انحرفنا كثيراً عن قضيتنا الأولى فلسطين، وحدث ذلك عندما تنازلنا وتفاوضنا وانهزمنا وتم الضحك علينا حولها حتى امتلأت ذاكرتنا بمجموعة من الصور لوجوه مسودة وحطام تضيق به الأنفس، فأصبح بعضنا يعتقد ويسلم بأن الانتصار على الكيان الإسرائيلي المغتصب واسترجاع الأراضي المحتلة محض وهم أو خرافة، وأن العدو يملك من القوة ما لا نملك ربعها، ولذلك لا يمكننا أبداً الانتصار عليه، وأن على الفلسطينيين أن يستمروا بالعيش في غزة أو الضفة الغربية دون أن يقاوموا الدولة المحتلة؛ كي لا يتم الرد على فعلهم بردة فعل قوية مدمرة، تحصد أرواحاً كانت لتبقى على قيد الحياة لولا ذلك! وآخر هذه المسلمات هي وجوب القبول بحل إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية جنباً إلى جنب لتجنب الحرب! أما المثير للسخرية هو أن من يرفض هذا الحل هو الكيان الصهيوني لا «بعض» العرب!
هذه الأفكار أصبحت من المسلمات عند البعض نتيجة تاريخ مُلئ بالحرب والتهجير والفقر والظلم الذي لم يشمل بتأثيره فلسطين فقط، بل كل الدول العربية تقريباً في مرحلة من المراحل، بسبب غبن الكيان المحتل، إلا أن هذه المسلمات لا تستند على التاريخ فقط بل إلى المثقفين والكتاب أيضاً الذين يؤكدون عليها مستشهدين بالواقع والأحداث التي عايشوها من 48 إلى 67 مروراً بكامب ديفيد واتفاقية أوسلو. يمكن تفهم موقف كتاب ومثقفي القرن الماضي عند الرجوع إلى كل ما عايشوه من انهزامات وخسائر متتالية نتيجة الحرب مع الصهاينة، ومن ذلك يمكن الوقوف على منبع روح الانهزامية العربية التي ساعدوا على نشرها في كتاباتهم وأقوالهم، إلا أن يومنا ليس بمثل أمسهم، وظروفنا الحالية مختلفة عن ظروفهم، فاليوم، مثلاً، وفي حرب غزة الأخيرة مع إسرائيل المحتلة، انتصرت غزة فيها بسبب ردها على هجوم إسرائيل، رغم أن هجوم الأخيرة لم يتوقف للحظة واحدة! مما حملها -وكمرة أولى- إلى الإسراع لطاولة المفاوضات من أجل هدنة سريعة تحفظ ماء وجهها أمام العالم والإسرائيليين! هذا بالإضافة إلى تغير النظام في مصر، وفتح معبر رفح بشكل دائم، وزيارة القيادات السياسية لغزة حتى وهي تحت القصف!
معادلة اليوم تختلف عن معادلة الأمس، وإن كان أصحاب معادلة الأمس يستندون إلى الهزائم التي عاصرتها القضية الفلسطينية في وقتهم، فيجب على أصحاب اليوم أن يستندوا على الانتصارات المعنوية والمادية التي تعاصرها القضية حالياً، لتتغير بذلك مسلمات نقشها الدهر، بمساعدة كتاب ومثقفين رحل معظمهم اليوم، وهذا ما بدأنا رؤيته خاصة بعد مقاومة حماس للدولة المحتلة في الحرب الأخيرة، إلا أن هناك بعض الكتاب و»أشباه» المثقفين رفضوا ذلك ولم يستسيغوا سوى الاستناد على الهزائم، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تنكروا للانتصارات عندما قضوا -مثلاً- بفوز إسرائيل في الحرب الأخيرة! وهذا مما لا يمكن فهمه، خاصة عندما تعترف إسرائيل نفسها بخسارتها وتفاجئها بالرد الذي حصلت عليه من حماس. ونجد هؤلاء أيضاً يصفون حماس بالجماعة الإرهابية وأن مقاومتها استفزاز، بينما صد إسرائيل لحماس هو دفاع متوقع كي تحافظ على أمنها! كلمات هؤلاء لا تدل في –الحقيقة- إلا على جهلهم وخطئهم عندما اعتقدوا بأن القراء سيتركون مقالاتهم وكلماتهم تمر مرور الكرام دون تحليل أو رفض، وتجلى خطؤهم في وسم تويتري فعال هو «تفكيك الخطاب المتصهين».
على هؤلاء الكتاب إعادة النظر في حساباتهم، وتقييم القضية الفلسطينية مع كامل الظروف الحالية المحيطة بها في كتاباتهم المستقبلية، ليخرجوا بمسلمات عصر جديد لا بنفس مسلمات عصر الانهزام العربي، وليحموا أنفسهم –أيضاً- من إعادة نشر أسمائهم ومقالاتهم في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية، كي لا تثبت تهمة التصهين بحقهم أكثر وأكثر في أذهان الناس!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
هذه الأفكار أصبحت من المسلمات عند البعض نتيجة تاريخ مُلئ بالحرب والتهجير والفقر والظلم الذي لم يشمل بتأثيره فلسطين فقط، بل كل الدول العربية تقريباً في مرحلة من المراحل، بسبب غبن الكيان المحتل، إلا أن هذه المسلمات لا تستند على التاريخ فقط بل إلى المثقفين والكتاب أيضاً الذين يؤكدون عليها مستشهدين بالواقع والأحداث التي عايشوها من 48 إلى 67 مروراً بكامب ديفيد واتفاقية أوسلو. يمكن تفهم موقف كتاب ومثقفي القرن الماضي عند الرجوع إلى كل ما عايشوه من انهزامات وخسائر متتالية نتيجة الحرب مع الصهاينة، ومن ذلك يمكن الوقوف على منبع روح الانهزامية العربية التي ساعدوا على نشرها في كتاباتهم وأقوالهم، إلا أن يومنا ليس بمثل أمسهم، وظروفنا الحالية مختلفة عن ظروفهم، فاليوم، مثلاً، وفي حرب غزة الأخيرة مع إسرائيل المحتلة، انتصرت غزة فيها بسبب ردها على هجوم إسرائيل، رغم أن هجوم الأخيرة لم يتوقف للحظة واحدة! مما حملها -وكمرة أولى- إلى الإسراع لطاولة المفاوضات من أجل هدنة سريعة تحفظ ماء وجهها أمام العالم والإسرائيليين! هذا بالإضافة إلى تغير النظام في مصر، وفتح معبر رفح بشكل دائم، وزيارة القيادات السياسية لغزة حتى وهي تحت القصف!
معادلة اليوم تختلف عن معادلة الأمس، وإن كان أصحاب معادلة الأمس يستندون إلى الهزائم التي عاصرتها القضية الفلسطينية في وقتهم، فيجب على أصحاب اليوم أن يستندوا على الانتصارات المعنوية والمادية التي تعاصرها القضية حالياً، لتتغير بذلك مسلمات نقشها الدهر، بمساعدة كتاب ومثقفين رحل معظمهم اليوم، وهذا ما بدأنا رؤيته خاصة بعد مقاومة حماس للدولة المحتلة في الحرب الأخيرة، إلا أن هناك بعض الكتاب و»أشباه» المثقفين رفضوا ذلك ولم يستسيغوا سوى الاستناد على الهزائم، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل تنكروا للانتصارات عندما قضوا -مثلاً- بفوز إسرائيل في الحرب الأخيرة! وهذا مما لا يمكن فهمه، خاصة عندما تعترف إسرائيل نفسها بخسارتها وتفاجئها بالرد الذي حصلت عليه من حماس. ونجد هؤلاء أيضاً يصفون حماس بالجماعة الإرهابية وأن مقاومتها استفزاز، بينما صد إسرائيل لحماس هو دفاع متوقع كي تحافظ على أمنها! كلمات هؤلاء لا تدل في –الحقيقة- إلا على جهلهم وخطئهم عندما اعتقدوا بأن القراء سيتركون مقالاتهم وكلماتهم تمر مرور الكرام دون تحليل أو رفض، وتجلى خطؤهم في وسم تويتري فعال هو «تفكيك الخطاب المتصهين».
على هؤلاء الكتاب إعادة النظر في حساباتهم، وتقييم القضية الفلسطينية مع كامل الظروف الحالية المحيطة بها في كتاباتهم المستقبلية، ليخرجوا بمسلمات عصر جديد لا بنفس مسلمات عصر الانهزام العربي، وليحموا أنفسهم –أيضاً- من إعادة نشر أسمائهم ومقالاتهم في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية، كي لا تثبت تهمة التصهين بحقهم أكثر وأكثر في أذهان الناس!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
حقيقى متى سترتد فلسطين وتبقى حرة يا لو لهذا البحلم ان يتحقق
ردحذف