كل شعوب العالم تهتم بشؤون دولها، سواء أكانت الداخلية أو الخارجية، ولا يمنع ذلك من وجود طبقة منهم لا تهتم ولا تلتفت للأمور السياسية، التي يراها البعض منهم «مزعجة» و»ثقيلة دم»، ولكن حتى هذه الطبقة قد تلتفت إلى شؤون وعلاقات دولها السياسية إذا ما تلقفها العالم والناس، فعلقوا عليها وتحدثوا عنها. هذه ظاهرة طبيعية حيث إن الناس لن يتوقفوا عن الكلام، والكلام يجذب الانتباه، خاصة إن كان الحديث عن السياسة، التي يجذب الحديث عنها الناس، أكثر مما يجذبهم خبر عن أحد المشاهير، الذين يتصدر أيضاً قائمتهم الكثير من الساسة! لكن ما هو غير طبيعي، هو قيام بعض أفراد وحتى مسؤولي دول مختلفة -عربية- بمهاجمة شعوب ومسؤولي دول مجاورة، وتوجيه الخطاب لهم، بطريقة فوقية استهزائية، وفي بعض الأحيان على نحو تهديد، في حالة حدوث حدث سياسي أو غيره، كبيراً كان أو صغيراً في تلك الدول! ويقولون إن هذا هو من حقهم ومن حريتهم –ما لم يشب الأمر سب أو شتم أو عنصرية وطائفية-، والحقيقة أنهم لهم حق حرية التعبير والرأي ما لم يتعدوا بحرياتهم على حرية أحد. ومع ذلك، يقع نفس هؤلاء في تناقضات عندما يمجدون حرياتهم وحقوقهم، وهم يخاطبون الأحداث التي تحصل حولهم و»حولنا»، ويمنعون الآخرين من الحديث عما يجري «حولهم» فيقولون: ويحكم إن هذا إلا شأن داخلي يخصنا! وهنا يقع الخلل الذي يثقب جدار حرياتهم التي يصبغونها على أنفسهم ويمنعون الناس منها.
لكل دولة شؤونها الخاصة التي تستطيع أن تمنع دولة أخرى من التدخل فيها للتأكيد على سيادتها الداخلية والخارجية، ولكن لا تستطيع نفس الدولة منع الأفراد والأجانب من التعليق أو التحدث بشأنها، لأن هذا كله لا يُعد تدخلاً ما دام بعيداً عن الاتهام والتحريض والأفعال الأخرى التي تعد دولياً غير قانونية. وبعد الثورات العربية، انفتح العرب على شؤون بعضهم، الداخلية والسياسية خاصة، فقرؤوا وشاهدوا وسمعوا عنها ثم تحدثوا وكتبوا وعلقوا عليها في خطوة لتوسيع المدارك الفكرية السياسية، والثقافية، والاجتماعية، فترى العربي يتابع أحداث تونس، ويعرف تحركات الإخوان في مصر، ويكتب عن انتخابات ليبيا، ويهتم بزيارات ولقاءات مسؤولي الخليج، فُيعلق على أي حدث يشد لسانه، وهذا من حقه، كما هو من حق أي طرف آخر يريد الحديث في نفس القضية، وكما هو ليس بمقدور أي منهما منع الآخر من هذا الحق، وإن تسلح أحدهما بكلمتي «شأن داخلي»! فكيف يسمح لنفسه ويمنع غيره؟!
أفسحوا لغيركم المساحة التي تفسحونها لأنفسكم، استخدموا حرياتكم بحدودها، ولا تمنعوها الآخرين، فالناس تستسيغ المساواة، خاصة في حرية التعبير!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
لكل دولة شؤونها الخاصة التي تستطيع أن تمنع دولة أخرى من التدخل فيها للتأكيد على سيادتها الداخلية والخارجية، ولكن لا تستطيع نفس الدولة منع الأفراد والأجانب من التعليق أو التحدث بشأنها، لأن هذا كله لا يُعد تدخلاً ما دام بعيداً عن الاتهام والتحريض والأفعال الأخرى التي تعد دولياً غير قانونية. وبعد الثورات العربية، انفتح العرب على شؤون بعضهم، الداخلية والسياسية خاصة، فقرؤوا وشاهدوا وسمعوا عنها ثم تحدثوا وكتبوا وعلقوا عليها في خطوة لتوسيع المدارك الفكرية السياسية، والثقافية، والاجتماعية، فترى العربي يتابع أحداث تونس، ويعرف تحركات الإخوان في مصر، ويكتب عن انتخابات ليبيا، ويهتم بزيارات ولقاءات مسؤولي الخليج، فُيعلق على أي حدث يشد لسانه، وهذا من حقه، كما هو من حق أي طرف آخر يريد الحديث في نفس القضية، وكما هو ليس بمقدور أي منهما منع الآخر من هذا الحق، وإن تسلح أحدهما بكلمتي «شأن داخلي»! فكيف يسمح لنفسه ويمنع غيره؟!
أفسحوا لغيركم المساحة التي تفسحونها لأنفسكم، استخدموا حرياتكم بحدودها، ولا تمنعوها الآخرين، فالناس تستسيغ المساواة، خاصة في حرية التعبير!
جواهر بنت محمد آل ثاني.
صحيفة العرب القطرية.
المصدر
Thank you for your wonderful topics :)
ردحذف