الثلاثاء، 18 أكتوبر 2022

من "الفومو" إلى "الجومو"!

  

في غضون العقد الماضي، اُشتهر مصطلح (الخوف من فوات الأمر) (FEAR OF MISSING OUT) أو اختصاره (FOMO) "فومو". و معناه، هو خوف الانسان من أن يفوته شيء أو أمر أو معلومة، كأن يعرف غيره المعلومة قبله، أو أن يذهب غيره إلى مطعم جديد أو قهوة مشهورة قبله أو بدونه أو أن يفوت الانسان على نفسه الذهاب إلى حفل أو مؤتمر، فيفوته ما يحدث خلال هذه المناسبات..  و هكذا. هذا الخوف أصبح خوف حقيقي عند الكثير من الناس في يومنا هذا. و قد شرح بحث في مجلة (COMPUTERS IN HUMAN BEHAVIOR)، نُشر في يوليو ٢٠١٣، أسباب "الفومو"، و ذكر منها عدم رضا الانسان عن حياته، و أن يكون الانسان ذا مزاج متدني و متذبذب، و أن يشعر الانسان بأن حاجاته لا تُلبى، و أخيراً و ليس آخراً، برامج التواصل الاجتماعي.

مفهوم الفومو موجود منذ بداية الألفية الثالثة، و لكنه اُشتهر و انتشر مع نشأة و رواج برامج التواصل الاجتماعي. هذه البرامج التي جعلت الكثير من الناس مرتبطين بهواتفهم ارتباط الأم بابنها. و هذا الارتباط جعل من الفومو خوف لا مرد منه، و قد لا يكون هو بنفسه أمراً سيئاً و لكن الأكيد أن تبعاته سيئة. فالفومو يأخذ الكثير من وقت الانسان. الفومو قد يجعل الانسان في مقارنة دائمة بينه و بين غيره لا من أقرانه و حسب بل من أناس قد لا يمتون له بأي صلة! كأن يقارن انسان بينه و بين لاعب كرة قدم مشهور و غني، و هو دكتور اسنان لا يعرف أصلاً كيف يضرب الكرة! هذه المقارنات بدورها قد تزيد من حنق و حسد و حقد الانسان على غيره و واقعه مما سيجعله غير سعيد في حياته. و هذه هي أكبر مساؤئ الفومو!

الأمر الجيد بأن هنالك الكثير من الحلول لمشكلة الفومو، حتى نصل من الخوف إلى الفرح.. و تحديداً "الجومو" (JOY OF MISSING OUT)، و يُقصد به الفرح مع فوات الأمر. فيفرح الانسان، حتى و إن لم يخرج مع أصحابه في ليلة ما، و لا يقلق لأنه لم يعرف عن موت الملكة إليزابيث من أول يوم لوفاتها، ولا يتوتر لأنه لم يسافر في الصيف كما سافر قريبه! يكون الانسان في حالة الجومو، فرح و قنوع بنفسه و حاله و حياته. و يصل الانسان إلى هذا الحال، عندما يُخفف من تعلقه ببرامج التواصل الاجتماعي و بهاتفه الذكي، و يقلل من الوقت الذي يقضيه على هاتفه. بالإضافة إلى تركيزه على أهدافه و عمله و حياته دون أن يقارن نفسه بغيره حيث أن لكل انسان رحلته و طريقه الخاص.

الرحلة من الفومو إلى الجومو، ليست سهلة، و قد تكون طويلة بالنسبة للبعض، و لكنه طريق يستحق المشي، بل و الحبي إليه! لأنه طريق ينتظر في آخره تاج الرضا و كنز القناعة!

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...