الخميس، 29 مارس 2012

طريق ومائة حفرة

في قطر، أكثر شيئين نراهما في الطرق هما الدوارات وسيارات الدفع الرباعي، وخاصة اللاند كروزر، حتى إن أحدهم قال: لو أننا وضعنا طريقاً خاصاً للاند كروزر لأصبحت زحمة المرور من الماضي!
في كل بيت هناك سيارة واحدة رباعية الدفع على الأقل، وهذه ليست صدفة، فالصدف لا تحدث بالآلاف، بل هو وعي طوره أغلب المواطنين والمقيمين بخصوص شوارعنا غير الصالحة لاستعمال الآلات ولا للاستعمال البشري.
أستطيع أن أعدد عدة شوارع غير معبدة، وعدة شوارع مليئة بالحفر، وعدة شوارع غير مكتملة، وعدة شوارع تزورها الحفريات كل عام، وعدة شوارع تملك بعضاً مما ذكرته مجتمعاً بها، وكلها عند بيتي! وأستطيع أن أعدد شوارع مُكملة تمشي عليها السيارات بسلاسة الماء، وكلها عند الوجهات السياحية! محمود هو الجهد الذي قامت به «أشغال» في الطرق الجديدة الطويلة، لكن نريد منها أن تقف معنا للحظة، وأن تعيد التفكير قبل أن تفتح أي طرق أخرى، فالقديمة منها تعاني، ونحن قد سئمنا الحفريات والشوارع غير المستوية والحفر الوعرة! نرغب بطريق لا يحوي مائة حفرة ولا يُسقط مائة سيارة، نرغب بشوارع مريحة ترفع دولتنا لصورتها الكاملة! نريد التخطيط والأشغال يا «أشغال»! العمل المتقن واجب، والشعارات الرنانة غير مرغوبة. نريد تحسس المائة مليار التي استثمرت قبل فترة في البنية التحتية لقطر وما كان قبلها من ميزانيات! فواجهة بلادنا هي شوارعنا، وأول ما يلاحظه ويحسه المرء عند نزوله على هذه الأرض الطيبة هو أن معظم طرقها مكسرة وغير متآلفة. نريد نتائج إيجابية لكي نرتاح ولنطمئن على مستقبل مدننا، فما نراه لا يبشر بخير ولا بشوارع ممتازة كشوارع دبي وسنغافورة، التي زارها مؤخراً وفد المجلس البلدي المركزي كي «يطلع» على تجربتهم.
تهاون «أشغال» في تحقيق تطلعات المواطن والوطن، لا يرضي أحداً، ولذلك يجب أن تلتزم بمنهج معين ومدة معينة وموثقة لكل مشروع، كما يجب إتاحة الفرصة للأفراد للتعرف على الفترات الزمنية والمناهج المتبعة للمشاريع كي يزيد الضغط عليها، فتنجز ما يتعين عليها إنجازه، وتُحاسب إن تأخرت في عمل أو عدم إنجاز شيء. منظر بلادنا الحضاري أكبر وأغلى من أي هيئة، وأي مسؤول يتباطأ في تحقيق التزاماته، ونتمنى أن يطال الحساب كل من سيسعى في ذلك الطريق.


جواهر بنت محمد آل ثاني.

صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الأحد، 25 مارس 2012

أيهم نختار وما ذنب الطالب؟

من أصعب المهام التي تُلقى على عاتق الآباء والأمهات اختيار المدرسة المناسبة لأبنائهم. وفي قطر، تتعدد الخيارات، من المدارس المستقلة والعلمية، إلى المدارس الخاصة والأجنبية، وسابقاً كانت تزاحمهم المدارس الحكومية أيضاً، قبل أن تبدأ بالانقراض. خيارات كثيرة ولكن ما فائدتها إن تشابهت سلبياتها وقلت إيجابياتها؟ ما فائدة إنجليزية المستقلة إن كانت عربيتها ضحلة؟ وماذا كانت فائدة عربية «الحكومية» إن كانت مناهجها ضعيفة؟ وكيف يطمح الفرد إلى «العلمية» إن كانت تطلب نسبة وقدرات عالية بعض الشيء؟ وكيف يُقدم المرء على مدرسة خاصة مناهجها مهجنة بين العربي والإنجليزي، فلا تفلح في إيصال أي منها؟ وكيف يقدم الإنسان على مدرسة أجنبية لا تخدم لغته الأم ولا تقاليده ولا عاداته، بل تخلق إنساناً آخر من ابنه؟ في كل المدارس ظُلم الطالب القطري وظُلمت اللغة العربية كما قد ظُلموا في جامعات الدولة. لا ألوم أي أب وأم يتشككون ويفكرون ألف مرة قبل إلحاق أحد أبنائهم وبناتهم في مدرسة من المدارس السابقة، فالمدرسة هي أهم بيت يتعلم منه وفيه الطفل، فيقضي فيه نهاره وظهره، موسعاً مداركه العلمية والثقافية والاجتماعية. ولذلك كان اختيار المدرسة والبيئة التي ينشأ فيها الطالب من أهم الاختيارات المصيرية في حياته، والتي قد تحدد شخصه وروحه، فإلى متى هذا التهاون في التعليم؟ إلى متى الصبر على هذه المناهج الكسولة والأنظمة المتسيبة؟ ألا تكفي التجارب السابقة الفاشلة أم يجب خلق نسخ منها لكي يشبع المواطنون؟!
الحلول موجودة ولكنها صارمة وجذرية، ومنها تغيير القيادات الفاشلة والمعروف عنها الإخفاق في اتخاذ وحتى تنفيذ بعض القرارات، كما يجب اتباع أنظمة صارمة بحق المدرسين، الذين لا يهتمون بطلابهم في بعض المدارس، والذين لا يهتمون بالحضور أصلاً في مدارس «أخرى» معروفة. ويجب على المجلس الأعلى للتعليم تقوية المناهج وتضخيم الساعات المخصصة للمواد الثانوية -أو كما يرونها فرعية- في المدارس المستقلة مع التركيز على اللغة العربية وإرجاع مكانتها لها في جميع مدارس الدولة، كونها لغتنا الأولى.
المدرسة هي المؤسسة الأولى للطفل، بغض النظر عن بيته وعائلته، والاهتمام بأنظمتها ومناهجها وإنتاجها واجب وطني وواجب مجتمعي، لا يجوز التخلي عنه حتى بعد اصطلاحه.



جواهر بنت محمد آل ثاني.

صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الجمعة، 16 مارس 2012

نجاح دولة وتبعاته

يُحسب الكثير على دولة قطر من قناة الجزيرة الفضائية إلى بعض الأعلام الدينية، ومن هنا إلى هناك لا ننكر قيمة أي منها، وإن كنا في أغلب الأحيان نحاول الفصل بينها وبين قطر، ونذود عن قطر بسببها. 
ولكن لم هذه الموجة التي لا تتوقف عن الفوران على الكيان القطري؟ لم هذا الهجوم الذي في أغلب الأحيان يُوجد بلا سبب، وإن كان هنالك سبب، فمن الصعب جداً ربطه بالدولة؟ هل هذا ما يُسمى بالهجوم الشرس على النجاح، أم إنه فقط هجوم لتحطيم دفاعات النجاح؟ أياً كانت الأسباب -وهي مختلفة- لا يمكن تبريرها، خاصة إن نبعت من دول مجاورة وصديقة ومن شخصيات معروفة، وقطر ستبقى في 
محلها الذي لا يكل عن التقدم، فمن الناحية الاقتصادية، لدينا أسرع الاقتصادات نمواً في العالم وأقلها تأثراً بالأزمات المالية، ومن الناحية السياسية، أياديها بيضاء وما إن تُغلق ملف حتى تساعد في حل ملف آخر، ومن الناحية الاجتماعية، تطور المجتمع القطري وتقدمه بارز بروز قرص الشمس في كبد السماء، وأما باقي النواحي، فلا يزال السباق قائماً من أجل التغيير إلى الأفضل.
قطر لا تنظر إلى من يقلل من قيمتها ومن يحاول الاستخفاف بها، ولا تحتاج إلى من يدافع عنها ويأخذ بيدها، فهي تحملنا كلنا مع غيرنا على ظهرها ومع ذلك لا تنحني. هذه دولة تنظر إلى البعيد القريب وتحاول أن ترسم خريطتها بحسب
ما تراه، ولذلك كل ما يجول حولها لا يهم وكل ما يُقال عنها لا يُهم، لكن المهم هو من يقوله وبأي نية يقصد كلامه. وفي خطوة محمودة ورادعة، حرك الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مؤخراً،
دعوى قضائية على النائب الكويتي نبيل الفضل الذي اتهم الأول بأنه وراء مؤامرات تجري في الكويت، وهذه قطرة من بحر أقوال مشابهة، قيلت عن قطر ورموزها، ولا يمكن مقاضاة كل من يتلفظ بالأكاذيب ويربطها بدولتنا، ولكن يمكننا أن نكمل في طريقنا، وأن نعمل على تحسينه أكثر، وترك من يريد ملاحقتنا بالانتقاد، خلفنا، فهو في النهاية سيجر التقليد من تجاربنا.


جواهر بنت محمد آل ثاني.

صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 8 مارس 2012

بل عائلة واحدة تكفي

المجتمع القطري يقوم على أساس العائلة، لا العائلة المفككة ولا العائلة ذات الشكل المادي، بل العائلة التي تصل إلى معناها المعنوي الوافي بالترابط والتماسك والتحام أفرادها بعضاً ببعض.
ولبنة الأسرة -أي أساسها- هي الزواج، فمن يتزوج من أجل تكوين نفسه وتكوين عائلة له سيفلح زواجه بالاستمرارية، هذا ما أكدته البحوث والدراسات التي تقول إن نسب الطلاق في الغرب أعلى من نسبتها عند العرب، وذلك لاختلاف أسباب الزواج، فعندنا الأغلبية تتزوج من أجل بناء أسرة ولديهم الأغلبية تتزوج من أجل الحب أو بعده، وهو شعور قد يضمر أما العائلة فتكبر وتقوى عراها. بعد هذا كله هل يمكننا أن نصر على إقناع المتزوجين بأن زوجة واحدة لا تكفي؟! وأن عائلة واحدة لا تكفي؟! ثم ماذا عن نسبة الطلاق المرتفعة في الدولة؟ هل نشجع على التعدد الذي قد ينتج عنه مطلقات أكثر؟!
أنا لست ضد تعدد الزوجات ولا معه بل أقف بصفة حيادية معه، كما يقف الإسلام الذي لا يبيحه إلا لأسباب منطقية وبشرط يختصر جمال ديننا ألا وهو العدل. التعدد ليس جريمة إلا إذا وقع لسبب خاطئ كالزواج لمجرد التعدد فقط، فذلك قد يضر الزوج وعائلته الأولى وحتى زوجته الثانية، ومن هنا يُضر المجتمع الذي يطالب الكثيرين بإفشاء التعدد من أجل منفعته، هذه دائرة يهيم المرء فيها، فمن يطالب الرجال بالتعدد لخفض نسب الطلاق لا يعرف بأنه قد يخلق نسبا جديدة له، ومن يطالب به من أجل لحمة المجتمع لا يعرف أنه قد يفككه من حيث لا يدري.
التعدد جائز ولكنه ليس الأصل في القاعدة بل الأصل هو العدل، وقد قال الله تعالى:(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً) النساء 3، وقال أيضاً في موضع آخر: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرصْتُمْ) النساء 129، وذلك لأن العدل صفة مثالية تحمل خيوطاً سماوية يصعب على الناس الاحتفاظ بها دون قطعها، فما بالكم بمن سيمسكها كل يوم مع زوجاته؟.
الأصوات التي تعالت مشجعة تعدد الزوجات بعد زيادة الرواتب، تؤكد على أن ذلك له مصلحة عامة، وعلى أنه سيخدم قطر عن طريق زيادة النسل وأعداد المواطنين، وأنا أقول لهم إن 
هناك حلا آخر قد يوقعنا في مشاكل أقل وظروف أسهل ويحقق نفس النتائج ألا وهو تشجيع زواج الشباب وتوعيتهم بكل ما يختص بالأسرة والزوج. إنه حل أخف وقعاً على النفس وعلى المجتمع، والكثير من الشباب يتمنى 
الزواج لكن بعض العقبات ترسم طريقه كغلاء المهور وارتفاع مصاريف الزواج والعرس وغيرها، فلنساعد الشباب أولاً على الزواج ثم يدعو من يشاء إلى التعدد، فشبابنا مؤسس مجتمعنا القادم وهم قاعدتنا الذهبية.




جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الخميس، 1 مارس 2012

جامعة التجارب

بعض الصفحات لا تُطوى وإنما تنطوي على نفسها مع الزمن كأوراق الشجر التي تتداولها الفصول، فتتحول من الأخضر إلى الأصفر ومن ثم الأحمر، ومع ذلك لا تذبل وإن كُتب عليها في يوم ما الفناء. جامعة قطر تتعاطى تلك الأوراق اليابسة فتعيد خلق موادها بنفس الطريقة ونفس اللون ونفس الأسلوب من دون أن تغير شيئاً فيها. فمن بعد القرار الصادر عن المجلس الأعلى للتعليم، والذي ينص على إلغاء التأسيسي لبعض التخصصات في جامعة قطر وتعريبها، وبعد تلاعب المسؤولين والتفافهم حول القرار، أصدرت الجامعة بياناً يوضح الهيكل الجديد للبرنامج التأسيسي للتخصصات التي لا تزال تعاني من التأسيسي. لن أتحدث عن الهيكل الجديد للبرنامج التأسيسي، والذي سيبدأ تطبيقه مع فصل خريف 2012 بشكل تفصيلي، لكني سأحفر كلماتي قهراً عن الجامعة التي تتلون وتغير جلدها يومياً بأساليب وبأنظمة مختلفة! هل الطلاب أدوات للتجارب؟ وإن كانوا كذلك، فمتى ستتوقف تجربة مختلف الطرق عليهم؟! إن كان التغيير تجربة مفيدة ومربحة للجامعة على المدى الطويل، فما ذنب الطالب الذي يتمنى التخرج في الجامعة في حدود الخمس سنوات إن أمكن؟!
رأت الجامعة بعد مراجعة وتقييم البرنامج التأسيسي في دراسة دقيقة استمرت عامين كما أعلنوا، أن يتم تقليص مدة دراسة التأسيسي وضغطها في سنة بدل سنتين، كما سيتم حذف مادة الكمبيوتر، بالإضافة إلى نقاط أخرى برزوها. الأسئلة المهمة تطرح نفسها هنا، فتقول: «لماذا خرجت هذه الدراسة فجأة في هذا الوقت، وماذا كانت ستقول عن تأسيسي التخصصات الأدبية لولا صدور قرار المجلس الأعلى للتعليم؟!».»ما السبب الذي جعل الجامعة تغير الهيكل الكامل للبرنامج التأسيسي والقول بأن ذلك عذره هو دراسة «دقيقة» استمرت سنتين ولم يسمع بها أحد!». أمنيتي هي ألا يكون سبب هذا التغيير المفاجئ هو الهجمة الشرسة على الجامعة، فالطلاب لا يتحملون اختبارات أكثر لقدرة صبرهم، كما أن الجامعة يجب أن لا تبني أسلوبها على هوى العامة، وإن وجب عليها احترام آرائهم وأفكارهم، والأخذ بالصحيح منها، والتخطيط عليه. ينبغي على جامعة قطر اتخاذ التدابير والخطط المستقرة، فاستقرار الأفراد من استقرار النظام، وزمن السكوت والرضا بالمقرر قد ولى بغير رجعة.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...