الأحد، 25 مارس 2012

أيهم نختار وما ذنب الطالب؟

من أصعب المهام التي تُلقى على عاتق الآباء والأمهات اختيار المدرسة المناسبة لأبنائهم. وفي قطر، تتعدد الخيارات، من المدارس المستقلة والعلمية، إلى المدارس الخاصة والأجنبية، وسابقاً كانت تزاحمهم المدارس الحكومية أيضاً، قبل أن تبدأ بالانقراض. خيارات كثيرة ولكن ما فائدتها إن تشابهت سلبياتها وقلت إيجابياتها؟ ما فائدة إنجليزية المستقلة إن كانت عربيتها ضحلة؟ وماذا كانت فائدة عربية «الحكومية» إن كانت مناهجها ضعيفة؟ وكيف يطمح الفرد إلى «العلمية» إن كانت تطلب نسبة وقدرات عالية بعض الشيء؟ وكيف يُقدم المرء على مدرسة خاصة مناهجها مهجنة بين العربي والإنجليزي، فلا تفلح في إيصال أي منها؟ وكيف يقدم الإنسان على مدرسة أجنبية لا تخدم لغته الأم ولا تقاليده ولا عاداته، بل تخلق إنساناً آخر من ابنه؟ في كل المدارس ظُلم الطالب القطري وظُلمت اللغة العربية كما قد ظُلموا في جامعات الدولة. لا ألوم أي أب وأم يتشككون ويفكرون ألف مرة قبل إلحاق أحد أبنائهم وبناتهم في مدرسة من المدارس السابقة، فالمدرسة هي أهم بيت يتعلم منه وفيه الطفل، فيقضي فيه نهاره وظهره، موسعاً مداركه العلمية والثقافية والاجتماعية. ولذلك كان اختيار المدرسة والبيئة التي ينشأ فيها الطالب من أهم الاختيارات المصيرية في حياته، والتي قد تحدد شخصه وروحه، فإلى متى هذا التهاون في التعليم؟ إلى متى الصبر على هذه المناهج الكسولة والأنظمة المتسيبة؟ ألا تكفي التجارب السابقة الفاشلة أم يجب خلق نسخ منها لكي يشبع المواطنون؟!
الحلول موجودة ولكنها صارمة وجذرية، ومنها تغيير القيادات الفاشلة والمعروف عنها الإخفاق في اتخاذ وحتى تنفيذ بعض القرارات، كما يجب اتباع أنظمة صارمة بحق المدرسين، الذين لا يهتمون بطلابهم في بعض المدارس، والذين لا يهتمون بالحضور أصلاً في مدارس «أخرى» معروفة. ويجب على المجلس الأعلى للتعليم تقوية المناهج وتضخيم الساعات المخصصة للمواد الثانوية -أو كما يرونها فرعية- في المدارس المستقلة مع التركيز على اللغة العربية وإرجاع مكانتها لها في جميع مدارس الدولة، كونها لغتنا الأولى.
المدرسة هي المؤسسة الأولى للطفل، بغض النظر عن بيته وعائلته، والاهتمام بأنظمتها ومناهجها وإنتاجها واجب وطني وواجب مجتمعي، لا يجوز التخلي عنه حتى بعد اصطلاحه.



جواهر بنت محمد آل ثاني.

صحيفة العرب القطرية.
المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...