الخميس، 11 مايو 2017

«تيك توك»

هل نفهم الوقت؟ هل نعرف ماهية الوقت؟ لماذا نقتنع بأكثر من نظرية عن الوقت، في الوقت نفسه؟ مرة نشعر بأنه وهم، ومرة أخرى حقيقة تلزمنا في نومنا وصحوتنا.
نراه في تغير ألوان السماء، ونشمه في تعفن الفواكه، نشعر به على وجوهنا، ونلمسه على جدران بيوتنا.
هل الوقت محصور في التغيير فقط؟ أي إنه إذا لم يتغير شيء ما في شراب أو مكان أو شخص ما، لن يُوجد الوقت في ذاك الحيز؟ ألذلك نقول: توقف الوقت! عندما نزور مكاناً قديماً لم يتغير؟
ما يهم أكثر من الوقت، هو التصالح مع الوقت. أليس الوقت أكثر ما نخافه بعد الموت؟ وبذلك فإننا عندما نتصالح مع الوقت، نسامح أنفسنا ونقودها خطوة إضافية نحو تقبل الموت.. التغيير الأخير في رحلة الوقت "السرمدية".. ربما.
نتصالح مع الوقت، عندما نسامح الماضي، ونعيش في الحاضر، ونفكر في المستقبل بعض الوقت، لا الوقت كله.
نتصالح مع الوقت، عندما لا ننتظر شيئاً، فالانتظار لا يكون جحيماً إلا وقت الانتظار.
نتصالح مع الوقت عندما نقنع بأن كل شيء له وقته، وإذا ما عملنا سيأتي مرادنا في النهاية.
نتصالح مع الوقت عندما لا نشغل بالنا به، ونعيش اللحظة الراهنة وحسب.
نتصالح مع الوقت كيلا نقارن أنفسنا بشخص آخر أكثر نجاحاً أو مالاً أو سلطة.
نتصالح مع الوقت عندما نحب أنفسنا أكثر من خوفنا من الموت.
نتصالح مع الوقت لنهزم الخوف فينا، ولنقهر ساعتنا الداخلية التي لا تنفك عن إسماعنا ضرباتها.. تيك توك.. تيك توك.. وكأنها ستنفجر بنا يوماً ما غضباً أو حزناً أو قهراً عندما لا نحقق هدفاً أو حلماً ما في ساعة معينة.
عندما نتصالح مع الوقت لا يفوز كل الأطراف، نحن من يفوز فقط. والوقت يمر عبر دقات القلب الحية، لا عبر إبرة ساعة غير مرئية تدق: تيك توك، لتعكر مزاجنا ليس إلا..



جواهر بنت محمد بن عبد الرحمن آل ثاني
صحيفة العرب القطرية
المصدر





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...