عندما هلت أخبار مقتل معمر القذافي، اعتقدت بأنه خبر كاذب كما قد قُتل خميس القذافي ست مرات من قبل، وكما قد اعتُقل باقي أبناء القذافي من قبل. لم أصدق إلا بعد مشاهدتي لصوره وهو مضرج بالدماء ومُسير بين أيدي الثوار. صور تصرخ بالذلة وتجبرك على الشعور بالشفقة، وعلى التحلي بالإنسانية تجاه الطريقة التي قُتل فيها. البعض يقول إنه توفي متأثراً بجراحه، وآخرون يقولون إن الثوار قتلوه، وفي كلا الحالتين لم يُعامل باحترام ولا رحمة، وكيف نتوقع ذلك من رجال أفقدهم معمر كل ما يملكونه؟ كيف نتوقع ذلك من رجال خرجوا مطالبين حق كرامتهم وحريتهم بكل سلمية ليُقابلوا بأوحش الطرق وبعدوان يقصف بيوتهم وأبناءهم؟ القذافي سَطر موته بيده، فنفس العدوان الذي قابل به شعبه قصف عمره، فلم يُعمر ولم يُعَمر! انتهت صفقة عزرائيل مع القذافي كما أنهى القذافي صفقات غيره في العقود الأربعة الماضية. فما أراد هذا المهووس بجنون العظمة إلا أن يسلك كل مسلك غريب ليُقنع الناس بشذوذه ويُوهم نفسه بتفرده. وها هو ملك ملوك إفريقيا، عميد الزعماء العرب، إمام المسلمين وخليفة الله على الأرض يدخل نفس الأرض التي دخلها شهداء ليبيا بالألوف من أجل وطنهم، ها هو يدخلها من أجل مجد واسم ضاعوا مع بقايا ممتلكاته وخزعبلاته وأبنائه، ها هو يدخلها جرذاً، لا كما دخلها الشهداء، ملوكاً.
انتهى كابوس أربعين سنة في دقائق، تم فيها القبض على الكابوس -معمر القذافي- ومن ثم قتله، لكن كوابيس الأمهات اللاتي فقدن أبنائهن باقية، وكوابيس الرجال الذين فقدوا مساكنهم وكل ما يملكون باقية، كل شبر خربه القذافي في ليبيا بقي، ولن يشعروا بلذة محاكمة الطاغية، ولن يشعروا بالراحة الكاملة التي تنهي حرباً دامية، لن يشعروا إلا بالحزن الدفين الذي يقلب صفحة الليل كل مرة تغرب الشمس فيها إلى أمد طويل.
رحم الله كل الشهداء الذين لن يمسح دماءهم عن جبيننا سوى مقدرة المجلس الانتقالي على التقدم بليبيا إلى مرحلة جديدة يعمها السلم والرخاء، فهم لم يقدموا على الموت إلا من أجل وطنهم، ولن يرتاحوا في قبورهم إلا بعد أن يعم الأمن مكانهم.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية
المصـــــدر
انتهى كابوس أربعين سنة في دقائق، تم فيها القبض على الكابوس -معمر القذافي- ومن ثم قتله، لكن كوابيس الأمهات اللاتي فقدن أبنائهن باقية، وكوابيس الرجال الذين فقدوا مساكنهم وكل ما يملكون باقية، كل شبر خربه القذافي في ليبيا بقي، ولن يشعروا بلذة محاكمة الطاغية، ولن يشعروا بالراحة الكاملة التي تنهي حرباً دامية، لن يشعروا إلا بالحزن الدفين الذي يقلب صفحة الليل كل مرة تغرب الشمس فيها إلى أمد طويل.
رحم الله كل الشهداء الذين لن يمسح دماءهم عن جبيننا سوى مقدرة المجلس الانتقالي على التقدم بليبيا إلى مرحلة جديدة يعمها السلم والرخاء، فهم لم يقدموا على الموت إلا من أجل وطنهم، ولن يرتاحوا في قبورهم إلا بعد أن يعم الأمن مكانهم.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية
المصـــــدر
المدونة رائعة وكلام ممتاز ربنا ينتقم منهم ...
ردحذف