أن تكون عربياً يعني أن تكون عطوفاً.. رحوماً.. مهتماً بالقضايا المعاصرة.. مشفقاً على غيرك.. قلق حول مصيرك.. فخوراً بما صبرت عليه و بما ستصبر عليه!
أن تكون عربياً يعني أن تشعر بإخوتك و انتمائك بشكل أو بآخر بأفراد الدول العربية جميعهم، و إن تخالفت حكومة دولتك مع دولة أحد منهم (و ما أكثر وقوع هذه الحالة!).
أن تكون عربياً معناه أن تشعر بذاك الحبل الخفي بينك و بين أبناء الدول العربية، فتقول للعراقي عندما تراه في لندن: (يؤسفني ما حصل في العراق). و تقول للسوري عندما تركب سيارته في برلين: ( لقد زرت سوريا و أنا صغير.. و أحببتها). و تقابل اليمني في السوق فتشد على يده محبة و تقديراً. و تعمل مع الليبي و تواسيه رغم أنك حتى الآن لا تفهم على وجه التأكيد ماذا حصل و يحصل في طرابلس!
أن تكون عربياً يعني أن تفهم الحرب و السلام حتى و إن لم تعش الحرب فعلاً! لأنك منذ وُلدت و في فمك ملعقة السلام و سكينة الحرب. تُصبح على أخبار الحرب و المقاومة، و تُمسي على أمنيات الهدنات و السلام.
أن تكون عربياً يعني ألا تُصدم من الحرب الروسية الأوكرانية و ألا تتعجب منها، و إن كانت أسباب قيامها و حيثياتها و وقت انتهائها من حكايات المجالس و المقاهي في الدول العربية، فكل عربي محلل سياسي نظراً للخبرات الطويلة في الحرب و السلام في هذه المنطقة من العالم!
أن تكون عربياً يعني ألا تستغرب من نفاق و ردة فعل العالم-خاصة الدول الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية-اتجاه الحرب في أوكرانيا بالمقارنة بالحرب في سوريا أو العراق أو اليمن أو أفغانستان. فمن يُقتل في أوكرانيا أوروبيين.. بيض.. شقر.. مسيحين.. و من يُقتل في سوريا و العراق و اليمن و أفغانستان.. ليسوا كذلك! و هم في النهاية بعيدين عن العين و بعيدين عن القلب!
أن تكون عربياً يعني أن تعرف ماذا يعني أن تكون عربياً! أن تعرف بأن الرجل الأبيض مُقدر أكثر منك في بلدك و بلده! أن تعرف بأن العالم ينظر إلى الحروب في البلدان العربية "كنزاعات" لا حروب، و كفترات هدنات لا سلام دائم. أن تعرف بأن الإعلام المستقل و المحايد الذي تتشدق به الدول الغربية يُصبح "أقل" استقلالاً و أقل حياداً عندما يتعلق الأمر بالحرب في دولة أوروبية!
أن تكون عربياً يعني أن تعرف بأنك تعيش في منطقة صراعات داخلية و خارجية.. كل طرف فيها لا يهتم بالضحايا و الكوارث الناتجة عن هذه الصراعات بقدر اهتمامهم بالغنائم الناتجة منها!
أن تكون عربياً يعني أن تصبر و تصبر و تصبر حتى لا يتحمل الصبر صبرك! و بعد كل ذلك يتم مطالبتك أن تكون انساناً و أن تشعر "بغيرك" كما تشعر بنفسك!
جواهر محمد آل ثاني
صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق