الخميس، 20 ديسمبر 2012

أمة اقرأ تقرأ ولكن!

كان للإعلام الجديد تأثير كبير على الشعب العربي خاصة في آخر ٣ سنوات، حيث كان له دور مهم بل وحيوي تجلى في الثورات العربية، فأصبح الاطلاع على المعلومة سهلاً، بالإضافة إلى سرعة انتشار الأخبار ووصولها لمن أراد. ومع الربيع العربي أصبح الجميع متعطشاً للمعلومة والصوت والصورة، وتواقاً لأي خبر يتصل بالأحداث المتجددة بالمنطقة، والتي تُوجد في دقائق معدودة بعد وقوعها على الإنترنت. وهكذا وبغمضة عين أصبحت أمة اقرأ تقرأ ولكن تقرأ التغريدات على «تويتر» وبوستات الـ «فيس بوك» والتدوينات المختصرة التي ينشرها بعض الكتاب لجذب أكبر عدد ممكن من القراء، بالإضافة إلى البرودكاسات في البلاك بيري ماسنجر والواتساب، مما جعل هذه الأمة أبعد عن الكتاب!
هذا النوع من القراءة الذي يظنه البعض كافياً هو أكثر أنواع القراءات سطحية، لأنه أولاً لا ينمي علماً ولا ثقافة ذات قواعد صلبة، فعلى الأرجح أن تغريدة تقرأ الآن ستُنسى اليوم التالي، وتدوينة قصيرة تقرأ اليوم ستنسى معلوماتها بعد أسبوع، فمن يتذكر ماذا قرأ من تغريدات بالأمس؟ ومن يعرف خرج بماذا من بوست في الفيس بوك قرأه قبل أسبوع؟! ثانياً، المواقع الإلكترونية والمصادر الرقمية لا تصلح معظمها -وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي- لأن تكون مصدراً للمعلومات، فالـ «فيس بوك» مثلاً لا يجوز أن يكون مرجعاً لتاريخ العصور الوسطى، وإن وُجدت فيه صفحة متخصصة في ذلك، لأن ما فيها سيبقى فتاتاً مقابل الذهب الحقيقي الموجود في المراجع الحقيقية في المكتبات، كما أنه لا يصلح أن تقول لشخص ما مصدر معلوماتي هو الـ «فيس بوك» أو غيره من المواقع التي تشابهه، خاصة إن كنت تحاججه بهذه المعلومة! فالقراءة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تدخل ضمن الإعلام الجديد لا تغني ولا تسمن من جوع، لأن الكتاب يبقى هو المصدر الأول والأخير للعلم والثقافة، أما المصدر الرئيسي لهما فهو الرغبة في التعلم والتثقف والرغبة في طرح السؤال الأهم «لماذا» دائماً. فإن كانت «لو» فاتحة لعمل الشيطان فإن «لماذا» فاتحة لعمل العلماء! فاسألوا «لماذا» دوماً، ولا تخجلوا، فإن الخجل في العلم، جهل! والجهل هو أسوأ مصير قد يواجهه الإنسان، فالإنسان قد يغفر لنفسه أية صفة من صفاته كالحسد والحقد، ولكن يستحيل لأي شخص أن يغفر لنفسه جهله، وإن غفر لنفسه هذه الخصلة فهو ظالم لنفسه!
قال الله تعالى: «اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ».


جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر

هناك تعليق واحد:

  1. مقالة رائعة جداًً. ومنظور مختلف لأمة إقرأ


    بيالة شاي: هــــل تــــقــــرأ؟ http://byalat-chai.blogspot.com/2012/11/blog-post_29.html?spref=tw

    ردحذف

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...