الخميس، 8 مارس 2012

بل عائلة واحدة تكفي

المجتمع القطري يقوم على أساس العائلة، لا العائلة المفككة ولا العائلة ذات الشكل المادي، بل العائلة التي تصل إلى معناها المعنوي الوافي بالترابط والتماسك والتحام أفرادها بعضاً ببعض.
ولبنة الأسرة -أي أساسها- هي الزواج، فمن يتزوج من أجل تكوين نفسه وتكوين عائلة له سيفلح زواجه بالاستمرارية، هذا ما أكدته البحوث والدراسات التي تقول إن نسب الطلاق في الغرب أعلى من نسبتها عند العرب، وذلك لاختلاف أسباب الزواج، فعندنا الأغلبية تتزوج من أجل بناء أسرة ولديهم الأغلبية تتزوج من أجل الحب أو بعده، وهو شعور قد يضمر أما العائلة فتكبر وتقوى عراها. بعد هذا كله هل يمكننا أن نصر على إقناع المتزوجين بأن زوجة واحدة لا تكفي؟! وأن عائلة واحدة لا تكفي؟! ثم ماذا عن نسبة الطلاق المرتفعة في الدولة؟ هل نشجع على التعدد الذي قد ينتج عنه مطلقات أكثر؟!
أنا لست ضد تعدد الزوجات ولا معه بل أقف بصفة حيادية معه، كما يقف الإسلام الذي لا يبيحه إلا لأسباب منطقية وبشرط يختصر جمال ديننا ألا وهو العدل. التعدد ليس جريمة إلا إذا وقع لسبب خاطئ كالزواج لمجرد التعدد فقط، فذلك قد يضر الزوج وعائلته الأولى وحتى زوجته الثانية، ومن هنا يُضر المجتمع الذي يطالب الكثيرين بإفشاء التعدد من أجل منفعته، هذه دائرة يهيم المرء فيها، فمن يطالب الرجال بالتعدد لخفض نسب الطلاق لا يعرف بأنه قد يخلق نسبا جديدة له، ومن يطالب به من أجل لحمة المجتمع لا يعرف أنه قد يفككه من حيث لا يدري.
التعدد جائز ولكنه ليس الأصل في القاعدة بل الأصل هو العدل، وقد قال الله تعالى:(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً) النساء 3، وقال أيضاً في موضع آخر: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرصْتُمْ) النساء 129، وذلك لأن العدل صفة مثالية تحمل خيوطاً سماوية يصعب على الناس الاحتفاظ بها دون قطعها، فما بالكم بمن سيمسكها كل يوم مع زوجاته؟.
الأصوات التي تعالت مشجعة تعدد الزوجات بعد زيادة الرواتب، تؤكد على أن ذلك له مصلحة عامة، وعلى أنه سيخدم قطر عن طريق زيادة النسل وأعداد المواطنين، وأنا أقول لهم إن 
هناك حلا آخر قد يوقعنا في مشاكل أقل وظروف أسهل ويحقق نفس النتائج ألا وهو تشجيع زواج الشباب وتوعيتهم بكل ما يختص بالأسرة والزوج. إنه حل أخف وقعاً على النفس وعلى المجتمع، والكثير من الشباب يتمنى 
الزواج لكن بعض العقبات ترسم طريقه كغلاء المهور وارتفاع مصاريف الزواج والعرس وغيرها، فلنساعد الشباب أولاً على الزواج ثم يدعو من يشاء إلى التعدد، فشبابنا مؤسس مجتمعنا القادم وهم قاعدتنا الذهبية.




جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...