لو طُلب من شخص ذكر موضوع لخطبة جمعة فإنه سيذكر-على الأرجح- ومن دون تفكير: الصلاة، الزكاة، النهي عن المنكر، الأمر بالمعروف وغيرها من المواضيع المتجذرة في الدين والشريعة. ولو تجرأنا فأكملنا طلبنا وسألنا نفس الشخص عن سبب ذكره لهذه المواضيع بالتحديد، لأعطانا أسبابا كثيرة، منها: أنه كان قد سمع نفس هذه المواضيع تُكرر في الجامع كل جمعة تقريباً أو أنها المواضيع الوحيدة التي تتكلم عنها البرامج الدينية أو أنها مواضيع تتعلق بالدين، ولذلك فمن الطبيعي أن تتمحور خطب الجمعة حولها. كلها دواع حقيقية، لكن متى كانت آخر مرة سمعنا بها خطبة تكلم فيها الإمام عن مواضيع اجتماعية تخاطب مجتمعنا يومياً، أو عن حياتنا وما يصادفنا من خلالها، أو عن ما يمر به العالم الإسلامي بصفة مستمرة؟ مواضيع كثيرة تستحق أن نلتفت إليها وأن يلتفت أئمتنا لها ولكنهم لا يفعلون، بل يكتفون بالإعادة والتشديد على أمور الشريعة ليختمون الخطبة بدعاء على فئات موجودة في مجتمعنا مثل «الكفار» و «النصارى» و «اليهود» بدل نصحهم وإرشادهم من على منابرهم العالية!
كانت في وقت ما خطبة الجمعة مُقدسة فلا توكل لأي أحد بل يجب أن يكون ضالعاً في أمور الدين والدنيا، ويجب أن يكون متحدثاً بارعاً، حماسياً، يُشعل معه قلوب المستمعين بلسانه، ويخاطب عقولهم بقلبه. وقد روى الإمام شمس الدين الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء: أن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان سُئل عن سبب سرعة الشيب عنده. فقال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة!
أما الآن فأي شخص كان قد قرأ كتابا عن الفقه أو عن الحديث يقدر أن يحل محل الإمام في منبره ويقدر أن يجعل أسلوبه حماسياً «بالصراخ» كما يفعل بعض الأئمة في وقتنا هذا.
ليس كل المستمعين للخطب الدينية متعمقين في الدين، ونعم يلزمهم الاستماع لحديث عنه ولكن الأجدر بنا أن نتكلم، أيضاً، عن المواضيع الأخرى التي نربط بينها وبين بيئتنا، مواضيع قد تشدنا لعيد الجمعة لا أن تنفرنا منه أو -أسوأ- أن توقعنا في نوم لا نستيقظ منه إلا آخر الخطبة!
الخطاب الديني يجب أن يتطور ابتداء من خطبة الجمعة التي كانت منبراً إعلامياً للطرح والتوجيه لا للتوجيه، فقط!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
مقال نُشر في صحيفة العرب القطرية.
رابـــط المـــقـــال
كانت في وقت ما خطبة الجمعة مُقدسة فلا توكل لأي أحد بل يجب أن يكون ضالعاً في أمور الدين والدنيا، ويجب أن يكون متحدثاً بارعاً، حماسياً، يُشعل معه قلوب المستمعين بلسانه، ويخاطب عقولهم بقلبه. وقد روى الإمام شمس الدين الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء: أن الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان سُئل عن سبب سرعة الشيب عنده. فقال: وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة!
أما الآن فأي شخص كان قد قرأ كتابا عن الفقه أو عن الحديث يقدر أن يحل محل الإمام في منبره ويقدر أن يجعل أسلوبه حماسياً «بالصراخ» كما يفعل بعض الأئمة في وقتنا هذا.
ليس كل المستمعين للخطب الدينية متعمقين في الدين، ونعم يلزمهم الاستماع لحديث عنه ولكن الأجدر بنا أن نتكلم، أيضاً، عن المواضيع الأخرى التي نربط بينها وبين بيئتنا، مواضيع قد تشدنا لعيد الجمعة لا أن تنفرنا منه أو -أسوأ- أن توقعنا في نوم لا نستيقظ منه إلا آخر الخطبة!
الخطاب الديني يجب أن يتطور ابتداء من خطبة الجمعة التي كانت منبراً إعلامياً للطرح والتوجيه لا للتوجيه، فقط!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
مقال نُشر في صحيفة العرب القطرية.
رابـــط المـــقـــال
مدونة رائعة وكلام جميل شكرا لك ....
ردحذف