المشهد الأول:
رجل متسخ وقذر الملابس والوجه، لم يحلق لحيته وشعره منذ سنوات، يتجول في عرض الصحراء وطولها مع كلبه، ينتظر أحد عابري السبيل كي ينقض عليه ويسلبه كل ما يملك.
المشهد الثاني:
إمام انتهى من صلاته في المسجد، ثم اجتمع مع ثلة من الذين صلوا معه ليتناقشوا في وضع خطة تفجير مبنى مليء بالبشر.
المشهد الثالث:
عائلة تتجول في منزلها التي تملك داخله جبالاً من النقود المكومة والذهب وفي حديقته بئر نفط.
تتعدد المشاهد وتبقى صورة الرجل العربي الجاهل والقذر والعصبي المتعصب الذي لا يزال يلتحف السماء ويتنقل فوق الجمل، واحدة! هل هذه صورة العربي الحقيقية؟ هل هي صورة أغلبية العرب أم أقليتهم؟ وإن كانت هذه الصورة مشوهة فلماذا يحرص الغرب على إبرازها بدل صورة العربي الحقيقية؟!
الحقيقة أن الكثير من ساكني الشرق والغرب لا يعرفون «العربي» الحقيقي الذي قد لا يكون أياً من الصور السابقة الذكر، فلا هو مجرم عاطل، ولا إرهابي يتغطى بكسوة الدين، ولا هو ثري لا يعرف أين يصرف أمواله اليوم! معظم العرب ليسوا كذلك، بل إن البيئة العربية الجغرافية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، تجعل كل عربي تقريباً يختلف عن سواه في أكثر مسالك الفكر، لتنوع بيئته التي يغرف منها ولثرائها، وإن كان الغرب والشرق يحرصان على إظهار العربي كالحمار الذي يحمل الأسفار، فهذا لأن هذه هي الصورة التي شاعت عن العربي مذ عقود طويلة، كما أن معظم العرب الذين يتم تتويجهم على قمة الشهرة وفي واجهتها هم «أسياد» المرأة والإرهابيون المتأسلمون والمبذرون المسرفون والأغبياء الجاهليون، ومن تضعهم حقوق الإنسان والحيوان في قائمتها السوداء! هم لا يعرفون المفكرين منا ولا المثقفين ولا الأدباء ولا العلماء الذين يختلسونهم منا في أحيان كثيرة، هم لا يعرفون سوى من نحرص ويحرصون على إلقاء الضوء عليه من أجل متعة القارئ والمشاهد. فلماذا يعرضون صور الفلسطيني الصامد في وجه الاحتلال في الضفة الغربية وغزة مثلاً، وصورة الرجل الجاهل الذي يرقص من أجل ريال، أكثر إمتاعاً؟!
يشوه الغرب والشرق صور العربي ويصرون على ذلك، ولكن رغم ما تنتجه السينما والأدب العالمي من صور نمطية له، إلا أننا نساهم أكثر في تشويهها عندما نجادل المتجادلين ونخلق متطرفين جدداً كل يوم عن طريق إهمال الشباب بدل التركيز عليهم وعلى طاقاتهم المبدعة والمتقدة التي يحملونها في داخلهم، فهم من يساهمون فعلاً في تغيير العالم العربي وهم القادرون على تغيير صور العرب النمطية، إن فقط، منحناهم الفرصة لذلك.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
رجل متسخ وقذر الملابس والوجه، لم يحلق لحيته وشعره منذ سنوات، يتجول في عرض الصحراء وطولها مع كلبه، ينتظر أحد عابري السبيل كي ينقض عليه ويسلبه كل ما يملك.
المشهد الثاني:
إمام انتهى من صلاته في المسجد، ثم اجتمع مع ثلة من الذين صلوا معه ليتناقشوا في وضع خطة تفجير مبنى مليء بالبشر.
المشهد الثالث:
عائلة تتجول في منزلها التي تملك داخله جبالاً من النقود المكومة والذهب وفي حديقته بئر نفط.
تتعدد المشاهد وتبقى صورة الرجل العربي الجاهل والقذر والعصبي المتعصب الذي لا يزال يلتحف السماء ويتنقل فوق الجمل، واحدة! هل هذه صورة العربي الحقيقية؟ هل هي صورة أغلبية العرب أم أقليتهم؟ وإن كانت هذه الصورة مشوهة فلماذا يحرص الغرب على إبرازها بدل صورة العربي الحقيقية؟!
الحقيقة أن الكثير من ساكني الشرق والغرب لا يعرفون «العربي» الحقيقي الذي قد لا يكون أياً من الصور السابقة الذكر، فلا هو مجرم عاطل، ولا إرهابي يتغطى بكسوة الدين، ولا هو ثري لا يعرف أين يصرف أمواله اليوم! معظم العرب ليسوا كذلك، بل إن البيئة العربية الجغرافية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، تجعل كل عربي تقريباً يختلف عن سواه في أكثر مسالك الفكر، لتنوع بيئته التي يغرف منها ولثرائها، وإن كان الغرب والشرق يحرصان على إظهار العربي كالحمار الذي يحمل الأسفار، فهذا لأن هذه هي الصورة التي شاعت عن العربي مذ عقود طويلة، كما أن معظم العرب الذين يتم تتويجهم على قمة الشهرة وفي واجهتها هم «أسياد» المرأة والإرهابيون المتأسلمون والمبذرون المسرفون والأغبياء الجاهليون، ومن تضعهم حقوق الإنسان والحيوان في قائمتها السوداء! هم لا يعرفون المفكرين منا ولا المثقفين ولا الأدباء ولا العلماء الذين يختلسونهم منا في أحيان كثيرة، هم لا يعرفون سوى من نحرص ويحرصون على إلقاء الضوء عليه من أجل متعة القارئ والمشاهد. فلماذا يعرضون صور الفلسطيني الصامد في وجه الاحتلال في الضفة الغربية وغزة مثلاً، وصورة الرجل الجاهل الذي يرقص من أجل ريال، أكثر إمتاعاً؟!
يشوه الغرب والشرق صور العربي ويصرون على ذلك، ولكن رغم ما تنتجه السينما والأدب العالمي من صور نمطية له، إلا أننا نساهم أكثر في تشويهها عندما نجادل المتجادلين ونخلق متطرفين جدداً كل يوم عن طريق إهمال الشباب بدل التركيز عليهم وعلى طاقاتهم المبدعة والمتقدة التي يحملونها في داخلهم، فهم من يساهمون فعلاً في تغيير العالم العربي وهم القادرون على تغيير صور العرب النمطية، إن فقط، منحناهم الفرصة لذلك.
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق