الثلاثاء، 9 يوليو 2019

صلتنا بالحقيقة

الصحافة هي واحدة من أخطر المهن الموجودة في العالم. وتزداد خطورتها في الدول العربية، حيث يكاد سقف الحقوق والحريات والقدرة على التعبير، أن يلامس الأرض.

في الدول العربية، يواجه الصحافي أخطاراً تزيد عن تلك الأخطار المعتادة في المهنة، من إصابة وقتل واختطاف في الحروب، بل يمتد ذلك إلى أوقات السلم أيضاً.

في مصر، تم اعتقال الصحافي محمود حسين وشقيقيه لشهور بدون تهمة أو محاكمة! هذا بالإضافة إلى مكاتب الصحافيين التي تُغلق وتُفتح في الدول العربية بحسب المزاج السياسي، كما حدث مع قناة الجزيرة في السودان مؤخراً!
الأمر لا يتوقف هنا. الصحافيون العرب يتلقون التهديدات بشكل دائم. يخافون على حياتهم. ويهربون كي ينجوا بحياتهم، كما فعل باسم يوسف، ليقول أخيراً للفايننشال تايمز: «لقد انتهيت من مصر».

الصحافة هي مهنة من يعطي أقل من اللازم، ومهنة من يعطي أكثر من اللازم. مهنة للقوي والضعيف. مهنة القادر والعاجز، ولقد كانت مهنة الراحل جمال خاشقجي رحمه الله، الذي لم يستطع الصمت بعد اعتقال صديقه عصام الزامل، فأعلن تعاطفه معه، قائلاً إنه لا يقدر على الوقوف مكتوف اليدين، وأنه لو كان مكان الزامل، لأراد أحداً من زملائه أن ينطق ويتضامن معه. قُتل جمال وتم تقطيع جثته بالمنشار في قنصلية بلاده في اسطنبول، وتضامن معه العالم أجمع.

قُتل جمال لأنه رفض التعتيم الإعلامي، لأنه نقل الحقائق للقارئ العربي، لأنه أصر على أن يقول كلمته، لأنه كان صحافياً حقيقياً، يرى أهمية إيصال الحقيقة دون تحوير أو تغيير أو زيادة أو نقصان. كم صحافي حقيقي يوجد في العالم العربي اليوم؟ هل نستطيع القول عن خالد المطرفي، والذي حرض على قصف قناة الجزيرة أنه صحافي؟ هل نستطيع أن نقول ذلك عن الصحافيين الذين يبررون أو يتغاضون عن العتمة والعزلة التي يعيشها السودان اليوم بسبب قطع الإنترنت فيه؟ هل يهتم أولئك بالناس والخبر والحقيقة؟

الحقيقة بأن الصحافي الحقيقي يهتم بالناس والحقيقة قبل أن يهتم بالخبر. الصحافي الحقيقي سيقول كلمته ويمشي إلى خط النهاية معها، غير معني بأصوات المشجعين ولا أصوات المحبطين، غير معني بشيء سوى الحقيقة والناس والخبر الذي يحمله إليهم. فلنحافظ على الصحافيين الجيدين ذوي الأخلاقيات العالية القلائل في الوطن العربي اليوم، فلنشجعهم، فلنكشف أخطاءهم عندما يخطئون، فلنساندهم، فلندافع عنهم، فلنساعدهم، فلنحثهم على الرجوع إلى طريق الصواب، فهم صلتنا بالحقيقة بعيداً عن الظلم والزيف والتعتيم والإجحاف. هم من يوصلون لنا ما نريد معرفته، لا ما يريد لنا الآخرون أن نعرفه.




جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


قدرك بيدك

ماذا لو قلت لك إنه لا وجود لجينات سيئة وجينات جيدة؟! نعم، الحيرة التي دارت في رأسك عزيزي القارئ هي نفسها التي أحاطتني وأنا أقرأ الكلمات نفسها في كتاب رودولف تانزي وديباك شوبرا، المعنون بـ «الجينات الخارقة».
يفصّل تانزي وشوبرا في كتابهما الحديث عن الجينات بقولهما إنه لا توجد هناك جينات جيدة أو سيئة، هناك فقط جينات لها مفاتيح تشغيل وإطفاء، وهذه المفاتيح في يدك أنت وعائلتك وبيئتك. قد تكون معرّضاً للبدانة بسبب جيناتك، ولا تسمن طوال حياتك لاتّباعك نمط حياة صحياً. وقد تعرّضكِ جيناتك لخطر الإصابة بمرض سرطان الثدي وتعيشين حياتك دون أن تتعرضي له بسبب ممارستك التأمل ومعرفة كيفية التعامل مع القلق والضغط النفسي حولك.
في كتاب تانزي وشوبرا العديد من المعلومات القيّمة والدراسات الثمينة، ولكن أهم ما يمكن أن نخرج به هو وعينا بأن جيناتنا هي جينات أجدادنا التي عُدلت لآلاف المرات أو أكثر، حتى وصلت إلينا بهذا الشكل، وهذه الجينات نفسها سنقوم نحن بدورنا بتعديلها وفق ما نفعله وما تمليه بيئتنا قبل نقله إلى أطفالنا.
البيولوجيا -بخلاف الاعتقاد القديم- ليست قدرنا، نحن لسنا من يضع قدرنا ولكننا من يتحكم به. نحن من نحفّز أنفسنا وجيناتنا لتصل إلى أفضل مستوياتها وطاقاتها. هذا الكلام يعتقد الكثير من المتشائمين ببعده عن الحقيقة وانفصاله عن الواقع، وها هنا العلم يثبته مرة أخرى. نعم، التأمل مثلاً وممارسة «اليوجا» قد لا ينقذان مريض السرطان من الموت المحتم، ولكن الأكيد بأن احتمالية التغلب على المرض تكبر بممارسة التأمل و»اليوجا»، نظراً لدورهما في تخفيف الضغط النفسي على الإنسان.
لا يمكننا استبدال جيناتنا، ولكن يمكننا أن نعدّل فيها. يمكننا أن نغيّرها نحو الأفضل أو إلى الأسوأ، اعتماداً على البيئة التي نعيش فيها، والطريقة التي سنعيش بها.. هل سنأكل طعاماً مفيداً ومغذياً؟ هل سننام ساعات تكفينا كل ليلة؟ هل سنخفف الضغط النفسي الذي تلقيه الحياة على عاتقنا؟ هل سنصلي ونتأمل؟ هل سنتعامل مع مشاعرنا بطريقة صحية؟ هل سنمارس الرياضة ونتحرك كثيراً؟
الخيارات التي سنتخذها في حياتنا هي ما ستقرر المفاتيح التي سنشغلها ونطفئها، ونطورها أو ننساها في جيناتنا.
كله بيدنا.. جنباً إلى جنب جيناتنا.


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


كارثة عالمية!

الأخطار التي واجهت أجيال أجدادنا وأجداد أجدادنا، ماتت معهم. لا أحد يخاف اليوم من الموت لارتفاع حرارة جسده أو لعدم إمكانية وصول الطبيب أو الدواء إليه. المخاوف والأمراض التي هددت تلك الأجيال لم تعد تهددنا أو تهدد مستقبل أطفالنا، إلا أن ذلك لا يعني أن جيلي والأجيال القادمة معفاة من مواجهة خطر الفناء من على وجه الأرض. يحزنني القول بأن جيلي والجيل القادم يواجهان احتمالية فناء الأرض نفسها!
الاحتباس الحراري الناتج عن تغيّر المناخ ليس خدعة صينية أو روسية، كما يدّعي بعض أعضاء الحزب الجمهوري الأميركي، ولكنه كارثة حقيقية تطولنا وستطول أطفالنا وتودي بهم إلى الهلاك، إن لم نتحرك فوراً!
أعلنت اسكتلندا، مؤخراً، وجود حالة مناخية طارئة عبر وزيرتها السيدة نيكولا ستورجن، بعد مقابلتها الشباب الذين احتجّوا وطالبوا حكوماتهم في أوروبا وأميركا الشمالية بالتحرك مباشرة ومحاولة وقف التغيّر المناخي.
هؤلاء الشباب الذين وصل صوتهم للمسؤولين في اسكتلندا، لا يزال أشقاؤهم يحاولون إيصال أصواتهم حول العالم، كي تتحد الدول أمام هذه الكارثة العالمية التي ستقضي على جميع أشكال الحياة على وجه الأرض.
في قطر، هناك محاولات حثيثة حكومية ومجتمعية لحماية البيئة، إلا أن الوضع الحالي يحتاج إلى خطوات جادة أكثر لمواجهة هذه الكارثة التي تهدد وجودنا. ومن أجل ذلك، أدعو وزارة التعليم والتعليم العالي ووزارة البلدية والبيئة، إلى رفع وعي المواطنين والمقيمين حول التغيّر المناخي والاحتباس الحراري، وتشجيعهم على الزراعة وإعادة التدوير والمحافظة على البيئة واستخدام الطاقة الشمسية، عبر توفير وزارة البلدية والبيئة خلايا شمسية للأفراد والشركات.
وأقترح على وزارة البلدية والبيئة منع استخدام الأكياس البلاستيكية في المطاعم والمقاهي والمحال التجارية في قطر.
هذه بعض الاقتراحات البسيطة التي قد يردّ أحدهم عليها بأنه على الدول الكبرى الصناعية المسؤولة بشكل أساس عن التلوث المناخي، مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، القيام بدورها في وقف التغيّر المناخي دون أن نفعل نحن، خاصة أن انبعاثاتنا من المواد السامة في الهواء والأرض والماء لا تُقارن بانبعاثاتهم؛ ولكني أرى أن لكلّ فرد منّا دوراً على هذه الأرض. فلا هم يعيشون وحدهم عليها، ولا نحن نعيش وحدنا على هذه الأرض، وعلى كل شخص منّا واجب حماية الأرض التي نعيش عليها.
الأرض لن تختار الدول التي سترتفع فيها درجة الحرارة، ولا البحار التي سيرتفع مستواها نتيجة ذوبان الجليد. حرارة الأرض سترتفع في كل مكان، والجليد المذاب سيُكون بحاراً تلتهم اليابسة في كل زاوية من زوايا الأرض. كل فرد منا سيتأثّر نتيجة التغير المناخي والاحتباس الحراري، الفرق يكمن بين من يحاول إعمار الأرض والمحافظة عليها وتمريرها للأجيال القادمة، وبين من يفسدها ويعطي ظهره للبيئة أو يطالب غيره بإصلاحها.
فأي الفريقين أنت؟


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية



الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...