الأحد، 16 أكتوبر 2011

أزمة أم نعمة؟

إلى خمس سنوات مضت كان استخدام البلاك بيري في الخليج يقتصر على رجال الأعمال تقريباً. فكانت الأغلبية لا تستسيغ ذلك الجهاز الكبير ذي لوحة المفاتيح القاسية، وكان معظم الناس يُفضل أجهزة النوكيا السهلة الاستعمال والتي تخرج لنا في السنة بأشكال كثيرة ومضمون متغير. ولكن بما أن من طبع الحياة التغيير وكما احتل النوكيا السوق مرة، احتله البلاك بيري عشرات المرات في السنوات الماضية. فأصبحت المنافسة بين البلاك بيري، الآي فون وباقي الشركات والمنتجات الإلكترونية. أصبح تَمَلُّك بلاك بيري واجبا في عالم تحكمه السرعة والتكنولوجيا، وإن لم تكن تملك واحداً كان السؤال لك بغرابة: «لا تملك بلاك بيري؟!» فيشتري البعض البلاك بيري بعد هذا السؤال الذي يُشعرك بالتخلف والذي يقول لك في الحقيقة شيئاً عن مجتمعنا المادي. وتسأل آخرين نفس السؤال عن عدم امتلاكه لبلاك بيري فيُبرر لك وبكل فخر فيقول: «عندي آي فون!» أي أن عنده البديل المنافس! وهناك من لا يمتلك هذا الجهاز فيكون هدفا رائعا لتسلمه البلاك بيري كهدية مثالية في عيد ميلاده أو أي حفلة ومناسبة أخرى. وهنالك الفئة الأخيرة -والتي أتمنى أن تكون الأغلبية- التي تحصل على هذا الجهاز مقتنعة به وبكل مميزاته وعيوبه. وكل هذه الفئات باختلاف أشكالها وألوانها وأطباعها عانت من تخلف الخدمة في الأسبوع الماضي عن العمل، فانقطع الكثير عن معارفهم وتعطلت الكثير من الأعمال، فصعُبت مسيرة التواصل فجأة! وشعر الناس عند انقطاع الخدمة في مختلف أجزاء العالم بأن هنالك شيئا قد نقص وأن فراغا وربما بعض الملل قد نسج خيوطه في حياتهم، وهذا ما حدث، فرجع الكثير إلى أدوات التواصل الأولى من مكالمات هاتفية ورسائل نصية تُبعد عنهم الشعور بالقطيعة والسكنى في صحراء!
توقف الخدمة في هذا الوقت المزدحم من السنة واستنفار الناس بسببه يُبين لنا بأن البلاك بيري أصبح من الكماليات الضرورية التي لا نستغني عنها وهذه إما أزمة، خاصة أن أكثرنا قد نسي كيفية التواصل مع الآخرين من دونه، أو أنها نعمة ستساعدنا على ترتيب أوراقنا مجدداً واختيار أدوات الربط التي نتمنى أن تكون موجودة بيننا دائماً وبين نظرائنا. فهل ستختار الأزمة التي ستتعرض لها عند توقف الخدمة في كل مرة أم الراحة التي توفرها استعمال وسائل التواصل المختلفة -بشكل متوازن- بالإضافة للبلاك بيري؟ اختر.



جواهر بنت محمد آل ثاني.
مقال نُشر في صحيفة العرب القطرية.


الرابـــــــــــــــط



هناك تعليقان (2):

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...