الجمعة، 21 يناير 2022

كما نحن

  

نحن، جيل التسعينات، ممن قضى طفولته متابعاً لأفلام هوليود، كنا، بناتاً و أولاداً، نشاهد سندريلا و باتمان، و شاهدنا في مراهقتنا (TWILIGHIT) و (DIE HARD)، و في شبابنا التصقنا بالشاشات، لنشاهد (TITANIC) و (THE NOTEBOOK) و (MISSION IMPOSSIBLE). شاهدنا كيف يكون أبطال الأفلام جميلين و بأبهى الصور و دائماً بيض البشرة. و كيف تفوز البطلة بقلب البطل بحسنها و فطنتها. و كيف يسلب البطل عقل البطلة بقوته و أمواله الكثيرة. و كيف يتغلبون على أقسى الظروف و إن تكالب الناس عليهم و وقف العالم في وجههم. شاهدنا كل ذلك و صدقناه، حتى عندما يبتلع جسد البطل عشرات الرصاصات و يحيا! و عندما تفقد البطلة ذاكرتها، و تسترجعها، فتعود لحضن حبيبها!

كبرنا على هذه الأفلام، و حلمنا أن نصبح مثل هؤلاء الأبطال.. جميلين.. رشيقين.. أغنياء.. ممتعين.. سعيدين.. خفيفي الظل.. مميزين و مختلفين! المضحك في الأمر هو أن معظم هؤلاء الممثلين و الممثلات، يتشابهن في الأشكال و الأفعال و الأقوال و الأفكار. كيف إذاً انخدعنا بتميزهم و تفردهم و جميع الممثلين و الممثلات سواء؟

أعود بذاكرتي إلى هذه الأفلام و حتى بعض المسلسلات و أتعجب كيف أنها رسمت لجيل كامل وجهاً واحداً و جسداً مثالياً و مستقبل باهر و واقع غني و عائلة مُحبة و أصدقاء لا محدودين، يجب على الانسان أن يملكهم ليسعد في حياته! و بالتالي يكون أي نقص في هذا الخيال-الواجب تحوله إلى واقع-يعني فشل الانسان و إخفاقه!

شهدنا في العشر سنوات الماضية تحولاً كبيراً في مسلسلات و أفلام هوليود. صعدت خلالها أسماء عظيمة مثل AVA DUVERNAY  و SHONDA RHIMES. وصلتنا عبرهن قصص الأميرات اللواتي لم يحتجن إلى إنقاذ. و قصص الرجال الباحثين عن هدف أسمى في الحياة غير المال و الصيت و القوة. رأينا على الشاشة أخيراً، أناساً يشبهوننا في الشخصية و الجمال و اللون و الوزن و الطول. بل و أحببناهم! و أكد ذلك تقريرUCLA  الذي وجد بأن الأفلام ذات طاقم الممثلين المنوعين بالعرق و اللون و غيره، يتابعونها مشاهدين أكثر من الأفلام ذات الطاقم غير المنوع!

الانسان يميل إلى ما يشبهه.. إلى ما يمثله.. إلى ما يدله على حقيقته، لا ما يحاول تغيير حقيقته، و إن كان بلا قصد!

في النهاية تُصنع الأفلام لتؤثر إيجابياً على الناس، لا لتوهمهم أو تزرع فكرة مثالية في رأسهم حول ما يجب أن تكون أشكالهم و ما يجب أن يصبحوا عليه. نحن خُلقنا لنكون كما نحن، لا لنكون الحسناء أو الوسيم الذي اختاره منتج هذا الفيلم أو ذاك!

 

 

 

جواهر محمد آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...