الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

أول فرصة

في السبت الماضي الموافق الثاني والعشرين من أكتوبر، حضرت ملتقى سفراء التغريد العربي، وكانت القاعة ممتلئة وحية، وكان من أسباب امتلاء القاعة حضور محمد سعيد حارب مبتكر السلسلة الكرتونية الشهيرة «فريج» حيث تحدث في الملتقى عن خبرته وعمله وعن آرائه الخاصة في أمور محددة، فكان أكثر ما جذبني في حديثه الممتع هو كلامه عن دخوله المجال وكيف أنه تعب ليحصل على قبول المنتجين بل إن عمله قد رُفض قبل أن يتم قبوله أكثر من مرة لأنه صغير السن ولأنه من هو؟! هكذا وُجه له السؤال: من أنت؟! والبعض تعدى الانتقاد للعمل فقال: إن فريج «محلي» للغاية! 
المضحك المحزن في الأمر أنه لولا صغر سن حارب وأفكاره النضرة ولولا «محلية» فريج وأخذه لطابع مغاير عن كل ما نراه على الشاشة لما نجحت السلسلة!
من شيمتنا نحن العرب تهميش صغار السن وتهميش قدرتهم على فعل الأشياء التي يسطرون أعينهم عليها، فكرهنا الشباب وفقدنا الثقة فيهم وقلدنا بدلا منهم الديناصورات في المناصب المهمة. 
وأصعب شيء أن يكون هناك حال مختلفة على الجانب الآخر من الأرض، الجانب المشرق من الأرض، فهناك الشباب هم الذين يقفون خلف الفيس بوك وغوغل، هناك الشباب يتم تصيدهم من قبل الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري كل سنة، وهناك الشبكات التلفزيونية لا تعين سوى الشباب من الكتاب. أما هنا فالشباب منسي ولا يحصل على فرصته إلا إن كان «يعرف أحدا» أو إن كانت لديه قدرة مادية وهذا الشيء مرفوض، فشبابنا الذي خلع فراعنة في أقل من سنة، من أجل كرامته، يستحق أكثر! شبابنا الذي أشعل ثورات من أجل حقوقه، يستحق أكثر! شبابنا الذين نظفوا شوارعهم وحموا آثار بلدانهم، يستحق أكثر! إن لم تولد الفرص من أجل شبابنا العظيم فلمن ستولد؟ هل ستولد من أجل أولئك الذين شبعوا من الحياة ولم تبقى لديهم سوى أنفاس بسيطة يعطونها للآخرين؟
كان فريج أول فرصة لمحمد سعيد حارب وانظروا لما فعل عندما قدمت له الإمكانات. والفرصة ليست حظا ولا صدفة، بل هي نتاج العمل الذي يثابر عليه الناس. لا دخل للحظ في الفرصة إلا عند اقتناصها، فيكون الشخص محظوظا إن قدر على ذلك، ويكون قد ضيع على نفسه شيئاً لن يلتقي به أبداً إن امتنع عن اصطياد تلك الفرصة. فعالم الإمكانات والخيارات والفرص عالم غير متوقع ولا منتهٍ ولكننا نحن الذين نحرثه بأيدينا، بطريقة أو بأخرى، فلنحرص إذن، على أن يكون حرثاً خصبا!



جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية
رابط المقال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...