطاول على الله ورسله، ولا حتى على أي أحد من مخلوقاته، هذه هو الحق الذي أراه، وسأسرده عبر نقاط:


أولاً: التطاول الذي حصل، ورد في سطور رواية أدبية، وعلى لسان إحدى الشخصيات المعنوية الخيالية، ولم يرد على لسان الكاتبة شخصياً بلفظ صريح.


ثانياً: نستطيع أن نقيس هذا التطاول برجل جلس مع أقربائه وقال لهم: صديقي المسيحي يعتقد بأن الله هو المسيح. الكاتب هو شخص ينقل الأحداث، بالضبط، مثل هذا الرجل في المثال. فهل نعاقب هذا الرجل بسبب ما يعتنقه صديقه؟ أو لأنه نقل أفكار صديقه بغض النظر عن سبب ذلك؟ ماذا عن مقولة «ناقل الكفر ليس بكافر»؟!


ثالثاً: هل سنحاسب كل كاتب على أفعال قاتل أورده في رواية من روايته؟! هل سنطالب برأسه بسبب كلمات في معظم الأوقات هي من نسج الخيال؟!


رابعاً: هل سنحاسب كل أديب على ما يرد في دفاتره؟ هل يمكننا أن نبعث نجيب محفوظ ونزار قباني، ونحاكمهم على أدبهم؟


خامساً: هل يعني منع محاضرة البشر أو «تأجيلها» بلفظ الجامعة، منعنا «للآخرين»؟ ماذا لو احتجنا خدمات عالم فيزياء ملحد، هل سنعلن أننا لا نحتاج إلى خدماته بسبب إلحاده؟!


سادساً: قال الله تعالى: «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ». تهمة التطاول على الله عظيمة، لأنها تلصق بالمتهم تهمة الكفر -أيضاً- التي هي بدورها أعظم قدراً، وقد ترتد على مُوجه الاتهام إن لم يكن المتهم كذلك، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا يرمي رجلٌ رجلًا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك». رواه البخاري.


وأخيراً، كلماتي السابقة لم تكن دفاعاً عن شخص بدرية البشر، بل دفاعاً عن الأدب وحماية للأدباء، ولأننا أصبحنا نتهاون في الاتهام والتكفير. هذا رأيي بغض النظر عما صرحت به الكاتبة بعد إلغاء محاضرتها، فلها الحرية في أن تصرح بما تشاء، رغم أن ذلك قد عكس جانباً مهماً من شخصيتها.
 
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية
المصدر



الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...