الثلاثاء، 25 أكتوبر 2022

المؤمن الحقيقي و المؤمن المزيف!

  

 

الحرب الروسية على أوكرانيا لها أوجه عديدة معظمها سوداوي و مشؤوم، و لكن ما برز منها في نظري هو فولودمير زيلانسكي، الرئيس الأوكراني، الذي يجعلنا-و إن اختلفنا معه حول بعض السياسات و الآراء و المواقف-ننظر إليه بنظرة إعجاب صادقة، نادر أن نجد من يستحقها من القادة، هذه الأيام!

فولودمير زيلانسكي، هو رئيس استحق صفة القائد لأوكرانيا بعد حربها و محنتها الحالية.. حيث أنه ما إن بدأت الحرب، استبدل ضحكاته و مزحاته التي كان قد ورثها من عمله السابق ككوميدي، بجدية الحرب و لحية الزعامة و التي شيرت و البنطال الكاكي العملي! انتهى وقت اللعب بالنسبة إليه و بدأ وقت الجد! بدأ وقت تشمير الأكمام و الدفاع عن الوطن! منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا و زيلانسكي لا يفوت فرصة للظهور الإعلامي و الحديث عن الحرب و أثرها على بلده! خرج زيلانسكي في مقابلات مع جميع الجهات الإعلامية، و ظهر في كل المؤتمرات و الندوات! و حتى مهرجانات السينما لم تخلو من وجوده و حديثه عن الحرب! استغل كل ظهور إعلامي و دعوة إلى الظهور الإعلامي لحشد دعم الناس وراء القضية التي يؤمن بها.. وطنه! بالطبع لم يكن زيلانسكي، الأوكراني الوحيد المدافع عن وطنه بشراسة، فهناك من فعل مثله من الفنانين و المؤثرين و حتى المواطنين العاديين الذي جمعوا التبرعات و حشدوا العالم ضد روسيا!

ما حدث مع الأوكرانيين ذكرني-مع فارق التشبيه-بما فعلناه في قطر و كقطريين وقت الحصار في ٢٠١٧. فنحن أيضاً، يداً بيد مع قيادتنا، وقفنا صفاً واحداً للدفاع عن قطر أمام العالم أجمع، لا دول الحصار وحسب! و لا ننسى سفر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى و خطاباته خلال تلك الفترة، و خاصة خطابه في الدورة ٧٢ للجمعية العامة للأمم المتحدة! و لا ننسى السفرات المكوكية و لقاءات وزير الخارجية سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني حول العالم! بالإضافة إلى جميع المواطنين و المقيمين في قطر الذين حاولوا بكل قوتهم حماية قطر من كل الهجمات الخارجية في جميع المجالات! لأن الأمر لم يكن مجرد لعبة سياسية.. الأمر كان يتعلق حول دولة و شعب و أمن و أمان! و لأن هذا ما يحدث عندما يؤمن الانسان بفكرة.. بمعتقد.. بشعب.. بوطن! عندما يؤمن الانسان بفكرة، قد يضحي بكل شيء من أجلها! و لهذا نقول بأن الفكرة أقوى من الرصاصة و الإيمان أقوى من الحصار و العقيدة أقوى من السيف! لهذا يستشهد الشهداء.. و يموت الأسرى دون أن يكشفوا الأسرار.. و يموت صاحب الأرض قبل أن يعطي المفتاح للمحتل! لأن المؤمن الحقيقي هو من يؤمن بوطنه و بمعتقداته و أفكاره، و هو من سيفعل كل شيء من أجل إعلائها! أما المؤمن المزيف، فسيفر ما إن تبدأ الحرب.. سيبيع القضية ما إن تشتد المعركة.. سيجبن ما إن يحمى الوطيس!

و أنت عزيزي القارئ، ماذا ستفعل لو تم اختبار إيمانك و أفكارك و معتقداتك؟ هل ستدافع عنها أم ستهرب؟ هل ستحارب و تجازف أم ستفر؟! هل أنت مؤمن حقيقي أم مؤمن مزيف؟!

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...