الثلاثاء، 4 أكتوبر 2022

كل شيء مُعار

  

 

 

 

 

(إعارة)

وقت الانسان في هذه الدنيا مُعار له.. عائلته ،مثلاً، مُعارة له في هذه الدنيا، فهو لا يملكها في الحقيقة، و لا يملك أي شيء سوى خياراته التي ستلاحقه في الحياة الأخيرة، أما عائلته، فقد يلقاها في الحياة الأخيرة و قد لا يلقاها، و لكن الأكيد بأن الانسان سيلقى خياراته جميعها في انتظاره.

 

(مؤقت)

من أكثر الأمور المريحة للإنسان، معرفة أن كل شيء في الدنيا مؤقت، الألم.. السعادة.. الحب.. العائلة.. العمل.. الأصدقاء.. الغنى.. الفقر.. المواقف.. المرض.. الفراق.. الموت.. التعب.. السفر.. الاستقرار.. الحزن.. كل شيء! كل الأشياء الجميلة و القبيحة.. كلها مؤقتة! بمعنى آخر.. كل شيء مؤقت لأنه مُعار للإنسان.. و لا يكون للإنسان أن يملك بشكل دائم أي شيء سوى اللحظة الراهنة في يده، و حريته في الاختيار في هذه اللحظة فقط.. و ما إن يختار الانسان ما يريد فعله في هذه اللحظة، حتى يتبخر خياره و إرادته مع اللحظة التي تليها.. و هكذا..

 

(راحة)

معرفة بأن كل شيء مؤقت و مُعار، يطمئن الانسان.. فلا داعي إلى الخوف، و لا داعي إلى القلق و التوتر، لأن الانسان لم يحوز شيئاً من البداية! فلا داعي إلى الخوف مثلاً من فقدان فرد من العائلة، لأنهم لم يكونوا ملكه من البداية! هم ملك لله و علاقة الانسان بهم مؤقتة في هذه الدنيا، و بالتالي عليه الاستفادة قدر الإمكان من هذا الوقت معهم حتى ينقضي هذا الوقت بأمر من الله!

 

(الدنيا)

لائحة مهامنا مُثقلة بالأمور التي يستلزم علينا فعلها و متابعتها. و في غضون أيامنا، نتعامل مع الدنيا و العالم و كأنه سيستمر إلى الأبد، و كأننا سنعيش إلى الأبد. و الواقع بأن الكثير قد لا يتعدى السبعين عاماً-هذا وأنا متفائلة-! و سيركض الكثير و سيعملون و سيحاولون فعل الكثير في هذه السبعين عاماً.. و سينشغلون بهذا العمر للعمل من أجل هذه الدنيا، التي ستأخذ الانسان بمشاغلها و مشاكلها و أحلامها و أفلامها حتى تشغله عن الحياة الحقيقية التي تليها.. الحياة الأخيرة.. الحياة التي سنعيش بها إلى الأبد! لا سبعين عاماً و لا ثمانين عاماً و لا حتى مائة عام! سنعيش فيها حتى ننسى معنى العيد ميلاد و متابعة عدد السنوات لأن كل ذلك سيكون بلا معنى!

 

(في الأخير)

كل أمر معنوي مؤقت، و كل شيء مادي مُعار و كل حاجة تحت أمر الله. و هذا ما على الانسان أن يتذكره دائماً لكي يريح باله، و يطمئن قلبه. فمن رحمة الله على الانسان أنه جعل للحياة الدنيا وقت.. بداية و نهاية.. فلا عذاب إلى الأبد، و لا سعادة إلى الأبد في الحياة الدنيا.. و كل شيء بحسابه في الحياة الأخيرة.. من أحسن عملاً في الدنيا فسيُلاقى السعادة الأبدية في الحياة الأخيرة، و من ساء عمله في الحياة الدنيا، فسيلقى العذاب الذي يستحقه في الحياة الأخيرة.. والله هو الرحمن الرحيم، فلا يُظلم أحد، و لا يُغبن أحد في نهاية المطاف.

 

 

جواهر آل ثاني

صحيفة الشرق

المصدر


 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحقيقة الفلسطينية

        الشمس لا تُغطى بغربال، و الحقيقة كذلك. طوال العقود الماضية، كانت حقيقة ما يجري في فلسطين، و الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، يُملى على م...