الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

القيم قبل المبادئ

  

 

 

عندما نفكر بالمبادئ و القيم، عادة ما يخطر على بالنا بأنهما الأمر نفسه، حيث أن لكل انسان مبادئه و قيمه، صحيح؟ هكذا نربطهما أوتوماتيكياً، حتى التصقا ببعض في أذهاننا. هما قريبان فعلاً في المعنى، و لكنهما يختلفان في تفاصيل المعنى. فالقيم من التقييم و تقدير الأمر. فنقول عمل أو كتاب قيّم أي ذو قيمة أو له ثقل. و لا تُقال إلا كوصف إيجابي كقوله تعالى في سورة الروم: *ذلك الدين القيّم(٣٠)* أي الدين المستقيم. و القيم هي الخصال العامة الإيجابية التي نتمسك بها أو نريد أن نتمسك بها في حياتنا مثل قيم: العائلة و الشجاعة و الدين و المساواة و الحب و المسؤولية و الإبداع و الأمان إلخ..

القيم، هي الخطوط العريضة في حياتنا أما المبادئ فهي تفاصيل هذه الخطوط العريضة أو الحبر الذي يتسرب منها، فمثلاً لو كانت إحدى قيم الانسان هي "العدالة"، ستكون أحد مبادئه في الحياة هي الوقوف في وجه الظلم في مجتمعه و عدم السكوت عنه مهما كانت العواقب. و تختلف القيم و المبادئ في كون القيم دائماً إيجابية و خيرة و جيدة، أما المبادئ فقد تكون إيجابية أو سلبية بحسب صاحبها.

و القيم أكثر ثباتاً من المبادئ. و قد تكون مبادئ المرء بلا قيم تسندها، فتسقط المبادئ مع أول اختبار لها. و لهذا يكون الشخص ذو القيم أكثر أخلاقاً من الانسان ذو المبادئ لأن القيم كاملة و المبادئ قد تشوبها العلل، كأن يكون مبدأ من مبادئ الانسان هو أن يتصرف بكرم فقط مع من يعامله بكرم. هذا الانسان لا نستطيع أن نقول عنه بأن قيمة من قيم حياته هي الكرم، لأن مبدئه شرطي في الكرم، و الكرم لا يكون شرطياً أبداً.

من المهم للإنسان أن يعرف قيمه في الحياة، سواء التي بنى عليها حياته، أو تلك التي يريد أن يرفع عليها حياته. و وفق الكاتبة الأمريكية برينيه براون في كتابها DARE TO LEAD، فإن للإنسان قيمتين حقيقيتين يبني عليهما حياته، على الانسان أن يعرفهما أو يختارهما، و من ثم يستطيع أن يُفعّل هذه القيم في حياته عن طريق سؤال نفسه بعض الأسئلة:

1-               ما السلوكيات الثلاث التي أستطيع أن أقوم بها كي أعزز هذه القيم في حياتي؟

2-               ما السلوكيات الثلاث التي تناقض هذه القيم و التي قد أفعلها في حياتي؟

3-               متى التزمت فعلاً بهذه القيم في حياتي؟

قيم الانسان و مبادئه هي خريطة طريقه. إن كانت قيمه و مبادئه واضحة، بان الطريق أمامه، و إن غمرها الضباب، تاه الانسان و تشتت أفعاله. و ما إن يتصرف الانسان وفق قيمه و مبادئه أصبح له قيمة، أمام نفسه قبل الآخرين. أما الانسان الذي لا يتصرف بقيمه و مبادئه، فلا يلقى قيمة و لا احتراماً.

كيف لانسان يتصرف بلا قيم أن يكون قيماً؟

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...