"بالنسبة لمايكروسوفت، لا يوجد ما هو أهم من ويندوز!". هذا ما كان يقوله ستيف بالمر وقت عمله كرئيس تنفيذي لشركة مايكروسوفت، إحدى أكبر شركات التقنية في العالم. مالم يقله بالمر بأن تركيزه على ويندوز و على المجالات التي تسيطر عليها مايكروسوفت مثل الحواسب المحمولة و مايكروسوفت أوفيس، جعل شركة مايكروسوفت تتأخر أو حتى تفشل في دخول أسواق جديدة مثل سوق الهواتف الذكية و الأجهزة اللوحية! تقصير بالمر تأكد للعالم بعدما خلفه ستايا ناديلا كرئيس تنفيذي للشركة في ٢٠١٤، و لكن الأكيد بأن ذلك لم يكن هو السبب الوحيد الذي جعل الكثير يقولون بأن ستيف بالمر هو أفشل رئيس تنفيذي يمر على شركة مساهمة أمريكية كبيرة!
إذاً، ما السبب الذي جعل ستيف بالمر يفشل في المحافظة على صدارة شركة مايكروسوفت في السوق، حتى تعدتها شركات أخرى أبرزها شركة أبل؟ الأسباب كثيرة، خاصة بالمقارنة مع شركة أبل و رئيسها التنفيذي السابق ستيف جوبز و الحالي تيم كوك، و لعل أبرزها كون بالمر رجل أعمال بامتياز، وظفه بيل غيتس في مايكروسوفت ليدير الشركة من الناحية الإدارية و المالية، و لكنه لم يملك المهارات اللازمة لإدارة المواهب الإبداعية و القوى البشرية. تبينت شخصية بالمر، عندما تغيرت ثقافة العمل في مايكروسوفت، و أصبح الموظفين الذي كانوا يعملون يوماً ما بدافع الحلم و تغيير المستقبل، يعملون من أجل المحافظة على عملهم فقط في بيئة عمل شرسة خلقها بالمر بالقيادة عن طريق الخوف لا الإبداع.
من الأمور السيئة التي فعلها بالمر في مايكروسوفت هي وضعه لنظام المنحنى بالنسبة لتقييم الموظفين، حيث أصبح لكل فريق عمل قائد، يقيم عمل أعضاء فريقه من ١ إلى ١٠ مثلاً، باعتبار أن ١ هو الأفضل و ١٠ هو الأسوأ، حتى و لو كان جميع الأعضاء ممتازين و مجتهدين في عملهم. و يحصل الأعضاء الأفضل على العلاوات و الترقيات، أما الأسوأ فإما أن يتم طردهم أو تغيير فريقهم و من ثم إعادة تقييمهم مرة أخرى. هذا النظام المجحف، خلق بيئة عمل سامة، بها يتنافس أعضاء الفريق في عملهم ضد بعضهم البعض لا ضد الشركات المنافسة، مما جعل انتاجيتهم و ابداعهم يقل في سبيل المحافظة على وظائفهم.
بالإضافة إلى نظام المنحنى في التقييمات، كان بالمر لا يسمع موظفيه، و لا يحاول فهمهم، و على الأغلب لهذا السبب تأخرت مايكروسوفت أو لم تدخل مجالات كثيرة مثل الهواتف الذكية و الأجهزة اللوحية، و أجهزة الكتب و الموسيقا الإلكترونية على الرغم من أن بعض المهندسين اقترحوا هذه المنتجات أو حتى عملوا عليها في مايكروسوفت قبل أن تعمل عليها شركات أخرى مثل أبل و أمازون!
قاد ستيف بالمر شركة مايكروسوفت بالجبروت و الخوف من ٢٠٠٠ و حتى ٢٠١٤، ليأتي بعده ستايا نديلا، و يقودها بالإبداع و التسامح. فتحت إمرة نديلا، تضاعف سعر سهم مايكروسوفت ٤ مرات في مدة قصيرة! الرجل الذي طور سحابة مايكروسوفت و أجهزتها، أعلن بعدما أصبح رئيس الشركة التنفيذي، بأن مايكروسوفت ستكون فريق واحد، سيعمل من أجل تحفيز كل انسان على وجه الأرض و تشجيع كل منظمة على تحقيق المزيد، بلا نظام منحنى أو إذن صماء.
الناس تبحث عن قائد يخرج أفضل ما فيها، عن قائد يقود بالإبداع لا الخوف. و نعم قد يخرج الخوف أفضل ما في الناس لمدة قصيرة، و لكن بالقيادة الإيجابية و الاستماع و المساعدة، يعطي الانسان أفضل ما فيه بشكل مستمر، و هذا ما فعله ستايا نديلا لمايكروسوفت عندما آمن بموظفيه و قدراتهم، و فشل فيه ستيف بالمر عندما شجع موظفيه على المنافسة الشرسة بين بعضهم البعض و حفزهم على الانغلاق على أنفسهم بدال الانفتاح لغيرهم.
جواهر آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق