لا تكن ذاك الشخص الذي يمشي بملل كل صباح إلى عمله كي يعود في المساء بنفس ثوب الملل الذي يلبسه، ليشرب الشاي مع رجال الحارة! لا تكن ذاك الشخص الذي يبتلع أثقل الأكلات على الغداء لينسحب بعدها إلى سبات «قيلولي»، وليصحو بعد ذلك من نومه ليأكل طعاماً أثقل! لا تكن ذاك الشخص الذي يحلم في الليل ليعود إلى واقعه الكئيب في الصباح! لا تكن ذاك الشخص الذي لا يهمه نوع الموسيقى التي يسمعها في سيارته، ولا تعنيه رؤية الأفلام مع ابنته، ولا قراءة قصص الأطفال لصغيره في الليل! لا تكن ذاك الشخص الذي يمر كل يوم بجانبنا وجانبك ليسلم علينا بابتسامة متكلفة! لا تكن شخصاً عادياً، يعمل بشكل عادي غير دقيق، ويرى الأشياء عادية بدل أن يراها رائعة، ويصلي بروتين بدل أن يصلي بخشوع! لا تكن شخصاً عادياً كملايين الأشخاص الموجودين على الأرض، بل كن أنت وأكثر وكن مختلفاً في ذلك! أبرز شخصيتك وحلمك وفكرك واتبعهم وطورهم ومن ثم تعلم من أخطائك!
سبق أن قلت إن الاختلاف نعمة ورحمة من الله، وإنه لون من ألوان الأرض، فالأرض تختلف كثيراً عن باقي الكواكب والأقمار والشمس، ففيها الإنسان يعيش بأكسجين، وفيها اختلاف جغرافي وجيولوجي لا يوجد مثله في غيرها، بل إنها تختلف مع نفسها من مكان إلى آخر، من الصين إلى أميركا! والله تعالى خلقنا ذوي أشكال مختلفة كي يعبر ذلك –ونعبر- عن اختلافنا الداخلي الناتج عن الوعي والتفكر لا الانقياد والانصياع الأعمى وراء الآخر، فهذا هو أكبر خطأ قد يقع فيه أي إنسان اختار أن ينسى نفسه من أجل آخر، أو أن ينصب نفسه كمرآة لشخص آخر.
والحياة في يومنا هذا تلح على الفرد أن يكون مختلفاً، ففي العمل مثلاً يُقبَل من كان يعرف لغة أو لغات إضافية أو مهارة أو مهارات إضافية قبل غيره، وبشكل عام وفي كل مجال يجب أن يكون هنالك حماس للاختلاف والتغيير، فبدون الحماس لا يوجد اختلاف -إيجابي على الأقل- وإن وُجد فهو طفيف لا يكاد يبين! فالاختلاف يتطلب الحماس، والنجاح يتطلب الاختلاف! فستيف جوبز لم يكمل تعليمه الجامعي، وكان فاشلاً بنظر أساتذته، إلا أنه أنشأ «أبل» التي نعرفها اليوم، رغم أنه في مرحلة من حياته طُرد منها، أي الشركة التي أسسها وكان رئيسها! لكنه أصر واختلف عن باقي الأشخاص العاديين الذين كانوا يستسلمون ويقولون: «إن هذا ليس مقدراً! سنجد مجال عمل آخر نعمل فيه»، لكنه لم يفعل ذلك، بل ثابر إلى أن رجع إلى شركته مرة أخرى، وأخرج لنا الروائع من «الآي بود» إلى «الآي فون» و»الآي باد»! وكذلك لدينا أمثلة كثيرة من المبدعين أمثال أديسون الذي انتقل من بيع الصحف والحلوى إلى الاختراع وإدارة الأعمال، وأينشتاين الذي انسحب من المدرسة، ويشاع أنه رسب في مادة الرياضيات، إلا أنه بعد ذلك أصبح أحد أهم ١٠٠ رجل في تاريخ البشرية في القرن العشرين! هذا هو الاختلاف في الأنفس والأشخاص، رغم سوء الأحوال!
قال الله تعالى: «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»، وهذه الآية كانت إشارة إلى القرآن الذي نزل في ٦ آلاف آية، وعلى مدى ٢٣ سنة متقطعة، وأنه كان ستوجد فيه اختلافات كثيرة ومتناقضات لو كان من عند غير الله -أي من عند البشر-، فالاختلاف إذن واجب على البشر، ويتجلى ذلك خاصة في مدى حياة الإنسان نفسه، الذي يتغير من طفولته إلى مراهقته، ومن شبابه إلى شيخوخته، والفطن هو من يختار كيفية التغيير والاختلاف إلى ماذا، فلا يسلم أمره للزمان ليشكله كيفما تشاء الحوادث!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
سبق أن قلت إن الاختلاف نعمة ورحمة من الله، وإنه لون من ألوان الأرض، فالأرض تختلف كثيراً عن باقي الكواكب والأقمار والشمس، ففيها الإنسان يعيش بأكسجين، وفيها اختلاف جغرافي وجيولوجي لا يوجد مثله في غيرها، بل إنها تختلف مع نفسها من مكان إلى آخر، من الصين إلى أميركا! والله تعالى خلقنا ذوي أشكال مختلفة كي يعبر ذلك –ونعبر- عن اختلافنا الداخلي الناتج عن الوعي والتفكر لا الانقياد والانصياع الأعمى وراء الآخر، فهذا هو أكبر خطأ قد يقع فيه أي إنسان اختار أن ينسى نفسه من أجل آخر، أو أن ينصب نفسه كمرآة لشخص آخر.
والحياة في يومنا هذا تلح على الفرد أن يكون مختلفاً، ففي العمل مثلاً يُقبَل من كان يعرف لغة أو لغات إضافية أو مهارة أو مهارات إضافية قبل غيره، وبشكل عام وفي كل مجال يجب أن يكون هنالك حماس للاختلاف والتغيير، فبدون الحماس لا يوجد اختلاف -إيجابي على الأقل- وإن وُجد فهو طفيف لا يكاد يبين! فالاختلاف يتطلب الحماس، والنجاح يتطلب الاختلاف! فستيف جوبز لم يكمل تعليمه الجامعي، وكان فاشلاً بنظر أساتذته، إلا أنه أنشأ «أبل» التي نعرفها اليوم، رغم أنه في مرحلة من حياته طُرد منها، أي الشركة التي أسسها وكان رئيسها! لكنه أصر واختلف عن باقي الأشخاص العاديين الذين كانوا يستسلمون ويقولون: «إن هذا ليس مقدراً! سنجد مجال عمل آخر نعمل فيه»، لكنه لم يفعل ذلك، بل ثابر إلى أن رجع إلى شركته مرة أخرى، وأخرج لنا الروائع من «الآي بود» إلى «الآي فون» و»الآي باد»! وكذلك لدينا أمثلة كثيرة من المبدعين أمثال أديسون الذي انتقل من بيع الصحف والحلوى إلى الاختراع وإدارة الأعمال، وأينشتاين الذي انسحب من المدرسة، ويشاع أنه رسب في مادة الرياضيات، إلا أنه بعد ذلك أصبح أحد أهم ١٠٠ رجل في تاريخ البشرية في القرن العشرين! هذا هو الاختلاف في الأنفس والأشخاص، رغم سوء الأحوال!
قال الله تعالى: «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً»، وهذه الآية كانت إشارة إلى القرآن الذي نزل في ٦ آلاف آية، وعلى مدى ٢٣ سنة متقطعة، وأنه كان ستوجد فيه اختلافات كثيرة ومتناقضات لو كان من عند غير الله -أي من عند البشر-، فالاختلاف إذن واجب على البشر، ويتجلى ذلك خاصة في مدى حياة الإنسان نفسه، الذي يتغير من طفولته إلى مراهقته، ومن شبابه إلى شيخوخته، والفطن هو من يختار كيفية التغيير والاختلاف إلى ماذا، فلا يسلم أمره للزمان ليشكله كيفما تشاء الحوادث!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق