يعلموننا منذ الصغر أننا أمة عربية واحدة، وأننا لسنا أمماً متعددة تجمعها لغة تختلف لهجتها من بقعة لأخرى! يعلموننا منذ الصغر أن قضيتنا الأولى هي فلسطين، وأن عدونا هو الكيان الصهيوني، مهما تقدمت أو تأخرت المواجهات معه! يعلموننا أن الإسلام هو أكثر الأديان سماحة وسعة، وأننا أمة وسط، بل وإننا خير أمة أخرجت للناس، وأنه يجب علينا أن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر!
علمونا الكثير، إلا أننا وجدنا أنفسنا أمماً ودولاً متفرقة لا أمة واحدة، تفرقنا الأمور الكبيرة ولا تجمعنا الأمور الصغيرة! وجدنا أنفسنا ننسى فلسطين ونركز على بقية المصائب التي لا يكل تواليها على رؤوس العرب، بل وإننا نجد عرباً يؤمّنون حدود المناطق التي احتلتها إسرائيل، ومع ذلك يهتفون بالممانعة والمقاومة! عرفنا بأن الإسلام هو من أكثر الأديان المفهومة بشكل خاطئ من قبل أتباعها أكثر من غيرهم! فنراهم يتشددون والدين يوسع لهم، ويضيقون والإسلام يرحب بهم! وجدنا الأمة الوسط، متطرفة في نظر العالم، وأنها لا تأمر بالمعروف، هي فقط تنهى عن المنكر وتصر على ذلك حتى يتململ الطرف الآخر وينزعج!
الفرق شاسع ومحبط بين ما نتعلمه نظرياً في المدارس والبيوت وبين ما نراه واقعاً في الشوارع والصحف عن أمتنا العربية والإسلامية، فأممنا العربية اليوم ممكن أن تهجم على بعضها البعض بسبب مباراة كرة قدم! وهو أمر عادي بأن نسمع اتهامات من دولة عربية تتهم دولة شقيقة بدعم الاحتجاجات فيها أو دعم جماعة تُوجد داخلها! وأصبح شيئاً طبيعياً أن تستثمر دولة عربية في أخرى -بدل استثمارها في الدول الأوروبية- فتثور ثائرة بعض أفرادها فيتهمون الدولة الأولى بمحاولة احتلالها! هذا بخلاف فلسطين التي انقسم أهلها أنفسهم عليها، فأصبح لكل طرف منهم جبهة يحاول تعزيزها وحده دون أن يهتم أو يلتفت للآخر!
حالنا اليوم يجعلني أتحسر على أوقات في القرن الماضي، عندما كان هنالك وجود فعلي -أو قريب من ذلك- لجامعة الدول العربية في بدايتها، عندما كانت تساند الدول العربية بعضها البعض في المواقف والأفعال، خاصة نحو فلسطين، قضيتنا العربية الإسلامية الأولى. حال العرب اليوم يجعلني أتذكر مقولة عبدالله القصيمي عن العرب عندما وصفهم بالظاهرة الصوتية، ولو كان حياً في يومنا هذا لاختصر ما قاله بعبارة: «العرب: كذبة صوتية!»
أتمنى أن نعيد إحياء الأمل في أمتنا مجدداً، كي نغير حالها من واقع اليوم إلى ما كانت عليه سابقاً، كي ترجع قوتها و»توسطها»، ولن يحدث ذلك إلا بتطبيق ما نتعلمه نظرياً على واقعنا، كأمة عربية مسلمة واحدة، تفكر بعقل واحد، وتتحرك وتعمل بجسد واحد، تتداعى أعضاؤه إلى مساعدة العضو المريض فور مرضه، لا بالرقى فقط بل بالدواء أيضاً!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
علمونا الكثير، إلا أننا وجدنا أنفسنا أمماً ودولاً متفرقة لا أمة واحدة، تفرقنا الأمور الكبيرة ولا تجمعنا الأمور الصغيرة! وجدنا أنفسنا ننسى فلسطين ونركز على بقية المصائب التي لا يكل تواليها على رؤوس العرب، بل وإننا نجد عرباً يؤمّنون حدود المناطق التي احتلتها إسرائيل، ومع ذلك يهتفون بالممانعة والمقاومة! عرفنا بأن الإسلام هو من أكثر الأديان المفهومة بشكل خاطئ من قبل أتباعها أكثر من غيرهم! فنراهم يتشددون والدين يوسع لهم، ويضيقون والإسلام يرحب بهم! وجدنا الأمة الوسط، متطرفة في نظر العالم، وأنها لا تأمر بالمعروف، هي فقط تنهى عن المنكر وتصر على ذلك حتى يتململ الطرف الآخر وينزعج!
الفرق شاسع ومحبط بين ما نتعلمه نظرياً في المدارس والبيوت وبين ما نراه واقعاً في الشوارع والصحف عن أمتنا العربية والإسلامية، فأممنا العربية اليوم ممكن أن تهجم على بعضها البعض بسبب مباراة كرة قدم! وهو أمر عادي بأن نسمع اتهامات من دولة عربية تتهم دولة شقيقة بدعم الاحتجاجات فيها أو دعم جماعة تُوجد داخلها! وأصبح شيئاً طبيعياً أن تستثمر دولة عربية في أخرى -بدل استثمارها في الدول الأوروبية- فتثور ثائرة بعض أفرادها فيتهمون الدولة الأولى بمحاولة احتلالها! هذا بخلاف فلسطين التي انقسم أهلها أنفسهم عليها، فأصبح لكل طرف منهم جبهة يحاول تعزيزها وحده دون أن يهتم أو يلتفت للآخر!
حالنا اليوم يجعلني أتحسر على أوقات في القرن الماضي، عندما كان هنالك وجود فعلي -أو قريب من ذلك- لجامعة الدول العربية في بدايتها، عندما كانت تساند الدول العربية بعضها البعض في المواقف والأفعال، خاصة نحو فلسطين، قضيتنا العربية الإسلامية الأولى. حال العرب اليوم يجعلني أتذكر مقولة عبدالله القصيمي عن العرب عندما وصفهم بالظاهرة الصوتية، ولو كان حياً في يومنا هذا لاختصر ما قاله بعبارة: «العرب: كذبة صوتية!»
أتمنى أن نعيد إحياء الأمل في أمتنا مجدداً، كي نغير حالها من واقع اليوم إلى ما كانت عليه سابقاً، كي ترجع قوتها و»توسطها»، ولن يحدث ذلك إلا بتطبيق ما نتعلمه نظرياً على واقعنا، كأمة عربية مسلمة واحدة، تفكر بعقل واحد، وتتحرك وتعمل بجسد واحد، تتداعى أعضاؤه إلى مساعدة العضو المريض فور مرضه، لا بالرقى فقط بل بالدواء أيضاً!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق