الخميس، 1 مارس 2012

جامعة التجارب

بعض الصفحات لا تُطوى وإنما تنطوي على نفسها مع الزمن كأوراق الشجر التي تتداولها الفصول، فتتحول من الأخضر إلى الأصفر ومن ثم الأحمر، ومع ذلك لا تذبل وإن كُتب عليها في يوم ما الفناء. جامعة قطر تتعاطى تلك الأوراق اليابسة فتعيد خلق موادها بنفس الطريقة ونفس اللون ونفس الأسلوب من دون أن تغير شيئاً فيها. فمن بعد القرار الصادر عن المجلس الأعلى للتعليم، والذي ينص على إلغاء التأسيسي لبعض التخصصات في جامعة قطر وتعريبها، وبعد تلاعب المسؤولين والتفافهم حول القرار، أصدرت الجامعة بياناً يوضح الهيكل الجديد للبرنامج التأسيسي للتخصصات التي لا تزال تعاني من التأسيسي. لن أتحدث عن الهيكل الجديد للبرنامج التأسيسي، والذي سيبدأ تطبيقه مع فصل خريف 2012 بشكل تفصيلي، لكني سأحفر كلماتي قهراً عن الجامعة التي تتلون وتغير جلدها يومياً بأساليب وبأنظمة مختلفة! هل الطلاب أدوات للتجارب؟ وإن كانوا كذلك، فمتى ستتوقف تجربة مختلف الطرق عليهم؟! إن كان التغيير تجربة مفيدة ومربحة للجامعة على المدى الطويل، فما ذنب الطالب الذي يتمنى التخرج في الجامعة في حدود الخمس سنوات إن أمكن؟!
رأت الجامعة بعد مراجعة وتقييم البرنامج التأسيسي في دراسة دقيقة استمرت عامين كما أعلنوا، أن يتم تقليص مدة دراسة التأسيسي وضغطها في سنة بدل سنتين، كما سيتم حذف مادة الكمبيوتر، بالإضافة إلى نقاط أخرى برزوها. الأسئلة المهمة تطرح نفسها هنا، فتقول: «لماذا خرجت هذه الدراسة فجأة في هذا الوقت، وماذا كانت ستقول عن تأسيسي التخصصات الأدبية لولا صدور قرار المجلس الأعلى للتعليم؟!».»ما السبب الذي جعل الجامعة تغير الهيكل الكامل للبرنامج التأسيسي والقول بأن ذلك عذره هو دراسة «دقيقة» استمرت سنتين ولم يسمع بها أحد!». أمنيتي هي ألا يكون سبب هذا التغيير المفاجئ هو الهجمة الشرسة على الجامعة، فالطلاب لا يتحملون اختبارات أكثر لقدرة صبرهم، كما أن الجامعة يجب أن لا تبني أسلوبها على هوى العامة، وإن وجب عليها احترام آرائهم وأفكارهم، والأخذ بالصحيح منها، والتخطيط عليه. ينبغي على جامعة قطر اتخاذ التدابير والخطط المستقرة، فاستقرار الأفراد من استقرار النظام، وزمن السكوت والرضا بالمقرر قد ولى بغير رجعة.


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...