الثلاثاء، 9 يوليو 2019

قدرك بيدك

ماذا لو قلت لك إنه لا وجود لجينات سيئة وجينات جيدة؟! نعم، الحيرة التي دارت في رأسك عزيزي القارئ هي نفسها التي أحاطتني وأنا أقرأ الكلمات نفسها في كتاب رودولف تانزي وديباك شوبرا، المعنون بـ «الجينات الخارقة».
يفصّل تانزي وشوبرا في كتابهما الحديث عن الجينات بقولهما إنه لا توجد هناك جينات جيدة أو سيئة، هناك فقط جينات لها مفاتيح تشغيل وإطفاء، وهذه المفاتيح في يدك أنت وعائلتك وبيئتك. قد تكون معرّضاً للبدانة بسبب جيناتك، ولا تسمن طوال حياتك لاتّباعك نمط حياة صحياً. وقد تعرّضكِ جيناتك لخطر الإصابة بمرض سرطان الثدي وتعيشين حياتك دون أن تتعرضي له بسبب ممارستك التأمل ومعرفة كيفية التعامل مع القلق والضغط النفسي حولك.
في كتاب تانزي وشوبرا العديد من المعلومات القيّمة والدراسات الثمينة، ولكن أهم ما يمكن أن نخرج به هو وعينا بأن جيناتنا هي جينات أجدادنا التي عُدلت لآلاف المرات أو أكثر، حتى وصلت إلينا بهذا الشكل، وهذه الجينات نفسها سنقوم نحن بدورنا بتعديلها وفق ما نفعله وما تمليه بيئتنا قبل نقله إلى أطفالنا.
البيولوجيا -بخلاف الاعتقاد القديم- ليست قدرنا، نحن لسنا من يضع قدرنا ولكننا من يتحكم به. نحن من نحفّز أنفسنا وجيناتنا لتصل إلى أفضل مستوياتها وطاقاتها. هذا الكلام يعتقد الكثير من المتشائمين ببعده عن الحقيقة وانفصاله عن الواقع، وها هنا العلم يثبته مرة أخرى. نعم، التأمل مثلاً وممارسة «اليوجا» قد لا ينقذان مريض السرطان من الموت المحتم، ولكن الأكيد بأن احتمالية التغلب على المرض تكبر بممارسة التأمل و»اليوجا»، نظراً لدورهما في تخفيف الضغط النفسي على الإنسان.
لا يمكننا استبدال جيناتنا، ولكن يمكننا أن نعدّل فيها. يمكننا أن نغيّرها نحو الأفضل أو إلى الأسوأ، اعتماداً على البيئة التي نعيش فيها، والطريقة التي سنعيش بها.. هل سنأكل طعاماً مفيداً ومغذياً؟ هل سننام ساعات تكفينا كل ليلة؟ هل سنخفف الضغط النفسي الذي تلقيه الحياة على عاتقنا؟ هل سنصلي ونتأمل؟ هل سنتعامل مع مشاعرنا بطريقة صحية؟ هل سنمارس الرياضة ونتحرك كثيراً؟
الخيارات التي سنتخذها في حياتنا هي ما ستقرر المفاتيح التي سنشغلها ونطفئها، ونطورها أو ننساها في جيناتنا.
كله بيدنا.. جنباً إلى جنب جيناتنا.


جواهر بنت محمد آل ثاني
صحيفة العرب القطرية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...